صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-09@00:52:28 GMT

ما معنى الأمان في مناطق سيطرة الجيش؟

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

ما معنى الأمان في مناطق سيطرة الجيش؟

 

ما معنى الأمان في مناطق سيطرة الجيش؟

رشا عوض

المواطن في هذه الحرب لم يجد حماية لا من الجيش ولا من الدعم السريع بل كانت اجساد السودانيين والسودانيات واموالهم واعراضهم ساحة لقتال متوحش واعمى تماما عن مجرد رؤية المواطنين المسحوقين تحت وطأة حرب السلطة والغنائم هذه.
اما عقول السودانيين فأصبحت ساحة لمعركة من نوع أخطر! أي معركة تزييف الوعي عبر التضليل والتجهيل المنظم والمثابر الذي تقوده الآلة الاعلامية الكيزانية لخدمة هدف مركزي استراتيجي هو تحويل هذه الحرب القذرة الى رافعة سياسية للجيش ( وما الجيش الا حصان طروادة الذي يختبئ بداخله الاخطبوط الامني العسكري الكيزاني)، ولذلك يثابر اعلام الكيزان على تلميع حصان طروادة هذا ويجتهدون في تسويقه لان تنظيمهم بات عصيا على التسويق! بضاعة بائرة منتهية الصلاحية لا يشتريها الناس إلا إذا تم تغليفها وكتب في ديباجتها اسم مختلف وتاريخ انتاج مزور!
وفي هذا السياق تأتي حكاية ان المواطن في رحلة نزوحه يقصد مناطق سيطرة الجيش لانه يجد فيها الحماية والحياة الطبيعية، ولهذا السبب يجب ابتلاع سردية ان الجيش يمثل الدولة وشرعيتها وان مساندته واجبا وطنيا وان اعادة الامور الى نصابها في السودان تتحقق عبر استئصال الدعم السريع من الوجود ورفع التمام للجيش وتتويجه وصيا شرعيا على البلاد في الظاهر ليحكم الكيزان من الباطن لوقت وجيز ثم يخرجون الى العلن لتدشين حقبة انقاذية جديدة!
هذا منطق مختل للأسباب التالية:
أولا: المواطن يهرب من مناطق الحرب الى المناطق التي ليس فيها حرب، اي انه يفر بحثا عن السلام وليس بحثا عن الجيش!
قبل اندلاع الحرب كانت قوات الدعم السريع منتشرة في الخرطوم وامدرمان وبحري بعشرات الالاف، وكان الناس في بيوتهم وحياتهم الطبيعية رغم وجود هذه القوات، الذي قلب حياة المواطن رأسا على عقب هو في المقام الاول واقع الحرب، ثم تأتي في المرتبة الثانية انتهاكات الدعم السريع البشعة التي كانت سببا إضافيا في تشريد اعداد كبيرة من المواطنين، ومثلما تشرد مواطنون بسبب انتهاكات الدعم السريع تشرد آخرون بسبب الحرب في حد ذاتها(رصاص ودانات وقصف طيران وانعدام الغذاء والخدمات الاساسية من ماء وكهرباء ومواصلات) وهؤلاء هم الاكثرية، هذا ليس تقليلا من حجم الانتهاكات، ولكن الواقع يقول ان العدو الأكبر للسودانيين والمنبع الرئيس لمعاناتهم هو الحرب في حد ذاتها لأنها هي السبب الاساسي في طردهم من ديارهم، ابواق الحرب يغالطون في هذه البداهة! ويحاولون حشر الناس بالإرهاب والبلطجة الاعلامية في مغالطة مفادها ان الحرب في حد ذاتها ليست مشكلة وايقافها ليس حلا بل خيانة عظمى! المشكلة الوحيدة هي انتهاكات الدعم السريع التي بسببها يجب ان تستمر الحرب! يعني باختصار حسب هذا المنطق العجيب فان اعداء الشعب هم معسكر السلام الذي يدعو لتجفيف منبع الانتهاكات وهو الحرب! اما اصدقاء الشعب فهم دعاة استمرار الحرب مائة عام وتبعا لذلك مفاقمة ومضاعفة الانتهاكات واستمرارها لمائة عام!!
ثانيا: حماية الجيش للمواطنين من انتهاكات الدعم السريع تستوجب منع قوات الدعم السريع بالقوة العسكرية من الوصول الى المدن والقرى الامنة واستهلاك طاقة هذه القوات في الكمائن والاشتباكات قبل ان تصل اي مدينة، وان وصلت تجد من يتصدى لها ببسالة حتى يردها على عقبيها مهزومة’ في هذه الحالة فقط يجوز لنا الحديث عن حماية الجيش للمواطنين ولكن هل هذا ما حدث؟ ابدا! مدني وسنجة وسنار وجبل موية والسوكي والدندر على سبيل المثال لا الحصر، كانت امنة عندما اشتعلت الحرب في الخرطوم! بمجرد زحف الدعم السريع اليها فقدت الامان لسببين هما: الدعم السريع الذي هاجمها ومارس فيها الانتهاكات، وبسبب تقصير الجيش في واجب الحماية وفشله في منع وصول الدعم السريع الى المدن او على الاقل ارهاقه بالقتال خارجها حتى ينشغل بالحرب عن السلب والنهب والانتهاكات! خصوصا ان السودان ارض شاسعة والمدن ليست متلاصقة بل تبعد عن بعضها مئات الكيلومترات فكيف تقطع هذه القوات كل هذه المسافات دون ان يعترضها احد؟!
المواطن يحتاج الى حماية الجيش في حالة وجود الحرب، وهي الحالة التي فيها يتم اختبار سيطرة الجيش! وفي كل مدينة وصلها الدعم السريع لم يحمي الجيش احدا! ولم تصمد سيطرته بل فقدها في زمن قياسي! وهذا معناه ان شرط الامان في مناطق سيطرة الجيش هو انعدام أي مهددات لذاك الامان، او أي تحديات لتلك السيطرة! وعادة الدول تبني الجيوش وتنفق عليها لمواجهة المهددات والتحديات! وظيفة الجيش هي التصدي للظروف غير الطبيعية وعندما يفشل في ذلك يكون فقد جدواه!
الابواق الكيزانية تريد حبس الرأي العام في ان نكبة المواطن لها سبب واحد فقط هو الدعم السريع، وبالإرهاب والبلطجة الاسفيرية تمنع الحديث عن تقصير الجيش، والمنع وتكميم الافواه الناقدة للجيش يقتصر فقط على القوى المدنية الديمقراطية، ولكن للمفارقة نجد العاهات الاسفيرية التابعة للغرف الكيزانية تتهم قائد الجيش بالخيانة وبيع المعارك للدعم السريع والتآمر على المستنفرين بحرمانهم من السلاح! وتسخر من قلة كفاءة الجيش وتراجعاته! تفعل ذلك تمهيدا لتصفية ما تبقى في الجيش من جيوب غير كيزانية! ولإعلاء شأن المليشيات الكيزانية مثل البراء ابن مالك حتى تكون الوريث الشرعي للجنجويد لو انتهت الحرب بانتصارهم كما يحلمون! فهل يمكن ان ينتصر قوم هذا حالهم!!
ولكن التضليل والاستهبال لا يتوقف عند هذا الحد، أي عند التستر على فشل الجيش وتقصيره! بل إمعانا في الكذب والاحتيال يتم تحويل كل هذه الخيبات والتراجعات الى رصيد سياسي مجاني للجيش تحت ادعاء انه حامي الحمى والمواطن يلجأ الى مناطقه والقفز من هذا (الطلس) الى النتيجة المطبوخة وهي تحويل الحرب الى رافعة سياسية لحكم عسكركيزاني مجددا!
ثالثا: نقد الجيش وتفنيد سرديات مناصريه لا يعني على الاطلاق الدفاع عن الدعم السريع او تبرير انتهاكاته او تسويقه كبديل سياسي ليرث امبراطورية الجيش والكيزان، الوعي الذي يجب استخلاصه من هذه الحرب هو ان اهم جذر من جذور الأزمة الوطنية في السودان هو المؤسسة الأمنية العسكرية بكل فروعها: جيش، دعم سريع، جهاز امن ، شرطة.

