#ما_زلنا_هنا
من أرشيف الكاتب #احمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 23 / 6 / 2019
لم ننهزم بعد، ما زال فينا بعض المقاتلين وبعض الحصّادين.. نذود عن خُصل #السنابل بالمناجل، نمشّط غرة #القمح الشقراء بأصواتنا، ننهض كل «شوال» تسقطه الحصّادة لأنه يشبهنا ومن يشبهنا لا يليق به السقوط..
ما زلنا هنا، نفلح #الأرض بما أوتينا من حياة ،صحيح أن سفح الجباه كساه ثلج العمر، ولوّحت شمس الشقاء ابتساماتنا الا أننا لا نموت، «فالأكياس» البيضاء «أسبرين» حياتنا، وأكفان أعدائنا لن نتوقف عن خياطتها الا إذا غادرتنا الحياة.
تأسرني الطقوس ،تلك الجلسة السنوية على رأس «السهم» تحت زيتونة أو تحت ظل «البكم».. نجلس على التراب نمسك عود القش نكتب أو نحسب أو نرسم ما يدور في أذهاننا، وعلى التراب يُبنى جدول ضربٍ سريع بين أخي محمود والبدوي الأمين وصفي اللحلوح يحسب على التراب ثمن «العقير» وعدد «خيشات التبن» ويحسم منه الدفعة الأولى، نشرب الشاي المخلوط بالقش.. ونراقب #الحصادة التي تتّجه شرقاً وكأنها تجر الشمس خلفها، نراها بعيدة، صوتها شجي يوقظ الصمت الرتيب، نراها دجاجة تبيض لنا الأكياس البيضاء، يدغدغها نسيم السهل الذي يتحلل للتو من إحرام الحنطة في حجّ الحصاد.. نراها أمّاً تخبز لنا الرغيف القادم والحلم الذي يجدد اشتراكه كل عام، نراها تسطّر لنا دفتر كل الأيام كي لا يحيد حرف الفلاح عن خط «كوارته» وكرامته.. وبعد أن تصافح «رأس السهم شرقاً» تلتف لنا باسمة بدخان مخلوط بغبار القمح الذهبي..
ما زلنا هنا، نسأل عن «الحَبّ» و«الحبّ» عن «سعر العقير» وعن «الرمي» وعن جيران سبقونا قبل أيام بالحصاد.. ما زلنا هنا، يعلق القش الناعم فوق رموشنا، يلتصق بنا كأصغر الأبناء، يلوّن ملابسنا، ما زلنا هنا، «نعكُم» الشوالات، الساعد يمسك الساعد، والكف تلتقف الرسغ فيتوحّد النبض على وسادة الحنطة.. ما زلنا هنا، نأبى الانكسار، نأبى الرحيل، نأبى الانفصال عن تفاصيل أبي وأحلام أبي وأرض أبي..
ما زلت هنا، لكنني أشعر بالحزن آخر الموسم، عندما تودّع السنابل الأرض، يذهب القش مع مالك جديد.. ويذهب القمح مع مالك آخر، ويبقى السهلُ وحيداً لا يؤنسه سوى عصافير بحّ صوتها وهي تبحث عن أعشاشها وعن صغارها التائهين.. أشعر بالحزن عندما يطير غبار الذهب شرقاً، عندما تتدحرج «كبّة الخيطان»، وتتعثر ببيت شوك، عندما تتدحرج كبّة الأحلام وتتعثر بزفير شوق، عندما يغادر صوت آخر مركبة لنا في المدى.. أحزن لأنني لا أدري متى سأعود إلى حجّ السنابل مرّة أخرى!!
لكننا ما زلنا هنا.. مقالات ذات صلة لماذا لا يصوت الأردنيون المغتربون في الانتخابات البرلمانية؟ 2024/09/07 #67يوما #اعيدوا_لنا_احمد #الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي #سجين_الوطن #غزة_تباد #الحرية_لكافة_المعتقلين
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: السنابل القمح الأرض سجين الوطن غزة تباد
إقرأ أيضاً:
اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ واﻷﻛﺬوﺑﺔ ﻓﻰ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
..امنحوا الناس الأمل
نعم الصحافة المصرية عندنا تمر بأزمة حقيقية، علينا أن نعترف بهذا، سواء الصحافة الورقية أو الإلكترونية، وتلك الأزمة تعجل بالقضاء على تلك الصناعة، التى دخلت مصر منذ أكثر من قرن والنصف.
وأتصور أن أزمة الصحافة بدأت عندما بدأ تصنيفها، بين قومية ومعارضة ودخل عليهم منذ ربع قرن أو أقل تصنيف اخر هو الصحف المستقلة، رغم أن الدور واحد، فالصحافة منذ صدور أول مطبوعة منها هدفها واحد هو نشر المعلومة الحقيقية، كون أن البعض استخدمها فيما بعد بشكل لا يليق بمكانتها وقيمتها، فهذا أمر تمر به كل المهن، كل مهنه فيها الجيد والردىء، الصالح والفاسد، المفيد والضار، لكن فى الأصل، أى مهنه هدفها الخير للناس، والصحافة هدفها الخير دائما، حتى لو تعرض الصحفى لمضايقات.
