شهيدة ومصابون ومعتقلون في اقتحامات الاحتلال للضفة
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
استشهدت طفلة فلسطينية برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قرية قريوت جنوبي نابلس في الضفة الغربية المحتلة، كما أصيب فلسطينيون واعتقل آخرون خلال اقتحام قوات الاحتلال لمناطق متفرقة من مدن وبلدات الضفة الغربية.
وأفاد شهود عيان من قرية قريوت بأن مجموعة من المستوطنين اقتحموا قرية قريوت وهاجموا منازل المواطنين بحماية جنود الاحتلال، مما أسفر عن اندلاع مواجهات أطلقت خلالها قوات الاحتلال الرصاص الحي على منازل المواطنين، مما أدى لإصابة الطفلة بانا لبوم واستشهادها.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن الطفلة بانا (13 عاما) أصيبت بجروح خطيرة جدا بالرصاص الحي في الصدر. في حين قالت عائلتها إن طفلتهم أصيبت في أثناء وجودها داخل غرفتها في المنزل.
وقد دانت وزارة الخارجية الفلسطينية ما وصفتها بجريمة الإعدام التي ارتكبتها قوات الاحتلال خلال حمايتها لهجوم المستوطنين على قرية قريوت، مما أدى لاستشهاد الطفلة بانا.
واعتبرت ما حدث مثالا حيا على بشاعة المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين والأطفال، وطالبت الخارجية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت -عصر أمس الجمعة- قرية بورين جنوبي نابلس أيضا وسط إطلاق نار كثيف، مما أدى لإصابة عدد من المواطنين بحالات اختناق، وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال دهمت القرية وانتشرت في شوارعها، واعتقلت أحد الشبان واعتدت عليه بالضرب المبرح واقتادته لمنطقة مجهولة، وما زال الجيش موجودا في القرية.
وفي نابلس أيضا، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية فلسطينيا عند اقتحامها قرية قوصين غربي المدينة.
اقتحامات واعتقالات
وفي ساعات الليل وفجر اليوم السبت، أصيب شاب فلسطيني في بلدة بيتونيا غربي رام الله خلال مواجهات مع قوات الاحتلال لدى اقتحامها البلدة ودهم أحد المنازل وتفتيشه، وفقا لمصادر طبية فلسطينية، واستخدم الاحتلال قنابل الغاز المدمع تجاه منازل المواطنين في البلدة وقمع الشبان الفلسطينيين.
واقتحمت قوة من المشاة في وحدات جنود الاحتلال قرية بُدْرُس (غربي رام الله)، ودهمت عددا من المنازل وتفتيشها قبل انسحابها باتجاه إحدى النقاط العسكرية قرب الجدار الفاصل في محيط القرية.
كما اقتحمت قوات الاحتلال قرى عدة شمالي قلقيلية وباقة الحطب شرقي المدينة، وشرعت في أعمال تفتيش في محيط منزل منفذ هجوم كدوميم قبل أسابيع.
واقتحمت قوات الاحتلال كذلك بلدة صوريف في محافظة الخليل، وتمركزت وسطها، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت، ودهمت عددا من المحال التجارية قبل أن تنسحب.
كما اقتحمت بلدة السموع جنوبي الخليل ودهمت منازل المواطنين واعتقلت شابين على مدخل مخيم الفوار جنوبي الخليل أيضا، وذلك بعد توقيف مركبتهما وتفتيشها، ونقلتهما إلى جهة مجهولة.
هجمات المستوطنين
وهاجم مستوطنون متطرفون منطقة خلة زعيتر عند مدخل قرية أبو فلاح شمال شرق مدينة رام الله، وأحرقوا مركبة فلسطينية، وخطوا شعارات عنصرية على الجدران.
وكذلك دهم مستوطنون متطرفون -بحماية جيش الاحتلال- تجمع بدو في منطقة المعرجات شمال غرب رام الله، وفرضوا حصارا على المنطقة ومنعوا المواطنين من الاقتراب، حسب المحامي حسن مليحات المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.
