لبنان ٢٤:
2025-03-10@05:32:14 GMT

هل يقرأ حزب الله خطاب الآخرين جيدًا؟

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

هل يقرأ حزب الله خطاب الآخرين جيدًا؟

قد يكون من المفيد جدًّا لـ "حزب الله" أن يبتعد قليلًا عمّا يتعرّض له من ضغط ميداني وما يتحمّله من مسؤولية كبيرة في مواجهة دولة بأمها وأبيها تستبيح كل يوم الحرمات في قطاع غزة وفي الضفة الجنوبية وفي جنوب لبنان، لكي يستطيع أن يرى بوضوح مآل ما يجري على الساحة الداخلية وما له علاقة مباشرة بالمستقبل، وما يخبئه من مفاجآت على صعيد الشراكة الوطنية بين جميع المكونات السياسية، والاستفادة من تجارب الماضي وقساوة ما في الحاضر لبناء مستقبل واضح للأجيال الطالعة قبل أن يصبح الوطن فارغًا من شبابه، الذي يفتش عن مستقبله خارج الحدود.


فالمواقف التي يتخذها النائب السابق وليد جنبلاط بالنسبة إلى ضرورة مساندة "المقاومة" في دفاعها عن الجنوب، وإن لم تكن ترضي أغلبية بيئة الجبل، يُفترض أن تُلاقى بخطوات أكثر تقدمية من قِبل "حزب الله" لطمأنته أكثر من ذي قبل إلى أمن الجبل، الذي يبقى هاجسًا لدى "بيك المختارة" قد يفوق بأهميته أي هاجس آخر حتى ولو كان على حساب قضايا أخرى بعض الأحيان بما يعزّز وحدة الجبل، التي تكرّست بالمصالحة التاريخية، التي رعاها مثلث الرحمات البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، والتي لا يمكن أن تترسخ إن لم تكن تجربة هذه المصالحة معمّمة على مساحة كل الوطن بعيدًا عن المؤثرات الصوتية، التي تُسمع بين الحين والآخر، والتي قد تمليها في كثير من الأحيان بعض الضرورات، التي قد تبيح بعض المحظورات.
فمن دون هذه المصالحة الشاملة بين جميع العائلات الروحية، التي تشكّل النسيج الوطني سيبقى كل فريق متمترسًا وراء أكياس مواقفه السياسية، التي غالبًا ما تكون مناقضة لميثاق العيش المشترك وفق ما جاء في مقدمة الدستور. ولا تكتمل عناصر هذه المصالحة اكتمالًا حقيقيًا إلاّ إذا وضع الجميع هواجسهم على طاولة حوار حقيقي وجدّي، بعد انتخاب رئيس للجمهورية، الذي عليه أن يرعى هذا الحوار، الذي من المفترض أن تطرح على طاولته كل القضايا الخلافية وغير الخلافية، ومن بينها بالطبع "الاستراتيجية الدفاعية أو الهجومية"، وحتى تعديل الدستور بما يتوافق مع التطورات التي استجدّت على أكثر من صعيد خلال آخر ثلاثين سنة، مع ما شهده العالم من فورة تكنولوجية أزالت الفوارق الحدودية بين الدول من خلال ثورة تكنولوجيا المعلومات وسهولة وسرعة الوصول إليها.
وما ينطبق عن تنقية العلاقة بين "الحزب التقدمي الاشتراكي" و "حزب الله" يجب أن ينسحب على جميع المكونات السياسية، وذلك من خلال السعي الجدّي لإزالة كل الأسباب التي تباعد بين هذه المكونات، وهي كثيرة. ومقاربة هذه الأسباب لا تكون بطمر الرؤوس بالرمال، ولا بالتأجيل أو التسويف، بل بوضع الأصبع على جروح الوطن الكثيرة. وهذه العملية تفرض على الجميع أن يتصارحوا بشفافية. فالمصالحة الحقيقية لا تستقيم إلا إذا صاحبتها مصارحة متناهية.
أمّا بالنسبة إلى العلاقات المتوترة بين القوى المسيحية، ولاسيما "القوات اللبنانية"، وبين "الثنائي الشيعي"، وبالأخصّ "حزب الله"، فإن المسألة لا تُعالج بمزيد من صبّ الزيت على النار، بل بالسعي إلى مقاربات تتخطّى بأبعادها الشمولية ظروف المرحلة الراهنة الآنية. وقد يكون ما قاله الدكتور سمير جعجع في قداس شهداء "المقاومة اللبنانية" في ما خصّ قراءته "لعناصر القوة الوطنية تدفعنا إلى مصارحة "حزب الله" بأنّ حزن وألم عائلات شهدائهمْ وجرحاهمْ لا يعني شعور فرحٍ وغبطةٍ لدينا او لدى لبنانيين آخرين. بلْ على العكس، نحن نحزن لسقوط لبنانيين إخوةٍ لنا وشركاء في الوطن، ولما يحلّ في الجنوب من دمارٍ وخراب، ولما يصيب أهلنا منْ مآسٍ وحروبٍ حاولْنا كثيراً بمواقفنا وعملنا السياسيّ والنيابيّ تجنيبهم إيّاها. إنّ ما يصيب أيّ طرفٍ لبنانيٍّ يصيبنا نحن أيضاً، ومنْ غير الصّحيح أنّنا نراهن على هذا العامل أو ذاك الاستحقاق أيّاً وأنّى يكنْ"، لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.
فبداية أي حوار يجب أن تكون بإعادة كل فريق على حدة قراءة مواقفه السابقة، وبالتالي الاعتراف الضمني بأن الحقيقة المطلقة ليست ملكًا لفريق دون سواه، بل تشمل بمفهومها العام كل "الحقائق الصغيرة" مجتمعة، والتي اعتقد كل فريق في مرحلة من المراحل أن خياراته السياسية هي الأكثر صوابية وصدقية ليكتشف بعد حين أن ما كان يظّنه "حقيقة" ليس سوى أضغاث أحلام. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله التی ت

