بعد حرب دامية استمرت لأكثر من 3 سنوات ظلت شبه الجزيرة الكورية مسرحًا للتوتر حتى عام 1953 والتي انتهت بهدنة، دون توقيع أي معاهدة سلام بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وخلال سنوات القتال، تسببت الحرب في مقتل وتشريد الملايين، وبعد انتهاء الصراع، شهدت شبه الجزيرة الكورية توترات متكررة هددت بانهيار الهدنة واستئناف القتال، وكان من أبرز هذه التوترات في عام 1994، حين أثار البرنامج النووي لكوريا الشمالية مخاوف دولية، ما دفع الولايات المتحدة إلى التهديد بتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية في بيونج يانج، وأثار مخاوف من اشتعال الحرب مجددًا، بحسبما ذكرته قناة «العربية».

كوريا الشمالية التحدي الذي يواجهه أمريكا

وفي فبراير 1994، تولى وليام بيري منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، الذي انتصر في الانتخابات الرئاسية عام 1992، واعتبر بيري النظام الشيوعي في كوريا الشمالية التحدي الأكبر الذي يواجهه، في خطوة جادة، دعا وزير الدفاع الأمريكي إلى الضغط على كيم إيل سونج، زعيم كوريا الشمالية حينها، من أجل قبول تواجد مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في منشآتها النووية.

وفي مارس 1994، حذر «بيري» كوريا الشمالية من أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع تطوير بيونج يانج لأسلحة نووية، وأكد بيري على عدم وجود نية لشن حرب ضد كوريا الشمالية، لكنه دعا المسؤولين العسكريين الأمريكيين للبقاء في حالة تأهب، وفي مايو 1994، بدأت كوريا الشمالية بإزالة الوقود النووي من مفاعل يونجبيون، رافضةً دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنطقة، وبعد ذلك، أعلنت كوريا الشمالية انسحابها من الوكالة ومن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

بيري يضع 3 خيارات لمواجهة التطور الخطير

ومواجهة هذا التطور الخطير، وضع بيري أمام الرئيس كلينتون ثلاثة خيارات:

- تشديد العقوبات الدولية على كوريا الشمالية عن طريق فرض ضغط اقتصادي ودبلوماسي أكبر على بيونج يانج لثنيها عن برنامجها النووي.

- شن غارات جوية محدودة باستخدام طائرات إف 117 نايت هوك لتدمير منشآتها النووية.

- التجهيز لعمل عسكري واسع النطاق ضد كوريا الشمالية في حالة فشل الخيارات السابقة.

اتفاق تاريخي بين بيونج يانج وواشنطن

وبعد اجتماعه مع وليام بيري، مال كلينتون نحو الخيار العسكري، وأمر بتعزيز القوات الأمريكية استعدادًا لعمل عسكري محتمل، إلا أنه تراجع عن هذا المسار بعد أن نجحت المفاوضات بين الرئيس السابق جيمي كارتر وزعيم كوريا الشمالية كيم إيل سونج، فاختار بدلاً من ذلك الانخراط في مسار دبلوماسي لحل الأزمة.

وفي 21 أكتوبر 1994، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية في جنيف بعد مفاوضات مطولة.

بنود الاتفاقية:

تعهدت الولايات المتحدة، بالتعاون مع اليابان وكوريا الجنوبية، بتقديم مساعدة مالية بقيمة 4 مليارات دولار لبناء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف في كوريا الشمالية، وستحل هذه المفاعلات محل تلك القائمة التي يمكنها إنتاج البلوتونيوم.

ومن جانبها، وافقت كوريا الشمالية على السماح للمفتشين الدوليين بدخول منشآتها النووية، مقابل رفع العقوبات الدولية عنها، وضمان حصولها على الوقود الثقيل لتوفير الطاقة الكهربائية.

أمريكا تكشف سرًا لكوريا الشمالية

وساهم اتفاق جنيف لعام 1994 في تهدئة التوتر الشديد الذي كان يسود شبه الجزيرة الكورية، وقد سهَّل حصول هذه الاتفاقية الظروف السياسية في كوريا الشمالية آنذاك، حيث كانت تمر بمرحلة انتقالية عقب وفاة كيم إيل سونج وتولي ابنه كيم جونج إيل مقاليد الحكم، وقد أدى هذا التحول السياسي إلى استعداد أكبر للتفاوض من جانب بيونج يانج، ما سهل التوصل إلى الاتفاق.

