خالد ميري يكتب: في صدارة القوة الناعمة
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
أن تتصدر مصر القوة الناعمة في أفريقيا، وبفارق كبير عن المركز الثاني، هو الواقع الذي نعيشه والذي تفرضه دروس الجغرافيا وحصص التاريخ.
بعد أحداث 2011 تراجعت مصر كثيراً بقواها الناعمة والصلبة، لتخرج علينا إثيوبيا بالبدء في بناء سد النهضة ولتتحول القاهرة لمرتع لكل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية. مصر الكبيرة تحولت إلى مُستقبِل للأخبار والدعاية والإعلام والفنون، ولو من جنوب شرق آسيا.
أما ما حدث في مجال القوة الناعمة فكان إعجازاً لا يقل عن النجاح الباهر لقوانا الصلبة.. استرددنا عرشنا الذى نستحق على رأس القوى الناعمة الأكثر تأثيراً أفريقياً وقطعاً إقليمياً.. نتيجة شارك في صياغتها كل الدول أعضاء الأمم المتحدة وفقاً لمنهجية علمية وقواعد واضحة لتمنحنا حقاً يفرضه الواقع ويراه البعيد قبل القريب.
الحقيقة أن الشركة المتحدة لعبت الدور الأهم في الوصول لهذا النجاح الكبير والمستحق.. لو بدأنا بالإعلام سنجد إعلامنا المسموع والمقروء والمرئى عاد قوياً راسخاً واصلاً للجميع والأهم مؤثراً.. قناة القاهرة الإخبارية الإقليمية احتلت مكانها في الريادة سريعاً، وقنواتنا المتعددة في كل المجالات لها جمهور لا تغفله العيون، والإذاعة عادت ترفرف على جناح النجاح بعد سنوات من التراجع بل والغياب، والصحافة الورقية، رغم ما تعانيه من أزمات على مستوى العالم، ما زالت موجودة بقوة وما زالت الأقدر على جذب الإعلانات والأكثر موثوقية لدى القراء، والمواقع الإلكترونية، يتصدرها «الوطن» و«اليوم السابع»، تصل لكل بقاع الأرض وتجذب مليارات المتابعات.. وحتى في السوشيال ميديا لدينا شباب قادر على أن يتصدر التريند في المنطقة وأن يجذب اهتمام الجميع.. القاهرة منبع الخبر وأصله والكل يسير خلفها.
أما الفنون المختلفة من السينما للمسرح للمسلسلات للأغانى والموسيقى، فما حدث كان الأصل الذى عاد بريقه.. نجحت الشركة المتحدة والفن المصرى في أن يعود للصدارة وبجدارة، فهذا المكان الذى يستحقه.. ومن يبحث عن النجاح لا يحققه إلا عندما يستعين بالمبدعين المصريين في كل المجالات.. القوة الناعمة لا منافس لها أفريقياً وإقليمياً، وهذا قدرنا.
حتى كرة القدم والرياضة فرضت نفسها بجدارة، والأهلى ببطولاته وجماهيريته والزمالك بشعبيته، ونجومنا المحترفون يتصدرهم أبوصلاح العالمى جذبوا الاهتمام وترقبهم العيون مع كل حركة وسكون.
الثقافة عادت لتتوهج، والتاريخ يحكى قصته ببراعة، والسياحة تتدفق رغم آلام المنطقة كلها حولنا.
عودتنا لصدارة الوجود والتأثير بالقوة الناعمة لم تكن مجرد حلم.. كانت منهج عمل تواصل ليل نهار رغم صعوبة المنافسة وسطوة المال، لكن الاحترافية في الإدارة والمواهب الطبيعية فرضت نفسها، فلا يصح إلا الصحيح.. بالميزانيات المتاحة تمكنت العقول اللامعة والمواهب الحقيقية أن تفرض نفسها وتعود لمكانها الطبيعى في الريادة والصدارة.