إقرأ أيضاً:

جينا يا بابنوسة لتمسحي من حناجرنا العويل

عبد الله علي إبراهيم

لا أعرف كلمة في حب الوطن والمدينة قاربت كلمة يوسف عبد المنان في حب بابنوسة وهي في مرمى الأوغاد. وبابنوسة، التي مررت عليها مروراً، عندي مثل كسلا. قلت مرة إني لم أزر كسلا حتى تاريخه ذاك ولكنها المدينة التي لم اغادرها لأنني ابن ختمية صميمة. وبابنوسة كذلك. لم أرها ولم أغادرها أبداً أيضاً لأنني ابن سكة حديد صميم. ليس من بين زملاء شلتي في نادي الوادي في عطبرة من لم ينفق بعض عمره خادماً للسكة الحديد فيها. وتدخل في أنسنا كما تدخل أم درق والشعديناب واوربي والباوقة. ولا أعرف من رأى خطر هذه المدينة مثل الناظر بابو نمر. قال إنه من ما مر القطر من جهتنا إلى بابنوسة عرفت أن الإدارة الأهلية إلى زوال طال الزمن أو قصر.
كتب عبد المنان يقول عن البابنوسة:

بابنوسة المدينة المثقفة تكتب الشعر وتقرأ الروايات، وتشجع ريال مدريد وبرشلونه، وتعرف ليفربول وتغني مع حمد الريح إلى مسافرة، وتقرا لبدر شاكر السياب تولستوي ومكسيم جوركي، وتضرب حسناواتها الدلوكه، متين ياربي تاني تلمنا. وهي رئاسة السكة حديد القطاع الغربي، مدينة عمالية تمردت على الطائفية وعرفت الحزب الشيوعي وعرفت البعث العربي من صلاح الدين البيطار إلى مشيل عفلق، وانتظمت في مدرسة التيار الإسلامي، واحبت سيد قطب، وحفظ اسلاميوها أشعار محمد إقبال، وهاشم الرفاعي..
نعم. بابنوسة مدينة مثقلة بالعلم وممتلئة بالثقافة، والتمرد والعصيان، والفراسة والرجولة والكبرياء، ترفض ان تبيع نفسها للملشيا التي تقاتل من أجل مملكة مصنوعة من بقايا الأشياء الساقطة.
29 يناير 2024م

