الغارات الجوية على وقع أكياس الفشار
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
في يوليو/تموز 2014، بعد فترة وجيزة من انطلاق "عملية الجرف الصامد" الإسرائيلية في قطاع غزة – وهي حملة استمرت 51 يومًا وأدّت إلى قتل 2,251 فلسطينيًا، بينهم 551 طفلًا – كتب الصحفي الدانماركي نيكولاي كراك تقريرًا من إسرائيل لصحيفة "كريستليجت داجبلاد" التي تصدر في كوبنهاغن ينقل فيه صورة مما يراه.
وصف كراك المشهد على تلة في ضواحي مدينة سديروت الإسرائيلية بالقرب من حدود غزة، مشيرًا إلى أن المنطقة "تحولت إلى ما يشبه الصف الأمامي لمسرح حرب واقعي".
يستمتع الإسرائيليون بالمشاهد الدموية، وهو أمر غير مفاجئ لدولة قائمة على مذابح جماعية. ولكن، كما اتضح، فالتصفيق لا يكون بنفس الحماس عندما تكون حياة الإسرائيليين جزءًا من المشهد المروع.
خلال الـ11 شهرًا الماضية، شهد "مسرح الحرب الواقعي" في إسرائيل عرضًا كاملًا للإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث بلغ العدد الرسمي للوفيات ما يقارب 41,000. وقالت دراسة نشرت في مجلة "لانسيت" في يوليو/تموز إن العدد الحقيقي للوفيات قد يتجاوز 186,000، وهذا فقط إذا توقفت المجازر قريبًا.
حاليًا، تخرج احتجاجات ضخمة في أنحاء إسرائيل، تطالب حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعقد صفقة لوقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن حوالي 100 إسرائيلي لا يزالون أسرى في غزة. والأسبوع الماضي، عندما استعاد الجيش الإسرائيلي جثث ستة أسرى، ذكرت شبكة "سي إن إن" أن حوالي 700,000 شخص نزلوا إلى الشوارع في أنحاء البلاد. وفي اليوم الذي تلاه، نجح إضراب عام قادته النقابة العمالية الرئيسية في إسرائيل في شلّ معظم الاقتصاد لبضع ساعات.
على الرغم من أن بعض دعاة السلام الدوليين اعتبروا أن هذه الاحتجاجات تأتي في إطار السعي لإنهاء سفك الدماء، فإن الحقيقة هي أن دماء الفلسطينيين ليست في قائمة الاهتمامات الرئيسية. فالحياة الوحيدة التي تهم في غزة، المحاصرة والمدمرة، هي حياة الأسرى، وهو الأسْر الذي يجب التأكيد أنه نتيجة مباشرة للسياسة الإسرائيلية والمعاملة السادية المستمرّة للفلسطينيين.
وكما علق المحلل الإسرائيلي نمرود فلاشينبرج مؤخرًا لقناة الجزيرة بشأن أهداف الاحتجاجات الحالية، فإن "قضية عودة الأسرى هي محور الاهتمام". وأضاف أن "هناك فهمًا بأن الصفقة ستعني أيضًا نهاية النزاع، لكن هذا نادرًا ما يُقال بصراحة"، مؤكدًا أنه "بالنسبة لقيادة الاحتجاجات، لا، الأمر كله يتعلق بالأسرى".
الأسرى، إذن، هم في صلب المشهد الأخير لمسرح الحرب الدموي في إسرائيل، بينما بالنسبة لبعض الإسرائيليين فإن الإبادة الجماعية الحالية ليست إبادة كافية. في إحدى حلقات البودكاست الإسرائيلي الشهير باللغة الإنجليزية "ولدان يهوديان لطيفان"، اقترح مقدما البودكاست أنه سيكون من الرائع الضغط على زر يمحو "كل كائن حي في غزة" وكذلك في الضفة الغربية.
عندها سيحين الوقت مجددًا لإخراج الفشار والنراجيل!
في النهاية، التقييم غير المتوازن لقيمة حياة الأسرى الإسرائيليين في غزة مقارنة بحياة الفلسطينيين الذين يتم إبادتهم، يتوافق مع العنصرية المتأصلة في إسرائيل. هذا التصور يجعل من الإسرائيليين ضحايا دائمين "للإرهاب" الفلسطيني، حتى مع أن الفلسطينيين يُذبحون بشكل متكرر، وبنسب هائلة على يد الجيش الإسرائيلي.
على سبيل المثال، خلال "عملية الجرف الصامد" في 2014، لم يقتل أكثر من ستة مدنيين إسرائيليين. ومع ذلك، حافظت إسرائيل على احتكارها صفة الضحية.
في يونيو/حزيران من هذا العام، قامت القوات الإسرائيلية بعملية إنقاذ في غزة حررت فيها أربعة أسرى، لكنها قتلت في المقابل 210 فلسطينيين، ولا شك أن هذا يتماشى مع النهج غير المتوازن المعتاد.
وبعد استعادة جثث الأسرى الستة يوم الأحد الماضي، ألقى نتنياهو باللوم على حماس في وفاتهم، قائلًا: "من يقتل الأسرى لا يريد صفقة". ولكن ماذا عن "من" يستمر في رعاية الإبادة الجماعية، بينما يغتال المفاوض الرئيسي لوقف إطلاق النار من حماس، ويعطل فرص التوصل إلى صفقة في كل مرة؟!