واثق أن ما تحقق من نجاح، والذى لم يكن أبداً بالصدفة بل بالعمل الجاد ليل نهار، سيتواصل بلا توقف، فقدرنا أن نكون على القمة، لكن المحافظة على مكاننا الطبيعى تتطلب جهداً لا يتوقف وعملاً مدروساً محكماً لا يمل ولا يكل.. فالمنافسة شرسة، لكن رجالنا ومواهبنا قادرون على مواصلة كتابة فصول النجاح، من القارة السمراء والإقليم إلى كل العالم.
استمرار الدكتور أشرف صبحى وزيراً للشباب والرياضة لم يكن ضربة حظ.. كان اعترافاً بما قدَّمه الرجل ويواصل تقديمه من إنجازات شبابية ورياضية.. عندما يتخيل البعض أن الوزير لا يواجه مشكلات عاتية مستعصية يفاجأون في لحظات بالدنيا تتغير والمشكلات تختفي ليحل النجاح والاستقرار مكانها.
يتحمل الرجل مهمة ثقيلة وغالية لوطن يبنى مستقبله ويضع الأولوية لبناء الإنسان.. والاهتمام بالشباب يحتل الصدارة، والرياضة مصدر للسعادة والنجاح والقوة الناعمة، يعرف الرجل الذى لا تغيب ابتسامته صعوبة المهمة، لكنه يؤمن بقيمة العمل وحده وقدرته على تحقيق النجاح والوصول للأهداف حتى لو رأى البعض أنها مستحيلة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر إثيوبيا سد النهضة القوة الناعمة القوة الناعمة
إقرأ أيضاً:
باب المجد
أسمى الكلمات ( النجاح والمجد ) فهما حلم يراودنا جميعاً، ويسعى إليه كل شخص يؤمن بأنه مخلوق من أسمى المخلوقات التي لابد أن تتواجد ببصمة وتترك أثرا، ويأتي النجاح والمجد بالعمل الدؤوب، فيجعل صاحبه يتمتع بمكانه مرموقة تجعل منه قدوة ومصدر إلهام للآخرين، ولا يصل أحد لهذه المكانة إلا بالجهد والإيمان والإصرار والثبات على العمل للاستمرار في التقدم.
تتجلى هذه المعاني في قصة الفخر والكفاح، وتبعث في نفس كل شاب الأمل على طرق باب المجد ودخوله من أوسع أبوابه، فنأخذ من مسيرة النجم الساطع محمد صلاح خير نموذج يحتذى به للوصول للعالمية، بوضوح في مسيرة أيقونة النجاح والعمل الشاق الذى حقق له العالمية في مجال كرة القدم، حيث تضمنت مسيرته الجهد والعمل المتواصل لتحقيق النجاح والحلم، فهي ليست صدفة بل شهادة حية على صلابة الإرادة والتفاني في العمل مهما كانت الصعوبات.
وما أروع سرد قصة التميز لأيقونة الإبهار الفرعون المصري محمد صلاح، ابن قرية نجريج الصغيرة بمحافظة الغربية في مصر، الذى شق طريقه من ملاعب الكرة المصرية وصولاً إلى منصات التتويج العالمية، ليصبح أيقونة رياضية وسفيراً للمثابرة والعزيمة والكفاح.
بدأت القصة بشغف للاعب كرة قدم خطى أول خطواته مع فريق المقاولون العرب في الدوري المصري الممتاز، أظهر خلال مسيرته الأولى موهبة استثنائية جذبته إلى أنظار الأندية الأوروبية، كانت خطواته الاحترافية خارج مصر مع نادى بازل السويسري عام 2012، وهناك خطف الأضواء بفضل سرعته ومهاراته العالية، وقاد فريقه لتحقيق بطولات محلية وقدم أداءً مميزاً في البطولات الأوروبية.
وتأتى مرحلة القمة حيث انتقل صلاح إلى الدوري الإنجليزي عام 2014، وانضم إلى نادى تشيلسي، ومع ذلك، لم يحصل على فرصة كافية لإبراز موهبته هناك، مما دفعه للانتقال إلى الدوري الإيطالي الذى أعاد لصلاح اكتشاف نفسه، حيث أصبح أحد أبرز نجوم الدوري الإيطالي بفضل أهدافه الحاسمة وتمريراته المتميزة.
