دينا جوني (أبوظبي) 
تستند العلاقات الوثيقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند إلى تاريخ طويل يتّسم بالحرص المشترك والمستمر على تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين، وتتجاوز هذه الشراكة الأبعاد السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، لتشمل أيضاً الأبعاد الثقافية والاجتماعية والحضارية والدينية، والتي يرسّخها وجود جالية هندية كبيرة في الإمارات، مشاركة بشكل فاعل في مختلف القطاعات.

 
وشهدت العلاقات الإماراتية - الهندية في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، تجلى في توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في فبراير 2022، والتي تضاف إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة المبرمة عام 2017. وقد شكلت هذه الاتفاقيات مرحلة متقدمة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تتجاوز الشراكات جوانب التنسيق السياسي والدبلوماسي والحوار الاستراتيجي، لتشمل أيضاً التعاون في ميادين الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والأمن والثقافة.

وتتجلى أهمية هذه الشراكة في حرص القيادتين على تعزيزها باستمرار، بما يخدم المصالح المشتركة، ويواكب تطلعات شعبي الإمارات والهند. كما أن نجاح نموذج العلاقات الإماراتية - الهندية لم يأتِ من قبيل الصدفة، بل هو نتاج لقناعة متبادلة بأهمية تعزيز هذه العلاقات ورفعها إلى مستويات أعلى، إلى جانب التقدير المتزايد من الهند لدولة الإمارات ولقيادتها الرشيدة، بما تجسده من نموذج رائد في التنمية والتسامح والتعايش.
وتُعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند خطوة تاريخية هامة لكلا البلدين، حيث توفر منصة استراتيجية لتحقيق نمو مستدام وطويل الأمد. تعزز الاتفاقية وصول المصدرين والصناعيين والمستثمرين إلى أسواق جديدة، وتدعم العلاقات التاريخية بين الإمارات والهند، مما يفتح أبواباً جديدة للتعاون الاقتصادي والثقافي. تُجسد هذه الاتفاقية تحالفاً قوياً يدعم النمو ويعمق الروابط بين الشعبين، ويخلق فرصاً غير محدودة للتعاون. وجاءت هذه الاتفاقية لتكريس الاعتراف بالعلاقات الثنائية المتينة التي تجمع بين البلدين على مدار خمسين عاماً، ولتعزيز ديناميكية التجارة والاستثمار في مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي، والطاقة، والعمل المناخي، والتقنيات الناشئة، والمهارات والتعليم، والأمن الغذائي، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والرعاية الصحية.

أخبار ذات صلة المتحدث باسم اليونيسيف في غزة لـ«الاتحاد»: دور حاسم للإمارات في تسريع حملة التطعيم ضد شلل الأطفال الإمارات: ملتزمون بالعمل مع الشركاء لتخفيف معاناة الشعب السوداني

منعطف 
وفي منتصف يوليو 2023، شهدت العلاقات بين الإمارات والهند مرحلة جديدة من التعاون الوثيق، تجسدت في زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الإمارات، وخلال الزيارة، بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون المشترك لدعم السلام والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى توسيع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. 
وأعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن تقديره للهند كقوة دولية مؤثرة وشريك أساسي في معالجة القضايا العالمية، فيما شدد مودي على حرصه على تعزيز العلاقات الإماراتية الهندية في مختلف المجالات، مشيراً إلى الإمكانات الكبيرة التي تتيح مزيداً من التطور.
«الممر الاقتصادي» جسر بين الشرق والغرب 
شهدت قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند، في الفترة من 9 إلى 10 سبتمبر 2023، الإعلان عن مبادرة «الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا»، الذي وُصِفَ بالجسر بين الشرق والغرب. 
ويأتي هذا الإعلان في توقيت مهم للهند والإمارات، اللتين تعززتا علاقاتهما التجارية من خلال توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في فبراير 2022.
وتعمل الإمارات والهند على تعزيز التعاون الثنائي من خلال إطلاق ممر للأمن الغذائي بقيمة 7 مليارات دولار، والذي تم توقيعه في 18 فبراير 2022 على هامش «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة» التي دخلت حيز التنفيذ في 1 مايو 2022، ويهدف هذا الممر إلى ربط المزارع الهندية مباشرة بالموانئ الإماراتية عبر جميع مراحل سلسلة إنتاج الغذاء، في خطوة استراتيجية تهدف إلى ضمان أمن الغذاء في الإمارات وزيادة قيمة الإنتاج الزراعي في الهند.
كما يعزز ممر الغذاء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، بما يتماشى مع التزامهما الراسخ بقضايا البيئة والاستدامة، ويتجلى هذا الالتزام في جهودهما المشتركة لتعزيز التوافق والتنمية المستدامة والإنتاج المشترك، بما يحقق أهدافهما المشتركة في هذه المجالات الحيوية.

المكاسب
تسعى الإمارات والهند إلى تحقيق المكاسب الاستراتيجية للتعاون بين الدولتين، في الوقت الذي تُعَدُّ فيه الفوائد التجارية والاقتصادية لمبادرة ممر الغذاء واضحة. ويتطلب إقامة ممر الغذاء تطوير البنى التحتية والشبكات اللوجستية ومنشآت التخزين، ويمثل هذا فرصاً لكلتا الدولتين لجذب الاستثمار في مجالات النقل وسلسلة خدمات التبريد اللوجستية والتصنيع الغذائي ومعامل التغليف، الأمر الذي سيقود إلى توفير فرص العمل والنمو الاقتصادي.
تطوير البرامج الأكاديمية والبحثية 
كما تعدّ العلاقات الإماراتية الهندية في مجال التعليم من العوامل الأساسية التي تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين من خلال تبادل المعرفة، وتطوير البرامج الأكاديمية والبحثية المشتركة، يسعى كلا البلدين إلى بناء جيل جديد من الطلاب القادرين على مواجهة تحديات المستقبل.
وتمثل هذه العلاقة جانباً مهماً من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وهي ترتكز على التبادل الأكاديمي، التعاون البحثي، وتطوير البرامج التعليمية المشتركة.
ووقعت العديد من الجامعات الإماراتية والهندية اتفاقيات تعاون لتبادل الأساتذة والطلاب، وتبادل المعرفة بينهما، هذه الاتفاقيات تشمل برامج مشتركة وتبادل الخبرات في مجالات مثل التكنولوجيا والعلوم.
وأسس عدد من المستثمرين والمؤسسات التعليمية الهندية مدارس وجامعات في الإمارات، ما يتيح للطلاب الهنود المقيمين في الإمارات فرصة الحصول على تعليم عالي الجودة وفقاً للمنهج الهندي، كما تم توقيع العديد من مذكرات التفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون في مجالات التعليم العالي، مثل تطوير البرامج البحثية والتدريبية المشتركة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات الهند الإمارات والهند التجارة الرعاية الصحية الأمن الغذائي الاستثمار اتفاقیة الشراکة الاقتصادیة الشاملة الاستراتیجیة بین البلدین الشراکة الاستراتیجیة العلاقات الإماراتیة الإمارات والهند فی الإمارات فی مجالات على تعزیز

إقرأ أيضاً:

إعلان سياسي مشترك لترفيع العلاقات بين مصر العربية والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية

في إطار علاقات الصداقة والأخوة التاريخية التي تجمع بين مصر والصومال قيادةً وحكومةً وشعبًا عبر آلاف السنين، وعلى ضوء التنامي المطرد والملموس الذي تشهده تلك العلاقات في شتى المجالات سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، وادراكًا من القيادتين السياسيتين لوحدة المصير وتلاقي مصالح وتطلعات الشعبين لمستقبل مزدهر وآمن، وأخذًا في الاعتبار التهديدات المشتركة للأمن والسلم في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر. 


تم الاتفاق على ترفيع العلاقات الثنائية بين جمهورية مصر العربية وجمهورية الصومال الفيدرالية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك بهدف مواصلة الارتقاء بعلاقات التعاون بما يساهم في تثبيت الأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للبلدين الشقيقين، وبما يصون مقدرات وسيادة ووحدة وسلامة أراضيهما. 
ويتضمن ترفيع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الإجراءات التالية:  
التشاور السياسي: 
إجراء مشاورات سياسية سنوية على المستوى الرئاسي بين البلدين لمتابعة تطورات مُجمل العلاقات الثنائية، والتوجيه بدفعها لفتح آفاق ومجالات جديدة من التعاون الثنائي بما يحقق الأهداف المشتركة. 
إجراء مشاورات سياسية نصف سنوية بين وزيري خارجيتي البلدين لمتابعة تنفيذ التوجيهات الرئاسية التي تهدف للارتقاء بالعلاقات الثنائية، ورفع تقاريرهما وتوصياتهما ذات الصلة إلى القيادتين السياسيتين، بما يُساهم في مواصلة بناء وتعزيز وتنمية العلاقات الثنائية في شتى المجالات. 
تشجيع الوزراء المعنيين بالمجالات المختلفة بالحكومتين على التشاور الدوري واستشراف سبل وإجراءات تعزيز التعاون في المجالات التي تقع في نطاق اختصاصهم.
تشكيل لجنة على مستوى كبار المسئولين بوزارتي خارجيتي البلدين لمتابعة تنفيذ نتائج المشاورات بين الجهات المختلفة للعرض على وزيري الخارجية، ورفع التوصيات لعناية رئيسي الجمهورية.-2-
 
التعاون العسكري والأمني: 
مواصلة قيام جمهورية مصر العربية بتقديم الدعم العسكري لجمهورية الصومال الفيدرالية بموجب بروتوكول التعاون العسكري الموقع في 14 أغسطس 2024، وذلك بهدف تمكين الصومال من محاربة الإرهاب والقضاء عليه بالاستفادة من إمكانات وخبرات مصر في هذا المجال.  
قيام وزارتي الدفاع بالبلدين ببحث سبل تعزيز العلاقات العسكرية بينهما خاصة في مجالي التدريب والتسليح، والعمل على تلبية احتياجات الجيش الوطني الصومالي في المجالات العسكرية المختلفة، مع التركيز على مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود البرية والبحرية. 
تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب من خلال التدريب المتخصص وتبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية بالبلدين، بما يساعد الصومال على الوصول إلى هدف القضاء على الإرهاب وبسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها. 
استمرار تعزيز علاقات التعاون بين وزارة الداخلية المصرية ووزارة الأمن الداخلي الصومالي في مجالات عملهما، ولاسيما فيما يتعلق بتعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون. 
التعليم والثقافة وبناء القدرات: 
تعزيز التعاون بين البلدين في بناء قدرات الجانب الصومالي في المجالات التعليمية المختلفة، سواء من خلال المنح الدراسية التي توفرها مصر للطلبة الصوماليين في الجامعات المصرية أو المنح التي يوفرها الأزهر الشريف للدراسة والتدريب المتخصص ونشر وتنمية استخدامات اللغة العربية في الصومال. 
تعزيز التعاون في بناء القدرات الصومالية في المجالات المختلفة ذات الأولوية للجانبين والتي تساهم في تنمية العلاقات بين شعبي البلدين، وتساهم أيضًا في تحقيق الرفاهية والتنمية المستدامة، ومنها مجالات العمل الدبلوماسي، والعمل البرلماني، والقضاء، والزراعة، والثقافة، والإعلام، والطب والصحة، وغيرها.
التعاون القضائي: 
نقل الخبرات المصرية إلى الجانب الصومالي من أجل إعادة تأهيل المنظومة القضائية بالبلاد، وتقديم الدعم القانوني والفني للكوادر الصومالي لاستكمال صياغة مشروع دستور جديد للبلاد، وإعداد مشروعات القوانين المكملة للدستور، وتدريب شباب البرلمانيين الصوماليين لتأهيلهم للمهام النيابية المختلفة. 
 
 
-3-
 
التعاون في مجال إدارة الانتخابات: 
تقديم الجهات المصرية المعنية للدعم القانوني والفني والإجرائي اللازم للجانب الصومالي لتمكينه من إجراء وإدارة الانتخابات وفقًا لرؤية وطنية صومالية. 
التعاون الاقتصادي: 
تكثيف العمل على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين مصر والصومال بحيث ترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية، وذلك من خلال رفع حجم التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المباشرة في المجالات ذات الأولوية، وعقد منتديات الأعمال وتبادل الزيارات والمشاركة في المعارض المتخصصة والفعاليات التجارية التي تستضيفها البلدان، والعمل على تذليل العقبات التي تحول دون تعزيز العلاقات الاقتصادية، بما في ذلك من خلال إبرام اتفاقيات ثنائية تهدف لزيادة معدلات التجارة والاستثمار بينهما. 
وفي هذا الصدد، تم تحديد القطاعات التالية ذات الأولوية للارتقاء بمجمل العلاقات الاقتصادية بين البلدين: 
1- الزراعة والثروة الحيوانية. 
2- الصيد والاستزراع السمكي. 
3- البناء والتشييد. 
4- النقل والمواصلات. 
5- الخدمات المالية والمصرفية. 
6- النفط والغاز، والطاقة الجديدة والمتجددة.

مقالات مشابهة

  • إعلان مشترك لترفيع العلاقات بين مصر والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية
  • إعلان سياسي مشترك لترفيع العلاقات بين مصر العربية والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية
  • الرئيس الصومالي: ترفيع العلاقات مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية
  • الرئيس السيسي: ترفيع العلاقات الثنائية بين مصر والصومال إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية
  • مصر والصومال توقعان على الإعلان السياسي لترفيع العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية
  • عبدالله بن زايد يهنئ هاتفياً وزير الخارجية الأميركي ويبحثان تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين
  • المشاط: تطوير الشراكة الاقتصادية مع سويسرا تعكس أولويات التنمية في البلدين
  • غباش ورئيس مجلس الدولة العُماني يؤكدان شراكة البلدين الاستراتيجية
  • شراكة استراتيجية بين «أدنوك للغاز» و«مياه وكهرباء الإمارات»
  • شراكة استراتيجية طويلة الأمد لدعم قطاع الطاقة في الإمارات