مناظير السبت 7 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* يبدو أن (المناظر) التي تمهد للتدخل الاممي في السودان قد بدأت، فلقد تعودنا من الأمم المتحدة ودول الغرب أن تُقدِّم لقراراتها ببعض (المناظر) قبل ان تصدر في صورتها النهائية التي تظل تتبلور ببطء داخل الدهاليز والردهات!
* ولمن لا يعرف (المناظر) من السودانيين الذين لم يدخلوا دور السينما بسبب اغلاقها بواسطة تجار الدين بعد استيلائهم على الحكم في السودان بانقلاب عسكري في 30 يونيو، 1989، باعتبار ان مشاهدة السينما حرام، ثم عاثوا في كل انواع الحرام كما يشتهون، فهى لقطات قصيرة مثيرة تعرضها السينما ــ من باب الترويج والدعاية ــ للفيلم الذي سيعرض على الشاشة في وقت قريب، ويبدو من المناظر التي عرضتها علينا امس بعثة الامم المتحدة لتقصي انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب في السودان والتي تكونت بقرار من مجلس حقوق الانسان التابع للمنظمة الدولية في التاسع من شهر اكتوبر الماضي (2023 )، أننا على موعد مع فيلم أممي مثير عن السودان.
* رغم ان طرفى الحرب (الجيش والدعم السريع) لم يسمحا للبعثة بالدخول الى الاماكن التي يسيطران عليها (لإخفاء جرائمهما وفظائعهما وانتهاكاتهما) إلا أنها نجحت بامتياز في أداء مهمتها وأصدرت تقريرا من 19 صفحة عن انتهاكات حقوق الانسان والجرائم التي ارتكبها الطرفان في الفترة ما بين يناير وأغسطس، 2024، أى ثمانية أشهر فقط .. فماذا لو كانت قد غطت كل فترة الحرب ؟!
* جاء في التقرير الذي إستند على زيارات الى بعض الدول الافريقية (كينيا ويوغندا وتشاد) ولقاءات مباشرة مع 182 ناجياً وأفراد أسرهم وشهود عيان، ومشاورات مكثفة مع خبراء وأعضاء من المجتمع المدني، وتأكيد وتحليل المعلومات الإضافية المقدمة إلى البعثة، أن "(الطرفين المتحاربين وحلفائهما) ارتكبوا انتهاكات حقوقية مروعة ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واعتداءات على مدنيين، وانهم مسؤولون عن أنماط من الانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات العشوائية والمباشرة التي نُفذت بغارات جوية والقصف المباشر ضد المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات الاتصالات وإمدادات المياه والكهرباء الحيوية، كما استهدفوا المدنيين من خلال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والاعتقال والاحتجاز التعسفي، فضلاً عن التعذيب وسوء المعاملة"، ووصف التقرير الحرب الدائرة "بانها وحشية وسيكون لها آثار نفسية مدمرة على الأطفال في السودان".
* وجدت البعثة أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم حرب إضافية تتمثل في الاغتصاب والاستعباد الجنسي والنهب، فضلاً عن إصدار الأوامر بتشريد السكان المدنيين، وتجنيد الأطفال دون سن 15 عامًا في الأعمال العدائية ".
* وبناءا على الحقائق التي توصلت اليها البعثة واكدتها اقوال الناجين والشهود والخبراء، طالبت "بوقف الهجمات ضد المدنيين بالسودان على الفور دون قيد أو شرط، ونشر قوة دولية مستقلة ومحايدة لحماية السكان، وضرورة الملاحقة الجنائية لمرتكبي الجرائم والانتهاكات".
* واوصت "بتوسيع حظر الأسلحة في إقليم دارفور غرب السودان بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1556 الصادر في عام 2004، والقرارات اللاحقة، ليشمل كافة أنحاء السودان بوقف توريد الأسلحة والذخيرة وغيرها من الدعم اللوجستي أو المالي للأطراف المتحاربة، لمنع المزيد من التصعيد".
* تأكيدا على ما تضمنه التقرير، قال رئيس البعثة (محمد شاندي عثمان)، "إن خطورة النتائج التي توصلوا إليها تؤكد ضرورة التحرك العاجل والفوري لحماية المدنيين"، مضيفا، "انه نظرًا لفشل الأطراف المتحاربة في حماية المدنيين، فمن الضروري نشر قوة مستقلة ومحايدة بتفويض دولي لحماية المدنيين دون تأخير"، مشددا "على أن حماية السكان المدنيين أمر بالغ الأهمية، ويجب على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ووقف الهجمات على المدنيين على الفور ودون قيد أو شرط".
* كانت تلك هى المناظر في انتظار الفيلم : نظرة، فابتسامة، فلقاء .. "بعثة، فتقرير، فقوات دولية" !
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
بقلم: حسن أبو زينب عمر
(1)
مع الظلام الدامس الذي ينيخ بكلكله على مدن السودان على مدار الأربعة والخمسة أيام ومع تزايد انين مرضى الكلى الذين توقفت أجهزة الغسيل المنقذة لحياتهم لانقطاع الكهرباء ومع عذابات الذين يتقلبون فوق الأسرة يكابدون النوم وسط الرطوبة الخانقة ومع توقف المستشفيات وتصدع دولاب العمل في الكثير من مرافق الخدمة بسبب الأعطال التي تشل الأجهزة الكهربائية ومع تزايد نبرة السخط وتعالى الاحتجاجات بعد نفاد الصبر تكون الرسالة (الخطأ) التي يسعى الكفيل وحامل الإقامة الذهبية ارسالها قد شبت عن النطفة وتجاوزت العلقة ودخلت طور المضغة وهي أجبار الزوجة (النشاز) للعودة الى بيت الطاعة صاغرة ذليلة مهانة بضغط جماهيري وبضغط دولي بإيقاف الحرب والجلوس الى طاولة تفاوض وصولا لتسوية يكون الدعم السريع جزء منها و(يرزقكم من حيث لا تعلمون).
(2)
البرهان وعد الجماهير الصابرة المحتسبة بأن الفعالية التخريبية والتدميرية لمسيرات آل دقلو ستكون خبرا لكان مع تسريبات تتحدث عن هبوط طائرة نقل ضخمة من طراز (انتيوف) حطت في مطار بورتسودان الأسبوع الماضي وفي جوفها شحنة ثقيلة من أجهزة متطورة من المسيرات المضادة .. أما الكفيل الاماراتي الذي تقول التقارير الصادرة منه وعلى استحياء انه يدافع عن مصالحه ومنها قطع شك ذهب جبل عامر ومشروع ميناء أبو عمامة (200 كيلومتر شمال بورتسودان ) يطالب علنا وبلغة كسيحة بإيقاف الحرب ولكنه يمارس بالفعل عكس ما يدعو له وهو تسخير امكانياته الضخمة حتى الرمق الأخير وتجييرها لصالح الدعم السريع ومده بآخر فنون تكنلوجيا التسليح مع إصرار يقف على رافعة مقدراته المالية باستكمال مخططه الى نهاياته مهما كانت التكاليف بعد أن أقنعه بأن هذا العالم غابة يأكل القوى فيها الضعيف وأن الكاش يقلل النقاش كما يقول الخواجات money talks and sometimes walks..أنه عالم واقعي مجرد من الأخلاق عديم المبادئ صفري القيم لا يؤمن بالمثاليات .
(3)
عالم براجماتي بوصلته فقط المصالح القومية national interests ولعل هذا يفسر الفظاعات غير المسبوقة التي ترتكبها الميلشيات دون أن يرف لها جفن ودون اعتبار لعواصف الاستنكارات التي جائت من أقرب أصدقائها ومن المتعاطفين معها عقب الأحداث الدامية. هذا يعني وبالعربي الفصيح ان السودان دخل الآن حلقة مفرغة من سباق تسلح سيكون تمويله من جيب محمد أحمد دافع الضرائب وسوف ينتهي باستنزاف يستهدف كل مقدرات السودان فالميلشيا التي لم يترك أفرادها ومنهم أعداد مقدرة من المرتزقة الأجانب اية موبقة منها التي تخطر على البال والتي لا تخطر على البال والا وارتكبوها سيستهدفون أي مرفق حيوي بما فيها المطارات والموانئ .
(4)
يؤكد هذا المنحى ركام من التجارب عاشها الوطن والمواطن على مدار حولين كاملين منذ اندلاع شرارة الحرب القذرة اللعينة في أبريل 2023 فتاريخ السودان ماضيه وحاضره لا يعرف قتلة يتلذذون بذبح مدنيين عزل لم يشهروا السلاح حتى للدفاع عن أنفسهم .. لا تعرف سجلات أعتى المجرمين قسوة ودناءة رجالا يتبادلون على اغتصاب نساء أمام أبنائهن وأزواجهن يمنعهن الخجل والحياء من الحديث مع الغريب الا بوجوه منكسة. لا يعرف تاريخنا لصوص لم يكتفوا بسرقة ماقل وزنه وثقلت قيمته بل انتزعوا الأبواب والنوافذ وحفروا عشرات الأمتار تحت الأرض لسرقة النحاس من كوابل الكهرباء.
(5)
من الطبيعي أن يذرف الكثيرون الدمع الهتون ويحتسبون ضياع البيوت (شقا العمر) والبنية التحتية التي تم تشييدها عبر عشرات السنين خلال فترة لا تتجاوز ال 24 شهرا بعد تعرضها لتدمير شامل بنوايا الغل والحسد والحقد فيها أكثر من النهب والسرقة ولكنها حرائق الحسرة والغضب التي اجتاحت النفوس بعد العبث بتراث ووثائق وتماثيل نادرة تاريخها ضارب في جذور الأرض تم تخريب بعضها وتهريب البعض الآخر وآخرها نيزك بوزن الطن كان مستقرا في المتحف القومي لا لسبب الا لطمس تاريخ وطن وإلغاء هوية أمة .. وهي حرائق لن تطفئها حتى مياه المحيطات.
(6)
يقولون ان المفاوضات وحدها وليست الحرب هي التي تصنع السلام وان اجترار المرارات ليست الا صبا لمزيد من الزيت على النيران المشتعلة ولكن تبقى النتيجة التي يخرج بها كل ذو بصر وبصيرة وهي أن ميليشيا الدعم السريع لم تترك حتى خط رجعة تصالح بها أهل السودان بل فتحت عليهم أبواب جهنم منذ فجر 15 أبريل 2023 وهي تستهدف الفلول والكيزان كما تزعم فهل سينتهي الوضع حتى عبر فرضية إحداث اختراق break through في جدار المستحيل بأسدال الستار على المشهد المأساوي على طريقة (عفا الله عما سلف) وهل ستنتهي الكارثة ب(التقادم) وكيف يسترد رصاص الموت الأعمى الذي انطلق يحصد الأروح البريئة وينتهي لمجازر بشرية غير مسبوقة .
(7)
بالطبع لا مجال هنا للمقارنة بين أسرة آل دقلو ومعاوني أدولف هتلر رغم الانتهاكات والجرائم المرتكبة المتماثلة هنا وهناك والتي تتوافق مع حرب الإبادة وتتعارض مع قوانين حقوق الانسان فالبرهان ليس بقوة وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني وقتها الذي رفض عرض رودلف هيس نائب هتلر الذي هرب الى بريطانيا لإبرام اتفاقية سلام من وراء الفوهرر وسلمه الى محكمة نورمبرج التي أصدرت بحقه السجن المؤبد كما ان حكومة السودان ليست بقوة دول الحلفاء التي أصدرت أحكاما متفاوتة بالسجن والاعدام ل 24 من قيادات الرايخ الثالث.
(8)
المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا تنظر حتى الآن وحتى اشعار آخر على ان الحرب هي حرب جنرالين وهو يكتفي تارة بإصدار عقوبات بتجميد حسابات شركات وشخصيات تابعة للدعم السريع والحكومة وتارة بالتجاهل التام كما أن نفس المجتمع الدولي ممثلا في مؤسساته الخيرية لم يلتزم سوى بفتات لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الإنسانية المطلوبة .. قضية بالغة التعقيد مع ندرة الأوراق التي يمكن اللعب بها ولكن هناك علامة استفهام تحتاج الإجابة عليها الكثير من الحكمة والواقعية والشجاعة والإرادة أمام الأفق المسدود وهي أوليست هناك إمكانية لفتح نافذة مع دولة الشر للتباحث والتفاوض معها بأن مصالحها الاستثمارية مصانة وموجودة وان تحقيقها وجنى ثمارها دانية القطف مع حكومة موجودة على أرض الواقع ولها عضوية في كل المنظمات الدولية والإقليمية حتى لو كانت حكومة أمر واقع بدلا على الرهان على ميليشيا تائهة مدانة فقدت الأرض ولن تجد اعترافا من أحد الآن والى قيام الساعة ؟؟؟.
oabuzinap@gmail.com