لكن دعونا نعود إلى التصنيف، بين قومى ومعارض ومستقبل، حتى إننا عندما أصدرنا بعض الإصلاحات المتعلقة بالصحافة والاعلام، شرعنا فى مصر إلى إصدار فكرة تدعم هذا التصنيف والانقسام الهيئة الوطنية للاعلام وتتبعها الصحف المعارضة والمستقلة، والهيئة الوطنية للصحافة وتتبعها الصحف القومية، التى تمتلكها الدولة، وهو تصنيف صنع شرخًا بين أطراف يفترض أن تكون جميعها تحت مظلة الصحافة الوطنية التى تخدم الوطن والمواطن. رغم اننا فى الماضى القريب كنا جميعا تحت مظلة واحدة، المجلس الاعلى للصحافة، وتصورى أن الصحافة يجب إلا تصنف بين قومية ومعارضة ومستقلة، وإن كان هناك مسمى لا بد أن يجمعها فهو الصحافة الوطنية التى تطرح وتناقش ما يهم الوطن والمواطن.
لكن للأسف وبعيدا عن التنظيم والتصنيف فهناك أزمات أخرى تمر بها الصحافة وهى المضمون الذى تقدمه للناس، هناك مفردات مازالت الصحافة المصرية تستخدمها فى العناوين الرئيسية، وهى مفردات انتهت صلاحيتها بحكم الزمن وبحكم أمور كثيرة مرتبطة بالواقع. أمر محزن أن تجد زميل شاب أو تخطى مرحلة الشباب أو زميل عاش تلك المرحلة ومازال متأثرا بعناوين كانت تستخدم فى حقبة الثمانينيات والتسعينيات، ويرى من وجهة نظرة أن هذه هى الصحافة.
أمور كثيرة تغيرت فى الصحافة من حولنا «عالمية وعربية» التناول نفسه لأى موضوع «خبر -تقرير-تحقيق- حوار -مقال» تغير.. طريقة الطرح والكتابة تغيرت. العناوين تغيرت من حيث عدد الكلمات المستخدمة وكذلك المضمون.
مندهش جدا من التصميم على التقليدية التى أصبح عليها 80% من الإصدارات المصرية حتى الحديث منها..
العالم كله يسير فى اتجاه المعلومة وتحليلها. ونحن مازلنا ننظر لمن يكتب التحليل على أنه رأى أو مقال.
أندهش أكثر وأكثر من بعض رؤساء الأقسام أو رؤساء التحرير عندما يطلبون من المحرر مصدرة الخبر، أى يقوم بطرح الكلام على لسان مصدر المعلومة.
الصحف حول العالم، تسعى للمعلومة الدقيقة الحقيقية، بينما مازال البعض عندنا يسعى نحو الأكذوبة.
الصحافة حول العالم تهتم بالصحفى المتخصص بينما مازال «الفهلوى» عندنا هو مصدر الثقة وهو المطلوب والمرغوب.
الصورة أيضا تراجعت عندنا فى الصحافة بشكل محزن.
قليل جدا عندما تجد صحيفة تسعى لنشر صورة معبرة تحقق بها انفراد، مؤخرا وخلال احداث اعتداءات الكيان الصهيونى على اهالينا فى غزة، كانت الصورة خير دليل على تلك الانتهاكات.
وللأسف عندنا اذا وجدت صورة جيدة، تجدها قادمة إلينا من إحدى الوكالات أو المواقع العالمية.
الآن الصورة الجادة تساوى مليون خبر لانها تعبر بشكل لا يحتاج إلى كلام.
على مستوى الإخراج الصحفى البعض يهتم به ويعطيه أهمية كبيرة، بينما هناك صحف مازالت متمسكة بشكلها التقليدى، تجد الصفحات فيها عبارة عن أسطر من الكلمات مرصوصة، مجهدة للعين، تجعلك تنفر منها مهما كانت أهمية التقرير أو التحقيق أو الحوار المنشور.
للأسف عندما تجلس وتتابع مضمون أغلب الإصدارات الصحفية الآن تقول لنفسك «خسارة فلوس الطباعة والورق».
قضايا كثيرة تستحق أن تطرح وتناقش بمفهوم عصرى بعيدا عن لغة الصوت العالى والحنجورية والمزايدة واستخدام مفردات انتهت صلاحيتها ووضع مفردات وكلمات فى غير محلها من أجل التهويل.اذا كنت تريد زيادة مبيعات ومتابعات عليك بالمعلومة الحقيقية فهى أسهل وأقصر طريق إلى الناس.
الصحافة لابد أن تعطى للناس الأمل، لا تكون صادمة.
لا بد أن تكون الصحافة حاضنة للأمل، وليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هى قوة ناعمة يمكنها أن تصنع الفارق فى حياة الناس. المطلوب الآن هو صحافة تزرع الأمل، لا أن تصدم الجمهور أو تزيد من إحباطه.
إذا أردنا أن نبنى مستقبلًا واعدا ومستدامًا لهذه المهنة، فعلينا أن نعيد تعريف دور الصحافة فى المجتمع. الصحافة ليست مجرد وسيلة لنقل المعلومة، بل هى شريك فى صناعة الأمل وصياغة المستقبل.
وعلى الصحف ايضا الاستثمار فى العنصر البشرى من خلال تدريب الصحفيين على الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة.
وفى النهاية البطولة هى أن تكون صادقا فى وسط يسعى لخلق الاكذوبة من أجل الانتشار.