سرايا - بعد مرور 11 شهرا لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، يواجه الكيان المحتل أكبر تحد اقتصادي له منذ سنوات.
وتشير البيانات إلى أن اقتصاد الكيان يشهد أشد تباطؤا بين أغنى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفق تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن".

وبحسب الموقع، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1 % في الأسابيع التي أعقبت العدوان الهجوم الواسع الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، في حين استمر الانحدار حتى عام 2024، إذ انخفض بنسبة 1.

1 % و1.4 % إضافية في الربعين الأولين.
ووفق الموقع، لم يكن الوضع أفضل مع إضراب عام في الأول من الشهر الحالي والذي أدى ولو لفترة وجيزة إلى توقف اقتصاد الكيان في ظل غضب شعبي واسع النطاق إزاء تعامل الحكومة مع الحرب.
ولا شك في أن التحديات الاقتصادية التي يواجهها الكيان المحتل لا تذكر مقارنة بالتدمير الكامل للاقتصاد في غزة، لكن العدوان المطول والمتواصل ما يزال يلحق الضرر بالتمويل والاستثمارات التجارية للاحتلال، وانخفضت ثقة المستهلكين، وفق "ذا كونفرسيشن".
وكان اقتصاد الاحتلال ينمو بسرعة قبل بدء العدوان مدفوعا بقطاع التكنولوجيا إلى حد كبير، في حين ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للكيان بنسبة 6.8 % في عام 2021 و4.8 % في عام 2022، وهو ما يزيد كثيرا عن معظم الدول الغربية.
لكن الأمور بحسب المصدر ذاته تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين. ففي توقعاته لشهر تموز (يوليو) 2024، عدّل بنك إسرائيل توقعاته للنمو إلى 1.5 % لعام 2024، منخفضا من 2.8 % التي توقعها في وقت سابق من العام.
ومع عدم ظهور أي علامة على توقف العدوان في غزة، وتكثيف المواجهة مع حزب الله على الحدود اللبنانية، قدر بنك إسرائيل أن تكلفة الحرب ستصل إلى 67 مليار دولار بحلول عام 2025.
وحتى مع حزمة المساعدات العسكرية الأميركية البالغة 14.5 مليار دولار، فإن مالية إسرائيل قد لا تكون كافية لتغطية هذه النفقات، وفق ما قالته "ذا كونفرسيشن".
ويشير الموقع إلى أن هذا يعني أن إسرائيل ستواجه خيارات صعبة فيما يتعلق بكيفية تخصيص مواردها. فقد تضطر على سبيل المثال إلى خفض الإنفاق في بعض مجالات الاقتصاد أو تحمل المزيد من الديون. وسوف يؤدي المزيد من الاقتراض إلى زيادة أقساط القروض وزيادة تكلفة خدمتها في المستقبل.
ودفع تدهور الوضع المالي في الكيان المحتل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف تل أبيب. وخفضت وكالة "فيتش" تصنيف إسرائيل الائتماني من "إيه +" (A+) إلى "إيه" (A) في آب (أغسطس) الماضي على أساس أن الزيادة في إنفاقها العسكري ساهمت في توسيع العجز المالي إلى 7.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ارتفاعا من 4.1 % في العام السابق.
كل هذا من شأنه أيضا وفقا لموقع "ذا كونفرسيشن" أن يعرض قدرة إسرائيل على الحفاظ على إستراتيجيتها العسكرية الحالية للخطر. وهذه الإستراتيجية، التي تتضمن عمليات مستمرة في غزة بهدف تدمير حماس، تتطلب قوات برية وأسلحة متطورة ودعما لوجيستيا مستمرا، وكل هذا يأتي بتكلفة مالية باهظة.
وبعيدا عن المؤشرات الاقتصادية الكلية، تقول "ذا كونفرسيشن" إن الحرب خلفت تأثيرا عميقا على قطاعات محددة من الاقتصاد الإسرائيلي. فقد تباطأ قطاع البناء، على سبيل المثال، بنحو الثلث في الشهرين الأولين من الحرب. كما تضرر قطاع الزراعة أيضا، حيث انخفض الإنتاج بنحو الربع في بعض المناطق.
وتم استدعاء حوالي 360 ألف جندي احتياطي في بداية الحرب، على الرغم من أن العديد منهم عادوا إلى ديارهم منذ ذلك الحين. كما أجبر أكثر من 120 ألف إسرائيلي على ترك منازلهم في المناطق الحدودية. ولم يُسمح لـ140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية بدخول إسرائيل منذ هجمات اندلاع الحرب.
وسعت حكومة الاحتلال إلى سد هذه الفجوة من خلال جلب العمال من الهند وسريلانكا. ولكن من المؤكد أن العديد من الوظائف الرئيسية ستظل شاغرة.
وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 ألف شركة إسرائيلية قد تضطر إلى الإغلاق في عام 2024 بسبب نقص الموظفين وانقطاعات سلسلة التوريد وتراجع ثقة الأعمال، في حين تؤجل العديد من الشركات مشاريع جديدة.
وتأثرت السياحة بشدة، رغم أنها لا تشكل جزءا أساسيا من اقتصاد الكيان المحتل، فقد انخفضت أعداد السياح بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث يواجه واحد من كل 10 فنادق في مختلف أنحاء البلاد احتمال إغلاق أبوابه.
وربما كان العدوان قد ألحق ضررا بالغا بالاقتصاد في الكيان المحتل، لكن تأثيره على الاقتصاد الفلسطيني كان أسوأ بكثير، وسوف يستغرق إصلاحه سنوات عديدة وفقا لـ"ذا كونفرسيشن".
وفقد العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وظائفهم لدى الاحتلال، كما أدى قرار الاحتلال بحجز أغلب عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين إلى ترك السلطة الفلسطينية تعاني من نقص السيولة.
وتوقفت التجارة في غزة، ما يعني أن العديد من الفلسطينيين يعتمدون الآن على المساعدات. وفي الوقت نفسه، تم قطع قنوات الاتصال الحيوية وتدمير البنية الأساسية الحيوية.
وامتدت آثار الحرب إلى ما هو أبعد من إسرائيل وفلسطين. ففي نيسان (أبريل) الماضي، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن يكون النمو في الشرق الأوسط "باهتا" في عام 2024، عند 2.6 % فقط، وأشار إلى حالة عدم اليقين التي أثارتها الحرب في غزة وتهديد اندلاع صراع إقليمي شامل كسبب، كما ينقل موقع "ذا كونفرسيشن".
وبالتأكيد فإن العدوان الذي يشنه الاحتلال على غزة، والذي تقترب سنويته الأولى، تتسبب في خسائر اقتصادية فادحة. ولن يتسنى إصلاح الأضرار وتمهيد الطريق للتعافي في الكيان المحتل وفلسطين والمنطقة على نطاق أوسع سوى بوقف إطلاق النار الدائم .-(وكالات)