هذه مؤسسة معطوبة ومختلة بنيويا وهيكليا وتحتاج الى إعادة بناء وتأهيل فني واخلاقي. وبالتالي يجب ان تكون هذه الحرب المدمرة رافعة للوعي الديمقراطي ولرايات الحكم الراشد في ظل دولة مدنية لا رافعة لاي اوهام او مفاضلات ومقارنات سطحية وساذجة بين طرفيها.
الحقيقة التي تمد لسانها للجميع هي ان الشعب السوداني الذي انفقت جل موارده الاقتصادية على الامن والدفاع يعيش فاقدا للامن ولم يجد من يدافع عنه! مسحوق تحت وطأة حرب بين طرفين: الدعم السريع الذي شرده ونهبه ومارس ضده انتهاكات فظيعة، والجيش الذي فر هاربا ولم يدافع عنه وفي مناطق سيطرته ارتكب انتهاكات وفي مناطق سيطرة الدعم السريع قصف المواطنين المدنيين بالطيران.

الوسومالجيش السوداني الدعم السريع المناطق الآمنة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع المناطق الآمنة

إقرأ أيضاً:

تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان» .. شقيق «حميدتي» تحدّث مجدداً عن غارات جوية ضد «الدعم السريع»

القاهرة: الشرق الأوسط: تجاهلت مصر «مزاعم جديدة» ردّدها نائب قائد «قوات الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو (شقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي»)، ادّعى فيها أن «طائرات مصرية شنت غارات جوية خلال حرب السودان»، وقال مصدر مصري مسؤول، السبت، إن «القاهرة لن تعلّق على حديث دقلو»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «(الخارجية المصرية) سبق أن نفت مزاعم مماثلة تحدّث بها قائد (الدعم السريع) العام الماضي».

