هل يشعل الصراع المصري- الإثيوبي القرن الأفريقي؟

فيصل محمد صالح

أثار وصول طائرات عسكرية مصرية إلى العاصمة الصومالية، مقديشو، محملة بمعدات عسكرية، قلقاً كبيراً في المنطقة، بعد ردود الفعل العنيفة من الحكومة الإثيوبية، التي عدّت أي وجود عسكري مصري على حدودها يمثل تهديداً مباشراً لها وللأمن في المنطقة، وهددت باتخاذ إجراءات لتأمين حدودها و«حفظ الأمن في منطقة القرن الأفريقي».

ورغم أنه من المستبعد حدوث أي تصعيد عسكري مباشر، فإنه لا يمكن التقليل من خطورة التصعيدين السياسي والإعلامي، بما يستوجب تدخلات إقليمية ودولية لتهدئة التوترات.

لكن كل مَن يتابع الأوضاع في المنطقة يعلم أن مثار الغضب الإثيوبي ليس فقط إرسال معدات عسكرية، ولكنه البروتوكول الذي تم توقيعه بين مصر والصومال، وستبعث مصر بموجبه قوات عسكرية تسهم في بعثة الاتحاد الأفريقي للسلام في الصومال، بديلةً للقوات الإثيوبية، كما ستتمركز قوات مصرية في إقليم صومالي قريب من الحدود الإثيوبية. وكانت الحكومة الصومالية قد طلبت سحب القوات الإثيوبية من أراضيها، بعد التوتر الذي حدث في علاقات البلدين.

بدأت الأزمة في يناير (كانون الثاني) الماضي، حين وقّعت إثيوبيا اتفاقاً مع جمهورية أرض الصومال، وهي منطقة منفصلة عن الصومال لم يتم الاعتراف بها إقليمياً ودولياً، يتيح لها إيجار مساحة على واجهة البحر الأحمر. وفي إطار الاتفاق ستكون إثيوبيا الدولة الأولى التي تعترف بأرض الصومال دولةً مستقلةً في الوقت المناسب، حسب قول رئيسها.

ويمكّن الاتفاق إثيوبيا من استئجار واجهة بحرية على البحر الأحمر داخل أرض الصومال بطول 20 كيلومتراً، من أجل استخدامها قاعدةً عسكريةً أو لأغراض تجارية لمدة 50 عاماً، وكانت إثيوبيا تعتمد على ميناء جيبوتي بشكل أساسي. ويعدّ هذا الاتفاق امتداداً لتحركات إثيوبية كانت تهدف لتحقيق طموحات حكومة إثيوبيا في أن تمد ساقيها على سواحل البحر الأحمر، بعد أن فقدت السواحل البحرية باستقلال إريتريا عام 1993، وقد حاولت من قبل استخدام ميناء بورتسودان في السودان، وموانئ إريتريا.

أثارت الاتفاقية ردود فعل غاضبة في جمهورية الصومال التي تعدّ أرض الصومال جزءاً منها ولا تعترف بها دولةً مستقلةً، وبعد مرور أسبوع على الاتفاق وقّع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قانوناً يلغي الاتفاقية البحرية التي عدّها «غير قانونية» بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال الانفصالية. وقالت الحكومة الصومالية إنها ستتصدى لهذه الاتفاقية بالوسائل القانونية كافة. ونددت بما وصفته بأنه «عدوان»، و«انتهاك صارخ لسيادتها».

ويشكل طموح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد المعلن لتأمين الوصول إلى البحر الأحمر مصدراً للتوتر بين إثيوبيا وجيرانها، ويثير مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الأفريقي. وقد حاول من قبل الاعتماد على موانئ إريتريا، لكن التوترات في علاقات البلدين جعلت ذلك أمراً لا يمكن توفير ضمانات له في المستقبل.

ولا يمكن قراءة هذه التطورات من دون استصحاب الأجواء المتوترة بين إثيوبيا ومصر؛ بسبب قضية سد النهضة الذي بنته إثيوبيا داخل أراضيها على مجرى النيل الأزرق المتجه للسودان ومصر، ولم تستجب لتحفظات البلدين حول التشاور قبل بناء السد، وتبادل المعلومات، ومعدل الأمان فيه. كما أن إثيوبيا صارت تطمح في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد للعب دور إقليمي في المنطقة تقاطع في أحايين كثيرة مع الدور المصري، ودخل في منافسة معه.

وتنظر إثيوبيا للدور الذي لعبته في استتباب الأوضاع في الصومال، خلال السنوات السابقة، ومشاركتها في قوات حفظ السلام الأفريقية، ودورها في مكافحة أعمال «حركة الشباب الإسلامية» المتطرفة في الصومال، وتنتظر تقديراً من مقديشو على هذا الدور، ولا تنظر للتحدي الذي وضعته أمام الحكومة الصومالية والرأي العام في البلاد لتوقيع اتفاق يعطي شرعية لجمهورية أرض الصومال، وهو ما يعدّه الصوماليون خطيئة لا تغتفر.

من ناحية أخرى، فإن القاهرة ترى أنها وقعت بروتوكولاً مع دولة شقيقة عضو في الجامعة العربية، ولديها حكومة كاملة السيادة، وليس في هذا البروتوكول أي تعارض مع القوانين الدولية أو اتفاقيات المنظمات الإقليمية.

وبالتأكيد فإن مصر تدرك أنها تحاصر النفوذ الإثيوبي في المنطقة وترد على تحركات إثيوبية سابقة باستخدام نفوذها السياسي والدبلوماسي، وقدراتها العسكرية، بوصفها عامل قوة، وليس لاستخدامها في عمل عسكري، بالضرورة.

لا يمكن الإنكار أن الأجواء متوترة، والاحتمالات مفتوحة، لكن الرهان على تعقل القيادات السياسية في المنطقة، والضغوط الدولية، لكي لا تخرج عن حدود اللعب النظيف.

* نقلاً عن (الشرق الأوسط)

الوسومإثيوبيا إريتريا البحر الأحمر الجامعة العربية السودان الشرق الأوسط الصومال حركة الشباب الصومالية فيصل محمد صالح مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إثيوبيا إريتريا البحر الأحمر الجامعة العربية السودان الشرق الأوسط الصومال حركة الشباب الصومالية فيصل محمد صالح مصر القرن الأفریقی البحر الأحمر أرض الصومال فی المنطقة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

«الحوثيون»: قواتنا نفذت عملية عسكرية نوعية قصفت هدفا عسكريا في منطقة «يافا»

أفاد أنصار الله «الحوثيين» في اليمن، اليوم، بأن الجماعة نفذت عملية عسكرية نوعية قصفت هدفا عسكريًا في منطقة «يافا»، مؤكدة أن الصاروخ قطع مسافة 2040 كيلومترا في غضون 11 دقيقة ونصف الدقيقة، وتسبب في حالة من الخوف والهلع في إسرائيل.

وأوضح أنصار الله «الحوثيين»، أن عمليتنا التي قصفت هدفًا عسكريًا إسرائيليًا في يافا تأتي ضمن المرحلة الخامسة، محذرة الاحتلال الإسرائيلي على أن يتوقع مزيدًا من الضربات والعمليات النوعية خلال الفترة القادمة.

يذكر أن حركة الحوثي أعلنت، أمس السبت الموافق 14 سبتمبر 2024، إسقاط طائرتين مسيرتين أمريكيتين من طراز «MQ9» خلال الأسبوع الماضي، لافتة أن أكثر من 700 غارة وقصف بحري لم تفد واشنطن في الحد من العمليات أو وقفها.

أخر التطورات بشأن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بالبحر الأحمر

وكشفت مهمة بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي أخر التطورات للسفينة اليونانية التي هاجمها «الحوثيين» في البحر الأحمر، إذ أعلنت أن هناك محاولات جديدة بدأت لانتشال ناقلة نفط «سونيون» اليونانية المشتعلة.

وأفادت المهمة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، بأن أسبيدس نشرت صورًا تُظهر سفنها وهي تحاول أن تواكب السفن الأخرى المتجهة لناقلة النفط اليونانية المشتعلة في البحر الأحمر لإنقاذها»، وفقًا لشبكة «يورونيوز» الأوروبية.

اقرأ أيضاًالحوثيون يسقطون مُسيرة أمريكية في أجواء مأرب

للمرة الثانية خلال شهر.. الحوثيون يستهدفون سفينة «GROTON» في خليج عدن

الحوثيون يستهدفون سفينة في البحر الأحمر ومدمرتين أمريكيتين في خليج عدن

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية المصري: بلادنا أكثر دولة متضررة من التصعيد في البحر الأحمر
  • رأس بناس.. مصر تطرح وجهة سياحية واعدة للاستثمار
  • فاتورة غرور إثيوبيا
  • الهضيبي: العلاقات المصرية ـ الصومالية تتسم بالقوة والمتانة
  • «الحوثيون»: قواتنا نفذت عملية عسكرية نوعية قصفت هدفا عسكريا في منطقة «يافا»
  • وفد مصري رفيع يبحث بإريتريا تطورات البحر الأحمر والقرن الإفريقي
  • الديهي: إثيوبيا أصبحت دولة مزعجة وعلى خلاف مع 6 دول
  • القرن الأفريقي.. أزمات وتحالفات وحروب بالوكالة
  • عاجل| وزير الخارجية الصومالي يكشف حقيقة المزاعم بشأن نقل صراع سد النهضة الإثيوبي إلى بلاده
  • الخارجية الصومالية: لن نتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا