لجريدة عمان:
2024-11-04@22:13:38 GMT

ماذا لو لم أشاهد مسلسلات سورية في صباي؟!

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

لا أدرك مدى ارتباطي الثقافي والعاطفي بالدراما السورية إلا حين أتوقف لأسأل نفسي بجدية إن كنت أنا من أنا الآن، وبلا مبالغة، لو لم يكن بسَّام كوسا أول شخصية تخرج من تلفزيون الصالة العائلية لتنطبع في طفولتي كشخصية حية في دور «نصَّار بن عريبي»؟ كان جلال مشهده وهو يرتل سورة الضحى في زنزانته عشية تنفيذ حكم الإعدام أحد أهم المشاهد في تاريخ علاقتي بالسينما.

فماذا لو مُحيت ملحمة «الخوالي» بلوحاتها البطولية وخلفياتها الموسيقية، الحماسية حينا والتراجيدية حينا، من ذاكرة الطفل الذي كنته؟

أما الدراما السورية التاريخية فهي تحيلني لمراجعة الصورة الأولى التي تكونت في وعيي عن ملامح تاريخنا العربي كما صوَّرته ونطقت به تلك الدراما الفصيحة. كيف كنت سأصغي لنبر الشعرِ الجاهلي في كتب المعلقات لاحقا لو لم أستفق مبكرا في طفولتي على مرثيات الزير سالم لأخيه كُليب بصوت سلوم حداد في رائعة حاتم علي وممدوح عدوان؟ كيف ستتجاسر مخيلتي على تكوين ملامح بصرية أولية عن صورة حياة العرب قبل الإسلام وعن مآثرهم في العشق والفروسية لو لم أكن قد شاهدت «الزير سالم» لمرات ومرات منذ أن كنت في السادسة من عمري؟

بصرف النظر عن نمطية تلك الصورة غالبا، وبتجاوز السؤال عن مدى سلامتها الموضوعية واختلاط الأسطوري بالتاريخي فيها، لا بدَّ من القول إن العمل التاريخي الذي قدَّمه لنا الممثلون السوريون، رغم ما نعلمه من تواضع التقنيات والميزانيات الإنتاجية، قد فتح لنا نافذة للتواصل التخييلي مع تاريخنا العربي القديم ورموزه الأسطوريين الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ المغبرَّة على رفوف المكتبات. تلك الأعمال الرائعة التي صوَّرت لنا فصولا حاسمة من تاريخ الصراع السياسي بين الدولة الأموية والدولة العباسية نجحت -على الأقل- في إنقاذ وعي شريحة واسعة من متابعيها من فداحة النظرة الأيديولوجية التعميمية لمبدأ الصراع التاريخي بين الأمم، تماما كما فعل السوريون في الأعمال الملحمية التي روت لنا قصة الحجاج بن يوسف الثقفي وقصة عبدالرحمن الداخل وقصة صلاح الدين الأيوبي وغيرهم؛ حين تمكنت الكتابة الدرامية من إعادة بناء الشخصية التاريخية الجدلية بأسلوب نفسي مركَّب تتحاور فيه كل التناقضات البشرية في الذات الواحدة، متجاوزا النمطية الأسيرةَ لثنائية الخير المطلق أو الشر المطلق كما في مرويات الناس.

هذا البناء النفسي العميق المركَّب للشخصية الدرامية في المسلسل السوري قد بلغ أعلى مستويات نضجه في روائع الثنائي حاتم علي ووليد سيف، كما في الثلاثية الأندلسية. يستوقفني هذان الاسمان، المخرج والمؤلف، لمساءلة نفسي، في هذه المرحلة من العمر ومن السياق السياسي تحديدا، إن كانت علاقتي الشخصية بالقضية الفلسطينية وتفاعلي السياسي والثقافي معها ستبدو بذات القوة والوضوح -كما هي الآن- لو لم أشاهد «التغريبة الفلسطينية» في صباي؟ أكان بوسعي أن أستوعب تراجيديا الشعب الفلسطيني لو لم يكن القائد أبو صالح والأستاذ علي وأخوهما مسعود الذي يقطع الصحراء نحو الكويت ثلاثةَ أبطال أساسيين كثَّفوا في ذاكرتي المعاني المتعددة للنكبة؟ أستطيع الادعاء أنني شاهدت العمل كاملا لخمس مرات منذ أول مرة، هذا فضلا عن الزيارات المتفرقة التي أقصد فيها مشهدا بعينه؛ وبالتالي فإنني أستطيع التأكيد على المقولة التي ترى بأن الواقع هو من يحاكي فن، وليس العكس كما درجنا على القول.

وبالعودة إلى بسَّام كوسا فإن «باب الحارة» لم يكن من المسلسلات السورية الأثيرة عندي رغم النجاح الجماهيري الكاسح الذي بدا واضحا منذ ظهوره الرمضاني الأول عام 2006. فحتى وهو يؤدي دوره ببراعة في الجزء الأول، لم أجدني قادرا على التفاعل الكامل مع بطل طفولتي في صورة اللص الفقير الذي يحلف على المصحف كذبا، مُفضلا، ولأسباب شخصية بحتة، الحفاظ عليه في الصورة التي استقبلتُه بها لأول مرة في «الخوالي» كبطلٍ من أبطال التحرر العربي ضد الاستعمار العثماني. لم تكن ذائقتي الطفولية يومها مدرَّبة على قبول مشاهدة الممثلين وهم يخلعون جلد شخصياتهم السابقة منتمين إلى دور جديد تماما قد يتناقض أحيانا مع دورهم السابق.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك المسلسل، وحينما اندلعت أغنيته الشهيرة من رنين هاتف رجل كبير في سن كان يجلس إلى جانبي في صالة الانتظار بأحد المراكز الصحية، استعدت حينها بوضوح تلك الحالة الشعبية المثيرة التي خلقتها أجواء «باب الحارة» بين طلبة المدارس وفي أوساط المجتمع الصغير. بوسعي أن أتذكر حميمية التواصل العائلي الذي كان يسود صالة البيت بمجرد أن يحين موعد الحلقة. أما إن حان موعدها وصادف أنك خارج البيت في تلك الأمسية الرمضانية فليس عليك سوى أن تدلف إلى أقرب حلاقٍ لتتفرَّج على الحلقة مع المنتظرين أدوارهم.

لقد أدخلت الدراما السورية عشاقها من مختلف أقطار العالم العربي إلى ساحة البيت الشامي، حيث الماء والياسمين، قبل أن يتحول هذا النوع من المسلسلات إلى ظاهرة تستنسخ نفسها في أجزاء متلاحقة أو حتى في أعمال أخرى تتوسل النجاح نفسه بالاستنساخ التجاري للتجربة. ولكن من يستطيع أن يكتب بصدق عن الدراما السورية اليوم، أي بعد 2011، بلا نبرة رثائية تطال في الواقع كل ما هو سوري؟ لعل الدراما السورية التي أعرفها والتي أنتمي إليها هي كل ما ادخرته منها في ذاكرتي قبل ذلك العام الفاصل. ويكفي أن تكون شخصياتها مدارا لأحلام الطفولة والمراهقة واحتياطا عاطفيا لا ينضب حتى أعترف بأثرها على تكويني.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدراما السوریة

إقرأ أيضاً:

المنسق المقيم للأمم المتحدة يطلق الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سورية

دمشق-سانا

أعلن المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية آدم عبد المولى ‏إطلاق الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في سورية للأعوام 2024 و2028 وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم في فندق فورسيزن بدمشق.‏

وتأتي أهمية هذه الاستراتيجية وفق عبد المولى من تمكين الإنسان السوري من ‏النهوض ليكسب عيشه بنفسه وإعادة بناء حياته، بالتالي تعود سورية لاستعادة مكانتها ‏وخاصة بالتعليم والصحة حيث كانت تنتج 97 بالمئة من حاجاتها الدوائية وتصدر ‏الدواء إلى 50 دولة أخرى، ولم يكن لديها ديون خارجية، إضافة إلى اكتفائها الذاتي ‏من الغذاء وكل ذلك يأتي من الطاقات التي يمتلكها الإنسان السوري وقدرته على ‏الإنتاج وسياسة الدولة قبل بدء الأزمة في سورية.‏

وأوضح عبد المولى أن الاستراتيجية حُددت في عدة مجالات متكاملة يعزز بعضها ‏البعض وستعطى الأولوية للصحة والتغذية، ومن ثم التعليم لبناء رأس المال البشري ‏وتعزيز التماسك الاجتماعي، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة ‏العامة والحد من انتشار الأمراض، ودعم فرص سبل كسب العيش المستدامة ما يساعد ‏في بناء الاقتصاد، إضافة إلى المساعدة في الحصول على الكهرباء لكونها الأساس في ‏كل الجهود للوصول إلى التعافي المبكر والمستدام سواء عن طريق إصلاح الشبكة ‏الوطنية أو عن طريق الطاقة الشمسية.‏

وستبدأ الاستراتيجية بحسب عبد المولى بإنشاء صندوق مخصص يمكّن الأمم المتحدة ‏والجهات الفاعلة في المجال الإنساني من تقديم المنح والمساعدات للتعافي المبكر على ‏المدى المتوسط، ليتكامل مع غيره من الصناديق المشتركة القائمة على البلدان ويتآزر ‏معها كصندوق التمويل الإنساني لسورية، مشيراً إلى أن أهمية إنشاء الصندوق تأتي ‏من توجيه مصادر التمويل نحو قطاعات محددة تخدم الاستراتيجية المرجوة من إقامته ‏وإحداث تأثير نوعي وملحوظ.‏

ولفت عبد المولى إلى أن الصندوق بحاجة إلى تسجيل لدى المكتب المختص لتسجيل ‏الصناديق في نيويورك ليتم بعد ذلك التعاقد المباشر مع المانحين لتقديم التبرعات ‏والمساهمات وهذا من الجهة الخارجية، أما محلياً فينحصر دورنا بإنشاء البرامج التي ‏تبدأ صياغتها من اليوم وكل ما وجدت الحاجة للتمويل يتم الإرسال إلى نيويورك لتقوم ‏بدورها بتقديم الأموال للجهة المنفذة.‏

وأشار عبد المولى إلى أن هذه البرامج ستنفذ بجميع المحافظات السورية من خلال ‏تدخلات ذات أولوية متكاملة في مناطق مختارة واستناداً إلى تقييمات للاحتياجات ‏بشكل إنساني وحيادية دون تحيز، وتعزيز استدامة الموارد وحشدها من خلال ‏التشاركية وتعزيز التعاون مع أصحاب المصلحة.‏

ريم حشمه

2024-11-04manhalسابق عباس: المجتمع الدولي مطالب بمحاسبة الاحتلال ومعاقبته على جرائمه انظر ايضاً عباس: المجتمع الدولي مطالب بمحاسبة الاحتلال ومعاقبته على جرائمه

القاهرة-سانا دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المجتمع الدولي إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي ومعاقبته بشكل عاجل

آخر الأخبار 2024-11-04المنسق المقيم للأمم المتحدة يطلق الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سورية 2024-11-04عباس: المجتمع الدولي مطالب بمحاسبة الاحتلال ومعاقبته على جرائمه 2024-11-04الخارجية الفلسطينية: على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة الحملة الممنهجة التي يشنها الاحتلال ضد “الأونروا” 2024-11-0415 شهيداً وعشرات الجرحى والمفقودين جراء مجزرة جديدة للاحتلال في بيت لاهيا 2024-11-04سورية تجدد مطالبتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بإجراءات حازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية 2024-11-04السباعي والقادري: مطالبات العمال ستجد المعالجة الصحيحة من خلال عمل حقيقي قريباً 2024-11-04ماليزيا تعد مشروع قرار لطرد “إسرائيل” من الأمم المتحدة 2024-11-04الخارجية الصينية: على دول العالم الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ واحترام مبدأ “صين واحدة” 2024-11-04الحرس الثوري الإيراني: أجهزة استخبارات معادية وراء الأعمال الإرهابية جنوب شرق البلاد 2024-11-04المكتب الإعلامي في غزة: حظر الاحتلال عمل الأونروا يشكل مساساً مباشراً بالشرعية الدولية

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتنفيذ عقوبة العزل بحق قاضية في النياية العامة التمييزية 2024-11-02 مرسوم بتحديد الـ 7 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعدين شاغرين في دائرتي حلب وطرطوس 2024-11-02 الرئيس الأسد يصدر مَراسيم بتعيين محافظين جدد لخمس محافظات 2024-10-17الأحداث على حقيقتها تدمير عشر طائرات مسيرة للتنظيمات الإرهابية بريفي حلب وإدلب- فيديو 2024-10-30 خروج محطة كهرباء مدينة عامودا عن الخدمة جراء عدوان تركي 2024-10-24صور من سورية منوعات مركبة الفضاء الصينية “شنتشو 19” تلتحم بنجاح بمجموعة المحطة الفضائية 2024-10-30 الصين تستعد لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة شنتشو-19 2024-10-29فرص عمل التعليم العالي تسمح للجامعات الخاصة فتح التسجيل المباشر لملء الشواغر في كلياتها 2024-11-04 الخارجية تعلن أسماء المقبولين للاشتراك في المرحلة ‏الثالثة في مسابقتها  لتعيين ‏عاملين ‏دبلوماسيين ‏ 2024-11-03الصحافة “إسرائيل” وسياسات الإرهاب والأرض المحروقة.. بقلم : جمال ظريفة 2024-10-30 ما الهدف؟ بقلم: أ. د.بثينة شعبان 2024-10-28حدث في مثل هذا اليوم 2024-11-044 تشرين الثاني 1922 – الباحث الإنكليزي في علم المصريات هوارد كارتر يكتشف قبر توت عنخ آمون 2024-11-033 تشرين الثاني1956- العمال العرب ينسفون أنابيب البترول في كل من سورية وليبيا والبحرين والسعودية أثناء العدوان الثلاثي على مصر 2024-11-022 من تشرين الثاني 1917- إطلاق وعد بلفور المشؤوم 2024-11-01الأول من تشرين الثاني 1945 – تأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – يونسكو 2024-10-3131 تشرين الأول 1956 – فرنسا والمملكة المتحدة تبدأان حملة قصف على مصر لإرغامها على فتح قناة السويس 2024-10-3030 تشرين الأول 1991.. انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • المنسق المقيم للأمم المتحدة يطلق الخطة الأممية لاستراتيجية التعافي المبكر في ‏سورية
  • شاهد ماذا فعل طارق صالح مع سائق ”الدينة” الذي اصطدم بسيارته وتسبب بإصابته ”فيديو”
  • سماع دوي انفجارات في العاصمة السورية دمشق
  • محمد رجب لـ«الأسبوع»: «الحلانجي» يعيدني إلى الدراما الرمضانية.. و«كوكتيل» فيلمي الجديد في السينما
  • حسن يوسف.. الولد الشقي نجم «الأبيض والأسود» يغادر حزينًا!!
  • مسلسلات تلفزيونية وثقت السياسة والانتخابات الأمريكية.. سوداوية وسخرية وواقعية
  • ماذا نعرف عن وحدة "شييطت 13" الإسرائيلية التي نفذت عملية الاختطاف في البترون؟.. عاجل
  • ماذا تعرف عن اتفاقية القسطنطينية التي اتخذتها مصر ذريعة لعبور بوارج الاحتلال؟
  • بعد أزمتها الصحية.. مناسبة تجمع إيمي سمير غانم وماجدة زكي (صور)
  • بعد 67 عاما.. من هو العربي بن مهيدي الذي اعترفت فرنسا بقتله؟