جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-20@11:11:20 GMT

أحاديث عن التاريخ ومُفارقاته!

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

أحاديث عن التاريخ ومُفارقاته!

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

"وأنّ تأريخ أيّ أمّة كانت، في قراءته لا يخرج عن العناصر الثّلاثة: الماضويّة البشريّة المطلقة، والظّرفيّة التّأريخيّة، والسُّننيّة الكونيّة المجتمعيّة، فهو ماضٍ من حيث الأصالة، قد تستمر بعض آثاره إن كانت قريب الذّاكرة" بدر العبري.

*******

 

أحاديث التاريخ لا تنتهي، ولايكل منها المهتم ولا يمل، سيكون البحث في هذا المقال عن الشهادات الشفوية عن الأحداث بمختلفاتها وما مضى من الزمان، ولا شك لكل شهادة ظروفها وهي شهادة إنسان يفترض فيه الوعي العقلي، ولا بُد أنه يحب ويكره، ويؤيد ويرفض، ويستحسن ويمتنع ويمتعض، هنا أحدثك عن حالة إنسانية يفترض بها كل شئ من إشارات الإحساس .

قرأتُ كتبًا كثيرة عن التاريخ و تحليلاته ومتحولاته وظروفه وحسناته ومساوئه، لكني كنت أنشد القراءة الصحيحة للحدث- أقصد أي حدث تاريخي- ولأكون صريحًا فقد وصلت لانطباع قد يوافقه الكثير، وممكن يجد له من الاعتراض الشئ الكثير، وهو أن كتابة التاريخ صعبة مرهقة متعبة بل و خطرة، لذلك كنت أتعامل في القراءة وفي ذهني تقدير دقيق وفقا للظروف الزمانية والمكانية لكاتب التاريخ الذي كنت أقرأ كتابته، وكنت أحاول قدر الإمكان التوسع في قراءة الحدث المقصود من مصادر أخرى كي تتسع المدارك ويرتبط الفهم بعدة كَتَبةٍ، هنا ليس القصد الطعن بمصداقية، إنما تقدير للظروف الزمانية والمكانية للحدث كما أسلفت.

قبل سنوات، كنتُ في مهمة تتعلق بالدراسة وهي عن الشهادات الشفوية لأناس عاصروا حدثًا مُعينًا، والتاريخ الشفوي هو التاريخ المروي من المعاصرين لحدث ما يقصد تأريخه، وأثناء البحث في هذه الدراسة قابلت عددًا قليلًا من المعاصرين للحدث الذي كنت أنوي تأريخه وتدوينه، وغني عن الذكر أن الذين اخترتهم هم من يملكون العقل الواعي، والذاكرة المنضبطة، إنما وجدتُ أن شهادة كل شخص من هؤلاء مختلفة ليست في التفاصيل وحسب؛ بل حتى في بعض الخطوط العامة للحدث!

بالطبع هناك قواسم مشتركة مُتفقٌ عليها في كل حدث، الوقت والمكان وعناصر الحدث، غير ذلك يبدأ الاختلاف حوله، أتذكرُ أني أوقفت الدراسة لإن الإخلال بها بدأ منذ شهادة الشهود المعاصرين، هذا الأمر لحدث لم يتعد زمنيا نصف قرن، فما بالك وتصور الأحداث قبل هذا الزمان وكيف تم تأريخها.

التأريخ الشفوي من أكثر أنظمة التاريخ التي دار- ولا يزال- يدور حولها الجدل، لأسباب أهمها شخصية الشخص الذي تؤخذ منه الأخبار المراد تأريخها، وعلاقة ذلك بأمور كثيرة، وكذلك البنية الآيديولوجية لكاتب التاريخ، لها تأثيرها المؤثر.

المغزى هو في قراءة التاريخ أو بعضه على الأقل، لاتصدق كل شئ، ولاتكذب كل شيء، وشغل في نفسك خاصية التفكير النقدي، والبحث في المصادر والمراجع الموثوقة، وليتك تصل إلى نسبة معقولة من صحيح الحدث.

لا تنس أن الحاضر ممتد من الماضي، ويحمل إرهاصات لا ينبغي تجاهلها، والمستقبل هو استمرار للحاضر إن كان بنفس العقلية والفهم.

قال تعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ" (الرعد: 11).

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انشقاقات البعث العراقي.. شهادة من قلب القيادة اليسارية.. كتاب جديد

في كتاب "البعث كما عرفته"، الصادر مؤخرا عن دار الحكمة في لندن، يقدم الأستاذ محمد رشاد الشيخ راضي شهادته من داخل حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ليكشف القارئ عن تفاصيل صراعات السلطة والسياسات الداخلية التي لم تُروَ من قبل.

لكن لفهم عمق هذه الشهادات، لا بد من وضعها في السياق التاريخي للحزب في العراق.

