بعد عام ونصف على الحرب.. حاجة طارئة لحماية المدنيين في السودان
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
بعد نحو عام ونصف على الحرب في السودان، لا تزال المعارك تستعر في المدن بينما يعاني السكان من الجوع والأمراض، حيث يتنافس جنرالان على السلطة، ولا حل يلوح في الأفق.
الحرب التي بدأت في أبريل عام 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو وصلت إلى مرحلة تستدعي "حاجة طارئة لحماية المدنيين" بحسب أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان الجمعة.
ودعا خبراء أمميون من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.
والسبت، نزحت مئات الأسر السودانية من مدينة بحري شمال الخرطوم بعد تبادل القصف المدفعي العنيف على ما قال شهود عيان لوكالة فرانس برس.
وأفاد شهود عيان في منطقة حطاب بمدينة بحري شمال الخرطوم، حيث توجد قاعدة عسكرية للجيش السوداني، أن مئات الأسر فرت من المنطقة "بعد اشتداد القصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع" التي تسعى للسيطرة على هذه القاعدة وتهاجمها منذ ثلاثة أيام.
وقال السوداني، نصر الدين، أحد سكان المنطقة لوكالة فرانس برس: "منذ صباح السبت، رحلت مئات الأسر وهي تحمل بعض أمتعتها فوق رؤوسها وتسير شمالا هربا من القصف المدفعي".
وأضاف "قوات الدعم السريع هاجمت منازل المواطنين جنوب حطاب وأسرت بعضهم وأطلقت النار على آخرين".
الوضع الإنسانيوتؤكد الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم، حيث تنتشر الأمراض والجوع، وتقدر بحاجة أكثر من 26 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات الإنسانية.
لجنة مراجعة المجاعة تؤكد أن الصراع دفع المجتمعات بولاية شمال دارفور إلى المجاعة، وخاصة في معسكر زمزم للنازحين قرب الفاشر، عاصمة الولاية.
ويرجح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أن يكون الناس في أكثر من عشر ولايات أخرى في نفس الظروف المروعة.
وتواجه البلاد بشكل عام مستويات تاريخية من "انعدام الأمن الغذائي الحاد"، فيما يوصف الوضع بـ "الخطير"، خاصة للعالقين في المناطق المتأثرة بالصراع، مثل ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان.
وإلى جانب الظروف المروعة فيما يرتبط بالجوع، يواجه السودان "أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم" بحسب الأمم المتحدة.
ودفعت المعارك أكثر من 10 ملايين شخص إلى الفرار من ديارهم منذ اندلاع الصراع "ويشمل هذا العدد 7.9 مليون شخص نزحوا داخل السودان أكثر من نصفهم من الأطفال وما يزيد عن مليونين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة. وتقريبا فإن واحدا من كل سبعة نازحين داخليا في العالم، سوداني"، بحسب الأمم المتحدة.
وتؤكد الأمم المتحدة أن المنظمات السودانية تعمل على الخطوط الأمامية لجهود الاستجابة منذ بدء الصراع، فيما يوجد على الأرض أكثر من 125 شريكا في العمل الإنساني، تمكنوا من الوصول إلى حوالي 8 ملايين شخص بشكل من أشكال المساعدة بين شهري يناير ومايو الماضي.
وأشارت إلى أنه منذ أبريل عام 2023، قُتل 22 عامل إغاثة على الأقل في السودان وأصيب 33 آخرون.
وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.
وفيما تشتد المعارك السبت في العاصمة، وصل مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غبرييسوس، إلى مدينة بورتسودان في زيارة رسمية لمدة يومين، بحسب وكالة فرانس برس.
وقال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إنهم حصلوا على ضمانات من كلا الطرفين في محادثات بسويسرا لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات عرقل إحراز تقدم.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحفيين، الجمعة: "سنواصل الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية من خلال التفاوض تسمح للشعب السوداني برسم مستقبله السياسي"، مؤكدة إدانة إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للعنف.
