انقسام سوداني حول نشر قوة أممية لحماية المدنيين
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
الخرطوم- أثارت توصية بعثة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان بنشر قوة دولية لحماية المدنيين انقساما، فبينما اعتبرتها الحكومة "زوبعة في فنجان"، قال الدعم السريع إنها تمهد لحكومتين، في حين رأى خبراء ثمة تعقيدات بمجلس الأمن ومشكلات عملية قد تعوق الخطوة.
وفي أول تقرير لها منذ تأسيسها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت البعثة، الجمعة الماضي، إن طرفي الصراع ارتكبا "انتهاكات حقوقية مروعة قد ترقى إلى جرائم حرب"، داعية السلطات السودانية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت أن "الدعم السريع شن هجمات بدوافع عرقية في إقليم دارفور، وطرفي القتال مارسا الاعتقالات التعسفية والتعذيب والعنف الجنسي، إلى جانب الهجمات العشوائية والغارات الجوية والقصف ضد المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات الاتصالات وإمدادات المياه والكهرباء".
زوبعة في فنجانوطالبت البعثة الجيش السوداني والدعم السريع بوقف الهجمات ضد المدنيين على الفور دون قيد أو شرط، وأوصت بنشر قوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين.
كما شددت -في تقريرها- على ضرورة "توسيع حظر الأسلحة الحالي في دارفور وفقا لقرار مجلس الأمن لعام 2004 والقرارات اللاحقة، ليشمل جميع مناطق السودان، بهدف وقف إمداد الأطراف المتنازعة بالأسلحة والذخيرة وأي دعم لوجستي أو مالي، ومنع تزايد التصعيد".
من جانبه، يصف وزير الخارجية السوداني حسين عوض تقرير البعثة الأممية بأنه "زوبعة في فنجان" وأن له أهدافا سياسية. وقال -لقناة الجزيرة مباشر- إن التقرير "جزء مما تقوم به الدول الغربية للتغطية السياسية لمن يمد متمردي الدعم السريع بالأسلحة".
وبرأيه، فإن دعوة البعثة لتطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بحظر الأسلحة في دارفور على كافة أنحاء السودان ما هي إلا "ذريعة لمصالح الدول الغربية"، معتبرا أنها تهدف إلى "تلميع صورة الدول التي تدعم التمرد".
وأضاف وزير الخارجية السوداني أن مشروع القرار المقدم في مجلس الأمن بشأن تدفق المساعدات وحماية المدنيين هو "مجرد كلمة حق يُراد بها باطل"، وطالب بإدانة الدعم السريع جراء "إعاقته وصول المساعدات الإنسانية التي تم إدخالها عبر المنافذ التي فتحتها الحكومة السودانية".
تحدياتفي المقابل، أفاد مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، بأن توصية بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة محايدة لحماية المدنيين "تمثل استجابة طبيعية لتصلب الجيش ورفضه الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فضلا عن تصعيده المتواصل واستهدافه للمدنيين".
وأشار طبيق، في تغريدة على منصة إكس، إلى أن "الوضع الراهن يستلزم تدخلا دوليا لضمان سلامة المواطنين"، وأكد أن "نشر القوة المحايدة قد يسهم في إحداث تغيير جذري في المشهد السياسي في السودان، وقد يؤدي إلى ظهور واقع جديد قد ينتهي بوجود حكومتين في البلاد".
من جهته، يرى الخبير القانوني ووكيل وزارة العدل الأسبق أحمد المفتي أن حظر الأسلحة ونشر قوة لحماية المدنيين، ليسا من سلطات بعثة تقصي الحقائق.
ووفقا له، فإن ما طالبت به البعثة هو "مجرد توصية غير ملزمة لأن الأمر من سلطات مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وأن إقرار الخطوة يتوقف على موقف روسيا والصين اللتين لهما مصالح مع السودان، كما تتمسكان بعدم التدخل في شؤون الدول وتناهضان القطبية الأحادية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على الساحة الدولية".
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح المفتي أنه سبق أن نشرت الأمم المتحدة نحو 30 ألفا من القوات العسكرية في إقليم دارفور في عام 2007، بموجب الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة، ولكن "لم يشعر أحد بتأثيرها لضعفها لدرجة كانت تطلب من الجيش السوداني حمايتها من الحركات المتمردة رغم أن مهمتها كانت حماية المدنيين".
ويرجح الخبير القانوني فشل أي قوة تُنشر في السودان لأن الوضع العسكري -برأيه- معقد وتشترك فيه قوات يبلغ تعدادها مئات الآلاف، ويجري القتال في مناطق واسعة ولا يقتصر على دارفور كما كان الوضع سابقا، ومجرد نشرها قد يكون شبه مستحيل في ظل الأوضاع الحالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لحمایة المدنیین الدعم السریع مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
هجرة جماعية من عدة قرى حول الفاشر بعد تصاعد هجمات الدعم السريع
أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الثلاثاء، عن نزوح 3960 أسرة من قرى مختلفة حول مدينة الفاشر غربي السودان خلال الـ3 أيام الماضية، جراء زيادة هجمات قوات "الدعم السريع".
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة في بيان الثلاثاء، بأن "3960 أسرة نزحت من قرى في الفاشر بولاية شمال دارفور خلال الفترة بين 25 إلى 27 كانون الثاني/ يناير الجاري".
وأضافت: "حدث النزوح بسبب زيادة الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع في جميع أنحاء الفاشر، يومي الجمعة والسبت الماضيين".
وقالت إن الأسر "نزحت من قرى شقرة، كويم، جوكي وترتورة سنابو (غرب الفاشر) إلى مواقع أخرى داخل المدينة".
وخلال الأيام القليلة الماضية، كثفت "الدعم السريع" من هجماتها على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي يسيطر عليها الجيش السوداني.
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وفي السياق، قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كلمنتين نكويتا سلامي، إنه "بعد مرور ما يقرب عامين من الصراع في السودان، لاتزال الأزمة الإنسانية في البلاد تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وخفض التصعيد، والوصول غير المقيد للمساعدات والتمويل الدولي الفوري".
وأضافت سلامي: "تسعى خطتنا الإنسانية لعام 2025 إلى توفير 4.2 مليار دولار لمساعدة 21 مليون شخص محتاج".
والسبت، اتهمت وزارة الخارجية السودانية قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة، طالت المرضى بالمستشفى السعودي بالفاشر، وراح ضحيتها أكثر من 70 من المدنيين الذين يتلقون العلاج ومعظمهم من النساء والأطفال.
وقالت الوزارة في بيان، إن ارتكاب هذه المجزرة "يأتي لعدم خشية المليشيا من العقاب، وهو أحد نتائج التراخي الدولي تجاه المليشيا ورعاتها، وعجز مجلس الأمن عن متابعة تنفيذ قراره 2736 (2024)، وإلزام المليشيا بتنفيذ إعلان جدة مايو 2023، مطالبة المؤسسات الشرعية والعدالة الدولية بمحاسبة رعاة المليشيا باعتبارها شريكا كاملا للمليشيا في إرهابها وجرائمها".
وأضافت أن "هذه الجريمة البشعة تجسيد جديد لاستراتيجية الإبادة الجماعية التي تنفذها المليشيا ضد الشعب السوداني".
ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.