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: فی الکیان المحتل العدید من فی غزة فی عام عام 2024

إقرأ أيضاً:

كيف نجت حماس من عام الحرب ضد إسرائيل؟

تساءلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، كيف تمكنت حركة حماس بعد عام من الحرب المكثفة من البقاء وإعادة تجميع صفوفها من جديد، موضحة أن الحرب بين إسرائيل وحماس التي بدأت في أعقاب 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، هي واحدة من أطول الحروب، التي واجهتها الحركة في تاريخها طيلة 40 عاماً.

وتقول جيروزاليم بوست إنه عندما بدأت الحرب، أرسلت حماس عدة آلاف من مقاتليها لمهاجمة إسرائيل، وقُدر عدد كتائب حماس في حينه بعد 7 أكتوبر، بنحو 24 كتيبة، أي حوالي 30 ألف مقاتل، بالإضافة إلى مجموعات مسلحة أخرى في القطاع، وعلى رأسها حركة الجهاد التي كان لديها آلاف المقاتلين أيضاً، وهذا يعني أنه عندما بدأت الحرب، ربما كان المسلحون قادرين على حشد ما يصل إلى 40 ألف رجل.
وبعد الهجوم الأول على إسرائيل، والذي خسرت فيه حماس بعض المقاتلين، تراجعت الحركة إلى الأنفاق. وتقول التقديرات إن آلاف الفلسطينيين قتلوا في الهجوم على إسرائيل، ولكن من غير الواضح إذا كانت هذه التقديرات صحيحة. 
ورأت الصحيفة أن انتظار الجيش الإسرائيلي حتى يوم 27 أكتوبر لبدء الحملة البرية، أعطى حماس الكثير من الوقت للاستعداد والتعافي، مستطردة "بالطبع كان على إسرائيل أن تتعافى حقاً، لكن كان على حماس أيضاً التعامل مع عدد غير مسبوق من الرهائن ومواجهة الغارات الجوية الإسرائيلية التي أعقبت 7 أكتوبر ".

حماس تستعرض قوتها في غزة: نحن "اليوم التالي"https://t.co/M8UTyibezz pic.twitter.com/PZZCvQ0yS9

— 24.ae (@20fourMedia) January 20, 2025
مكاسب وخسائر حماس

في الفترة الأولى من العملية الإسرائيلية بقطاع غزة، استهدف الجيش الإسرائيلي شمال غزة، وهدف إلى قطعه عن الجنوب، كما لم تكن معظم التطورات الأولية في المناطق الحضرية، موضحة أن الفرقة 162 تحركت من زيكيم جنوباً على طول الساحل، بينما عبرت الفرقة 36 جنوب غزة في ممر نتساريم، واستولت على طريق صلاح الدين ومناطق رئيسية أخرى.
وبمجرد ربط الفرق، شنت قوات الجيش الإسرائيلي هجمات على شمال غزة، ووفقاً للتقديرات فإن العمليات الأولية هناك هزمت 10 أو 12 من كتائب حماس في شمال غزة، ولكن ثبت لاحقاً أن هذا غير صحيح، ومع ذلك، خسرت حماس آلاف المقاتلين في الشمال.
وحسب الصحيفة، لم تدخل القوات الإسرائيلية العديد من الأحياء المحيطة بمدينة غزة، وحتى عندما دخلت القوات إلى أماكن مثل جباليا أو بيت حانون، لم تطهيرها بالكامل، حيث ابتعدت حماس واختلطت بالمدنيين وانتظرت، وفي كثير من الحالات لم يمنع الجيش الإسرائيلي المدنيين من الفرار من مدينة غزة إلى الجنوب، ولذلك كانت حماس قادرة على المغادرة إذا أرادت ذلك.
وفي يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط) 2024، أصبحت الحملة الإسرائيلية أقل كثافة، فقد حول الجيش تركيزه إلى خان يونس، وقضت الفرقة 98 أشهراً في العمل بهذه المنطقة الرئيسية لحماس. وبحلول أبريل (نيسان)، انتهت الفرقة 98 وغادرت، ثم قرر الجيش الإسرائيلي الدخول إلى رفح، بعد توقف طويل.
وتقول الصحيفة إن حماس حصلت على نوع من وقف إطلاق النار بحكم الأمر الواقع في غزة في مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، ما مكنها من إعادة تجميع صفوفها، وكان هذا هو الوقت الذي كانت تضغط فيه الولايات المتحدة لبناء رصيف عائم متصل بممر نتساريم، ولكنه فشل.
وعندما دخل الجيش الإسرائيلي أخيراً إلى رفح وممر فيلادلفيا على الحدود مع مصر في مايو (أيار) 2024، تمكنت حماس من العودة إلى خان يونس لأن الفرقة 98 غادرت، وأصبحت مهمة الفرقة 162 هي إبعاد حماس عن رفح، وهي العملية التي استغرقت ثلاثة أشهر، وربما تم القضاء على 1000 مقاتل من حماس واعتقال المئات خلالها.


عودة جديدة

وأضافت الصحيفة أن حماس أعادت تجميع صفوفها في شمال غزة في الشجاعية وجباليا واستقرت في وسط غزة بالنصيرات والبريج ودير البلح والمغازي، مشيرة إلى أنها أنشأت دولة صغيرة واستمرت في الحكم، كما سيطرت على منطقة المواصي الإنسانية، ومن هناك فرضت نفوذها وقوتها من خلال الاستفادة من المساعدات القادمة إلى غزة.


