جيوبوليتيك وتداعيات دبلوماسية البرهان في الصين
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
جيوبوليتيك وتداعيات دبلوماسية البرهان في الصين:
سبقت زيارة البرهان للصين زيارات عديدة من جبريل إبراهيم وزير المالية ومالك عقار عضو السيادي.
ولكن ما ميز زيارة البرهان التي تاتي ضمن قمة أفريقية-صينية في غاية الأهمية- هي إنها أتت علي مستوي الرئاسة قابل فيها الرئيس الصيني وتم الإتفاق مع جهات صينية علي إستثمار صيني في قطاعات إستراتيجة شديدة الحساسية مثل الصناعات الدفاعية والطاقة والتعدين.
ولا بد أن الإدارة الأمريكية تراقب كل ذلك بقلق وشتشتة.
سبق أن جادلنا بان الإدارة الأمريكية لا مصالح محددة لها في السودان. وهي تحتقر الجنجويد ولكنها لا تعاديهم باكثر من التصريحات، وكل ما يهمها في السودان هو عدم دخول الصين وروسيا وايران إلي بحرنا أو الشروع في الإستثمار في مواردنا. وما دام هذا الثالوث بعيدا فان الإدارة الأمريكية تترك لحلفائها الاقليميين أمر السودان لان مصالح الشعب السوداني لا تستحق أن تعكر أمريكا صفو حلفاء يهمها أمرهم.
ولكن من المهم ملاحظة أن السلطة في أمريكا لا تحتكرها الإدارة، فهناك لوبيهات ثرية ومؤثرة وهناك صحافة لها أجندة وهكذا. لذلك فقد تبني فصل جنوب السودان اللوبي المسيحي الإنجيلي في تحالف مع لوبيهات تقاطعت معه في القضية وكان التاثير الناتج أهم من راي الإدارة والدولة العميقة .
رحلة البرهان علامة فارقة في الحرب السودانية. ما لا شك فيه إن تداعيات زيارة البرهان للصين ستقلق منام الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين عموما. في السابق كانت كنتكات البرهان للصين وروسيا تفهم كحركات ساي هدفها إشعار الغرب بان البرهان لديه خيارات وعلي الغرب أن يرخي اللعب معه قليلا حتي لا يتوغل ولا أكثر من ذلك.
ولكن زيارة البرهان للصين والإتفاقات التي تمت ومذكرات التفاهم التي تم تداولها تشير إلي أن الموضوع دخل الحوش هذه المرة ولم يعد هرشات برهانية لإنتزاع فتات من أمريكا والغرب. ومن تعاطي بكين عمدا غير شك يتعاطي موسكو وطهران.
كما أن البرهان أثار حفيظة أمريكا أثناء الزيارة بتأكيده علي دعم السودان لوحدة وسيادة الصين وهذا يعني وقوفه مع بكين ضد محاولات تايوان للإستقلال من الصين.
ورغم انفراج علاقة السعودية مع أيران وروسيا وازدياد تبادلها التجاري مع الصين وجودة العلاقات السياسية معها، إلا أن المملكة لن ترتاح لأي وجود روسي أو أيراني في بحر السودان علي بعد أميال من أراضيها بما يزيد من فداحة الصداع الذي يسببه لها أنصار الله الحوثيين من اليمن.
هناك خياران أمام الإدارة الأمريكية للرد علي إتفاقات البرهان مع الصين. الخيار الأول هو محاولة إحتواء البرهان بتقديم تنازلات هامة تحسن موقفه مقابل أن يفرمل أو يبطئ من التوجه نحو الصين وحصره في جوانب لا تزعج أمريكا والغرب. الخيار الثاني هو محاولة التخلص من البرهان.
لا أدري ماذا ستختار الإدارة الأمريكية ولكن خيار التخلص من البرهان لا يبدو أنه سهل وحتي لو تم التخلص منه فهذا يعني صعود الجنجويد الذين لا تثق فيهم الإدارة الأمريكية بسبب علاقاتهم مع فاغنر وغياب الانضباط الذي يعني أن الجنجا لا يمكن الثقة فيهم كما أكتشف موسي هلال والبشير والبرهان فهم مجرد عصابة تميل حيث توجد غنائم مع أي راع قوي.
ولو ذهب البرهان فإن الضابط الذي سيخلفه سيواجه نفس المعادلة ونفس الخيارات في تناقضات نفس المشهد.