وتأتى مرحلة التألق مع ليفربول عام 2017، حيث انتقل محمد صلاح إلى ليفربول الإنجليزي، وبدأت حقبة جديدة من التألق في موسمه الأول حطم الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في موسم واحد من الدوري الإنجليزي مسجلاً اثنين وثلاثين هدفاً، قاد ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في أول موسم ثم حقق اللقب في الموسم الثالث عام 2019، كما ساهم في إنهاء انتظار ليفربول الطويل للتتويج بالدوري الإنجليزي عام 2020.
حقق إنجازات وألقاب وجوائز مثل جائزة الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي ثلاث مرات، وحصل على أفضل لاعب في أفريقيا مرتين، وجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي من الرابطة الإنجليزية.
وعلى الصعيد الدولي قاد منتخب مصر للتأهل إلى كأس العالم عام 2018 بعد غياب دام 28 عاماً، كما ساهم في وصول المنتخب إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية مرتين.
وتبهرنا فلسفة عقل النجم محمد صلاح في الحياة، فهي حقاً أول أسباب نجاحه واستمراره في التألق، لأنه يتبنى الأفكار الإيجابية ويخزنها في عقله الباطن لتدفعه دائماً للأمام، وتأتى أحاديثه في جميع اللقاءات - التي يظهر فيها- واضحة تدل على الثقة بقدراته ومدى اقتناعه أنه لا يأتي أفضل منه إلا إذا عمل أكثر منه، فهذا دليل قاطع من نجم ساطع على أن أسباب النجاح هي العمل والإصرار على الوصول للأهداف المرجوة.
ولم يصل محمد صلاح إلى العالمية إلا باتباعه الآتي: أولاً: العمل الجاد والالتزام - فنجده يقضى ساعات إضافية بعد التدريبات لتحسين مهاراته البدنية والفنية سواء في التسديد والمراوغة واللياقة البدنية.
ثانياً: الحفاظ على اللياقة البدنية - فنجده يعتمد على نظام غذائي صحى وصارم والحفاظ على التمارين الرياضية واهتماماً بالصحة الجسدية باهتمامه بالراحة والنوم لضمان التعافي السريع بعد المباريات.
ثالثاً: التكيف مع التحديات والظروف الاستثنائية مما تجعله إنسانا صلبا يتمتع بإرادة فولاذية تصنع منه نجما متألقا دائما.
رابعاً: شغفه وحبه للتعلم المستمر والتواضع والعمل الجماعى - الأهداف الواضحة والطموح المستمر - فهو يضع أهدافا قصيرة وطويلة المدى - ونجده فى طموح مستمر لتحقيق المزيد من التألق فى مجال كرة القدم.
خامساً: يلعب الاستقرار الأسري للنجم محمد صلاح دورا هاما في نجاح هذه المسيرة المشرفة، فبالتأكيد الدعم الأسري والانضباطية كانا مفتاحاً لاستمراره في قمة أدائه الرياضي، ويظهر التزامه بالقيم الأخلاقية والدينية في سلوكياته داخل وخارج الملعب، مما جعله رمزاً عالمياً للنجاح وأيقونة ومثالا مشرفا يحتذى به.
ومسك الختام، نحن على يقين تام أنك أن تخطو خطوات ثابتة نحو الألقاب، وهذا يرجع إلى تفانيك وإنجازاتك المتواصلة ( النجم محمد صلاح بلا شك أحد أعظم أساطير كرة القدم على مر العصور ) لأن قصة كفاحك ليست مجرد حكاية لاعب ناجح بل هي قصة إصرار وعزيمة وتفانى - فحقاً صلاح خير نموذج للأجيال الجديدة في التفاني والعمل الجاد والعمل الجماعي والاحترام والرقى والثقة وتقدير الذات، ليس فقط في مجال الرياضة بل في الحياة بشكل عام، ومن المؤكد أن تأثيرك لن يتوقف عند حدود الملاعب بل سيظل محفوراً في ذاكرة التاريخ كأحد أعظم اللاعبين الذين صنعوا المجد وأعطوا للوطن العربي والعالم أجمع والجيل القادم مثالاً في النجاح الذى يؤدى إلى طرق أبواب المجد.