لجريدة عمان:
2024-11-15@08:01:38 GMT

من راشيل إلى عائشة نور: شهداء التضامن مع فلسطين

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

وإذن، عائشة نور لم يكن لها من اسمها المركب إلا الجزء الثاني، النور الذي يسطع من وجوه الشهداء. بيولوجيا لم تعد عائشة الآن، منذ أن صوّب قنّاص إسرائيلي رصاصة على رأسها يوم الجمعة، لكنها ستظل مع ذلك عائشة في وجدان الفلسطينيين الذين ضحت بحياتها من أجلهم، وفي قلوب كل الضمائر الحرة التي لا ترضى بالظلم والطغيان، مثلما عاشت قبلها راشيل كوري، وتوم هرندل، وعشرات الشهداء المتضامنين مع القضية الفلسطينية.

ولا يهم الآن أن نقول إن جنسية عائشة نور أمريكية أم تركية، ما دامت ردة فعل العالم كله على قتلها بدم بارد، هي واحدة تقريبا، التجاهل التام، وفي أحسن الأحوال التعبير عن الأسف والقلق والانزعاج مثلما عبّر المسؤولون الأمريكيون في تعقيبهم على هذه الجريمة الإسرائيلية في حق مواطِنتِهم، وكأنهم يتحدثون عن قطة رأوها بالصدفة مدهوسة في الشارع.

لكن «عائشة نور إزجي إيجي» ليست قطة، بل إنسانة تحمل في داخلها كل معاني النبل والإنسانية، يكفي أنها تركتْ بلدها وأهلها لتتضامن مع شعب محتلّ منذ ستة وسبعين عاما. استُشهِدتْ خلال مشاركتها في مسيرة احتجاجية في نابلس في الضفة الغربية المحتلة وهي في عمر الزهور، إذ لم يتجاوز عمرها ستة وعشرين عاما. وكانت قد وصلت إلى الضفة الغربية قبل أيام قليلة فقط من استشهادها؛ تحديدا يوم الثلاثاء الماضي. جاءت متطوعة في حركة التضامن الدولية التي تُعرف اختصارا (ISM)، لحماية المزارعين الفلسطينيين الذين يواجهون يوميا اعتداءات المستوطنين والجنود الإسرائيليين.

وما دمتُ ذكرتُ حركة الـ(ISM) فيجدر بي أن أُذَكِّر أن عائشة نور هي شهيدتُها الثالثة منذ تأسيسها عام 2001 لدعم المقاومة الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، وتركز هذه الحركة على التضامن الدولي والمقاومة السلمية كأدوات للتغيير، من خلال تنظيم احتجاجات سلمية، ومرافقة المتضامِنين للفلسطينيين في حياتهم اليومية، والوقوف كدروع بشرية لحمايتهم من الاعتداءات، كما فعلتْ عائشة نور بمشاركتها في حملة «فزعة» لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين، ولَكَم نجحتْ ISM في تسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين، وجَذبتْ انتباه الإعلام الدولي لتلك الانتهاكات.

مَنْ يَنسى مثلًا راشيل كوري؛ أولى شهيدات حركة التضامن الدولية، وإحدى أبرز الناشطات فيها. كانت راشيل طالبة في الجامعة عندما انضمت إلى ISM لدعم المقاومة السلمية الفلسطينية. في مارس من عام 2003، توجهت راشيل، الشابة البالغة من العمر أربعًا وعشرين سنة، إلى قطاع غزة، بهدف المشاركة في جهود الحماية المدنية للمنازل الفلسطينية التي كانت تتعرض للهدم اليومي من قبل جيش الاحتلال. في السادس عشر من مارس 2003 تحديدا، وقفت راشيل كوري أمام جرافة إسرائيلية كبيرة كانت تحاول هدم منزل مواطن فلسطيني في مدينة رفح. ورغم ارتدائها سترة برتقالية واضحة للعيان، إلا أن الجرافة تعمّدتْ دهسها مرتين، مما أدى إلى إصابتها بجروح قاتلة واستشهادها على الفور. ما يهمني أن أذكر في هذه العجالة ما قالته راشيل في رسالتِها الأخيرة إلى أهلها عن معاناة الفلسطينيين: «أعتقد أن أي عمل أكاديمي، أو أي قراءة، أو أي مشاركة في مؤتمرات، أو مشاهدة أفلام وثائقية، أو سماع قصص وروايات، لم تكن لتسمح لي بإدراك الواقع هنا، ولا يمكن تخيل ذلك إذا لم تشاهده بنفسك، وحتى بعد ذلك تفكر طوال الوقت بما إذا كانت تجربتك تعبر عن واقع حقيقي».

