لجريدة عمان:
2025-01-31@08:53:07 GMT

السياسة الخارجية الأمريكية في عام 2025

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتساءل كثيرون كيف قد تؤثر نتائجها على السياسة الخارجية الأمريكية؟ الإجابة على هذا السؤال محاطة بالشكوك.

أولا، من سيفوز في الانتخابات؟ في بداية الصيف، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم دونالد ترامب بفارق كبير على الرئيس جو بايدن. ولكن الآن وقد أصبحت نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، تُـظهِـر استطلاعات الرأي أنها متقدمة بفارق طفيف.

المشكلة بطبيعة الحال هي أنه إذا كانت مشاعر الناخبين من الممكن أن تنقلب بهذه السرعة، فإن التنبؤ بالاتجاه الذي ستكون عليه في الخامس من نوفمبر يكاد يكون مستحيلا. ورغم أن هاريس أظهرت مهارة سياسية مُـبـهِـرة، فإن السياسة الديمقراطية عامرة بالمفاجآت.

ثانيا، للقادة الأجانب والقوى الأجنبية أيضا «صوت» في الأمر، بمعنى أن سلوكهم قد يغير فجأة أجندة الولايات المتحدة واحتمالات النتائج المختلفة. لم تكن السياسة الخارجية المتواضعة التي أوجزها جورج دبليو بوش خلال حملته الانتخابية في عام 2000 تشبه بأي حال من الأحوال السياسة التي انتهجها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 الإرهابية. ومن يدري أي نوع من المفاجآت قد يكون في جُـعبة فلاديمير بوتين أو شي جين بينج.

تزودنا تصريحات الحملة الانتخابية ببعض اللمحات حول السياسة، بطبيعة الحال. فإذا فازت هاريس، يستطيع المرء أن يتوقع استمرار سياسة بايدن، وإن كان مع بعض التعديلات. يبدو أنها تركز بدرجة أقل على الترويج للديمقراطية -أحد أكبر موضوعات بايدن - وهي تتحدث في مناسبات أكثر بعض الشيء عن حقوق الفلسطينيين. لكنها في عموم الأمر ستلاحق السياسة ذاتها المتمثلة في تعزيز التحالفات الأمريكية والترويج للتعددية.

أما ترامب فهو أكثر استعصاء على التكهنات. ففي حين يَـمُـط كل الساسة الحقائق، فإن ترامب يحظى بسمعة سيئة حقا في هذا الصدد. فمن الصعب معرفة أي من تصريحاته قد يتحول إلى سياسة. ينبئنا خطابه حول الأحادية واستخفافه بالتحالفات والمؤسسات المتعددة الأطراف بشيء عن نبرة سياسته الخارجية، لكنه لا يجيب على تساؤلات حول قضايا بعينها.

في كثير من الأحيان، يحاول المراقبون تحسين توقعاتهم من خلال النظر إلى مستشاري المرشحين. كبير مساعدي هاريس لشؤون السياسة الخارجية هو فيليب جوردون، الوسطي البراجماتي الذي يحظى بقدر كبير من الاحترام، والذي تولى شؤون أوروبا والشرق الأوسط في الإدارات الديمقراطية السابقة قبل أن يصبح كبير مستشاري نائب الرئيس لشؤون السياسة الخارجية.

على النقيض من ذلك، من الصعب تحديد شخصية مماثلة في معسكر ترامب ــ وإن كانت الصحافة تذكر أحيانا روبرت أوبراين، آخر مستشاري الأمن القومي من عهد ترامب. ما نعرفه حقا هو أن ترامب يندم على تعيين جمهوريين تقليديين في أدوار رئيسية أثناء ولايته السابقة، لأنهم عملوا، كما كان ينبغي لهم، على الحد من حريته في العمل وجعلوا سياساته أكثر اعتدالا مما كان يبتغي.

من الجدير بالملاحظة أيضا بعض أوجه التشابه بين المرشحين. وأكثرها أهمية مواقفهما بشأن الصين. فالآن أصبحنا إزاء إجماع عريض من الحزبين على أن الصين لم تلعب بنزاهة في القضايا المتعلقة بالتجارة والملكية الفكرية، وأن سلوكها العدواني في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي يهدد حلفاء أمريكا مثل اليابان والفلبين. صَـرَّحَت الصين على نحو متكرر بأنها لن تستبعد استخدام القوة في الاستيلاء على تايوان، التي تعتبرها مقاطعة مارقة. لقد واصَل بايدن، على أكثر من نحو، سياسة ترامب تجاه الصين، ومن المرجح أن تفعل هاريس الشيء ذاته، مع بعض التعديلات.

