أشرف غريب يكتب: في مئوية ميلاد فؤاد المهندس
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
لم يكن الفنان فؤاد المهندس الذي نحتفل بمئوية ميلاده هذه الأيام مجرد ممثل كوميدي استطاع أن يرسم البسمة على وجوه عشاق فنه، وإنما كان حالة خاصة ومهمة في تاريخ فن التمثيل الكوميدي في مصر، كان أقرب إلى الحلقة الوسطى بين مرحلة أستاذه نجيب الريحاني وتلميذه عادل إمام، وصاحب مدرسة اعتمدت على الأداء الراقي بعيدا عن الابتذال والترهل، وليس من شك في أن جانبا كبيرا من إرث فؤاد المهندس الفني كان نتاج هذه الثنائية الناجحة التي كونها مع رفيقة مشواره في الفن والحياة الفنانة شويكار، وهو ثنائي تمتع بمميزات خاصة لم تتحقق لغيرهما.
أولاً: هذا هو الثنائي الكوميدي الوحيد الذي عرفته السينما المصرية وليس المسرح فقط، فرغم أنها عرفت ظاهرة الثنائيات الفنية منذ منتصف الأربعينات تقريباً بتقاسم كل من أنور وجدي وليلى مراد بطولة أفلامهما، إلا أن كل هذه الثنائيات غلب عليها الطابع التراجيدي أو الاستعراضي كحال فاتن حمامة وعماد حمدي، شادية وكمال الشناوي، سامية جمال وفريد الأطرش، هدى سلطان وفريد شوقي، ميرفت أمين وحسين فهمي.
ثانياً: هما حالة فريدة ليس لهذا فقط وإنما لأنهما أيضا الثنائي الوحيد الذي لم تصنعه السينما مباشرة، وإنما كان سابق التجهيز على خشية المسرح، أي إنه جاء إلى السينما يحمل مخاطرة كبرى إذا ما تعرض للفشل، ومن ثم كان من الممكن -حال حدوث ذلك- أن يخسر الرصيد الذي كان قد جمعه مسرحيا.
ثالثاً: من حيث الكم.. هذا هو أنجح ثنائي فني عرفته السينما المصرية إذ قدما معا 26 فيلما متفوقا على الثنائي شادية وكمال الشناوي الذي قدم 25 فيلما، بينما اجتمع فريد شوقي وهدى سلطان في 19 فيلما، ومن حيث طول التجربة فإنها امتدت حتى سنة 1990 عندما جمع المخرج ياسين إسماعيل ياسين بين فؤاد وشويكار في فيلم «جريمة إلا ربع» ما يعني أن هذا الثنائي ظل مطلوبا حتى مطلع التسعينات.
رابعاً: الأنجح لأنه الثنائي الوحيد الذي امتد أثره بعيداً عن شاشة السينما حيث استمر سينمائياً مع وجوده الطاغي لسنوات طويلة على خشبة المسرح بمسرحيات أصبحت محفورة في الوجدان، ليس هذا فقط، وإنما تزامنت أيضاً مع نجاحاته الإذاعية المدوية حتى أصبح فؤاد وشويكار -ولفترة طويلة- من الطقوس الرمضانية المعتادة.
خامساً: على مستوى المضمون ورغم أن بناء أفلام هذا الثنائي بدا وكأنه يعتمد تقريباً على تيمة الرجل الساذج طيب القلب والفتاة الجميلة التي تجذبه إليها إما بجمالها وإما بقوة شخصيتها أو بالاثنين معاً فتقوده بشكل كامل إلى ما تريده، فإنه لم يكن يخلو داخل هذا الإطار من بعض التنويعات، فقدم الكوميديا الاجتماعية والبوليسية والعاطفية والاستعراضية، بل والكوميديا السوداء والفلسفية أيضاً، كما حاول الثنائي تسييس بعض أفلامهما أو تحميلها بعض المفاهيم الوطنية في فترة كانت شديدة الحرج والحساسية في تاريخ مصر المعاصر أعقاب هزيمة يونيو 1967، حيث زادت نبرة الانتصار على الغرب والأمريكان بالذات حتى لو كان في قالب هزلى، فشاهدنا فؤاد المهندس في «مطاردة غرامية» يفضل الفتاة المصرية «شويكار» على كل جميلات الغرب، وتلقى الشرطة المصرية القبض على مستر إكس في «أخطر رجل في العالم»، وتوقع بعصابة التجسس في «العتبة جزاز» وعصابة التخريب والتهريب في «شنبو في المصيدة»، فضلاً عن الخط الوطني الواضح في «فيفا زلاطا»، ولا أظن أنها مجرد مصادفة أن يصبح طرف الصراع دائماً في أفلام الثنائي شويكار وفؤاد هو الغرب، وأن تنتصر الطيبة المصرية والذكاء الفطري على عناصر الشر مهما كانت قوتها، وأغلب الظن أن القائمين على توجيه الرأي العام آنذاك وجدوا في شعبية الثنائي فؤاد وشويكار فرصة لتحميله هذه المضامين السياسية والرسائل المهمة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فؤاد المهندس شويكار الفنون الكوميديا فؤاد المهندس
إقرأ أيضاً:
بحث تعزيز التعاون الثنائي بين بنك السودان المركزي والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات
بحث نائب محافظ بنك السودان المركزي محمد عثمان محمد خير، مع المدير العام للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات الأستاذ راشد الهارون، سبل تعزيز التعاون الثنائي بين المؤسستين، في عدد من المجالات ذات الأولوية، وعلى رأسها دعم جهود جذب الاستثمار إلى السودان، وتحسين بيئة الأعمال، وتوسيع آفاق الضمانات الممنوحة للمستثمرين، بما يسهم في رفع مستوى الثقة بالاقتصاد الوطني ويشجع على تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات العربية.جاء ذلك خلال زيارته الرسمية إلى دولة الكويت للمشاركة في الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية، التي انعقدت يومي 9 و10 أبريل الجاري.كما ناقش الجانبان خلال اللقاء الآليات الممكنة لتفعيل التعاون بين المؤسسة والحكومة السودانية في مجالات التنمية الاقتصادية، من خلال ضمان المشروعات الاستثمارية ودعم الصادرات، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي من شأنها المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.واستعرض الطرفان الجهود الجارية على مستوى العالم العربي لتعزيز الاستثمارات البينية، وأكدا على أهمية تبادل الخبرات والمعلومات الفنية لتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة، وتهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية وفعالية في الدول الأعضاء.ويأتي اللقاء في سياق الحرص المشترك على تعزيز العلاقات المؤسسية بين السودان والمؤسسات العربية المتخصصة، وتفعيل أدوات التعاون الإقليمي لدعم مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في المنطقة العربية.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب