لجريدة عمان:
2024-09-16@17:26:00 GMT

ماذا لو لم أشاهد مسلسلات سورية في صباي؟!

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

لا أدرك مدى ارتباطي الثقافي والعاطفي بالدراما السورية إلا حين أتوقف لأسأل نفسي بجدية إن كنت أنا من أنا الآن، وبلا مبالغة، لو لم يكن بسَّام كوسا أول شخصية تخرج من تلفزيون الصالة العائلية لتنطبع في طفولتي كشخصية حية في دور «نصَّار بن عريبي»؟ كان جلال مشهده وهو يرتل سورة الضحى في زنزانته عشية تنفيذ حكم الإعدام أحد أهم المشاهد في تاريخ علاقتي بالسينما.

فماذا لو مُحيت ملحمة «الخوالي» بلوحاتها البطولية وخلفياتها الموسيقية، الحماسية حينا والتراجيدية حينا، من ذاكرة الطفل الذي كنته؟

أما الدراما السورية التاريخية فهي تحيلني لمراجعة الصورة الأولى التي تكونت في وعيي عن ملامح تاريخنا العربي كما صوَّرته ونطقت به تلك الدراما الفصيحة. كيف كنت سأصغي لنبر الشعرِ الجاهلي في كتب المعلقات لاحقا لو لم أستفق مبكرا في طفولتي على مرثيات الزير سالم لأخيه كُليب بصوت سلوم حداد في رائعة حاتم علي وممدوح عدوان؟ كيف ستتجاسر مخيلتي على تكوين ملامح بصرية أولية عن صورة حياة العرب قبل الإسلام وعن مآثرهم في العشق والفروسية لو لم أكن قد شاهدت «الزير سالم» لمرات ومرات منذ أن كنت في السادسة من عمري؟

بصرف النظر عن نمطية تلك الصورة غالبا، وبتجاوز السؤال عن مدى سلامتها الموضوعية واختلاط الأسطوري بالتاريخي فيها، لا بدَّ من القول إن العمل التاريخي الذي قدَّمه لنا الممثلون السوريون، رغم ما نعلمه من تواضع التقنيات والميزانيات الإنتاجية، قد فتح لنا نافذة للتواصل التخييلي مع تاريخنا العربي القديم ورموزه الأسطوريين الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ المغبرَّة على رفوف المكتبات. تلك الأعمال الرائعة التي صوَّرت لنا فصولا حاسمة من تاريخ الصراع السياسي بين الدولة الأموية والدولة العباسية نجحت -على الأقل- في إنقاذ وعي شريحة واسعة من متابعيها من فداحة النظرة الأيديولوجية التعميمية لمبدأ الصراع التاريخي بين الأمم، تماما كما فعل السوريون في الأعمال الملحمية التي روت لنا قصة الحجاج بن يوسف الثقفي وقصة عبدالرحمن الداخل وقصة صلاح الدين الأيوبي وغيرهم؛ حين تمكنت الكتابة الدرامية من إعادة بناء الشخصية التاريخية الجدلية بأسلوب نفسي مركَّب تتحاور فيه كل التناقضات البشرية في الذات الواحدة، متجاوزا النمطية الأسيرةَ لثنائية الخير المطلق أو الشر المطلق كما في مرويات الناس.

هذا البناء النفسي العميق المركَّب للشخصية الدرامية في المسلسل السوري قد بلغ أعلى مستويات نضجه في روائع الثنائي حاتم علي ووليد سيف، كما في الثلاثية الأندلسية. يستوقفني هذان الاسمان، المخرج والمؤلف، لمساءلة نفسي، في هذه المرحلة من العمر ومن السياق السياسي تحديدا، إن كانت علاقتي الشخصية بالقضية الفلسطينية وتفاعلي السياسي والثقافي معها ستبدو بذات القوة والوضوح -كما هي الآن- لو لم أشاهد «التغريبة الفلسطينية» في صباي؟ أكان بوسعي أن أستوعب تراجيديا الشعب الفلسطيني لو لم يكن القائد أبو صالح والأستاذ علي وأخوهما مسعود الذي يقطع الصحراء نحو الكويت ثلاثةَ أبطال أساسيين كثَّفوا في ذاكرتي المعاني المتعددة للنكبة؟ أستطيع الادعاء أنني شاهدت العمل كاملا لخمس مرات منذ أول مرة، هذا فضلا عن الزيارات المتفرقة التي أقصد فيها مشهدا بعينه؛ وبالتالي فإنني أستطيع التأكيد على المقولة التي ترى بأن الواقع هو من يحاكي فن، وليس العكس كما درجنا على القول.

وبالعودة إلى بسَّام كوسا فإن «باب الحارة» لم يكن من المسلسلات السورية الأثيرة عندي رغم النجاح الجماهيري الكاسح الذي بدا واضحا منذ ظهوره الرمضاني الأول عام 2006. فحتى وهو يؤدي دوره ببراعة في الجزء الأول، لم أجدني قادرا على التفاعل الكامل مع بطل طفولتي في صورة اللص الفقير الذي يحلف على المصحف كذبا، مُفضلا، ولأسباب شخصية بحتة، الحفاظ عليه في الصورة التي استقبلتُه بها لأول مرة في «الخوالي» كبطلٍ من أبطال التحرر العربي ضد الاستعمار العثماني. لم تكن ذائقتي الطفولية يومها مدرَّبة على قبول مشاهدة الممثلين وهم يخلعون جلد شخصياتهم السابقة منتمين إلى دور جديد تماما قد يتناقض أحيانا مع دورهم السابق.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك المسلسل، وحينما اندلعت أغنيته الشهيرة من رنين هاتف رجل كبير في سن كان يجلس إلى جانبي في صالة الانتظار بأحد المراكز الصحية، استعدت حينها بوضوح تلك الحالة الشعبية المثيرة التي خلقتها أجواء «باب الحارة» بين طلبة المدارس وفي أوساط المجتمع الصغير. بوسعي أن أتذكر حميمية التواصل العائلي الذي كان يسود صالة البيت بمجرد أن يحين موعد الحلقة. أما إن حان موعدها وصادف أنك خارج البيت في تلك الأمسية الرمضانية فليس عليك سوى أن تدلف إلى أقرب حلاقٍ لتتفرَّج على الحلقة مع المنتظرين أدوارهم.

لقد أدخلت الدراما السورية عشاقها من مختلف أقطار العالم العربي إلى ساحة البيت الشامي، حيث الماء والياسمين، قبل أن يتحول هذا النوع من المسلسلات إلى ظاهرة تستنسخ نفسها في أجزاء متلاحقة أو حتى في أعمال أخرى تتوسل النجاح نفسه بالاستنساخ التجاري للتجربة. ولكن من يستطيع أن يكتب بصدق عن الدراما السورية اليوم، أي بعد 2011، بلا نبرة رثائية تطال في الواقع كل ما هو سوري؟ لعل الدراما السورية التي أعرفها والتي أنتمي إليها هي كل ما ادخرته منها في ذاكرتي قبل ذلك العام الفاصل. ويكفي أن تكون شخصياتها مدارا لأحلام الطفولة والمراهقة واحتياطا عاطفيا لا ينضب حتى أعترف بأثرها على تكويني.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدراما السوریة

إقرأ أيضاً:

مسلسلات رمضان 2025.. تفاصيل «وللعدالة وجه آخر» لـ ياسر جلال

ياسر جلال.. يترقب الكثير من محبي الفنان ياسر جلال الإعلان عن أعماله الدرامية التي يخوض بها السباق الرمضاني 2024.

أعمال الفنان ياسر جلال في رمضان 2024

وفاجأ الفنان ياسر جلال قطاع كبير من المتابعين له بخوضه السباق الرمضاني 2025 بعملين مختلفين، وذلك بالتزامن مع اقتراب نهاية تصوير مسلسل جودر 2، والتعاقد على مسلسل للعدالة وجه آخر.

ومن المقرر أن تدور أحداث مسلسل للعدالة وجه آخر من بطولة النجم ياسر جلال، في إطار اجتماعي تشويقي، ومرشح لإخراجه إسلام خيرى، كما أن العمل مرشح للعرض في رمضان 2025، حيث بدأ صناع المسلسل عمليات التحضيرات المبدئية للوقوف على كافة التفاصيل قبل بدء خطوات التنفيذ.

ياسر جلال الجزء الأخير لمسلسل جودر

ويواصل ياسر جلال، تصوير المشاهد الأخيرة من الجزء الثاني لمسلسل «جودر - ألف ليلة وليلة» المكون من 15 حلقة، والذي يتبقى فيه أسبوع تصوير ويتم الانتهاء من العمل بالكامل، تمهيداً لعرض في رمضان 2025، وذلك بعدما تم عرض الجزء الأول من 15 حلقة أيضاً في رمضان الماضى وتحقيقه نجاحاً كبيراً على المستوى الجماهيرى والنقدى.

ومن المتوقع أن تدور أحداث الجزء الثاني من مسلسل جودر، حول حبس جودر في مكان يبدو أنه كان يعمل به وستسمر المؤامرات التي تحاك ضده وسيواصل الشمعيين جهودهم لاستخدام جودر للوصول للكنوز كما سيظهر شخصيات ومخلوقات جديدة.

أبطال مسلسل جودر

ويشارك في بطولة مسلسل جودر عددًا كبيرًا من الفنانين، أبرزهم: ياسر جلال، ياسمين رئيس، نور اللبنانية، تارا عماد، وفاء عامر، أيتن عامر، محمود البزاوي، أحمد فتحي، محمد التاجي، عبد العزيز مخيون، أحمد بدير، رشوان توفيق، وغيرهم.

اقرأ أيضاًياسر جلال يخوض سباق رمضان 2025 بـ «جودر» و«للعدالة وجه أخر» (صور)

مسلسلات رمضان 2025.. ياسر جلال يتعاقد على «للعدالة وجه آخر»

محمد رياض عن تعاونه مع ياسر جلال بمسلسل رحيم: تيمة الصداقة تكون رائعة في الدراما

مقالات مشابهة

  • ماذا قال بزشكيان عن صاروخ اليمن الذي استهدف إسرائيل؟
  • مسلسلات رمضان 2025.. ترشيح آيتن عامر لـ مسلسل «الحلانجي»
  • رئيس المجلس العربي للمياه: ‏التحديات التي نواجهها هائلة ولكنها ليست مستعصية على الحل
  • أسرع من الصوت بأضعاف.. ماذا تعرف عن "صاوخ الفرط صوتي" الذي ضرب عمق إسرائيل؟
  • أسرع من الصوت بأضعاف.. ماذا تعرف عن "صاوخ الفرط صوتي" الذي ضرب عمق إسرائيل.. عاجل
  • بالصور.. انطلاق مهرجان الفضائيات العربية
  • «ضحك مميت».. ماذا تعرف عن متلازمة «كورو» التي أنهت حياة آلاف البشر؟
  • إطلاق سراح مواطن عراقي اختطف خلال رحلة زواج من فتاة سورية
  • جاليتنا في قبرص تنظّم وقفة احتجاجية تنديداً بالاعتداءات الإسرائيلية على سورية
  • مسلسلات رمضان 2025.. تفاصيل «وللعدالة وجه آخر» لـ ياسر جلال