وفي عام 2002، كشفت الولايات المتحدة عن معلومات استخباراتية تشير إلى أن كوريا الشمالية تنتهك اتفاق جنيف لعام 1994 وتعمل سرا على تطوير برنامج نووي، نتيجة لذلك أوقفت واشنطن تزويد بيونج يانج بالوقود النووي ورفضت تنفيذ بنود الاتفاقية، وردا على ذلك، أعلنت كوريا الشمالية رسمياً في نفس العام عن انسحابها من اتفاق جنيف، واستمرت في توسيع برنامجها النووي.

وفي عام 2003، توّجت كوريا الشمالية خروجها من اتفاق جنيف بانسحابها من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ما عزز مخاوف العالم من خطورة الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية.

في عام 2005، اعترفت كوريا الشمالية بامتلاكها برنامجًا لتطوير الأسلحة النووية، وفي 9 أكتوبر 2006، أعلنت بيونج يانج عن نجاح أول تجربة نووية لها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية كوريا الشمالية كوريا الجنوبية الحرب الكورية الحرب النووية نووي منشآت نووية شبه الجزیرة الکوریة الولایات المتحدة کوریا الشمالیة بیونج یانج اتفاق جنیف فی عام

إقرأ أيضاً:

بمكالمة هاتفية..ترامب يعد بحل المشاكل مع كوريا الشمالية وإيران

قال المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، أمس الجمعة، إنه سيحل "معظم المشاكل" مع كوريا الشمالية وإيران، بـ"المكالمات الهاتفية" وربما المحادثات الشخصية، وذلك بعد كشف نادر من بيونغ يانغ عن منشأة نووية جديدة، وتصدير طهران صواريخ إلى روسيا.

وحسب وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية أمس السبت، سلط ترامب الضوء على مهاراته في السياسة الخارجية، في مؤتمر صحافي عقده في ناديه للغولف في لوس أنجليس، بعد أن أظهرت استطلاعات رأي مختلفة تقارب الرئيس السابق ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وقال ترامب: "يمكنني إجراء مكالمات هاتفية، وحل معظم المشاكل. وربما علي أيضاً مقابلتهم عدة مرات".

Trump says he'll be able to solve 'most' problems related to N. Korea, Iran via 'phone calls' https://t.co/6eleTT8q4P

— Yonhap News Agency (@YonhapNews) September 13, 2024

وجاء ذلك رداً على سؤال عن الكيفية التي سيتعامل بها مع خصوم أمريكا المحتملين، بعد كشف كوريا الشمالية منشأة لتخصيب اليورانيوم هذا الأسبوع، وشحنة إيران المزعومة من الصواريخ الباليستية إلى روسيا، إذا أعيد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وكما في مناظرته مع هاريس، الثلاثاء الماضي، استشهد ترامب برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي قال: "الجميع كانوا خائفين من ترامب". وأوضح ترامب "قال إن الصين خائفة، وروسيا خائفة، وكوريا الشمالية خائفة".

ومع كوريا الشمالية، فقد تفاخر ترامب بعلاقته الطيبة وتبادل "رسائل الحب" مع الزعيم كيم جونغ أون، ما أثار التكهنات بأنه إذا عاد إلى البيت الأبيض، قد يحيي دبلوماسيته الشخصية مع كيم.

ولكن هاريس قالت إنها لن "تتقرب من الطغاة والدكتاتوريين مثل كيم"، ما أثار التوقعات بأنها ستركز على ترسيخ شبكة  التحالفات الأمريكية، لتعزيز الردع لكوريا الشمالية، إذا فازت بالسباق إلى البيت الأبيض.

مقالات مشابهة

  • كوريا الشمالية ربما كشفت عن موقع غير معلن لصنع القنابل النووية.. لماذا بهذا التوقيت؟
  • الجيش الأوكراني يعلق على إمدادات كوريا الشمالية لروسيا بالأسلحة
  • الاستخبارات الأوكرانية: كوريا الشمالية أكبر تهديد لنا بين جميع حلفاء روسيا
  • ماذا يحدث للجسم عند لمس الخشب؟.. مفاجأة صحية غير متوقعة
  • الحرب العالمية الثالثة تقترب.. ”مجنون” كوريا الشمالية ينشّط ”الماكينة النووية” استعدادا لضربة وقائية
  • وكوريا الشمالية تستعرض عضلاتها النووية
  • فوز الإسلاميين في انتخابات البرلمان الأردني.. مفاجأة أم نتيجة متوقعة؟
  • بمكالمة هاتفية..ترامب يعد بحل المشاكل مع كوريا الشمالية وإيران
  • زعيم كوريا الشمالية يقول إنه سيوسع التعاون مع روسيا في المستقبل
  • مفاجأة غير متوقعة في جريمة مـقـتـل شاب حرقًا على يد مؤثرة شهيرة