جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-09@20:19:38 GMT

"وقولوا للناس حُسنًا"

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

'وقولوا للناس حُسنًا'

 

د. سالم عبدالله العامري

إنَّ من أجلِّ النِعم التي أنعم الله بها على الإنسان، نعمة الإفصاح والبيان، وقد حَثَّ الشرع الحنيف النَّاس على انتقاء الألفاظ الطيبة التي تُدخل السرور على النَّاس، وقد أمر الله تعالى عباده أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها، ومن الكلمات أجملها عند حديث بعضهم لبعض حتى تشيع الألفة والمودة، وتندفع أسباب الهجر والقطيعة والعداوة، قال الله تعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" (الإسراء: 53).

وقال العلامة ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا": أي: كلِّموهم طيبًا، ولينوا لهم جانبًا، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومن القول الحسن، تعليم الناس العلم، وبذل النصيحة، والسلام مع البشاشة، وطريقة التخاطب والحديث الطيب بين الناس، وغير ذلك من كل كلام حسن، فكم من كلمة طيبة دفعت أذىً، ونصرت مظلومًا، وفرجت كربةً، وهدت ضالًا، وأطفئت فتنةً، وكم من كلمة خبيثة مزقت بين القلوب، وفرقت بين الصفوف، وزرعت الأحقاد والضغائن في النفوس، وخربت كثيرًا من البيوت، لذلك ينبغي علينا أن نفكر بكلامنا قبل أن يخرج من أفواهنا، فإذا خرج الكلام فلا نستطيع أن نرده مرة أخرى؛ فلسان المرء سلاح ذو حدين إما أن يستعمله في ما يرضي الله وما طاب من الأقوال، فيغرس شجرة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها، وإما أن يستعمله فيما يورث سَخطَ الله فيكون سبب في هلاكه ودخوله النار. عَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاص-رضي الله عنه- أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ". وقال يحيى بن معاذ: ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال لتكون من المحسنين، إحداها: إن لم تنفعه فلا تضره، والثانية: إن لم تسره فلا تغمه، والثالثة: إن لم تمدحه فلا تذمه.. حتى إن كنت تدافع عن دينك فلا ينبغي أن تنفعل وتستعمل الغلظة في القول والتهجم بل بالطيب من القول وخفض الجناح والخُلق الحسن "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَ‌بِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل: 125).

ومع تنوع وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت ظاهرة السب والشتم والتشهير بشكل واسع في هذه المواقع من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة لتفريغ عقدهم وضغوطاتهم النفسية غير آبهين بما سيترتب عن ذلك من أذى نفسي لمن يقصدون تجريحه بكلامهم اعتقادًا منهم بأن العالم الافتراضي يمنحهم حرية تعبير غير مشروطة؛ فيعطون أنفسهم الحق بقول كل ما يجول في خواطرهم دون التزام وأدب أو تقدير لشعور من يوجهون له الكلام، فمن لطَّخَ لسانه بقبح الكلام من زور وفُحش وكَذِب وبهتان هوى به الشيطان إلى دركات النار «وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟!» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

الواجب على المسلم إنكار ما يراه مما يخالف الشرع من خلال إنتقاء الكلام اللين والألفاظ الحسنة؛ فالكلام الليّن يغسل الضغائن المستكنّة في النفوس، ويحول العدو اللدود إلى حميم ودود. وإنّ صمت المرء أحيانًا أسلم من أن يتفوه بكلمة تقع كالرصاصة في قلب الآخر، قال عليه الصلاة والسلام: "من كان يؤمن بالله واليوم فليقل خيرًا أو ليصمت".

فلنرطِّب ألسنتنا بالكلمة الطيبة التي تزيل الجفاء، وتذهب البغضاء والشحناء، وتدخل إلى النفوس السرور والهناء، والمحبة والوئام، نتفيأ ظلالها الوارفة، ونقطف ثمارها اليانعة، ولتكن كلماتنا مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشر، مستجيبين لنداء رب العالمين: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة: 83).

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انتهى الكلام.. ترامب يحثّ أطراف ملف الصحراء على الإنخراط في المناقشات دون تأخير على أساس الحكم الذاتي

زنقة 20 | الرباط

أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال لقائه الثلاثاء في واشنطن بنظيره المغربي ناصر بوريطة، أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

وقال روبيو إن الولايات المتحدة “تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع”.

ويأتي هذا الموقف تأكيدا لاعتراف الإدارة الأميركية في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء.

وأكد بيان صادر عن الخارجية الأميركية بعد الاجتماع أن الولايات المتحدة “لا تزال تعتقد أن الحكم الذاتي الحقيقي في ظل السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن”.

وشدد الوزير روبيو على حثّ الرئيس دونالد ترامب للأطراف على “الانخراط في مناقشات دون تأخير باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستُسهّل التقدم نحو هذا الهدف.

وأكد الوزيران روبيو وبوريطة على “متانة الشراكة الأميركية المغربية في تعزيز السلام والأمن، بقيادة الرئيس ترامب والملك محمد السادس”.

وناقشا التعاون لتعزيز الأولويات المشتركة في المنطقة، بما في ذلك من خلال البناء على اتفاقيات إبراهيم، وتوسيع التعاون التجاري بما يعود بالنفع على الأميركيين والمغاربة على حد سواء.

وجدد الوزير روبيو التأكيد على “موقف الرئيس ترامب الواضح بأن حماس يجب أن تطلق سراح جميع الرهائن فوراً”، وأشاد بـ”قيادة المغرب في المساهمة في بناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة”.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: لا إثم على منع الصدقة عن المتسولين في الشارع
  • انتهى الكلام.. ترامب يحثّ أطراف ملف الصحراء على الإنخراط في المناقشات دون تأخير على أساس الحكم الذاتي
  • لم أعد مهتمًا.. صلاح عبد الله يفتح النار على زيزو
  • "هات الكلام" برنامج ساخر يناقش قضايا مجتمعية على قناة "البيداء"
  • الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف يجيب حول : فقد الممتلكات
  • سخاء الكلام لغزة قطع وريد الحياة عنها
  • المواطنة العادلة في الإسلام.. تشريع إلهي يسبق مواثيق العصر الحديث
  • مفاهيم إسلامية: الصراط المستقيم
  • حين أشعل أعداء الحياة فتيل الخراب… وصفّق لهم المغيبون في حضرة الحريق
  • مبعوثة واشنطن تكشف "ما تريده الولايات المتحدة من حزب الله"