تشهد الأزمة الأوكرانية-الروسية تصعيدًا متزايدًا، حيث تتشابك التحركات العسكرية مع المواقف الدبلوماسية المتوترة. وسط التهديدات الروسية بتغيير عقيدتها الدفاعية واستخدام الأسلحة النووية، تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، بينما تواجه روسيا ضغوطًا اقتصادية متزايدة تفتح الباب لاحتمالات جديدة للمفاوضات.

حيث قال المتخصص في الشأن الدولي، هاني الجمل، إن التحذير الروسي الأخير بشأن تغيير العقيدة الدفاعية واستخدام الأسلحة النووية يمثل تهديدًا ليس فقط لأوكرانيا، ولكن أيضًا لحلفائها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ويأتي هذا التصعيد في ظل تعزيز روسيا لمواقعها في شرق أوكرانيا، حيث سيطرت على عدة مدن ودمرت مصنعًا للطائرات المسيّرة، إلى جانب تحييد عدد من المرتزقة الذين انضموا لدعم كييف.

وأضاف الجمل في تصريحاته لـ "الفجر"، أن روسيا تحاول تغيير قواعد اللعبة من خلال الضغط العسكري والمواقف التصعيدية، بينما تواصل الولايات المتحدة رفضها لدعم أوكرانيا بأسلحة تستهدف الأراضي الروسية بشكل مباشر. في المقابل، يعمل الاتحاد الأوروبي على تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها موسكو، حيث أعلنت كل من كندا وألمانيا تقديم دعم عسكري يشمل صواريخ أرض-أرض وأرض-جو وطائرات ومدفعيات لدعم الدفاع الأوكراني.

وأشار المتخصص في الشأن الدولي إلى أن روسيا تسعى لتعزيز تحالفاتها مع دول كانت جزءًا من الاتحاد السوفييتي السابق، مثل الشيشان. وفي الوقت نفسه، فإن هدف الغرب الأساسي هو استنزاف روسيا من خلال حرب طويلة الأمد تضع ضغوطًا على الاقتصاد والقرارات العسكرية الروسية، دون السعي المباشر لإسقاطها.

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور إيفان يواس، مستشار مركز السياسة الخارجية الأوكراني، أن بوتين في فبراير 2022 لم يكن يفكر في المفاوضات، حيث كان يتوقع السيطرة على كييف في غضون أيام قليلة. لكن مع حلول مارس 2022، وبعدما بات واضحًا أن هذا الهدف غير قابل للتحقيق، لجأ بوتين إلى المفاوضات، إلا أن أوكرانيا رفضت أي استسلام، ما أدى إلى تعثّر المحادثات.

وأضاف يواس في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن النجاحات العسكرية الأوكرانية، لا سيما في منطقة كورسك، قلبت موازين القوى وجعلت تجميد الوضع العسكري غير ممكن لروسيا، حيث يعني ذلك خسارة أراضٍ لصالح أوكرانيا.

وتابع أن بوتين كان يتوقع طرد القوات الأوكرانية من كورسك خلال أيام، لكن بعد مرور شهر كامل وازدياد سيطرة أوكرانيا على 1300 كيلومتر مربع، أصبحت العودة إلى المفاوضات أمرًا محتملًا.

واختتم المحلل السياسي الأوكراني حديثه بالإشارة إلى أن بوتين يواجه ضغوطًا متزايدة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في روسيا، إذ تحتاج موسكو إلى رفع العقوبات الدولية لحل مشكلاتها الاقتصادية، وهو ما يتطلب بدء مفاوضات جديدة، لكن هذه المرة لن تكون بشروط بوتين، بل بشروط تفرضها الأوضاع الميدانية والاقتصادية المتغيرة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: روسيا أوكرانيا روسيا و اوكرانيا الحرب الروسية الأوكرانية بوتين آخر الأخبار

إقرأ أيضاً:

ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، هاجمت روسيا أوكرانيا مما أسفر عن تدمير أكبر مصدر للغاز فى أوروبا وصدم أسواق الطاقة العالمية، مما مهد الطريق لتحقيق أرباح أفضل من المتوقع للمنتجين الذين كانوا مستعدين للاستفادة من تقلبات السوق. الآن بدأت هذه الأرباح فى التراجع.

ومع تراجع الأسواق إلى حالة من الاستقرار، حذر كبار التنفيذيين فى قطاع النفط من أن الأرباح بدأت هى الأخرى فى التراجع. قد تعنى وفرة المشاريع الجديدة فى قطاع النفط والغاز، والتى تدعمها أجندة مؤيدة للطاقة الأحفورية من البيت الأبيض، أسواقًا أضعف فى المستقبل أيضًا.

من المتوقع على نطاق واسع أن تحقق شركة شل، أكبر شركة نفط فى أوروبا، أرباحًا أضعف هذا الأسبوع عند الإعلان عن نتائجها المالية السنوية.

كما حذرت أكبر متداول للغاز الطبيعى المسال فى العالم، التى أعلنت عن نتائج تداولها فى الربع الأخير من العام الماضي، من أن أرباحها من تجارة النفط والغاز من المحتمل أن تكون أقل بكثير من الأرباح التى حققتها فى الأشهر الثلاثة السابقة.