وأضاف مليحات أن المستوطنين حاصروا منازل عائلة كعابنة واقتحموها واحتجزوا العائلات داخلها، مشيرا إلى أن المستوطنين أرادوا الاستيلاء على مواشي المواطنين وأغنامهم بالقوة.
وفي السياق نفسه، قال مليحات إن مستوطنين احتلوا مسكنا وحولوه إلى بؤرة استيطانية جديدة في تجمع رأس عين العوجا البدوي شمال مدينة أريحا بغور الأردن.
تشييع 11 شهيدا بجنين
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية بعد 10 أيام من تنفيذ عملية عسكرية عنيفة ومتواصلة أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، وخلفت دمارا واسعا في البنية التحتية.
وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، استشهد 21 فلسطينيا، بينهم أطفال ومسنون، وأصيب آخرون بعضهم بجروح خطيرة، في عدوان إسرائيل على محافظة جنين، وصف بالدموي والأعنف منذ عام 2002.
وقد شيع أهالي محافظة جنين أمس الجمعة جثامين 11 شهيدا فلسطينيا قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، وانطلق موكب تشييع الشهداء من مستشفى جنين الحكومي في مسيرة شعبية حاشدة باتجاه مقبرة الشهداء وفي الحي الشرقي من المدينة.
كما أفادت تقارير فلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي انسحب أيضا من مدينة طولكرم في شمال غرب الضفة، حيث قام بعمليات عسكرية أصغر نطاقا.
من جهته، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا استعرض فيه العمليات المكثفة التي شنتها قواته الأسبوع الماضي في الضفة الغربية، وقال إن قواته نفذت في جنين وطولكرم ومخيم الفارعة عمليات واسعة أسفرت عن اغتيال 35 مسلحا واعتقال 45 آخرين، كما صادرت عشرات قطع الأسلحة والعبوات الناسفة ودمرت مختبرات لتصنيع الأسلحة، على حد زعمه.
ولم يؤكد جيش الاحتلال انسحابه من مناطق الضفة، لكنه اكتفى بالقول إن "القوات الإسرائيلية لا تزال نشطة من أجل تحقيق أهداف عملية مكافحة الإرهاب".
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد خلفت العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة 36 شهيدا و150 جريحا، كما تسببت في أضرار كبيرة في البنى التحتية والمنازل.
وبموازاة حربه على غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته وصعّد المستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، مما أسفر عن استشهاد 692 فلسطينيا في الضفة بما فيها القدس المحتلة بينهم 159 طفلا، وإصابة نحو 5700 واعتقال ما يزيد على 10 آلاف و400، وفق مؤسسات رسمية فلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاحتلال الإسرائیلی منازل المواطنین الضفة الغربیة قوات الاحتلال رام الله فی الضفة
إقرأ أيضاً:
دولة فلسطينية موعودة
منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، وحتى اليوم، لم تتبلور الدولة الفلسطينية الموعودة أو حتى "نواة" دولة فلسطينية. ولم يبقَ من وعود "خريطة الطريق" الصادرة عن اللجنة الرباعية عام 2003 سوى كلمات جوفاء. أما خيار حل الدولتين، فقد أصبح سرابًا دعائيًا يُستدعى فقط في أوقات الأزمات ليبدو أشبه بظلٍ في حقل. وتم سحق هذا الخيار تمامًا في طوفان ومحرقة غزة، برفض صريح من مختلف مكونات دولة الاحتلال ومصادقة الكنيست عليه.
في هذه الأثناء، يقف أرباب أوسلو على قارعة طريق الفشل، مترقبين عروضًا أميركية لا تحمل سوى وعود مفرغة، خاصة بعد استبعاد قضية القدس من طاولة المفاوضات وشطب حق العودة.