وكتبت هذه الكلمة في 2012 أعزي نفسي أن بلدنا ولود ذو صحوات ربما لم يحسن تقديرها من أثقلوا علينا بيأس منه.
وددت لنعاة السودان أن يتنسموا عبير النبأ الطيب الفاح من رياه. فقد الجمتني الدهشة لكتاب كثيرين في المهاجر سقموا الوطن و"قنعوا" من خير فيه طالما حكمته الإنقاذ. وترخصوا. وقَبلوا أن تنتقص أطرافه بقوة أجنبية في كتابات نافدة الصبر يائسة يتبارى الكاتبون بحثاً لها عن عنوان طريف ونبأ خاسر. وبطل عندهم الوطن من فرط ما ذهبت الإنقاذ برجاحتهم وحلت عقدة رباطة جأشهم.
ومن ضفة الوطن الأخرى المُنتظر يأتينا النسام.
بثت الأسافير قبل أيام أغنية جديدة في حب الوطن لطارق الأمين. وقد وصف طارق أغنيته بنفسه. فهي مثل الأم التي "تمسح من حناجرنا العويل"، أو بعض تلك الأنامل التي "ترسم صورة الوطن الجميل". لقد رثى لنا للمرارات تحتوينا وتسهدنا "الغنيوات الحزينة". وجعل من هذه المرثية لازمة في الأغنية بغير تهافت. فالأغنية مشرقة بالسودان كشمسه في كبد السماء. فالبلد محروسة:
نحن ما الشعب السوداني
المهذب، المثقف، العزيز
جينا يا مدينة
ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. فإن جار الزمان تجرعنا غصصه بالأغنية والتهاليل:
نحن من تلك المعاني الراكزة من شعر الخليل
جينا يا مدينة
ونحن: عشاق الأغاني يلا يا رشا ياكحيل
جينا يا مدينة
نحن مداح الخلاوي البضوو الدنيا ليل
جينا يا مدينة
والتعزي ب"الحقيبة" والأمل مما أبدع في تصويره المرحوم زين العابدين الهندي في أوبريته العظيم عن الوطن. فقد خص، من غير سابقة، أغنية الحقيبة و"صعاليكها"، بمقطع مؤثر لولههم بالسودان يتفصد له الفؤاد وتندى العين. وهذا سلاح المستضعف ينهض به من رماد هزائمه.
ومن نسّام الوطن أيضاً خبر تكوين جماعة "عمل" الثقافية بالخرطوم. ودشنت حضورها بمحاضرة قيمة من البروفسير منتصر الطيب ثم أقامت معرضاً تشكيلياً. ولكن مناسبتها الفاقعة هي معرضها "مفروش" لبيع الكتاب المستعمل وتبادله في يوم 28 مايو الماضي. تداعى له أصحاب مفروشات الكتب من أنحاء الولاية. وجاء العشرات يحملون كتبهم يبادلونها الآخرين. وانعقد السوق بمقهى الأتينية في السوق الأفرنجي. وحفته الموسيقي. وشهد الحضور عرض برجوكتور عن أعمال الفنان عمر خيري من إعداد علياء سر الختم. وأعجبتني خاطرات رندا سر الختم حول معرض الكتاب. قالت لم يكن "مفروش" عن الكتاب مهما قلنا عن جوعنا له في اقتصادنا الفالت. كان بالأحرى شغفاً بالزمالة. كان احتفاءً غامضاً، كما قالت، غلب على وجوه المنظمين. كانت الكتب مفروشة على أرفف ابتساماتنا (كلام نادر وهو كلام المستقبل). لا فرق بين كتاب وصديق ولا بين صديق وكتاب. وهذا سحر الزمالة عاد بي نحو ثلثي قرن حين رأينا "مدينة أبادماك الثقافية" تخرج سلسة من بين أيدينا وثنايا الجمهور في أرض حديقة المقرن كما لم نتصور ونحن نعد لها العدة.
هذه هي السعادة بالعودة من الغيهب. فتفتح عيونك المصادرة على رفيق في الدرب وخطراً جديداً. وفهمت عن كثب قول مامون التلب:" سلام يا براق ياخي كان يوم عجيب والناس فرحت، وأنا فرحت فرح شديد؛ لي زمن ما فرحت كده."
طلب عبد الله محمد الطيب "أبو سفة"، وهو من القائمين بأمر "عمل"، أن يقول الناس للفنان أحسنت متى أحسن. وقال إن البحتري طلب ذلك: "قولوا أحسنت. لماذا لا تقولون أحسنت. فو الله لقد أحسنت". وأقول لطارق وأبو سفة ورندا وعلياء والتلب وأنس: "فو الله لقد احسنتم" ومسحتم عن حناجرنا العويل. نحن جينا.

ibrahima@missouri.edu  

مقالات مشابهة

  • في محاضرته الرمضانية التاسعة.. قائد الثورة: من ثمرة اليقين أن يمتلك المؤمن الحُجّة المقنعة والحرص على هداية الآخرين
  • الأحزاب السياسية تشيد بقرار قائد انصار الله بشأن غزة
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • قبلان: نريد سلطة تحكم باسم المصالح الوطنية لا مصالح الآخرين
  • مفتي الجمهورية: دماء الشهداء سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة ومفاتيح عزتها التي لا تذبل
  • هل ابتلاع بقايا الطعام التي بين الأسنان يفسد الصيام؟.. الإفتاء تجيب
  • جينا يا بابنوسة لتمسحي من حناجرنا العويل
  • العقيد حسن عبد الغني المتحدث باسم وزارة الدفاع: حققت قوات وزارة الدفاع تقدماً ميدانياً سريعاً، وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام
  • رئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد أنس خطاب: لا صحة لما تداولته بعض الصفحات على شبكة الإنترنت حول الرسائل التي نشرت مؤخرًا والتي ادعى كاتبها أنها صادرة عن رئيس جهاز الاستخبارات السوري. (تغريدة على X)