كما أن التعويل علي الجنجا والنوم في العسل معهم له كلفة سياسية وأخلاقية عالية في وجود صحافة عالمية ليس كل من فيها مدجن. فالتحالف مع الجنجا يفسد صورة المتحالف ويشوه صورته في العالم ويضعف من قوته الناعمة ويدمر سمعته حول العالم كما أكتشف الكثير من الذين تجنجوو.
رحلة البرهان – والحرب السودانية في مفترق طرق – تزامنت مع تصعيد عسكري بين مصر واثيوبيا أرسلت في سياقه مصر أكثر من عشرة ألف جندي للصومال لعرقلة حصول إثيوبيا علي ميناء في الأقليم المنفصل باسم أرض الصومال.
لا يتعلق الأمر بميناء تجاري فقط، إذ تخشي مصر حصول أثيوبيا علي قاعدة عسكرية علي بحر الصومال يعطيها قدرة علي عرقلة عمل قناة السويس وحرمانها من دخل يبلغ مليارات الدولارات وهذا بالتالي يضاعف من الكروت في يد أثيوبيا في الصراع حول سد النهضة وقسمة المياه.
ولكن التصعيد المصري مع أثيوبيا يعني إزدياد دعمها للبرهان ويعني إنها لن تستسغ أي تشدد أمريكي مع البرهان . وبما أن مصر حليف إستراتيجي في غاية الأهمية لامريكا فإن الإدارة الأمريكية لا يمكنها التجاهل التام لرغباتها.
مع ذلك، يصعب التكهن برد فعل السياسة الأمريكية معية حلفائها علي ما قام به البرهان في الصين وذلك نسبة لتعقد جيوبوليتيك المنطقة وضعف وتخبط السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة الأخيرة بصورة أذهلت حتي المراقبين الحادبين.
الأيام ستخبر.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة زیارة البرهان
إقرأ أيضاً:
الصين تعارض بحزم المساعدة العسكرية الأمريكية إلى منطقة تايوان
قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، اليوم الأحد، إن الصين تستنكر بشدة وتعارض بحزم المساعدة العسكرية ومبيعات الأسلحة الأمريكية إلى منطقة تايوان الصينية، وإنها قدمت على الفور احتجاجات رسمية للولايات المتحدة.
وأوضح المتحدث - في بيان أذاعته وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" - أن المساعدات العسكرية الأمريكية تنتهك بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة والبيانات المشتركة الصينية الأمريكية الثلاثة، خاصة بيان 17 أغسطس عام 1982، وسيادة الصين ومصالحها الأمنية.
وأضاف أن القرار يُعدّ خرقا خطيرا لالتزام القادة الأمريكيين بعدم دعم ما يسمى بـ"استقلال تايوان"، ويرسل - بشكل جسيم - إشارة خاطئة إلى القوى الانفصالية الساعية إلى استقلال تايوان.
وأشار إلى أن مسألة تايوان تكمن في صميم المصالح الجوهرية للصين، والخط الأحمر الأول الذي لا يمكن تجاوزه في العلاقات الصينية الأمريكية، مضيفا أن مساعدة ما يسمى بـ"استقلال تايوان" من خلال تسليح تايوان يُشبه اللعب بالنار التي ستؤدي إلى حرق الولايات المتحدة، وإن استخدام مسألة تايوان لاحتواء الصين محكوم عليه بالفشل".
وحث متحدث الخارجية الصينية، الولايات المتحدة على التوقف الفوري عن تسليح تايوان ووقف التحركات الخطيرة التي تُقوّض السلام والاستقرار في مضيق تايوان، مضيفا أن الصين ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع بحزم عن سيادة الدولة وأمنها وسلامة أراضيها.
وكان البيت الأبيض قد أعلن - أمس - عن مساعدة عسكرية بقيمة 571.3 مليون دولار أمريكي لتايوان.
اقرأ أيضاًقتيلان وأكثر من 500 مصاب ضحايا إعصار «كونج ري» في تايوان حتى الآن
قتيلان وأكثر من 500 مصاب ضحايا إعصار «كونج ري» في تايوان حتى الآن
تعليق الدراسة وتوقف خدمات العبارات في تايوان مع اقتراب وصول الإعصار كونج ري