ماذا يقول خبراء الأمم المتحدة؟وخلص الخبراء المكلفون من قبل مجلس حقوق الإنسان في تقرير، إلى أن المتحاربين "ارتكبوا سلسلة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم يمكن وصف الكثير منها بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى. في حين تفيد تقديرات أنها قد تصل إلى "150 ألفا".
وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان، محمد شاندي عثمان، إن "خطورة هذه النتائج تؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين".
وكان مجلس حقوق الإنسان أنشأ هذه البعثة نهاية عام 2023 بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ اندلاع الحرب منذ قرابة 17 شهرا.
ووجد التقرير الذي صدر الجمعة أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفاءهما مارسوا أنماط انتهاكات واسعة النطاق تضمنت هجمات عشوائية ومباشرة على المدنيين والمدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية والمرافق الحيوية الأخرى.
ووصف التقرير ما ارتكبته قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة بـ "اعتداءات مرعبة" ضد المجتمعات غير العربية خاصة ضد مجتمع المساليت في الجنينة وحولها بغرب دارفور، بما تضمن القتل والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي وتدمير الممتلكات والنهب.
وأشار التقرير إلى وجود "أسباب معقولة للاعتقاد" بأن هذه القوات معها ارتكبت جرائم حرب أخرى من بينها "الاستعباد الجنسي" و"تجنيد الأطفال دون سن 15 عاما"، وقامت بأفعال أخرى قد ترقى الى جرائم ضد الإنسانية بما في ذلك "الاسترقاق" و"الاضطهاد على أسس إثنية وجندرية" و"التهجير القسري للسكان".
توصيات البعثة الأمميةوإلى جانب إرسال قوة محايدة، أوصى التقرير بتوسيع نطاق "حظر الأسلحة القائم في دارفور"، عملا بقرارات مجلس الأمن، إلى جميع أنحاء السودان، وذلك من أجل وقف توريد الأسلحة والذخائر وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي لأطراف النزاع ومنع المزيد من التصعيد.
وحذر الجهات التي تزود الأسلحة من إمكانية "تواطؤها في انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".
ودعت البعثة إلى توسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية المتعلق بدارفور ليشمل كامل الأراضي السودانية، وإنشاء "آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنبا إلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية وبشكل تكاملي".
واستندت البعثة في تقريرها على 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود.
وذكر فريق تقصي الحقائق أنه حاول التواصل مع السلطات السودانية في مرات عديدة لكنه لم يتلق ردا. وأضاف الفريق أن قوات الدعم السريع طلبت التعاون مع البعثة، من دون خوض في مزيد من التفاصيل.
وسبق أن نفى كلا الجانبين اتهامات من الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بارتكاب انتهاكات، ويتبادلان الاتهامات بالوقوف وراءها.
وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة المكونة من ثلاثة أعضاء منذ أن شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023.
وستدعو دول غربية منها بريطانيا إلى تجديد مهمة البعثة خلال اجتماع هذا الشهر، ويتوقع دبلوماسيون معارضة السودان الذي يعد الحرب مسألة داخلية بحسب رويترز.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: لحمایة المدنیین الأمم المتحدة الدعم السریع حقوق الإنسان فی السودان أکثر من
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: الدعم السريع تسيطر على عنصر رئيسي بصناعة الكوكاكولا وبيبسي
نشر موقع بلومبيرغ الأميركي تقريرا مطولا عن الصمغ العربي في السودان ومخاطر إنتاجه ونقله إلى منافذ التصدير وسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق إنتاجه وابتزاز المزارعين وسائقي الشاحنات التي تنقله وترويعهم.
وصدر التقرير، الذي أعده سيمون ماركس، تحت عنوان "مليشيا الإبادة الجماعية في السودان تسيطر على عنصر رئيسي في صناعة الكوكاكولا والبيبسي كولا"، وتضمن أن هذه المليشيا، التي اتهمتها الولايات المتحدة بارتكاب إبادة جماعية، تسيطر على أجزاء أساسية من سلسلة التوريد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: نتنياهو استأنف الحرب للحفاظ على حياته السياسيةlist 2 of 2إنترسبت: شركة المراقبة هذه زودت الشرطة الأميركية ببيانات سرية عن احتجاجات فلسطينend of listوتضمن التقرير تعريفا بالصمغ العربي وأهميته في عديد من المنتجات، قائلا إنه يعمل كمستحلب عضوي في السلع الاستهلاكية والعلامات التجارية الشهيرة حول العالم.
