في وقت يستعد فيه الأطفال في أنحاء العالم للعودة إلى المدارس مع بدء العام الدراسي الجديد، يواجه أطفال غزة واقعا مروعا بعيدا عن مقاعد الدراسة.

اعلان

وبدلا من التهيؤ للعام الدراسي، يكرس هؤلاء الأطفال وقتهم في إزالة الأنقاض والبحث عن مأوى وسط أصوات الصواريخ والدمار، مما يحرمهم من التفكير في مستقبلهم أو حتى الحلم به.

تجسد حالة أطفال عائلة قديح معاناة الأطفال في غزة بوضوح. فبدلا من التحضير للمدرسة، ينهمك هؤلاء الأطفال في حمل أكوام الأنقاض التي جمعوها من مبان مدمرة، ليس لبيعها فحسب، بل لاستخدامها في بناء قبور في المقبرة التي أصبحت ملاذهم المؤقت في جنوب غزة.

عز الدين قديح، البالغ من العمر 14 عاما، تحدث عن معاناته هو وإخوته الثلاثة، أصغرهم في الرابعة من عمره، قائلا بعد انتهائهم من نقل قطع الخرسانة: "في أعمارنا، الأطفال في دول أخرى يدرسون ويتعلمون، بينما نحن محرومون من ذلك. نحن مضطرون للعمل في ظروف تفوق قدرتنا من أجل تأمين لقمة العيش".

مجبرون على مساعدة أسرهم

مع استمرار الحرب، يدخل قطاع غزة عامه الدراسي الثاني بدون مدارس. في ظل الظروف الحالية، يضطر معظم الأطفال لمساعدة أسرهم للبقاء على قيد الحياة وسط النزاع المستمر منذ قرابة العام.

يسير الأطفال حفاة على الطرق الترابية حاملين المياه في أوعية بلاستيكية من نقاط التوزيع إلى عائلاتهم التي تعيش في مخيمات مكتظة، بينما يقف آخرون في طوابير الجمعيات الخيرية بانتظار الحصول على الطعام.

أطفال غزة ينتظرون بالساعات في الطوابير للحصول على القليل من الطعام أ ب

تحذر المنظمات الإنسانية من أن حرمان الأطفال في غزة من التعليم لفترة طويلة قد يتسبب بأضرار دائمة.

وتقول تيس إنغرام، المتحدثة الإقليمية لليونيسيف، إن الأطفال الصغار يعانون من تأخر في النمو العقلي والاجتماعي والعاطفي، بينما يواجه الأطفال الأكبر سنا خطر الانزلاق نحو العمل المبكر أو الزواج المبكر.

"كلما طال بقاء الطفل خارج المدرسة، زادت احتمالات عدم عودته إلى الدراسة بشكل دائم".
تيس إنغرام المتحدثة باسم اليونيسف

فقد حوالي 625 ألف طفل في غزة عاما كاملا من التعليم بعد أن أغلقت المدارس إثر بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي جاءت بعد الهجوم المباغت لحركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

فتاة فلسطينية تبكي بعد إخلاء مدرسة كانت تلجأ إليها شرق دير البلح، غزة، بعد منشورات القاها الجيش الإسرائيلي تطالب بإخلاء المنطقة.أ ب

ومع تعثر المفاوضات لوقف القتال، لا يعرف متى سيتمكن هؤلاء الأطفال من العودة إلى فصولهم الدراسية.

وتضررت أكثر من 90% من مدارس غزة جراء القصف الإسرائيلي، وفقا لتقرير صادر عن مجموعة "Global Education Cluster"، التي تديرها اليونيسيف وSave the Children.

Related"أرقام صادمة".. عدد أطفال غزة الذين قتلوا خلال أشهر يفوق عددهم خلال 4 أعوام من النزاعات بالعالم"طفلي حُرم من كل شيء".. أطفال غزة يموتون ببطء والمناشدات تتعالى لإنهاء المعاناةأطفال غزة يتضورون جوعا حتى الموت.. فادي الزنط يتحول إلى هيكل عظمي ووالدته تناشد لانقاذه

وأشار التقرير إلى أن نحو 85% من هذه المدارس دمرت بشكل يتطلب إعادة بناء كاملة، ما قد يستغرق سنوات. كما تضررت جامعات غزة أيضا.

فلسطينيون يحتمون من القصف الإسرائيلي في مدرسة بخان يونس بقطاع غزة، الأربعاء 4 سبتمبر 2024.أ ب

تم تهجير حوالي 1.9 مليون شخص من أصل 2.3 مليون نسمة في غزة من منازلهم، وجمعوا في مخيمات خيام تفتقر إلى أنظمة المياه والصرف الصحي، أو في مدارس الأمم المتحدة والحكومة التي تحولت إلى ملاجئ.