وكما تظهر الاحتجاجات الآن، فإن العديد من الإسرائيليين بدؤُوا في إدراك حقيقة نتنياهو. لكن المشكلة مع هذه الاحتجاجات هي أن الإبادة الجماعية ليست هي القضية الرئيسية.
حتى بين معارضي نتنياهو، يستمر الإجماع العام على قدسية حياة الإسرائيليين، وهو ما يترجم إلى افتراض أن لديهم حقًا غير قابل للتصرف في قتل الفلسطينيين.
ومع استمرار الحلقة الأخيرة من "مسرح الحرب الواقعي" في إسرائيل – مع موجات القتل المرتبطة بها في الضفة الغربية ولبنان – أصبح هذا العرض بالفعل مملًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
أكسيوس يكشف تدمير إسرائيل مصنع صواريخ إيراني تحت الأرض في سوريا
أكد موقع أكسيوس الأمريكي أن وحدة النخبة في جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذت غارة غير عادية في سوريا ودمرت مصنعًا للصواريخ الدقيقة تحت الأرض تزعم "إسرائيل" والولايات المتحدة أنه تم بناؤه بواسطة إيران، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على العملية.
وأضاف الموقع أن "الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا زادت منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل مع تكثيف الصراعات عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل، لكن الغارة يوم الأحد كانت أول عملية برية يقوم بها الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة ضد أهداف إيرانية في سوريا".
وأوضح أنه "يبدو أن تدمير المصنع يمثل ضربة كبيرة لجهود إيران وحزب الله لإنتاج صواريخ دقيقة متوسطة المدى على الأراضي السورية، والحكومة الإسرائيلية ظلت صامتة بشكل غير عادي بشأن هذا الأمر ولم تعلن مسؤوليتها حتى لا تثير رد فعل انتقامي من سوريا أو إيران أو حزب الله".
وأشار إلى أن "وسائل الإعلام الرسمية السورية ومنظمة المعارضة السورية أفادت بشن غارات جوية كثيفة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي مساء الأحد بالتوقيت المحلي في عدة مناطق غرب سوريا، بما في ذلك بالقرب من مدينة مصياف، القريبة من الحدود مع لبنان".
وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن "16 شخصًا على الأقل قُتلوا وأصيب 40 آخرون، وأدانت الغارات الجوية ووصفتها بأنها عدوان صارخ، كما أدانت وزارة الخارجية الإيرانية الهجوم ووصفته بأنه إجرامي".
والأربعاء، أفادت قناة تلفزيونية سورية معارضة وخبيرة يونانية في شؤون الشرق الأوسط إيفا جيه كولوريوتيس أن الغارات الجوية كانت غطاء لعملية برية إسرائيلية في مصياف.
وأكدت ثلاثة مصادر مطلعة على العملية أن وحدة النخبة في سلاح الجو الإسرائيلي "شالداغ" نفذت غارة ودمرت المنشأة، بحسب "أكسيوس".
وقال مصدران إن "إسرائيل أطلعت إدارة بايدن مسبقا على العملية الحساسة ولم تعارضها الولايات المتحدة، إذ إن الوحدة الخاصة الإسرائيلية فاجأت الحراس السوريين في المنشأة وقتلت العديد منهم خلال الغارة، لكن لم يصب أي إيراني أو مسلح من حزب الله بأذى".
وقال المصدران إن "القوات الخاصة استخدمت متفجرات أحضرتها معها من أجل تفجير المنشأة تحت الأرض، بما في ذلك الآلات المتطورة من الداخل، بينما جاءت الغارات الجوية بهدف منع الجيش السوري من إرسال تعزيزات إلى المنطقة".
وبحسب الموقع، فقد بدأت إيران في بناء المنشأة تحت الأرض بالتنسيق مع حزب الله وسوريا في عام 2018 بعد أن دمرت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية معظم البنية التحتية لإنتاج الصواريخ الإيرانية في سوريا.
ووفقًا للمصادر، فقد قرر الإيرانيون بناء مصنع تحت الأرض في عمق جبل في مصياف لأنه سيكون منيعًا أمام الضربات الجوية الإسرائيلية.
وادعى المصدران أن الخطة الإيرانية كانت إنتاج الصواريخ الدقيقة في هذه المنشأة المحمية بالقرب من الحدود مع لبنان حتى تتم عملية التسليم إلى حزب الله في لبنان بسرعة وبأقل خطر من الغارات الجوية الإسرائيلية.
وقد اكتشفت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عملية البناء وراقبتها لأكثر من خمس سنوات تحت الاسم الرمزي "الطبقة العميقة"، وقال أحد المصادر إن الإسرائيليين أدركوا أنهم لن يتمكنوا من تدمير المنشأة بغارة جوية وسيحتاجون إلى عملية برية، بحسب الموقع.
وقال أحد المصادر إن جيش الاحتلال فكر في إجراء العملية مرتين على الأقل في السنوات الأخيرة ولكن لم تتم الموافقة عليها بسبب المخاطر العالية.