قد تُطرح معادلة جديدة تعتمد على التطبيع مقابل مسمى دولة. ومع ذلك، يواصل البعض التعلق بأوهام مؤتمر دولي ودولة مزعومة ماتت قبل ولادتها، في ظل تحول الولايات المتحدة من راعٍ للتسوية إلى شريك مباشر في الإبادة الجماعية. أما أفق "الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة"، فقد تحول إلى مشروع دولة وظيفية للتنسيق الأمني وحراسة الحدود.
ورغم أن "سلطة أوسلو" تلهث وراء أموال المقاصة وبطاقات الـ VIP، فقد تآكلت مبررات وجودها بفعل انخراطها في التنسيق الأمني بدلًا من تحقيق السلام أو الدفع بالمفاوضات. في الوقت ذاته، تمضي خطط التهجير لغزة والضفة على قدم وساق مع ترويج يتعالى لـ "الوطن البديل" علنًا، مدعومة بعنجهية أميركية نافذة.
إعلانرغم ذلك، ما يزال صمود الشعب الفلسطيني وإرادته في المقاومة عاملًا حاسمًا في منع تدهور الحقوق المشروعة، كما أظهرت ملحمة غزة الأسطورية. مجرمو الإبادة الجماعية والمحرقة، يواصلون ضم الضفة الغربية، مما يقضي على مشروع "الدولة الفلسطينية" عبر قانون الكنيست الذي يمنع قيامها ضمن حدود 1967.
هذه السياسات تلقي بظلال قاتمة على عملية التسوية وحل الدولتين برمتهما، مع مستقبل سوداوي يلوح في الأفق للسلطة الفلسطينية ولحركة فتح.
تبقى الطموحات الفلسطينية رهينة الضغوط الأميركية الشرسة، في ظل تغول حكومة السلطة الفلسطينية التي تكرس خارطة طريق وحيدة عنوانها التنسيق الأمني والدور الوظيفي الذليل مقابل امتيازات فردية.
بينما على الأرض، تتسارع خطوات الدولة الفاشية لتغيير وقائع الضفة الغربية عبر قرارات سريعة، مثل ضم مستوطنات الخليل إلى منطقة النقب، وإلغاء قانون فك الارتباط عن مستوطنات شمالي الضفة، والإعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية، بهدف الوصول إلى مليون مستوطن في الضفة، ومليون آخر في القدس بحلول عام 2030.
هذا إلى جانب وقف صرف الحقوق المالية للشعب الفلسطيني، مما يؤدي إلى إنهاك السلطة وصولًا إلى الانهيار، ضمن خطة الحسم، وخلق وقائع ميدانية تمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.
أما بن غفير وعصابات المستوطنين، فيواصلون اقتحام المسجد الأقصى، معلنين أنه المكان الأقدس لليهود، مما ينذر بتحول المعركة إلى حرب دينية شاملة، حال استيقظت شعوب المنطقة.
تواصل الولايات المتحدة الترويج لوهْم حل الدولتين، فيما تقدم دعمها الكامل لمجازر الإبادة الجماعية، إلى جانب معظم العواصم الغربية، مع الإكثار من ترديد مصطلح "الدولة الفلسطينية".
بالنسبة لهؤلاء، جنبًا إلى جنب مع السلطة الفلسطينية وبعض الحكومات العربية، يشكل استمرار اللعبة التفاوضية ضرورة لجميع الأطراف. كل التهديدات والشروط التي تُطلق بين الحين والآخر ليست سوى ألعاب دبلوماسية لا تغير شيئًا في الواقع. قيادة السلطة اليوم هي الأكثر حرصًا على استمرار هذه اللعبة؛ لأن الإعلان عن فشلها سيضعها مباشرة داخل دائرة التهديد الوجودي.
إعلانفي المقابل، تبقى المقاومة الصامدة في غزة والمتصاعدة في شمال الضفة خيارًا بديلًا يرفض العبث والتضحية بثمار الأرواح البريئة، ويؤمن بأن تحرير فلسطين ليس تهورًا، بل واجبًا وحقًا.
