الشيخ ياسر مدين يكتب: التشكيك في السيرة النبوية (7)
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
عرضنا فيما سبق لمراحل تدوين السيرة العطرة منذ عهد الصحابة الكرام حتى وصلنا إلى الجيل الرابع الذى منه موسى بن عُقبة (ت 141هـ)، ومعمر بن راشد (ت 153هـ)، ومحمد بن إسحاق بن يسار (ت 151هـ)، صاحب السيرة المشهورة، والتى زعم البعض جهلاً أو كذباً أنها أول ما كُتب فى السيرة!
وقد تحدثنا عن منهج ابن إسحاق فى كتابة السيرة وتوثيقها، وقد استطاع ابن إسحاق أن يُقدّم لنا من هذه المادة الغزيرة سيرة حسنة التنظيم والعرض تحت عنوان «المغازى»، أى: مغازى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد سبق أن بيَّنا أن المراد بالمغازى هى السيرة النبوية، وإنها تُعنون ببعض أحداثها وهى المغازى باعتبارها من أهم الوقائع، وإطلاق اسم البعض على الكل من عادات لسان العرب، وقد بيَّن صاحب كتاب «المغازى الأولى ومؤلفوها» أن كتاب المغازى كان ثلاثة أقسام هى المبتدأ والمبعث والمغازى، حيث إنه اشتمل على تاريخ الرسالات السابقة، وفترة شباب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونشاطه فى مكة، وأخيراً الفترة المدنية.
وقد انتشر كتاب ابن إسحاق، وصار يُروى عنه، ومعنى رواية الكتاب أن تلاميذه بعد أن نسخوا «نقلوا» الكتاب، قرأوه على الشيخ، فصارت نُسخُهم موثقةً؛ لأنهم بعد أن نقلوها من نسخته قرأوها عليه دَرءاً لأى خطأ أو تحريف قد يقع أثناء عملية النقل.
وقد صارت سيرة ابن إسحاق معتمدة لدى العلماء المؤرخين من بعده، وهذا يدل على ثقتهم فيها، وتقديرهم للجهد المبذول فى تنقيحها والعناية بتوثيقها.
وقبل أن نبين كيف أن سيرة ابن إسحاق آلت إلى سيرة ابن هشام، ينبغى أن نقف عند أمر أثاره البعض تشكيكاً فى السيرة المنقولة، ألا وهو أن الإمام مالك بن أنس (ت 179هـ) إمام المذهب الفقهى المشهور، رضى الله عنه وأرضاه، قد وصف ابن إسحاق بأنه «دجَّال من الدجاجلة»، والحق أن هذه الكلمة لا تدل على ما ذهب إليه هذا الزاعم، وذلك لأن مالكاً لم يتهم محمد بن إسحاق بالكذب، ولكن كان بينهما معاداة سببها أن محمد بن إسحاق كان ممن يقول بمذهب القَدَرية فى العقيدة، واشتد هذا بينهما، حتى إن محمد بن إسحاق قال: اعرضوا علىَّ عِلم مالك [يقصد كُتبَه]، فإنى بَيْطاره. فلما بلغ مالكاً هذا القول قال: انظروا إلى دجالٍ مِن الدجاجلة يقول: اعرضوا علىَّ علم مالك!
وهذه الواقعة ثابتة فى المراجع العلمية، والإمام مالك يقصد بوصفه محمد بن إسحاق بأنه (دجال من الدجاجلة) أنه خرَج من المدينة المنورة، والمدينة المنورة لا يدخلها الدجال آخر الزمان، فكأن الإمام مالكاً، رضى الله عنه، يشير بهذه الكلمة إلى أن آراء ابن إسحاق الزائغة فى العقيدة كانت سبب إخراجه من المدينة، فصار منفياً منها كما لا يدخلها الدجال.
وقد وردت روايات فى المراجع العلمية نصت على هذا، يقول فيها الإمام مالك، رضى الله عنه: دجال من الدجاجلة يقول هكذا! نحن نفيناه من المدينة.
إذن، ليس المقصود بالكلمة رمى ابن إسحاق بالكذب فيما نقله من السيرة النبوية.
وجدير بالذكر أن المستشرق الألمانى يوسف هوروفتس فى كتابه القيم «المغازى الأولى ومؤلفوها» الذى ترجمه أستاذنا الدكتور حسين نصار، رحمه الله تعالى، قد ذكر هذا.
وماذا يظن بمن يذكر هذه الكلمة فى معرض التشكيك فى السيرة؟ هل جهل ما ذكرناه فقالها، ويكون حينئذٍ معذوراً بالجهل، أم رآه واطلع عليه ولكنه لم يذكره تدليساً على السامعين، لتشكيكهم فى تراثهم، وتاريخهم، وسيرة نبيهم، صلى الله عليه وسلم؟!
