مفاجأة علمية.. اكتشاف مادة تجعل الجلد شفافا لما تحته
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
لطالما كانت الأنسجة الحيوية عقبة أمام العلماء لفحص الأعضاء الداخلية للجسم بشكل مباشر، ورغم أن تقنيات مثل التصوير المقطعي المحوسب والأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي قد توفر بيانات مهمة عن التركيبة الداخلية للجسم، فإن الصور نادرا ما تكون واضحة تماما وقد تأتي مع آثار جانبية مثل التعرض للإشعاع.
لكن اكتشافا جديدا قد يغير هذا الوضع بشكل جذري، حيث تمكن فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد من تطوير تقنية مبتكرة تجعل الجلد والعضلات شفافة بشكل آمن ومؤقت، مما يسمح برؤية الأعضاء الداخلية بوضوح.
ويعد هذا الإنجاز، المسجل في دراسة منشورة في دورية "ساينس" في 6 سبتمبر/أيلول، خطوة مهمة نحو تحسين التشخيص الطبي وفهم الأمراض المعقدة مثل السرطان وأمراض الجهاز الهضمي.
التقنية الجديدة تعتمد على استخدام صبغة طعام شائعة تعرف باسم التارترازين، وهي نفس الصبغة المستخدمة في العديد من المنتجات الغذائية. الغريب في هذا الابتكار هو بساطته، حيث يتم وضع الصبغة موضعيًا على الجلد لجعل الأنسجة المحيطة شفافة.
يمكن للصبغة أن تكشف ما يقع أسفل جلد الكائن الحي (مؤسسة العلوم الوطنية) كيف يعمل التارترازين؟يقول زيهاو أوو، الباحث في قسم علوم وهندسة المواد، في جامعة تكساس دالاس الأميركية، والباحث الرئيسي في الدراسة، في تصريحات خاصة لـ"الجزيرة نت": "الأنسجة البيولوجية عبارة عن خليط معقد من الماء والدهون والبروتينات، وكل منها لديه معامل انكسار مختلف، مما يؤدي إلى تشتت الضوء وعدم قدرته على النفاذ بعمق داخل الأنسجة". هذا هو السبب الذي يجعل الأنسجة تبدو حاجزا منيعا للعين المجردة.
ومعامل الانكسار هو التشتت الذي يواجه شعاع الضوء حينما يمر من وسط إلى آخر، فانتقال الضوء إلى الزجاج أو الماء أو الهواء الساخن مثلا يغير من اتجاهه ويشتته، ولكل مادة أو نسيج معامل انكسار مختلف.
ولأن التشتت هو العقبة الرئيسية التي تمنع الضوء من الوصول إلى الأعضاء الداخلية، كان الهدف الرئيسي للباحثين هو تقليل هذا التشتت عن طريق جعل معامل الانكسار في الأنسجة أكثر تجانسا، وهنا يأتي دور صبغة التارترازين. عند امتصاص هذه الصبغة في الأنسجة، تتطابق جزيئات الصبغة مع معامل الانكسار الخاص بالدهون والبروتينات في الجلد، مما يقلل بشكل كبير من تشتت الضوء ويجعل الأنسجة شفافة.
تم اختبار هذه التقنية أولا على شرائح رقيقة من لحم الدجاج، حيث أظهرت الصبغة فعالية في جعل الأنسجة شفافة عند وصولها للتركيزات إلى المستوى المطلوب. ثم تم استخدام التقنية على الحيوانات الحية، حيث قام الباحثون بوضع محلول من المادة على فروة رأس الفئران، مما سمح برؤية الأوعية الدموية وهي تعبر الدماغ بوضوح. في تجربة أخرى، تم تطبيق المحلول على البطن، ليشهد الباحثون حركة الأمعاء وانقباضات القلب بأعينهم الحية دون أجهزة.
التقنية الجديدة تعتمد على استخدام صبغة طعام شائعة تعرف باسم التارترازين (مؤسسة العلوم الوطنية) مزيد من التطبيقات الممكنةوما يجعل هذا الاكتشاف مثيرا هو تعدد تطبيقاته المحتملة، يوضح أوو في تصريحه لـ"الجزيرة نت": "في دراستنا، أظهرنا أنه يمكننا تصور حركة الأعضاء الداخلية وتدفق الدم في الأوعية الدموية وحتى فحص العضلات بدقة متناهية".
ويضيف الباحث أنه بهذا، فإن القدرة على فحص الأنسجة بدقة على مستوى الميكرون (جزء من المليون من المتر) تجعل هذه التقنية أداة قوية للمجهر المتقدم والتشخيص الطبي. وبالإضافة إلى التطبيقات الطبية المباشرة، مثل تسهيل عمليات سحب الدم أو المساعدة في تحديد الأورام في مراحلها المبكرة، قد تُستخدم التقنية في تحسين التقنيات القائمة على الليزر لعلاج السرطان، حيث تسمح بزيادة نفاذية الضوء إلى عمق الأنسجة، إذ يلعب الضوء دورا محوريا في العديد من العلاجات الطبية.
علاوة على ذلك، تعتبر التقنية غير جراحية وآمنة تماما. حيث تمتص الأنسجة الصبغة بشكل طبيعي وتخرجها من جسم الكائنات الحية في غضون 48 ساعة دون آثار جانبية طويلة الأمد، وفقًا للتجارب التي أجريت على الحيوانات. وبذلك، يمكن استخدام هذه التقنية لمراقبة التغيرات الحيوية المزمنة مثل تطور السرطانات أو تطور الأمراض العصبية على فترات طويلة من الزمن.
مزيج من الفيزياء والطبتعتمد التقنية على مفاهيم قديمة في الفيزياء البصرية، حيث تم استخدام علاقات كرامر-كرونيج مع قوانين أخرى لتوقع كيفية تأثير الصبغات على مرور الضوء عبر الأنسجة. لم تستخدم تلك المفاهيم من قبل في الطب بهذه الطريقة، لكنها أثبتت فعاليتها في تحسين مرور الضوء عبر الأنسجة.
يشرح أوو: "تربط علاقات كرامر-كرونيج بين امتصاص المحلول ومعامل الانكسار. من خلال إدخال جزيئات ماصة بقوة في الوسط المائي، يزداد معامل الانكسار للمحلول عند أطوال موجية معينة للضوء وتقل اختلافات معامل الانكسار في الأنسجة البيولوجية بقوة. ومن خلال تقليل التشتت في الأنسجة، يمكن للضوء أن ينتشر بشكل أعمق في الأنسجة لتصوير السمات التي لم نتمكن من فحصها من قبل".
وعلى الرغم من أن التقنية قد حققت نجاحا ملحوظا في الفحوصات الحيوانية، فإنها لم تُختبر بعد على البشر. ولذلك، فإن التحدي الأكبر الآن يكمن في التأكد من سلامة استخدامها على الأنسجة البشرية. يشير الباحثون إلى أن العمل جارٍ على تحقيق ذلك، ويتوقعون أن هذه التقنية قد تفتح أبوابا جديدة في مجال التشخيص الطبي غير الجراحي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأعضاء الداخلیة هذه التقنیة فی الأنسجة
إقرأ أيضاً:
أحداث 24 ساعة في سوهاج.. أسحار بالمقابر ومؤتمرات علمية
شهدت محافظة سوهاج خلال الساعات الماضية مجموعة متنوعة من الأحداث التي تعكس التحديات اليومية التي يواجهها الأهالي، بجانب بعض الفعاليات الإيجابية التي تُبرز الجانب العلمي والثقافي في المحافظة.
وجاء أبرز ما شهدته محافظة سوهاج خلال الـ24 ساعة الماضية، ما يلي:
نشوب حريق بحظيرة مواشيفي قرية تابعة لمركز طهطا شمال سوهاج، اندلع حريق في حظيرة ملحقة بمنزل مشيد بالطوب الأبيض ومسقوف بالبوص وأفلاق النخيل.
الحظيرة مملوكة للمواطن "عوض ر.ع.م"، 51 عامًا، الذي يعمل عاملًا ويقيم في نفس القرية، الحريق أثار الذعر بين السكان الذين سارعوا إلى إخماد النيران قبل أن تمتد إلى المنازل المجاورة، وتم إخطار الجهات المعنية للتحقيق في الحادث.
خيري رمضان يشيد بموقف الشاب الأزهري تجاه قطةموعد بداية شهر رجب في مصر والدول العربيةحملة تنظيف المقابر واكتشاف غامضفي عزبة الحما بمركز طما، انطلقت حملة لتنظيف المقابر وإزالة المخلفات، بما في ذلك الأعمال السحرية المدفونة التي تؤرق السكان، أثناء العمل، اكتشف أحد المتطوعين قطعة قماش بيضاء مدفونة بعناية تحت التراب.
بعد فتحها، تبين أنها تحتوي على عظمة ملفوفة بشاش أبيض وعليها كتابات غامضة باللون الأحمر الداكن، مما أثار الرعب والشكوك بين الأهالي.
اكتشاف طلاسم في مقابر العارف باللهفي منطقة العارف بالله بمدينة سوهاج، أثناء حملة تنظيف أخرى، عثر المتطوعون على كيس قماشي مدفون حديثًا يحتوي على صورة فتاة عشرينية مبتسمة مطوية بعناية ومغطاة بطلاسم مكتوبة بخط متعرج.
الاكتشاف أثار الذهول بين الحاضرين وأعاد الحديث عن ضرورة تكثيف حملات التوعية لمكافحة هذه الظواهر.
مؤتمر طبي بجامعة سوهاجعلى صعيد آخر، شهدت كلية الطب بجامعة سوهاج انعقاد المؤتمر السادس عشر لقسم أمراض الباطنة، والذي ناقش آخر التطورات في علاج أمراض الكلى والسكري.
المؤتمر عُقد بالتعاون مع الجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى، بحضور نخبة من الأطباء والمتخصصين.
هكذا كانت سوهاج على مدار يوم واحد مزيجًا من التحديات اليومية التي تحتاج إلى حلول فورية، والجهود العلمية التي تسهم في تحسين الخدمات الصحية للمجتمع.