إنه بيع الوهْم الأميركي مجددًا بعد ثلاثين عامًا من اتفاقية أوسلو، حيث يتم الترويج لفكرة دولة فلسطينية دون سيادة أو حدود أو القدس. القيمة الكبرى لهذه الدولة، كما يتوقعون، هي قدرتها على حماية أمن (إسرائيل)، والثمن يُقبض مباشرة عبر التطبيع، لتلحق الدول العربية بركب التطبيع دون تحقيق أي مكاسب حقيقية.
ورغم أن دولة الاحتلال تدرك أن هذا مجرد بيع للسراب، فإن هناك إجماعًا بين عصابات الإبادة على رفض القبول حتى بمجرد بيع الوهْم من واشنطن، مع تهديد بإلغاء اتفاقية أوسلو التي أصبحت ميتة.
وقد أثبت نتنياهو موقفه منذ كتابه "مكان تحت الشمس"، وعلى مدار عقود من الحكم، متباهيًا بأنه من منع قيام دولة فلسطينية. وجهوده في ضم الضفة الغربية عبر خطط الضم والحسم ليست سرًا، خاصة بعد إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وهو ما لم تواجهه أميركا بأي خطوات فعلية، بل استسلمت كما فعلت مرارًا، وكذلك تبعتها أوروبا. أما الصين وروسيا، فتلتزمان الصمت السلبي في كل مرة.
المنظومة الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدرك كل ذلك، ولن تسمح بأن تنقلب المنطقة رأسًا على عقب في وجه الجميع، رغم تلاشي الوزن الإستراتيجي لدولة الاحتلال. هذا الوضع يجعل القضية الفلسطينية في موقع القيادة دون منازع، مما يهدد مصالح الدولة العبرية وبعض الأنظمة العربية، وبالتالي مصالح القوى الغربية أيضًا.
تعتمد إستراتيجية أميركا على إلهاء السلطة الفلسطينية والعرب بوهْم الدولة الفلسطينية، بينما تركز على مواجهة الصين وإنهاء المشروع النووي الإيراني. ويتطلب هذا تجييش المشاعر والحكومات العربية ضد إيران، واستمرار صناعة "البعبع"، مما يعقد المشهد نحو حرب إقليمية في حال استمرار تداعيات محرقة غزة.
إعلانأميركا تسعى إلى مفاوضات لا نهاية لها مقابل تطبيع مفتوح، مما يؤدي إلى تغول على الحقوق الفلسطينية. في مواجهة ذلك، لا يجد الفلسطيني الرافض هذا العبثَ بحقوقه إلا خيار الصمود والمقاومة، وإحياء مشروع الوحدة الوطنية على هذا الأساس، وسحب الاعتراف بإسرائيل ما دام لا يوجد اعتراف بدولة فلسطين.
والخطاب الأميركي الذي يزعم السعي إلى الاستقرار، هو في جوهره لا ينصب على وقف العدوان ولا يدعو إلى تحقيق العدالة للفلسطينيين، بل يسعى إلى استئصال حق الشعب الفلسطيني في المقاومة وشطب غزة من خريطة الكفاح الفلسطيني. يهدف ذلك إلى فرض تطبيع مذلّ لا يعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وقد يقترح كيانًا بلا أساس حقيقي.
ومع ذلك، بدأت بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا، وأيرلندا، والنرويج بالتحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، مما قد يفتح المجال لتغيرات متزايدة تنفصل عن الهيمنة الأميركية. هذا يأتي في مواجهة السرديات المخادعة التي تحكم السياسة الأميركية من منظور معاداة السامية، وتغطي على خطر الصهيونية الذي يتكشف تدريجيًا.