أثار استشهاد راشيل في ذلك الوقت صدمة عالمية، وأصبحت رمزًا للتضامن الدولي مع القضية الفلسطينية. وكعادته؛ أجرى الجيش الإسرائيلي تحقيقًا داخليًّا صوريًّا، ذرًّا للرماد في العيون، ادعى فيه أن سائق الجرافة لم يستطع رؤيتها، على النقيض مما شهد به الصحفيون الأجانب الذي كانوا يغطّون عملية هدم منازل الفلسطينيين في اليوم ذاته، وتوصل «التحقيق» في نهايته -وكما كان متوقّعًا- إلى تبرئة ساحة الجندي الذي قتلها، معتبرًا أن الحادث كان «غير مقصود»!

في الفترة نفسها التي استُشْهِدتْ فيها راشيل كان أحد الموجودين في غزة متضامنا بريطانيا شابا اسمه توم هرندل، كان هو الآخر عضوًا في حركة التضامن الدولية (ISM). عبر هرندل عن استيائه من تغطية الإعلام العالمي لاستشهاد راشيل، وكتب في مذكراته: «أتساءل كم من الناس سمع عن مقتل راشيل كوري، وكم منهم عَدَّ ذلك مجرد حادثة أخرى، مجرد رقم آخر»! في 11 أبريل 2003، وأثناء وجوده مع متضامنين آخرين من حركة ISM، لاحظ هرندل ثلاثة أطفال فلسطينيين في مرمى إطلاق النار من قبل قناصة إسرائيليين، فهبّ من فوره محاولا إنقاذهم، وخلال احتضانِه طفلة فلسطينية وهو يركض، أطلق قناص إسرائيلي عليه رصاصة في الرأس، (تماما كما سيحدث بعد واحد وعشرين عاما مع عائشة نور)، رغم أن هرندل كان مدنيًّا يرتدي -كما راشيل- سترة برتقالية تشير إلى أنه متطوع دولي غير مسلح. وبسبب إصابته البليغة، دخل توم هرندل في غيبوبة نُقِل على إثرها إلى أحد مستشفيات لندن، إلا أنه ظل في غيبوبته تلك أكثر من تسعة أشهر، حتى توفاه الله في 13 يناير 2004، عن عمر ناهز 22 عاما.

استشهاد هرندل أثار أيضا غضبا دوليا، ورغم محاولات إسرائيل نفي المسؤولية في البداية، إلا أن ضغط عائلة هرندل ومنظمات حقوق الإنسان أدى إلى فتح تحقيق في الجريمة، وحُكِم على الجندي الإسرائيلي بالسجن لمدة أحد عشر عامًا ونصف، قضى منها في الحبس ستّ سنوات ونصف فقط بسبب «حسن السلوك»!

واقع الحال يؤكد إذن أنه رغم التضحيات الكبيرة التي يبذلها المتضامنون مع قضية فلسطين العادلة إلا أن التضامن مع الشعوب المظلومة لن يتوقف، واستشهاد عائشة نور يوم الجمعة الماضي، مثله مثل استشهاد راشيل كوري وتوم هرندل قبل أكثر من عشرين عاما، يذكرنا بأن النضال من أجل الحرية والعدالة لغةٌ عالمية، يتحدثها كل ضمير حرّ، ويفقهها كل إنسان نبيل، وأن رفض الظلم هو فطرة متأصلة داخل الإنسان لا يُمكن كبتُها أبدا.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عائشة نور ا راشیل إلا أن

إقرأ أيضاً:

براتب 7 آلاف جنيه.. التضامن تعلن عن فرص عمل للإناث فقط

أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، عبر منصة فرصنا، عن توفر وظائف شاغرة للإناث فقط في العديد من الشركات الخاصة، والتي تقدم حزمة من المزايا تشمل التأمين الصحي والاجتماعي وحساب ساعات العمل الإضافية.