التركيز على حزب الله

وفي سبتمبر (أيلول)، حول الجيش الإسرائيلي تركيزه إلى حزب الله في لبنان، حيث اتجهت الفرقة 98 شمالاً، ولم يتبق سوى عدد قليل من القوات في غزة. ووسع الجيش الإسرائيلي ممر نتساريم وقتل أيضاً زعيم حماس يحيى السنوار، وفي ذلك الوقت انتظرت حماس وراقبت.
وحسب الصحيفة،  لم تعمل حماس في تلك الفترة إلا على السطح في مجموعات صغيرة. ونقلت معظم قيادتها وسيطرتها إلى المدارس، وانتقل العديد من أعضائها إلى المستشفيات للاختباء، وتكبدت خسائر، ولكنها واصلت هذه الممارسة المتمثلة في استخدام المناطق المدنية للاختباء، كما بدأت في استخدام المزيد من الأفخاخ ضد القوات الإسرائيلية.

انتشال جثامين 39 قتيلاً من مدينة رفح جنوب قطاع غزةhttps://t.co/ra3dRzZ14Q

— 24.ae (@20fourMedia) January 20, 2025
تجنيد قوات إضافية

وبحلول أكتوبر (تشرين الأول)، كان الجيش الإسرائيلي مستعداً لشن هجوم جديد في شمال غزة، وأرسلت الفرقة 162 إلى جباليا، وفي النهاية إلى مناطق في بيت حانون وبيت لاهيا، وتابعت الصحيفة "في جباليا، كان لا بد من إخلاء 70 ألف مدني، ووجد الجيش الإسرائيلي آلاف المقاتلين من حماس، وقد ثبت أن هذه معركة صعبة، وأصبح العشرات من الجنود الإسرائيليين ضحايا، وأظهرت حماس أنها لم تُهزم وأنها جندت بالفعل وربما زادت قوتها في جباليا".
وبحلول الوقت الذي انتهى فيه الجيش الإسرائيلي من العمل في هذه المنطقة، وقعت صفقة الرهائن، والآن انسحب الجيش الإسرائيلي من شمال غزة، ونجحت حماس لأنها لم تُهزم قط في وسط غزة أو مدينة غزة، وعندما فقدت حماس وحدات، أعيد بناؤها، وعندما فقدت القادة، حل محلهم قادة آخرون.
وأشارت الصحيفة إلى أن فقدان المقاتلين والقادة، هو أسلوب حياة هذه الجماعات، فخلال حرب مايو (أيار) 2021، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قضى على 25 من كبار قادة حماس، ومن المحتمل أن تكون هذه مبالغة، ولكن حتى لو لم تكن كذلك، فقد حل محلهم قادة آخرون، وتابعت "تسيطر حماس على مليوني شخص في غزة، وكل ما يتعين على حماس فعله هو تجنيد نسبة صغيرة من هؤلاء الرجال ويمكنها الاستمرار في تجديد صفوفها، سكان غزة شباب، أكثر من نصفهم تحت 18 عاماً، حماس لديها مجموعة جاهزة من المجندين".

مقالات مشابهة

  • ما أبرز خسائر إسرائيل الاقتصادية منذ بدء حرب غزة؟
  • غزة تنفض غبار الحرب
  • كيف نجت حماس من عام الحرب ضد إسرائيل؟
  • صحة غزة .. ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 47,035 شهيدا
  • هدايا حماس للرهينات الإسرائيليات.. ردود فعل غاضبة داخل الكيان المحتل
  • غزة تنفض عن نفسها رماد الإبادة الصهيونية بعد أن طالت كل مناحي الحياة
  • الموقفُ اليمني وتأثيراتُه على الكيان الصهيوني
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: الدور المصري في وقف العدوان على غزة
  • 350 عامًا على إعادة الإعمار غزة.. والتكلفة تقترب من 80 مليار دولار
  • خسائر مالية كبيرة تكبدتها إسرائيل بسبب العدوان على غزة