أما بالنسبة لكثير من الدول العربية، فإنها للأسف لا تختلف في موقفها الجوهري عن أميركا، إذ تسعى لشراء وهْم "الهدوء" عبر مساومات خادعة. من جانبها، تستمر دولة الاحتلال في دعم المسار الأول؛ لأنه يتيح لها التعايش مع استمرار المبادرات والمفاوضات غير المثمرة، مثلما حدث منذ احتلال عام 1967.
ومع ذلك، فإن ظهور موجة جديدة من المقاومة في الضفة، تحت تأثير مأساة غزة وشبكات التواصل الاجتماعي، قد يشكل شرارة ثورة شعبية شاملة في وجه الظلم والاستبداد، خاصة في ظل الغضب الشعبي المتزايد تجاه محرقة غزة التي يشاهدها العالم عبر البث المباشر.
يدرك قادة الاحتلال ومجتمعهم، رغم التصريحات المتكررة، بعد غرقهم المذل في وحل غزة، ورغم الإبادة السادية والظلم التاريخي، أن خطة الحسم لن تقوى على مواجهة انتفاضة مسلحة تطل برأسها في الضفة الغربية وتهجير أهلها، وأنها ستذهب لغرق مأزوم أكبر.
إعلانبناءً على ذلك، يُتوقع استغلال القيادة الفلسطينية "المعتدلة"، ومن خلفها بعض الحكومات العربية لتمرير اتفاق يضمن أولًا أمن الاحتلال مع تقديم "حلوى التطبيع"، بينما لا يُقدَّم للفلسطينيين سوى السراب مرة أخرى.
في هذا السياق، الحرص على بقاء سلطة فلسطينية منزوعة الأفق السياسي لدولة، لتلعب دورًا محوريًا في لعبة المفاوضات السياسية ضمن عملية التسوية الكاذبة. في الوقت ذاته، تستمر دعوات الحوار الداخلي للإشغال عن التقدم في مشروع أمل للفلسطينيين، حيث تُعتبر غزة رغم المحرقة اللبنة الرئيسة لهذا المشروع الواعد في التحرير والعودة.
في ظل المقاومة والصحوة الشعبية العالمية لخطر الصهيونية على البشرية التي تصاحب محرقة غزة، يبدو تحقيق أهداف الاحتلال أمرًا بالغ الصعوبة. ولهذا، وبتوجيه صهيوني وأميركي، يسعى هؤلاء إلى تحويل الصراع بين الاحتلال والشعب الفلسطيني المغلوب بالنكبة والقهر والتهجير إلى صراع داخلي فلسطيني، بينما يتم تصوير مجرمي الإبادة الجماعية كحمل إنساني وديع.
ومن هنا تتعالى لغة تحميل مسؤولية المحرقة السادية للذبيح. هذا النهج يهدف إلى إعفاء الاحتلال السادي المجرم من تبعات سياساته الإجرامية والاستيطانية والإحلالية، والتي تجلّت في حرب الإبادة على غزة، وتهويد القدس، والضم الكامل، وتوسيع المستوطنات في الضفة المحتلة، وصولًا إلى الضم النهائي ضمن خطة الحسم المعلنة.
من الضروري أن تبقى البوصلة موجهة نحو القضية الفلسطينية، وفي القلب منها القدس، مع منحها أولوية قصوى في مواجهة مشروع الاستيطان السرطاني المستشري في القدس، والضفة الغربية، وملاحقة مشروع "يهودية الدولة" عبر كافة السبل. كما يجب تحشيد أحرار العالم لهذا الهدف النبيل، وملاحقة مشاريع التسوية والتصفية عبر كشف المؤامرات شعبيًا وتصفيتها سياسيًا وإعلاميًا.