وأضاف أنه يُستخدم في صناعات الحلوى والأدوية والصودا ومستحضرات التجميل. وينمو في جميع أنحاء أفريقيا -من السنغال إلى كينيا– لكن قلب الإنتاج يقع في السودان بإقليمي دارفور وكردفان، اللذين تسيطر عليهما، إلى حد كبير، قوات الدعم السريع، مشيرا إلى أن السودان ينتج ما نسبته 70% من الإمدادات العالمية لهذا الصمغ.
حجر الأساس لصناعة المواد الغذائية
واستمر يقول إذا اختفى الصمغ العربي، فإن توليفة كوكا كولا لن تعمل بعد الآن، وسيتوقف إنتاجها، مشيرا إلى أن هذا الصمغ يمنع السكر في المشروبات الغازية من السقوط إلى قاع العلبة، وقد تم استخدامه لآلاف السنين في العصر الحجري الأفريقي كمادة لاصقة، وفي الطلاء من قبل الكتبة الصينيين في العصر الحجري الحديث، ولتحنيط مومياوات الفراعنة المصريين ولتقوية أحمر الشفاه الذي تستخدمه الملكة إليزابيث الأولى وكليوباترا، كذلك استخدمه الإغريق لعلاج القرحة، كما أنه عنصر أساسي في كل شيء من كوكا كولا وبيبسي كولا إلى زبادي "دانون" إلى "إم آند إم إس" وغير ذلك.
إعلانوفي العقود الأخيرة، كان من المهم جدا لشركات الأغذية العالمية الضغط بنجاح على إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لاستثناء الصمغ العربي من قائمة العقوبات الشاملة المفروضة على السودان في عام 1997. وطورت شركات من بينها كارغيل بدائل اصطناعية، لكنها لم تحل محل الصمغ العربي الطبيعي، الذي يستمر في التدفق من السودان وسط الفظائع الحالية، إما عن طريق بورتسودان أو يتم تهريبه عبر البلدان المجاورة.
تجارة تعج بالابتزاز
وذكر التقرير أنه بعد عامين من الحرب، التي خلقت أكبر أزمة إنسانية في العالم، لا يمكن تتبع سلسلة التوريد في السودان تماما، مع عدم وجود طريقة لمعرفة إذا ما كان المصدرون يدفعون أموالا لمجرمي الحرب. وقال مصدرون في السودان إن شراء الصمغ العربي الذي يفي بالمعايير الأخلاقية أصبح شبه مستحيل منذ بدء الحرب.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الاتحاد الأوروبي استورد عام 2024 من السودان 70% من جملة الـ72 ألف طن متري من الصمغ العربي التي استوردها من العالم، على الرغم من حدوث انخفاض طفيف بنسبة 3% في صادرات السودان إلى الاتحاد الأوروبي خلال تلك الفترة، في حين أظهرت الأرقام زيادة مماثلة تقريبا في الواردات من مصر وتشاد المجاورتين.
آلاف الدولارات للعبور
وأورد التقرير قصصا عن أن سائقي الشاحنات، التي تنقل الصمغ، يتصلون في أحيان كثيرة بأصحاب هذه الشاحنات لدفع آلاف الدولارات لجماعة الإبادة الجماعية التي مزقت البلاد، والتي تبتز السائقين مقابل السماح لهم بالمرور بشحناتهم إلى منافذ التصدير في بورتسودان، أو الحدود التشادية أو الطرق المفتوحة على مصر.
كما أحرقت مليشيا الدعم السريع الحقول وقتلت المزارعين ونهبت آلاف الأطنان من المستودعات في العاصمة السودانية الخرطوم، قبل تهريبها عبر الحدود إلى تشاد أو ليبيا أو مصر.