تأسس البعث في العراق بعد انشقاقه عن جناحه السوري، ليصبح قوة سياسية مركزية وصلت إلى السلطة في انقلاب 1968. وامتدت هيمنته لعقود تحت قيادة أحمد حسن البكر وصدام حسين، حيث سيطر على مؤسسات الدولة والجيش والأجهزة الأمنية، مستخدمًا شعارات الوحدة العربية والاشتراكية لتبرير سيطرته. لكنه لم يكن حزبًا موحدًا؛ فقد شهد العديد من الانشقاقات والصراعات الداخلية بين جناح القيادة المركزية والجناح اليساري، وهو ما جعله مسرحًا لصراعات شخصية وأيديولوجية في الوقت ذاته.

داخل هذا الإطار، يسرد الشيخ راضي تجربته الممتدة لعقود كعضو قيادة قطر العراق وعضو احتياطي في القيادة القومية للبعث اليساري ـ جناح سوريا، كاشفًا كيف تحولت المبادئ القومية إلى صراعات على النفوذ والسلطة، مع توثيق أسماء مسؤولين وأحداث دقيقة لم تُكشف سابقًا.

ورغم الجرأة في الكشف عن هذه الحقائق، ظل المؤلف متمسكًا بـ البعث اليساري وقيمه القومية، رافضًا الخضوع لقوانين اجتثاث البعث أو التنصل من أفكاره، ما يجعل الكتاب شهادة تاريخية نادرة على مرحلة مفصلية من التاريخ العراقي الحديث.

في هذه المذكرات لعضو قيادة قطر العراق والعضو الاحتياط في القيادة القومية الحزب البعث العربي الاشتراكي اليساري جناح سوريا الأستاذ محمد رشاد الشيخ راضي، سيجد القارئ سردية تاريخية وبتفاصيل دقيقة عن مسيرته في حزبه..يقول المحرر في تعريف بمضامين الكتاب الصادر عن دار الحكمة في لندن: "في هذه المذكرات لعضو قيادة قطر العراق والعضو الاحتياط في القيادة القومية الحزب البعث العربي الاشتراكي اليساري جناح سوريا الأستاذ محمد رشاد الشيخ راضي، سيجد القارئ سردية تاريخية وبتفاصيل دقيقة عن مسيرته في حزبه، فقد نبه عن أحداث كانت بعيدة عن الأضواء، وكشف بالأسماء من دون تردد عن الصراع بين رفاقه حول المصالح الشخصية وليس من أجل الحزب وبناء تنظيمه، ووصل هذا الصراع إلى حد القتل والتصفيات الجسدية لبعضهم البعض الآخر".

وأضاف: "يبدو لي أن صراحة ما ورد في هذه المذكرات جاءت على غرار مذكرات البعثيين العراقيين الذين انتقدوا حزبهم وممارسات رفاقهم مثل هاني الفكيكي في كتاب أوكار الهزيمة، وخالد علي الصالح في كتاب "على طريق النوايا الطيبة"، ومحسن الشيخ راضي في كتاب "كنت بعثياً".

وأشار المحرر إلى أن "محمد رشاد الشيخ راضي اختلف معهم من دون استثناء في مسألة تعد تحدياً للوضع السياسي القائم في العراق وسلطة قانون اجتثاث البعث، فقد بقي مصراً على اعتزازه بحزب البعث العربي الاشتراكي “اليساري”، ويُعلن صراحة بأنه متمسكاً بأهداف حزبه القومية ويرفض اقتران حزبه اليساري بحزب وبعث صدام اليميني."

وأنهى المحرر تقديمه للكتاب بالقول: "على الرغم من الجفاء ونكران الجميل الذي يواجهه من أصدقاء الأمس المتمثلة في أغلب القوى السياسية الحاكمة في العراق، فقد كانت تستظل تحت ظلال حزب البعث اليساري في سوريا وتعمل معه ضد النظام العراقي، ولم يكونوا في صف معادي للبعث "اليساري"، لكنهم انقلبوا عليه عندما تربعوا على كراسي الحكم".

"البعث كما عرفته" ليس مجرد مذكرات شخصية، بل هو نافذة على التاريخ الداخلي للحزب وانشقاقاته وصراعاته، تقدم للقارئ فرصة لفهم التناقضات بين الشعارات والممارسات، وتكشف الحقائق التي عاشها أحد قادة الحزب عن قرب، بعيدًا عن التنميط الإعلامي أو الروايات الرسمية.

مقالات مشابهة

  • شهادة صادمة لمؤرّخ فرنسي عن غزة
  • مصادر مصرفية تكشف سر الإقبال غير المسبوق على شهادات بنك مصر الجديدة
  • الرئيس السيسي يُحيي «الأبطال المعاصرين» لـ حرب أكتوبر المجيدة
  • ديوان المظالم يحصل على شهادة ”الهلال الأحمر“ للسلامة الإسعافية
  • 41 ألف شهادة منشأ جديدة
  • الكشف عن أول سماعة Galaxy XR في حدث Worlds Wide Open
  •  الكشافة السعودية تشارك في الجامبوري العالمي 2025
  • انشقاقات البعث العراقي.. شهادة من قلب القيادة اليسارية.. كتاب جديد
  • طرق استخراج شهادة ميلاد مميكنة
  • من غزة إلى تل أبيب.. شهادة من كواليس وساطة مصر في صفقة شاليط عام 2005