هل يشعل الصراع المصري- الإثيوبي القرن الأفريقي؟
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
هل يشعل الصراع المصري- الإثيوبي القرن الأفريقي؟
فيصل محمد صالح
أثار وصول طائرات عسكرية مصرية إلى العاصمة الصومالية، مقديشو، محملة بمعدات عسكرية، قلقاً كبيراً في المنطقة، بعد ردود الفعل العنيفة من الحكومة الإثيوبية، التي عدّت أي وجود عسكري مصري على حدودها يمثل تهديداً مباشراً لها وللأمن في المنطقة، وهددت باتخاذ إجراءات لتأمين حدودها و«حفظ الأمن في منطقة القرن الأفريقي».
لكن كل مَن يتابع الأوضاع في المنطقة يعلم أن مثار الغضب الإثيوبي ليس فقط إرسال معدات عسكرية، ولكنه البروتوكول الذي تم توقيعه بين مصر والصومال، وستبعث مصر بموجبه قوات عسكرية تسهم في بعثة الاتحاد الأفريقي للسلام في الصومال، بديلةً للقوات الإثيوبية، كما ستتمركز قوات مصرية في إقليم صومالي قريب من الحدود الإثيوبية. وكانت الحكومة الصومالية قد طلبت سحب القوات الإثيوبية من أراضيها، بعد التوتر الذي حدث في علاقات البلدين.
بدأت الأزمة في يناير (كانون الثاني) الماضي، حين وقّعت إثيوبيا اتفاقاً مع جمهورية أرض الصومال، وهي منطقة منفصلة عن الصومال لم يتم الاعتراف بها إقليمياً ودولياً، يتيح لها إيجار مساحة على واجهة البحر الأحمر. وفي إطار الاتفاق ستكون إثيوبيا الدولة الأولى التي تعترف بأرض الصومال دولةً مستقلةً في الوقت المناسب، حسب قول رئيسها.
ويمكّن الاتفاق إثيوبيا من استئجار واجهة بحرية على البحر الأحمر داخل أرض الصومال بطول 20 كيلومتراً، من أجل استخدامها قاعدةً عسكريةً أو لأغراض تجارية لمدة 50 عاماً، وكانت إثيوبيا تعتمد على ميناء جيبوتي بشكل أساسي. ويعدّ هذا الاتفاق امتداداً لتحركات إثيوبية كانت تهدف لتحقيق طموحات حكومة إثيوبيا في أن تمد ساقيها على سواحل البحر الأحمر، بعد أن فقدت السواحل البحرية باستقلال إريتريا عام 1993، وقد حاولت من قبل استخدام ميناء بورتسودان في السودان، وموانئ إريتريا.
أثارت الاتفاقية ردود فعل غاضبة في جمهورية الصومال التي تعدّ أرض الصومال جزءاً منها ولا تعترف بها دولةً مستقلةً، وبعد مرور أسبوع على الاتفاق وقّع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قانوناً يلغي الاتفاقية البحرية التي عدّها «غير قانونية» بين إثيوبيا وجمهورية أرض الصومال الانفصالية. وقالت الحكومة الصومالية إنها ستتصدى لهذه الاتفاقية بالوسائل القانونية كافة. ونددت بما وصفته بأنه «عدوان»، و«انتهاك صارخ لسيادتها».
ويشكل طموح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد المعلن لتأمين الوصول إلى البحر الأحمر مصدراً للتوتر بين إثيوبيا وجيرانها، ويثير مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الأفريقي. وقد حاول من قبل الاعتماد على موانئ إريتريا، لكن التوترات في علاقات البلدين جعلت ذلك أمراً لا يمكن توفير ضمانات له في المستقبل.
ولا يمكن قراءة هذه التطورات من دون استصحاب الأجواء المتوترة بين إثيوبيا ومصر؛ بسبب قضية سد النهضة الذي بنته إثيوبيا داخل أراضيها على مجرى النيل الأزرق المتجه للسودان ومصر، ولم تستجب لتحفظات البلدين حول التشاور قبل بناء السد، وتبادل المعلومات، ومعدل الأمان فيه. كما أن إثيوبيا صارت تطمح في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد للعب دور إقليمي في المنطقة تقاطع في أحايين كثيرة مع الدور المصري، ودخل في منافسة معه.
وتنظر إثيوبيا للدور الذي لعبته في استتباب الأوضاع في الصومال، خلال السنوات السابقة، ومشاركتها في قوات حفظ السلام الأفريقية، ودورها في مكافحة أعمال «حركة الشباب الإسلامية» المتطرفة في الصومال، وتنتظر تقديراً من مقديشو على هذا الدور، ولا تنظر للتحدي الذي وضعته أمام الحكومة الصومالية والرأي العام في البلاد لتوقيع اتفاق يعطي شرعية لجمهورية أرض الصومال، وهو ما يعدّه الصوماليون خطيئة لا تغتفر.
من ناحية أخرى، فإن القاهرة ترى أنها وقعت بروتوكولاً مع دولة شقيقة عضو في الجامعة العربية، ولديها حكومة كاملة السيادة، وليس في هذا البروتوكول أي تعارض مع القوانين الدولية أو اتفاقيات المنظمات الإقليمية.
وبالتأكيد فإن مصر تدرك أنها تحاصر النفوذ الإثيوبي في المنطقة وترد على تحركات إثيوبية سابقة باستخدام نفوذها السياسي والدبلوماسي، وقدراتها العسكرية، بوصفها عامل قوة، وليس لاستخدامها في عمل عسكري، بالضرورة.
لا يمكن الإنكار أن الأجواء متوترة، والاحتمالات مفتوحة، لكن الرهان على تعقل القيادات السياسية في المنطقة، والضغوط الدولية، لكي لا تخرج عن حدود اللعب النظيف.
* نقلاً عن (الشرق الأوسط)
الوسومإثيوبيا إريتريا البحر الأحمر الجامعة العربية السودان الشرق الأوسط الصومال حركة الشباب الصومالية فيصل محمد صالح مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إثيوبيا إريتريا البحر الأحمر الجامعة العربية السودان الشرق الأوسط الصومال حركة الشباب الصومالية فيصل محمد صالح مصر القرن الأفریقی البحر الأحمر أرض الصومال فی المنطقة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
تجدد إطلاق النار في كشمير مع إجراء البحرية الهندية تدريبات عسكرية في بحر العرب
الهند – صرح المتحدث باسم القوات البحرية الهندية، امس الخميس، إن القوات تجري تدريبات مكثفة حاليا وسط تنامي التوترات مع باكستان وتجدد تبادل إطلاق النار عبر الحدود في كشمير خلال الليل.
وذكر المتحدث أن “البحرية تجري تدريبات مكثفة حاليا في بحر العرب لإظهار جاهزيتها القتالية وقدرتها على ردع التهديدات المحتملة”.
ولم يحدد المتحدث عدد السفن المشاركة كما لم يقدم أي تفاصيل أخرى.
ونقلت صحيفة “إنديا توداي” عن مصادرها أنه تم إصدار إخطارات لشركات الطيران تشير إلى إجراء تدريبات بالذخيرة الحية في المناطق البحرية التي تتم فيها التدريبات.
وأفادت تقارير أن التدريبات، التي تجري ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة قبالة سواحل الهند، من المقرر أن تستمر في الأيام المقبلة علما أنها مستمرة منذ عدة أيام.
وأشارت تقارير يوم الأحد الماضي، إلى أن البحرية الهندية أطلقت عدة صواريخ مضادة للسفن لأغراض تدريبية.
هذا، وأفادت وسائل إعلام هندية، الخميس، بحدوث تبادل لإطلاق النار خلال الليل في المنطقة لسابع ليلة على التوالي.
وتصاعدت التوترات بشكل كبير بين القوتين النوويتين المتنافستين الهند وباكستان، منذ وقوع هجوم في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من منطقة كشمير المتنازع عليها.
وقتل مهاجمون مسلحون 26 شخصا غالبيتهم من السياح الهنود، في مرج جبلي في منتجع سياحي في 22 أبريل.
وتتهم الهند جماعة مسلحة يزعم أنها تنشط من داخل باكستان بتنفيذ الهجوم المسلح، لكن إسلام آباد تنفي هذه الاتهامات.
ويحذر خبراء من وجود خطر كبير للتصعيد، فهناك مخاوف من احتمال شن الجيش الهندي هجمات على قواعد مشتبه بها لجماعات إرهابية في باكستان مما قد يدفع البلد المجاور إلى الرد.
وكان وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار قد صرح الأربعاء، بأن بلاده لديها “معلومات استخباراتية موثوقة” تشير إلى أن الهند تعتزم شن ضربة عسكرية وشيكة، مضيفا “أي عمل عدواني سيقابل برد حاسم وستتحمل الهند المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات خطيرة في المنطقة”.
المصدر: د ب أ