قال مؤمن قديح إن أطفاله كانوا يستمتعون بالمدرسة قبل اندلاع الحرب، وأضاف: "كانوا طلابا متفوقين، وقد ربيناهم بشكل جيد".

لكن الآن، يعيش هو وأبناؤه الأربعة وابنته في خيمة بمقبرة في خان يونس بعد أن اضطروا للفرار من منزلهم. وأوضح قديح أن الأطفال يشعرون بالخوف من النوم بجانب القبور، ولكنهم ليس لديهم خيار آخر. 

طفل نازح يحمل زجاجات مياه ممتلئة في مخيم مؤقت يقع في دير البلح، وسط قطاع غزة، يوم الخميس 29 أغسطس 2024.أ ب

تقتات العائلة من خلال جمع الحطام الناتج عن الغارات الجوية والقصف، وتحويله إلى مسحوق يباع لبناء قبور جديدة.

اعلان

ويبدأ قديح وأطفاله يومهم عند الساعة السابعة صباحا بالبحث بين الأنقاض، ويعملون بجد لتحويل الخرسانة إلى مسحوق يبيعونه. وعندما يكون نهارهم جيد، يكسبون حوالي 15 شيكل (4 دولارات) من بيع المسحوق.

قال قديح، الذي أصيب في حرب غزة عام 2014، إنه لا يستطيع القيام بالعمل بمفرده، وأضاف: "أبكي عليهم عندما أراهم بأيديهم الممزقة. إنهم لا يستطيعون النوم في الليل بسبب الآلام، ويرقدون على فراشهم كما لو كانوا موتى".

أطفال نازحون يفرزون القمامة في أحد شوارع دير البلح وسط قطاع غزة، الخميس 29 أغسطس 2024أ بالأطفال يفتقدون التعليم

وفي ظل هذه الظروف الصعبة، تسعى مجموعات الإغاثة لتوفير بدائل تعليمية، رغم أن الجهود محدودة بسبب تزايد الاحتياجات الأخرى.

تدير اليونيسف ووكالات الإغاثة الأخرى حاليا 175 مركزا تعليميا مؤقتا، قدمت الدعم لحوالي 30 ألف طالب بفضل 1200 مدرس متطوع. تقدم هذه المراكز دروسا في القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى أنشطة لدعم الصحة العقلية والتنمية العاطفية.

اعلان

لكن هذه المراكز تواجه صعوبات في الحصول على الإمدادات الأساسية مثل الأقلام والورق والكتب، حيث تعتبر الإغاثة من الغذاء والدواء أكثر إلحاحا.

تظهر هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو ساحة مدرسة بعد قصفها بغارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة يوم السبت 10 أغسطس 2024.أ ب

في أغسطس/آب، أطلقت الأونروا برنامج "العودة إلى التعلم" في 45 من مدارسها التي تحولت إلى ملاجئ، لتقديم أنشطة للأطفال مثل الألعاب والفنون والموسيقى.

لطالما كان التعليم من أولويات الفلسطينيين، حيث كان معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في غزة مرتفعا، ويبلغ حوالي 98%. ومع ذلك، تواصل الأزمات تعميق معاناة الأطفال، حيث يفتقدون التعليم والاستقرار، مما يتركهم في حالة من عدم اليقين تجاه المستقبل.

المصادر الإضافية • أ ب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية خطة تطعيم عاجلة ضد شلل الأطفال في غزة: 640 ألف طفل و1.3 مليون جرعة في 72 ساعة غزة: ما ظل فينا حيل.. صرخة فلسطيني لا يجد شربة ماء ولا يعرف لمن يشكو مآسيه ومن يصغي لشكواه ويجديه تقرير: أرقام "صادمة".. أوضاع أطفال غزة والضفة الغربية "مأساوية".. إسرائيل تقتل أربعة أطفال كل ساعة اليونسيف تعليم حركة حماس غزة أطفال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next حرب إسرائيل على غزة تقترب من عامها الأول: قصف متواصل والموت والوباء يعصفان بالقطاع المنكوب يعرض الآن Next قُبيل المناظرة الرئاسية الأولى: هاريس تنعزل في فندق وترامب يجتمع بالخبراء يعرض الآن Next زيلينسكي يكشف "أهدافا" داخل روسيا يريد ضربها بالأسلحة الغربية البعيدة المدى يعرض الآن Next الجزائر تنتخب رئيساً من بين 3 مرشحين... وتبون الأوفر حظا يعرض الآن Next بعد الصين.. إعصار ياجي يضرب شمال فيتنام ويتسبب في إغلاق المطارات وإجلاء الآلاف اعلانالاكثر قراءة مصرع 17 طالباً وإصابة 13 آخرين في حريق بمدرسة داخلية في كينيا بسبب "خطر الاعتقال التعسفي".. فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى أذربيجان وباكو ترد "حملة تشويه" الجزائر تفتح صناديق الاقتراع للرئاسة غدًا وسط أجواء انتخابية باهتة وضعف في الحملات الدعائية فرنسا: الضحية المغتصبة من عشرات الذكور بدعوة من زوجها تدلي بشهادتها أمام المحكمة ملك الماوري الذي دعا إلى الوحدة في نيوزيلندا يوارى الثرى.. غاب ملك وحضرت ملكة اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي إسرائيل غزة أوروبا روسيا الضفة الغربية الصين المجر السيارات فلسطين بنيامين نتنياهو Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي إسرائيل غزة أوروبا روسيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي إسرائيل غزة أوروبا روسيا اليونسيف تعليم حركة حماس غزة أطفال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي إسرائيل غزة أوروبا روسيا الضفة الغربية الصين المجر السيارات فلسطين بنيامين نتنياهو السياسة الأوروبية یعرض الآن Next الأطفال فی أطفال غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

دراسة تشير لخطر يصيب الأطفال نتيجة انشغال آبائهم بهواتفهم الذكية

كشفت نتائج دراسة حديثة أُجريت في إستونيا، ونُشرت يوم الخميس الماضي، في المجلة الأكاديمية "Frontiers in Developmental Psychology"، عن تأثير سلبي خطير جديد، ناتج عن استخدتم الآباء لهواتفهم الذكية، بخلاف أنه مجرد "سلوك سيء" من جانبهم.

وخلصت الدراسة، أن التصاق الآباء أمام شاشات هواتفهم يؤدي إلى إعاقة نمو اللغة لدى أطفالهم، وذلك نتيجة عدم تحدثهم معهم.

ووفقا لمسح أُجري على آباء 421 طفلا إستونيا، تتراوح أعمارهم بين عامين ونصف و4 أعوام، فإن الآباء الذين استخدموا الشاشات أكثر لديهم أطفال يستخدمون الشاشات أكثر، وكان لدى هؤلاء الأطفال قدرة أقل في قواعد ومفردات اللغة.

وأكدت الدراسة في مضمونها، على أن التفاعلات اللفظية مع الآباء، هي إحدى الطرق الحاسمة التي يتعلم بها الأطفال اللغة.

كما توصلت الدراسة إلى أن مشاهدة الأطفال للشاشات مع والديهم، لا تساعدهم على تحسين مهاراتهم اللغوية، وهو الاستنتاج الذي يدعم أبحاثا أخرى، تشير إلى أن الأطفال الأصغر سنا لا يتعلمون جيدا من خلال الشاشات.

وعلى سبيل المثال، فقد أثبتت دراسة أُجريت، في سبتمبرعام 2013، تعلم أطفال تتراوح أعمارهم بين 24 و30 شهرا، أفعالا جديدة، عندما تم تعليمهم إياها من خلال تفاعل مباشر أو حتى من خلال نقاش عبر الفيديو، ولكن ليس من خلال مشاهدة مقطع فيديو.

مقالات مشابهة

  • لازاريني: نواجه تحديًا لتزويد أطفال غزة بجرعة ثانية ضد شلل الأطفال
  • «الأونروا»: نواجه تحديا لتزويد أطفال غزة بجرعة ثانية ضد الشلل
  • كاتب صحفي: إسرائيل مستمرة في تدمير غزة.. والمنشآت التعليمية خارج الخدمة للعام الثاني
  • دراسة تشير لخطر يصيب الأطفال نتيجة انشغال آبائهم بهواتفهم الذكية
  • اليونسيف .. %19 من أطفال الأردن يعيشون في فقر غذائي شديد
  • «الصحة العالمية»: اكتمال تطعيم أطفال غزة بالجرعة الأولى ضد شلل الأطفال
  • 200 طفل من المحافظات الحدودية فى جولة بمرسى مطروح
  • اليونيسيف: أطفال غزة يدفعون ثمن وحشية قوات الاحتلال الإسرائيلي
  • «الصحة العالمية» : اكتمال تطعيم أطفال غزة بالجرعة الأولى ضد شلل الأطفال
  • الصحة العالمية تعلن اكتمال تطعيم أطفال غزة بالجرعة الأولى