يتمثل تشابه ثان بين المرشحين في رفضهما للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية. أثناء رئاسة ترامب، تخلت الولايات المتحدة عن النهج الجمهوري التقليدي (من عهد ريجان) في التعامل مع التجارة، وزادت الرسوم الجمركية، وخفضت مستوى المشاركة في منظمة التجارة العالمية. وقد حدث كل هذا تحت إشراف وتوجيه الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر، الذي لا يزال مؤثرا في دائرة ترامب.

كما رفض ترامب الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تفاوض عليها باراك أوباما، ولم يحرك بايدن ساكنا بعد ذلك للعودة إلى الانضمام إلى تلك الاتفاقية أو إزالة التعريفات التي فرضها ترامب على الواردات من الصين. في الواقع، ذهب بايدن إلى أبعد من ذلك بإدخال ضوابط تصدير جديدة تركز على التكنولوجيا ضد الصين (والتي جرى الترويج لها على أنها إقامة «سياج مرتفع حول ساحة صغيرة»). ونظرا لارتباطها بصناعة التكنولوجيا الأمريكية كمواطنة من كاليفورنيا، فمن غير المرجح أن تخفض هاريس السياج. أما ترامب، فسوف يعمل في الأغلب الأعم على توسيع الساحة.

علاوة على ذلك، تعهد كل من ترامب وهاريس بزيادة قوة أمريكا الصارمة ــ عسكريا واقتصاديا ــ من خلال الاستثمارات في ميزانية الدفاع والقاعدة الصناعية الدفاعية. من المتوقع أيضا أن يواصل كل منهما برنامج تحديث الأسلحة النووية الحالي، ودعم تطوير أسلحة جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي.

يتعلق أحد أكبر الاختلافات بين المرشحين بمواقفهما بشأن أوروبا. فقد أوضح ترامب وزميله في الترشح، جيمس ديفيد فانس، أنهما لا يهتمان كثيرا بدعم أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي. يزعم ترامب أنه سيعمل على إنهاء الحرب بسرعة من خلال المفاوضات، ومن الصعب أن نرى كيف قد يتسنى له هذا دون إضعاف أوكرانيا بشكل كبير.

وفي الشرق الأوسط، تعهد كل من المرشحين بالحفاظ على أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، وإن كانت هاريس تتحدث أيضا عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير. ومن المرجح أن يحث كل منهما المملكة العربية السعودية على استئناف تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكلاهما سيتخذان موقفا صارما في التعامل مع إيران. ولكن في حين يولي ترامب أولوية منخفضة لإفريقيا وأمريكا اللاتينية، فمن المتوقع أن تولي هاريس هاتين المنطقتين قدرا أكبر من الاهتمام.

يتعلق الاختلاف الأكثر درامية بالقوة الناعمة الأمريكية: القدرة على تأمين النتائج المرغوبة عن طريق الإقناع وليس الإكراه أو الرشوة. خلال فترة رئاسته، اختار ترامب التوجه الأحادي المتمثل في شعار «أمريكا أولا» والذي دفع الدول الأخرى إلى استنتاج مفاده أن مصالحها لم تكن موضع اعتبار. كما رفض التعددية صراحة، وبأكبر قدر من الإثارة الدرامية بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية. ثم ألغى بايدن تلك التحركات، لكن ترامب سيعود إلى فرضها في الأرجح. في حين ستحافظ هاريس على المشاركة الأمريكية. وسوف تكون أيضا أكثر ميلا من ترامب إلى إصدار بيانات تروج لحقوق الإنسان والديمقراطية.

باختصار، سوف نشهد مجالات كبيرة من الاستمرارية في السياسة الخارجية الأمريكية بصرف النظر عن هوية الفائز في الانتخابات. لكن الاختلافات بين مواقف المرشحين تجاه التحالفات والتعددية كبيرة - وهذا في حد ذاته كفيل بإحداث كل الفارق.

جوزيف ناي سكرتير مساعد وزير الدفاع السابق، وأستاذ في جامعة هارفارد، مؤلف كتاب «القوة الناعمة» وكتاب «مستقبل القوة» وكتاب «هل انتهى القرن الأمريكي؟».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسة الخارجیة

إقرأ أيضاً:

"تخلت إدارة بايدن عنهما".. ترامب يطالب ماسك بإنقاذ رائدي فضاء

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء إنه طلب من شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك إعادة اثنين من رواد الفضاء التابعين لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، من محطة الفضاء الدولية، واللذين كانا من المقرر بالفعل أن يعودا على متن كبسولة لـ"سبيس إكس" في مارس (آذار).

وقال ماسك، إن ترامب طلب منه إعادة رائدي الفضاء "في أقرب وقت ممكن"، مما يعني تعديلاً لخطة ناسا الحالية لإعادتهما في أواخر مارس (آذار)، وأضاف ماسك "سنفعل ذلك".
وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال "لقد طلبت للتو من إيلون ماسك وسبيس إكس الذهاب وإعادة رائدي الفضاء الشجاعين اللذين تخلت إدارة بايدن فعلياً عنهما في الفضاء، إنهما ينتظران منذ أشهر في محطة الفضاء الدولية، سيتحرك إيلون قريباً، ونأمل أن يكون الجميع بأمان، حظ سعيد إيلون!!!"

تدخل سياسي

وقال مسؤولان إن طلب ترامب بأن تعيد "سبيس إكس" رائدي الفضاء المخضرمين بوتش ويلمور وسوني وليامز، اللذين جرى في أغسطس(آب) ترتيب رحلة لإعادتهما للوطن على متن مركبة لسبيس إكس، يمثل تدخلاً غير مألوف من جانب رئيس أمريكي في عمليات ناسا، وهو ما أثار دهشة العديد من مسؤولي الوكالة.

تأجيل عودة رائدي فضاء "ناسا" العالقين إلى الأرض حتى الربيع - موقع 24أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أنه تم تمديد مهمة رائدي الفضاء العالقين التابعين للوكالة مجدداً، وهو ما يعني أنهما لن يعودا إلى الأرض حتى الربيع، وذلك بعد 10 شهور من إطلاقهما إلى المدار على متن كبسولة ستارلاينر التابعة لشركة بوينغ. 

ولم يرد متحدث باسم ناسا على طلبات للتعليق على الأمر حتى الآن.

كان ويلمور ووليامز قد انطلقا لمحطة الفضاء الدولية الصيف الماضي على متن المركبة ستارلاينر التابعة لبوينغ في مهمة اختبار مدتها ثمانية أيام، لكن رحلتهما استمرت لأشهر بسبب مشاكل في نظام الدفع الخاص بالمركبة.

وفي أغسطس (آب) إبان إدارة الرئيس جو بايدن، اعتبرت وكالة ناسا أن إعادة رائدي الفضاء إلى الأرض على متن ستارلاينر أمر محفوف بالمخاطر، فاستعانت بشركة سبيس إكس لإعادتهما على متن مركبة من طراز كرو دراغون.

Trump posts on TruthSocial

Asks Elon to go pick up the US astronauts abandoned at the space station by the Biden Harris administration and Boeing

Winning feels good pic.twitter.com/1w3EQH30fb

— Joshua Konkle (@7SwanSwimming) January 29, 2025

ولدى ناسا جدول زمني موضوع بدقة لمحطة الفضاء الدولية، وقد تؤدي أي عودة مبكرة إلى ترك الفريق الأمريكي بالمحطة بعدد أقل من المفترض من الموظفين.
ولم يتضح بعد ما الذي ستفعله سبيس إكس للاستجابة لطلب ترامب.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية:ترامب مقتنع ضرورة التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع بين روسيا وأوكرانيا
  • ترامب يعلّق على حادثة الطائرة والمروحية ويلوم بايدن وأوباما
  • هل يعني تقدم الذكاء الاصطناعي في الصين فشل الضوابط التكنولوجية الأمريكية؟
  • ترامب يهاجم بايدن وأوباما بعد كارثة الطائرة المنكوبة
  • ترامب يتّهم بايدن وأوباما بخفض معايير السلامة الجوية
  • ترامب يحمّل بايدن واوباما مسؤولية تصادم الطائرتين
  • لا بايدن ولا ترامب، وإنما المقاومة
  • وزير الخارجية السوري يكشف ملامح السياسة الخارجية الفترة المقبلة
  • "تخلت إدارة بايدن عنهما".. ترامب يطالب ماسك بإنقاذ رائدي فضاء
  • بعد فصل 8 آلاف من الجيش الأمريكي.. ترامب يلغي سياسة بايدن