الاقتصاد نيوز - متابعة

قد تصبح المحطات النووية أصغر وأبسط وأسهل في البناء في المستقبل، وهو ما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في مصدر الطاقة الذي يُنظَر إليه على نحو متزايد باعتباره بالغ الأهمية للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري.

وتتعهد التصميمات الجديدة التي تسمى المفاعلات المعيارية الصغيرة، أو SMR باختصار، بتسريع نشر محطات جديدة مع ارتفاع الطلب على الكهرباء النظيفة من الذكاء الاصطناعي والتصنيع والمركبات الكهربائية.

وفي الوقت نفسه، تبتعد شركات المرافق في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية عن محطات الفحم كجزء من التحول في مجال الطاقة، مما يثير المخاوف بشأن فجوة إمدادات الكهرباء الوشيكة. ويُنظَر إلى الطاقة النووية باعتبارها حلاً محتملاً لأنها مصدر الطاقة المتاح الأكثر موثوقية ولا تتسبب في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحسب شبكة CNBC.

يعد بناء محطات نووية كبيرة مكلفاً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً. ففي جورجيا، بنت شركة Southern Co أول مفاعل نووي جديد منذ عقود، لكن المشروع انتهى متأخراً سبع سنوات عن الموعد المحدد بتكلفة تجاوزت 30 مليار دولار.

تمثل المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية، بسعة طاقة تبلغ 300 ميغاواط أو أقل، حوالي ثلث حجم المفاعلات المتوسطة في أسطول المفاعلات الأميركي الحالي. الهدف هو بناؤها من خلال عملية مشابهة لخطوط التجميع، مع خروج المحطات من المصانع على هيئة قطع يتم تجميعها بعد ذلك في موقع المفاعل.

قال كبير مسؤولي الطاقة النووية في معهد الطاقة النووية بالولايات المتحدة، دوج ترو، لشبكة CNBC: "إنها (المفاعلات الصغيرة) أصغر حجماً من منظور رأس المال. إنها مناسبة تماماً لأشياء مثل استبدال محطة فحم متقاعدة، لأن حجم محطات الفحم عادة ما يكون أكبر من مساحة تصميم المفاعلات المعيارية الصغيرة".

تحدي بناء أول مفاعل صغير في الولايات المتحدة

التحدي هو بناء أول مفاعل معياري صغير في الولايات المتحدة. فوفقاً لوكالة الطاقة النووية، هناك ثلاثة مفاعلات نووية صغيرة فقط تعمل في العالم. اثنان في الصين وروسيا، الخصمان الجيوسياسيان المركزيان للولايات المتحدة. كما يوجد مفاعل اختباري يعمل في اليابان.

يتفق المسؤولون التنفيذيون في الصناعة النووية عموماً على أن المفاعلات الصغيرة المعيارية لن تصل إلى مرحلة تجارية حتى ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين. تم إلغاء جهد طموح من شركة NuScale لنشر المفاعلات النووية المعيارية في موقع بولاية أيداهو العام الماضي، حيث ارتفعت تكلفة المشروع من خمسة مليارات دولار إلى 9 مليارات بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

وقال رئيس العمليات النووية في شركة Dominion Energy، إريك كار: "إن التحدي الأكبر لتسويق التكنولوجيا (المحطات النووية الصغيرة) الآن هو إدارة تكاليف مشروع فريد من نوعه".

وأضاف كار لشبكة CNBC: "لا أحد يريد أن يكون الأول، لكن بمجرد أن يبدأ شخص ما، سيكون مصدراً رائعاً وموثوقاً للطاقة لشبكة الأمة بأكملها".

دراسة مشروع محتمل بفيرجينيا

تقوم شركة Dominion Energy حالياً بتقييم ما إذا كان من المنطقي بناء مفاعل نووي معياري صغير في محطة نورث آنا النووية في مقاطعة لويزا بولاية فيرجينيا، شمال غرب ريتشموند. تشمل منطقة خدمة المرافق أكبر سوق لمراكز البيانات في العالم في مقاطعة لودون، على بعد أقل من 100 ميل شمال المحطة المحتملة.

من المتوقع أن يرتفع الطلب على الكهرباء من مستودعات خوادم الكمبيوتر لأن الذكاء الاصطناعي يستهلك المزيد من الطاقة. في حالة Dominion Energy، من المتوقع أن يتضاعف الطلب الأقصى على الطاقة من مراكز البيانات إلى أكثر من 6.4 جيجاواط بحلول عام 2030 ويتضاعف أربع مرات إلى 13.4 جيجاواط في عام 2038.

طلبت Dominion Energy من شركات تكنولوجيا المفاعلات النووية الصغيرة في يوليو/ تموز تقديم مقترحات لتقييم جدوى تطوير مفاعل صغير في نورث آنا. قال كار إن الاهتمام بعملية الاقتراح كان مرتفعاً. وذكر أن الشركة تعمل حالياً مع البائعين المحتملين للتأكد من فهمهم لاحتياجاتها ومعرفة التكنولوجيا التي قد تكون مناسبة.

وأضاف: "في حالتنا الخاصة في Dominion Energy، لدينا واجب تجاه مساهمينا للقيام بالشيء الصحيح، ولدينا أيضا ًواجب تجاه عملائنا للتأكد من أننا قادرون على تلبية طلب هذا النمو، ولكن يتعين علينا الموازنة بين هاتين المصلحتين". 

على الرغم من أن Dominion Energy لم تلتزم ببناء مفاعل نووي صغير حتى الآن، فإن أحد سيناريوهات التخطيط يتصور تطوير ستة مفاعلات من هذا النوع بدءاً من عام 2034.

أظهرت شركات التكنولوجيا التي تقود طفرة مراكز البيانات أيضاً اهتماماً متزايداً بالطاقة النووية بسبب موثوقيتها ودورها في مكافحة تغير المناخ. قال كار إن Dominion Energy تجري مناقشات مع بعض العملاء حول التعاون المحتمل من أجل دفع عملية بناء المفاعلات النووية الصغيرة إلى أرض الواقع.

وقال كار: "نجري بعض المناقشات مع بائعي التكنولوجيا بالإضافة إلى العملاء الكبار الذين يأتون ويقولون: كيف يمكن أن يبدو هذا إذا عملنا جميعاً معاً؟".

مخططات Holtec International

تحاول Holtec International، وهي شركة تكنولوجيا نووية مملوكة للقطاع الخاص، إيجاد مسار للمضي قدماً في الصناعة على جبهتين. وتعمل الشركة حالياً على إعادة تشغيل محطة Palisades النووية في ميشيغان، والتي ستكون المرة الأولى التي تعود فيها محطة توقفت عن العمل إلى التشغيل.

وتخطط الشركة أيضاً لتركيب مفاعلين صغيرين في Palisades في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، وهو ما من شأنه أن يضاعف تقريباً سعة الطاقة في المحطة. وقال رئيس شركة Holtec International، كيلي ترايس، إن ست شركات مرافق على الأقل مهتمة بالمشاركة في إعادة تشغيل Palisades وبناء المفاعلات الصغيرة.

وقال ترايس لشبكة CNBC: "إذا شاركوا، فيمكنهم تعلم كل هذه الدروس المؤلمة دون الحاجة إلى دفع ثمنها". "وبعد ذلك، عندما يتم بناء المحطة في موقعهم، يكون ذلك المفاعل الثاني أو الثالث أو الرابع - والذي يصبح عادة أقل تكلفة بمجرد تعلم كل دروسك".

وذكر ترايس أنه بمجرد بناء أول مفاعل نووي صغير في Palisades، تخطط Holtec لبناء دفتر طلبات "لتصنيع المكونات بشكل مستمر من أجل القيام بذلك لأي محطة مطلوبة".

يتمثل تصميم مفاعل Holtec الصغير في مفاعل ماء مضغوط، وهو نفس التكنولوجيا المستخدمة في معظم المحطات العاملة حالياً في المفاعلات الأميركية. "ولكن مع بعض ميزات السلامة الراقية التي لا تتطلب تدخلاً بشرياً، ونتيجة لذلك فهي أسهل في التشغيل، وأقل في عدد الأشخاص المطلوبين، وأسهل في الصيانة"، بحسب ما قاله تريس.

وأضاف: "كما أنها قابلة للتكرار. هدفنا هو أن تكون كل المفاعلات الصغيرة متماثلة بشكل أساسي".

Constellation Energy

تستكشف شركة Constellation Energy، أكبر مشغل لمحطات الطاقة النووية في الولايات المتحدة، أيضاً إمكانية بناء مفاعل صغير في إحدى منشآتها.

الاتجاه السائد في الصناعة هو ترقية المحطات الحالية بمفاعلات صغيرة جزئياً لأن المجتمعات مفتوحة بالفعل للطاقة النووية. وقالت كبيرة مسؤولي الاستراتيجية في Constellation، كاثلين بارون، إن الأرض والمياه والاتصال بالشبكة والبصمة الأمنية اللازمة متاحة بالفعل أيضاً.

وقالت بارون إن الفكرة هي العمل مع العميل المهتم بالتعاقد في إحدى محطات Constellation الحالية للطاقة اليوم، ثم العمل معهم لاستخدام المنشأة "لاستضافة مفاعل صغير لتوفير طاقة نظيفة أكبر لهذا العميل في المستقبل".

وأضافت: "لن يحدث هذا إلا إذا كانت هناك سياسة داعمة من الدولة تشبه ما فعلته الولايات مع طاقة الرياح البحرية وكان هناك عملاء مهتمون بشراء الطاقة من تلك المحطات".

وقال كار من Dominion إن التحول في مجال الطاقة في الوقت الحالي سيتطلب نهجاً شاملاً مع عمل الغاز الطبيعي كجسر نحو طاقة أنظف إلى جانب التخلص التدريجي من الفحم - حتى يتم تشغيل التكنولوجيا التالية.

وأضاف: "قد تكون المفاعلات الصغيرة هي التكنولوجيا التالية".

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المفاعلات الصغیرة الولایات المتحدة الطاقة النوویة النوویة فی مفاعل نووی أول مفاعل صغیر فی

إقرأ أيضاً:

واشنطن تخشى احتمالية شن روسيا هجمات على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا

واشنطن، صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك ساليفان، السبت،عن قلق الولايات المتحدة من احتمال شن روسيا هجمات على المنشآت النووية الأوكرانية، مؤكدًا أن واشنطن تسعى لمساعدة كييف في حماية هذه المنشآت الحيوية.

خلال مشاركته عبر الفيديو في منتدى يالطا للاستراتيجية الأوروبية المنعقد في كييف، أشار ساليفان إلى السلوك الروسي السابق قائلًا: "لقد أظهر الروس قسوة بالغة في هجماتهم على البنى التحتية المدنية للطاقة وقد سبق لهم استهداف محطات الطاقة النووية الأوكرانية، وأعتقد أن هذا السيناريو قد يتكرر".

واشنطن تخشى احتمالية شن روسيا هجمات على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا ضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية

منذ بداية الحرب، أبدى الحلفاء الغربيون لأوكرانيا حذرًا في توسيع نطاق مساعداتهم، خشية الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تدرسان حاليًا إمكانية تلبية أحد أهم مطالب كييف، وهو السماح لها باستخدام أسلحة ذات مدى أطول لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، هذا التطور قد يشكل تحولًا مهمًا في استراتيجية الدعم الغربي لأوكرانيا.

ستارمر يتعرض لضغوط لدعم أوكرانيا في تنفيذ هجمات داخل الأراضي الروسية ‏أمين عام حلف الناتو: إنهاء الحرب في أوكرانيا لن يتحقق إلا على طاولة المفاوضات أوكرانيا تستخدم صواريخ غريبة بعيدة المدى

في تصريحات حديثة، أكد كيريلو بودانوف، مدير الاستخبارات الأوكرانية، أن استخدام أوكرانيا لصواريخ غربية بعيدة المدى لن يؤدي إلى تصعيد الصراع قائلًا: "لن يكون هناك تصعيد، ولا شيء من شأنه أن يجعل الوضع أسوأ".

وتوقع بودانوف أن تسعى روسيا لإنهاء الحرب قبل عام 2026، مشيرًا إلى التحديات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية والحاجة إلى تجنيد المزيد من القوات، مشددًا على عزم أوكرانيا مواصلة القتال، مؤكدًا: "نحن نقاتل من أجل أرضنا، وليس لدينا خيار آخر".

واشنطن تخشى احتمالية شن روسيا هجمات على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا روسيا قادرة على تدمير كييف

في المقابل، صرح دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بأن روسيا قادرة على تدمير كييف بأسلحة غير نووية ردًا على استخدام أوكرانيا لصواريخ غربية بعيدة المدى. 

وأضاف أن روسيا تمتلك بالفعل أسسًا قانونية لاستخدام الأسلحة النووية بعد توغل أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية، لكنها قد تلجأ بدلًا من ذلك إلى أسلحة متطورة تقنيًا.

كوريا الشمالية تدعم روسيا.. وأوكرانيا تواجه "مشكلة كبيرة" عاجل| الناتو طرفًا مباشرًا في الصراع ضد قوة نووية.. روسيا تحذر "عواقب وخيمة"

وانتقد ميدفيديف عبر منصة "تليجرام" قادة الغرب، متسائلًا عن توقعاتهم لرد فعل روسيا على الضربات الصاروخية المحتملة في عمق أراضيها، واتهمهم بالاعتقاد الخاطئ بأن تهديدات روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل هي مجرد كلام فارغ، مؤكدًا أن هذا التصور خاطئ.

هذه التصريحات تعكس حدة التوتر المتصاعد بين الأطراف المتنازعة والمخاوف من تصعيد محتمل للصراع.

مقالات مشابهة

  • شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة
  • السعودية تشرع بناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية .. ما القصة؟
  • عبدالعزيز بن سلمان: نعمل على بناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في السعودية
  • وزير الطاقة السعودي: نواصل العمل في بناء أول محطة للطاقة النووية في البلاد
  • برشلونة يتلقى ضربة موجعة في ظل البداية القوية مع فليك
  • استشاري طاقة: الشبكة الكهربائية قادرة على إنتاج 65 ألف ميجا وات
  • مصر.. زيادة القدرة الإنتاجية لمحطة طاقة رياح إلى 650 ميغاوات
  • الكفاءات الإماراتية تقود مسيرة تطوير قطاع الطاقة النووية
  • «طاقة أبوظبي» تستعرض مبادراتها خلال مؤتمر المرافق
  • واشنطن تخشى احتمالية شن روسيا هجمات على محطات الطاقة النووية في أوكرانيا