إعلانكذلك، يجب محاصرة مشروع "الدولة ذات الحدود المؤقتة" حتى لا يصبح واقعًا، مما يحول الدولة الفلسطينية إلى كيان وظيفي محدود. وهذا يتم عاجلًا بإنجاز مهمة إستراتيجية تتمثل في القضاء على نظرية العمل السياسي الفلسطيني دون مرجعيات، وذلك عبر إعادة بناء منظمة التحرير والسلطة الوطنية على أسس وطنية تمثيلية حقيقية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
لإرساء الحقائق وتحميل جميع الأطراف المسؤولية، يجب على الولايات المتحدة، والأمم المتحدة اتخاذ موقف واضح ومعلن لا لبس فيه، يتمثل في الاعتراف بدولة فلسطين على حدود قرار التقسيم، أو خط الهدنة لعام 1948، مع تبني جدول زمني لتحقيق ذلك.
كما ينبغي الإعلان عن القدس عاصمة لدولة فلسطين، وبدء إجراءات سحب المستوطنات من القدس الشرقية. والعمل عاجلًا وعبر منظمة التحرير المعاد تشكيلها لاستثمار نتائج طوفان ومحرقة غزة والاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، والبناء على فكرة الدولة بدلًا من السلطة في تشكيل النظام السياسي المستقبلي في الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة.
يمكن الاستعانة بالنظام الأساسي للسلطة الفلسطينية كمرحلة انتقالية إلى حين صياغة نظام أساسي أو دستور للدولة الفلسطينية. والدولة الفلسطينية المعلنة يجب أن تكون دولة لكل الفلسطينيين، سواء في الوطن أو الشتات، إلى حين تحقيق العودة. هذه الرؤية تمثل خطوة إستراتيجية نحو تحقيق العدالة المرحلية والحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني.
وحال استمر (وهذا المتوقع) التنكر للحق الفلسطيني في إقامة دولة على حدود عام 1967، تواجه القضية الفلسطينية مرحلة خطيرة قد تكون الأخطر على الإطلاق. من هذا المنطلق، يصبح تحديد الأهداف المرحلية بدقة أمرًا ضروريًا، مع الاتفاق على الأهداف الكبرى وإدارة موحدة وحكيمة للمعارك القادمة.
الحكمة تقتضي عدم الانجرار إلى مواجهات جانبية أو وهمية، والتركيز على مواجهة خطر الاحتلال في جميع الساحات، مع التشكيك في مشروعية الكيان الصهيوني استنادًا إلى القرارات الأممية مثل القرار 181 والقرار 242، وخط الهدنة لغزة عام 1967، واتفاقات التسوية العربية الفلسطينية الصهيونية، والمطالبة بالحقوق الفلسطينية كاملة.
إعلانوالعمل بشكل منهجي ومنظم لإخراج الأطراف الفلسطينية من التزامات اتفاقية أوسلو، التي تضمنت التنازل عن فلسطين عام 1948، والاعتراف بـ"إسرائيل"، والتخلي عن المقاومة والسلاح، واعتبار المقاومة إرهابًا وعبثًا.
يجب إبراز أن الاحتلال الصهيوني هو الذي أفشل خيار "حل الدولتين" وتنكر للإرادة الدولية رغم رعايتها الكاملة لوجوده وبقائه.
إلى جانب ذلك، يجب إعادة الاعتبار للعلاقة مع الداخل والشتات الفلسطيني، وخصوصًا الجمهور، وإعادة النظر في طريقة بناء المؤسسات الفلسطينية لتكون رافعة قوية وقانونية للمعركة القادمة.
كما ينبغي رفض أي اتفاقات أو ترتيبات أو حوارات تنال من حق سكان قطاع غزة والضفة الغربية في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الاحتلال.
هذا لا يمنع إدارة المعارك في المسائل التفصيلية والتكتيكية مثل التهدئة، والحصار، والمعابر، مع مراقبة عمليات الإعمار لغزة ومخيمات شمال الضفة لضمان عدم تحولها إلى أدوات إخضاع أو قنوات تطبيع وتجسس أو وسائل إفساد وتخريب تستهدف معسكر الإرادة الفلسطينية.
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline