أهم أربعة عناصر أسهمت في اندلاع الحريق ونشوب الحرب في بلدنا هي:
أولاً: توغُّل الأصابع الأجنبية في التعامل مع الشأن السُّوداني دون معرفة كافية بطبيعة تعقيداته وكيمياء المزاج العام.

ثانياً: الطموح السلطوي لآل دقلو والوضع الشاذ للدعم السريع كقوة موازية للجيش تعمل لأن تكون بديلة له، والأهم من ذلك استسهال إنجاز المهمة بانقلاب سريع وخاطف والاستهوان بالجيش كمؤسسة وقيادة قادرة على مُواجهة ذلك السيناريو.

ثالثاً: دور الحرية والتغيير “قحت” في تحميل الفترة الانتقالية أوزاناً وأثقالاً أكبر من طاقة احتمالها، والاحتكار الحصري لوصف المكون المدني وهم أقصر من قامة تحديات الانتقال، وأضيق سعةً في التعبير عن جموع السُّودانيين.

رابعاً: تهاون مؤسسة الجيش في التعامل مع مخاطر الأمن القومي، وعدم اتخاذ خطوات استباقية ما قبل وقوع الكارثة، وبطء ردود فعلها ما بعد وقوعها.

وكذلك إسراف قيادة الجيش في التكتيكات السياسية دون رؤية استراتيجية حاكمة وناظمة.
بعد كل الضحايا والخسائر المترتبة على هذه الحرب الكارثيّة، تنحصر مجهودات القوى الدولية في السعي لإعادة الوضع على ما كان عليه ما قبل قرارات 25 أكتوبر.

القراءة السياسية لتلك القوى لما حدث في 25 أكتوبر، أنّ ذلك الموقف مترتبٌ على اتحاد البندقيتين (الجيش والدعم السريع) تحت مشروع واحد.

كان مشروع فولكر مع “قحت” في ذلك الوقت، المسارعة بدقِّ إسفين داخل المكون العسكري عبر تقديم مقترح الاتفاق الإطاري الذي وصفته حينها بأنه خارطة طريق للوصول إلى حرب..!
فكانت الزيارة المُريبة للمبعوث الأممي فولكر إلى حميدتي في الجنينة بصحبة الطاهر حجر والهادي إدريس..!

وعندما اندلعت المعارك، ظلت القوى الدولية تُردِّد مقولة واحدة وهي أنّ هذه الحرب ليس فيها منتصرٌ.
بمعنى أوضح أنّ من سينتصر عسكرياً سيُجرّد من الامتيازات السياسية المُترتِّبة على الانتصار بالمُلاحقة الجنائية الدولية.

حينذاك ستسقط تفاحة سلطة الحكم الانتقالي المُستدام إلى أجل غير مسمى في أيدي قلة سياسية انتهازية (متغربة)، عارية من الرصيد الشعبي، تمثل الوكيل الحصري المحلي المُعتمد لتنفيذ وتطبيق الرؤية الغربية في السُّودان..!

ولكن…..!
توقُّف العمليات القتالية مع الاحتفاظ بالدعم السريع في المُعادلة السياسية وداخل المنظومة العسكرية، بإعادة إنتاج الاتّفاق الإطاري تحت مُسمّى جديد مثل استبدال “قحت” بـ”تقدُّم”، وهذا من الواضح خيار حمدوك ورهطه والمليشيا والرُّعاة الدوليين والإقليميين أجمعين، لا يعني عملياً تحقيق سَلامٍ مُستدامٍ في السُّودان.

بل ذلك لا يتجاوز ترحيل الحرب والخيارات الانقلابية من الحاضر اللحظي إلى المُستقبل المفتوح.

وهذه الصيغة الملغومة لن تبث الطمأنينة في قلوب المُواطنين حتى يكون خيارهم المُفضّل العودة إلى منازلهم.

كما أنّها ستكون مانعاً طبيعيّاً من أن ينفق رجل أعمال أو مُستثمر أجنبي دولاراً واحداً في سياق مشروع سلام وهمي قابل للانفجار في أيّة لحظة مثل ما حَدَثَ في 15 أبريل..!
يقول أينشتاين: «الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرَّةً بعد أُخرى وتتوقَّع نتائج مُختلفة».
المعنى: لا يُمكننا حلُّ المُشكلات المُستعصية، إذا ظللنا نُفكِّر بنفس العقلية التي أوجدتها..!

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان.. معارك عنيفة في الفاشر بعد هجوم الدعم السريع

تجدّدت المعارك العنيفة، السبت، في الفاشر في جنوب غرب السودان حيث تشن قوات الدعم السريع "هجوما" دانته واشنطن، وفق ما أفاد شهود وكالة فرانس برس.

والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور، الخمس، التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع رغم محاصرتها منذ مايو.

وكان حاكم إقليم دارفور مني مناوي قد لفت، الخميس، في منشور على منصة إكس إلى أن الجيش "دحر مليشيات في هجومها السبعيني"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي كانت أشارت إلى أنها حقّقت تقدما وسيطرت على مواقع عسكرية في المدينة، عاصمة ولاية شمال دارفور.

والسبت، أفاد شهود فرانس برس بوقوع "عدة غارات لطيران الجيش على مناطق شرق وجنوب الفاشر" وبـ"سماع أصوات المضادات الأرضية".

وأعرب المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، عن "قلق بالغ إزاء الهجمات الجديدة لقوات الدعم السريع"، داعيا إياها إلى "وقف هجومها" وذلك في منشور السبت على منصة إكس.

وتعذّر على الفور تحديد حصيلة الضحايا.

وقال إبراهيم إسحق البالغ 52 عاما والذي فر من الفاشر الجمعة ووصل إلى بلدة طويلة الواقعة على بعد 64 كلم إلى غرب المدينة إن "الأحياء أصبحت خالية تماما ولا تسمع سوى أصوات الانفجارات والقذائف".

وأضاف "تحولت منطقة السوق الرئيسي وسط المدينة إلى مكان لا يطاق من شدة الانفجارات".

واستنادا بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية أتاحت رصد آثار القصف الجوي ونيران المدفعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولايات المتحدة بوقوع "معارك واسعة النطاق وغير مسبوقة بين الجيش وقوات الدعم السريع".

وحذر المختبر الجامعي في بيان الجمعة من أنه "بغض النظر عمّا ستؤول إليه معركة الفاشر، فمن المرجّح أن تحوّل شدة المعارك الحالية إلى ركام ما تبقى" من المدينة.

وفي الخرطوم، أفاد شهود السبت بسماع دوي "انفجارات قوية حول منطقة سلاح المدرعات جنوب العاصمة" وبـ"تصاعد كثيف للدخان وتحليق للطيران العسكري و(سماع) أصوات قصف في وسط الخرطوم".

ومنذ أبريل 2023 يشهد السودان حربا مستعرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وأسفرت الحرب في السودان عن عشرات آلاف القتلى. وفي حين لم تتّضح الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا لبيرييلو.

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة.

والجمعة، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.

مقالات مشابهة

  • ???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • لا يوجد بديل (محلي) لهمجية الدعم السريع إلا توطين المساومة السياسية
  • قرقاش: الإمارات تدعم الجهود السياسية لحل قضايا المنطقة
  • الفزعة السياسية الدولية؛ اسقاط الجنين (الدعم السريع) للحفاظ على الام (قحت) !
  • مبارك الفاضل: الدعم السريع مغامرة وانتهت، وهو الآن يريد الخروج من المأزق بعد أن تحول لعصابات للنهب والسلب
  • هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
  • الدخول في عملية سياسية تشمل القوى السياسية الوطنية عدا المؤتمر الوطني وواجهاته!
  • الجيش يتوقع إنهاء الحرب في السودان قبل نهاية العام الجاري و يكثف غاراته الجوية على “الدعم السريع” في مدن عدة
  • السودان.. معارك عنيفة في الفاشر بعد هجوم الدعم السريع
  • تجدّد المعارك في الفاشر بعد هجوم لـ«قوات الدعم السريع»