يوفر موقع «فرصنا» قاعدة بيانات واسعة بفرص العمل المخصصة للنساء، مع عرض تفصيلي لكل وظيفة والشروط اللازمة للتقديم عليها

فرص عمل فرص عمل للإناث

تعلن شركة متخصصة في مجال التسويق بمدينة نصر عن حاجتها لموظفة استقبال وسكرتارية، يشترط أن الآتي:

شروط الوظائف

السن المطلوب: 24 - 35 سنة

سنتان خبرة على الأكثر

مؤهل عالٍ

اللغة الإنجليزية: جيد

الراتب الأساسي: يتراوح من 4500 - 5000 جنيه مصري

مزايا الوظيفة

-يتم احتساب الوقت الإضافي

-توفر تأمينات اجتماعية

كما تعلن إحدى الشركات في المقطم عن وظيفة مشرفة مبيعات تيلي سيلز «إناث» تشترط الآتي:

سنتان خبرة على الأقل

السن المطلوب: 25 - 37 سنة

الراتب قابل للتفاوض

فرص عمل شروط التقديم على فرص العمل للإناث

-يشترط قرب السكن القاهرة - الجيزة

-يتم التواصل مع العملاء الحاليين والعمل على جذب عملاء جدد للمؤسسة

-كما يتم تطوير وتحديث المعلومات عن المنتجات وإيصالها للعملاء

- بالإضافة إلى تقديم عينات للعملاء المحتملين لكسب ثقتهم.

- وتحليل المنافسين ورصد ومتابعة أداء الأسواق.

- يجب متابعة إجراءات التسليم وتقديم الطلبات وحل مشكلات العملاء.

-كما يجب امتلاك مهارات البيع المختلفة وإعداد خطط المبيعات الدورية.

كما تتوفر فرصة عمل ممتازة لسكرتيرة تنفيذية في إحدى الشركات الكبرى بالتجمع الخامس، وجاءت الشروط كما يلي:

الراتب الأساسي: 6000 - 7000 جنيه مصري

خبرة متوسطة

27 - 32 سنة

يشترط الحصول على مؤهل عالٍ

فرص عمل تفاصيل الوظيفة

يتم اختيار أول لمن لها خبرة في المبيعات أو متابعة العملاء في التعيينات

كما يشترط قرب السكن من فرع التجمع الأول.

أن تكون شخصية ملتزمة قيادية نظامية.

لديها خبرة ممتازة في الورد والإكسيل.

تمتلك خبره في البحث علي الانترنت.

لديها خبره في المتابعة والأعمال التنفيذية.

ممنوع المتزوجات شرط أساسي للتفرغ والتركيز في العمل

تبدأ مواعيد العمل من 10 صباحا إلى 6 مساء والجمعة إجازة أسبوعية.

طريقة التقديم على الوظائف

على السيدات الراغبات في استكشاف التقدم للوظيفية المتاحة، زيارة الموقع الإلكتروني الرسمي لـ«فرصنا» للاطلاع على التفاصيل والتقديم

اقرأ أيضاًشهادات وفرص عمل وهمية.. سقوط المتهم بالنصب على المواطنين بمدينة نصر

فرص عمل للأطباء بالسعودية.. الراتب والتخصصات

مقالات مشابهة

  • 3 شهداء في قصف مناطق عدة بدير البلح
  • فلسطين.. 3 شهداء جراء قصف إسرائيلي لشقة سكنية وسط مدينة دير البلح
  • فلسطين.. شهداء وإصابات في قصف الاحتلال خيمة للنازحين بمنطقة الزوايدة وسط قطاع غزة
  • تدشين سفارة نيكاراغوا بالجزائر
  • فلسطين.. 5 شهداء في قصف الاحتلال مجموعة من المواطنين في مخيم المغازي
  • 10 شهداء بقصف على جباليا
  • العراق خارج القائمة.. الدول التي تضم أعلى عدد من المفاعلات النووية
  • براتب 7 آلاف جنيه.. التضامن تعلن عن فرص عمل للإناث فقط
  • تعرف على حاملة الطائرات ابراهام التي دكتها القوات اليمنية ..
  • الحزب الكردي: تركيا تحتاج إلى مصالحة مجتمعية