ومع اقتراب عامَيْن على الحرب الداخلية في السودان، حقّق الجيش السوداني تقدماً ميدانياً أخيراً، بإعلانه تحرير العاصمة الخرطوم كاملة من قبضة «الدعم السريع» التي كانت تسيطر عليها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وفي تصعيد جديد من «الدعم السريع» ضد مصر، زعم شقيق «حميدتي» تدخل القاهرة في الحرب السودانية، و«شن الطيران المصري غارات جوية على سودانيين ومدنيين».

وظهر عبد الرحيم، في مقطع مصوّر، السبت، وسط أنصاره في دارفور (غرب السودان)، يتحدّث عن «لقاء جمعه بمدير المخابرات المصرية السابق، عباس كامل، في وقت سابق في أثناء توليه المسؤولية، عرض فيه رؤية للحكومة المصرية لوقف الحرب»، وزعم عبد الرحيم أنه «رفض التوقيع على الشروط التي تضمنتها تلك الرؤية»، لافتاً إلى أن «القاهرة تريد اتفاق سلام بتصور جاهز للتوقيع».

وفي القاهرة، قال المصدر المصري المسؤول إن «بلاده لن تعلّق على هذه المزاعم»، مشيراً إلى أن «مصر تؤكد دائماً ضرورة وقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتدعم جهود الإغاثة الإنسانية للمتضررين منها».

وهذه ليست المرة الأولى التي تزعم فيها «الدعم السريع» شن القاهرة غارات جوية في السودان؛ إذ ادّعى «حميدتي» خلال مقطع فيديو مسجل، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «قصف طائرات مصرية قواته»، إلى جانب «دعم الحكومة المصرية للجيش السوداني بطائرات مسيّرة».

غير أن وزارة الخارجية المصرية نفت تلك المزاعم، داعيةً في إفادة وقتها «المجتمع الدولي، إلى الوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا (الدعم السريع)»، ومؤكدة أن «الاتهامات تأتي في وقت تبذل فيه القاهرة جهوداً مكثفة لوقف الحرب، وحماية المدنيين».

ودعا عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، إلى «تجاهل تصريحات نائب (الدعم السريع) وعدم منحها أهمية»، وقال إن «حديث عبد الرحيم يأتي في وقت تواجه فيه (الدعم السريع) حالة ضعف بسبب خسائرها الأخيرة»، مشيراً إلى أن ترديد هذه «الادعاءات تؤكد ضعف موقف قواته في الحرب الداخلية».

ويعتقد حليمة أن «قوات (الدعم السريع) تواجه حالة ارتباك كبيرة خلال الفترة الحالية، بسبب تراجعها ميدانياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث عبد الرحيم دقلو عن رفض الرؤية المصرية للسلام، يؤكّد تناقض مواقفه، ويعكس رفض (الميليشيا) لأي حلول للسلام، وتحمّلها مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين في السودان».

بينما يرى سفير مصر السابق لدى السودان، حسام عيسى، أن تصريحات شقيق «حميدتي» عن مصر «تأتي لتبرير هزائمه المتتالية في السودان، كونها تخرج دون أي أدلة على تلك المزاعم»، لافتاً إلى أنه «سلوك معتاد من قيادة (الدعم السريع) مع كل هزيمة لهم، كما فعل من قِبل (حميدتي) بعد هزيمته في جبل (مويه) بولاية سنار (جنوب شرقي السودان)».

وحسب عيسى فإن «قيادة (الدعم السريع) فقدت مصداقيتها لدى عناصرها وداعميها في الخارج، خصوصاً بعد حديث (حميدتي) أنه لن يترك القصر الجمهوري في الخرطوم، وبعدها بأيام، استطاع الجيش السوداني استعادته، ضمن مرافق حيوية أخرى في العاصمة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيا تعرّضت لانتقادات دولية متعددة أخيراً، ومنها الأمم المتحدة، بشأن جرائمها بحق المدنيين، إذ إن معظم النازحين في الحرب من المناطق التي كانت تسيطر عليها».

ودفعت الحرب الداخلية في السودان نحو 13 مليون سوداني إلى الفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة، من بينهم مليون و200 ألف شخص اتجهوا إلى مصر، وفق تقديرات رسمية.

   

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يحكم سيطرته على منطقة مهمة في النيل الأزرق ويكبد الدعم السريع خسائر كبيرة
  • مقتل قائد الدعم السريع قطاع غرب أم درمان وأكبر مجمع سكني في قبضة الجيش
  • الصحة تتهم الدعم السريع بالتخريب المتعمد للمستشفيات في السودان
  • الجيش السوداني يستعيد معسكرين وقسم شرطة بعد معارك شرسة مع الدعم السريع 
  • الجيش السوداني ينفذ عملية عسكرية ضخمة غرب ام درمان ويطوق قوات الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان
  •  الجيش السوداني يواصل تقدمه ضد الدعم السريع والمدنيين يعانون
  • آخر تطورات المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • الجيش السوداني: مرتزقة من اليمن ودول أخرى يقاتلون مع الدعم السريع!
  • تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان» .. شقيق «حميدتي» تحدّث مجدداً عن غارات جوية ضد «الدعم السريع»