من المتوقع أن تنخفض الأرباح المعدلة السنوية لشركة شل إلى ما يزيد قليلًا على ٢٤ مليار دولار للعام الماضي، وفقًا لآراء المحللين فى مدينة لندن.

وهذا يمثل انخفاضًا مقارنة بعام ٢٠٢٣، عندما تراجعت أرباحها السنوية إلى ٢٨.٢٥ مليار دولار من مستوى قياسى بلغ ما يقارب ٤٠ مليار دولار فى العام الذى سبق، عندما بدأت الحرب الروسية.

أما أكبر شركة نفط أمريكية، إكسون موبيل، فمن المتوقع أن تعلن عن أرباح أضعف فى نتائجها السنوية هذا الأسبوع. وقد أخبرت الشركة، التى سجلت ربحًا قياسيًا قدره ٥٦ مليار دولار فى ٢٠٢٢، مستثمريها هذا الشهر أن الأرباح من تكرير النفط ستنخفض بشكل حاد، وأن جميع أعمالها ستواجه ضعفًا.

حتى مع سلسلة الإجراءات التى اتخذها ترامب لدعم قطاع الطاقة الأحفورية، فإن من غير الواضح ما إذا كان بإمكان شركات النفط توقع عودة الأرباح التى حققتها آلة الحرب الروسية.

ففى الأيام التى تلت تنصيبه، دعا الرئيس الـ٤٧ للولايات المتحدة تحالف أوبك لخفض أسعار النفط العالمية بشكل أكبر من خلال ضخ المزيد من النفط الخام. وأشار ترامب إلى أن ذلك قد ينهى الحرب فى أوكرانيا - على الأرجح عن طريق تقليص إيرادات شركة النفط الروسية- متهمًا المنتجين بإطالة الصراع من خلال إبقاء الأسعار مرتفعة.

دعوة ترامب للمزيد من إنتاج النفط من السعودية، ولشركات النفط الأمريكية بـ«الحفر، حفر، حفر»، قد تحقق وعده بخفض التكاليف للأسر، لكن من غير المرجح أن تساعد شركات النفط التى تبرعت بملايين الدولارات لحملته الانتخابية، وفقًا للمحللين.

وقد ظهرت تحذيرات الأرباح الأخيرة من إكسون وشل جزئيًا بسبب أسواق النفط والغاز الضعيفة، التى لا تظهر أى علامة على انتعاش هيكلى فى الأجل القصير.

فى ٢٠٢٣، بلغ السعر المرجعى للغاز فى الولايات المتحدة، المعروف باسم «هنرى هاب»، ٢.٥٧ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض حوالى ٦٢٪ عن متوسط ٢٠٢٢ عندما شهدت أسواق الغاز ارتفاعًا حادًا بعد الغزو الروسى الكامل لأوكرانيا. وفى ٢٠٢٤، انخفضت أسعار الغاز أكثر لتصل إلى ٢.٣٣ دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

القصة مشابهة لأسواق النفط. فقد بلغ متوسط سعر برميل خام برنت الدولى أكثر من ١٠٠ دولار فى ٢٠٢٢ عندما اندلعت الحرب فى أوكرانيا، قبل أن ينخفض إلى ٨٢.٦٠ دولار فى ٢٠٢٣.

وفى العام الماضي، بلغ متوسط الأسعار ٨٠.٢٠ دولارًا للبرميل، رغم تصاعد الصراع فى غزة، حيث تراجعت الأسعار إلى متوسط ٧٤.٤٠ دولارًا فى الربع الأخير.

جزئيًا، يعكس الانخفاض المستمر فى أسعار الوقود الأحفورى «طبيعة جديدة للطاقة» فى أوروبا، حيث تكيفت الدول مع فقدان إمدادات الغاز والنفط من روسيا من خلال الاعتماد بشكل أكبر على الواردات البحرية من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

لكن تراجع أسعار النفط والغاز يثير تساؤلات أعمق حول رغبة العالم فى الوقود الأحفورى ومستقبل مشاريع الطاقة الجديدة التى تسعى لتلبية هذه الرغبة.

وقد أوضحت وكالة الطاقة الدولية أمرين: أولًا، لا تتوافق أى مشاريع جديدة للوقود الأحفورى مع أهداف المناخ العالمية؛ ثانيًا، إن الزيادة فى مشاريع النفط والغاز المسال ستتجاوز الطلب بدءًا من هذا العام، مما سيؤدى إلى انخفاض أسعار السوق لبقية العقد.
 

مقالات مشابهة

  • قصف روسي لبلدة دوبروبيليا الأوكرانية يخلف جرحى وخسائر مادية واسعة
  • روسيا ترد على تهديدات ترامب لـ دول الـ«بريكس»
  • روسيا ترد على تهديدات ترامب لـ دول الـ«بريكس»
  • روسيا تقلل من تهديدات ترامب ضد بريكس
  • منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية في فنلندا
  • ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
  • الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكرانية بلغت 50 ألف شخص شهريًا
  • أوكرانيا تضرب منشأة نووية ومصفاة للنفط في عمق الأراضي الروسية
  • بوتين: المحادثات مع أوكرانيا ممكنة باستثناء زيلنسكي
  • بوتين: مستعدون للتفاوض مع أوكرانيا