ليس لنا أن ننقب عن النية الكامنة وراء ما يقول ويفعل، ولكن يعنينا أن نبين لمن سمع ذلك الكلام أن قائله إما أن يكون معذوراً بالجهل أو متهماً بالكذب، وهل تؤخذ المعرفة عن أحد هذين؟!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السيرة النبوية العطرة الصحابة الكرام محمد بن إسحاق
إقرأ أيضاً:
خدت حقي وارتضيت.. الشيخ علي جمعة يصلح بين طبيبة الشيخ زايد وأسرة زوجها
نشرت الدكتورة انجي الغمراوي الشهيرة بـ"طبيبة الشيخ زايد" منشورا عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تشير فيه إلى تصالحها مع أسرة زوجها بعد محاضر وقضايا متبادلة بينهما بعد تدخل ووساطة من الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق.
وتضمن منشور الدكتورة إنجي الغمراوي تفاصيل جلسة الصلح التي جمعت بينها وبين أسرة زوجها قائلة: "الحمد لله وبفضلكم و بفضل فضيلة الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية سابقاً، جرت علي مدار الأسابيع اللي فاتت جلسات صلح عرفية تمت في إستضافة فضيلة الشيخ شخصيا وفي منزله الموقر بيني وبين أفراد عائلة زوجي رحمة الله عليه.
تعاتبنا، تفاهمنا وتصالحنا بفضل الله علي ان يأخذ كل ذي حق حقه، وتراضينا علي كل ما يضمن لي و لهم و لحفيدهم و حفيداتهم حياه كريمة بيني و بينهم حرصا علي صلة الرحم و حبً في خالد زوجي رحمة الله عليه و تأكيدا علي رغبتي في ان يعيشي إبني وسط أسرتي و أسرة زوجي رحمة الله عليه بحب و سلام و موده زي ما خالد وصانا و كان يتمني.
بشكر الجميع مرة تانية علي كل دعوة بظهر الغيب من القلب، بشكر الجميع علي كل كلمة فيها دعم، بشكركم على كل رسالة وكل مكالمة وعلى كل إحساس طيب وصلتهولي بكل الطرق وبعتذر للجميع علي أي ألم تسببت فيه لأي حد بسبب اللي نشرته.
بشكر فضيلة الشيخ علي جمعة علي سعة صدره ووقته الثمين، واستضافتنا وسط أسرته وأهل بيته عشان يصلح بيننا ويكون الضامن والشاهد علي كل كلمة أتفقنا عليها.
و أخيرا، أنا هحذف كل كلمة عن أسرة زوجي رحمة الله عليه لأنهم في النهاية أسرة ابني، يعني أسرتي، وأهل إبني يعني أهلي لان الخلاف قد زال بفضل الله و بفضلكم جميعا و إن شاء الله كمان حتي مع الأفراد الي اتدخلو بسوء بالفعل او باللفظ بعد اعتذاراتهم إن شاء الله هيكون ساد السلم بين الجميع و بإذن الله نرجع مع الوقت زي الاول وأكثر حرصا علي مصلحة إبني اللي هو إبنهم و حفيدهم و حبيبهم
وليا طلب أخير، بطلبه من الجميع ان يحذف أي كلمة فيها إساءة لأهل إبني لإني بفضل الله إرتضيت الصلح و أخذت كل حقوقي لا أكثر ولا أقل وقد تراضينا علي كل ما إختلفنا فيه وعليه وأي حاجة ممكن تضايق إبني في يوم من الأيام و ده رجائي أخير و زي ما قلت في قاعدة الصلح اني في وقت قصير هتنازل عن مسكني لبنات عم إبني بغرض مد أيد الصلح و السلام الأسري بين الأحفاد، و عشان أنا كل غرضي إنه كان يوصل لإبني حقه و حقي بس
بشكر جميع من تعاطف مع قضيتي و نشر حكايتي و قصتي، و إن شاء الله القصص القادمه تكون عن نجاحنا أنا و إبني في حياتنا و يا رب و نقدر نساعد مجتمعنا الغالي دايمآ
كانت محكمة جنح الشيخ زايد، قد قررت حبس المتهمين بالاعتداء على الطبيبة ضحية أهل زوجها في منطقة الشيخ زايد، عام ونصف، لاتهامهم بإتلافهم كاميرات المراقبة لإجبارها على ترك المنزل.
تعود تفاصيل الواقعة إلى عام 2021، عندما تزوجت الطبيبة من زوجها ورزقا بمولود، لكنه توفي بعد 4 أشهر من ولادته، ما جعلها تستمر في الإقامة بمنزل زوجها الراحل مع أسرته.
وقدمت الطبيبة بلاغًا إلى الجهات الأمنية ضد أهل زوجها، متهمةً إياهم بالتعدي عليها وإتلاف كاميرات المراقبة الخاصة بالمنزل، في محاولة لإجبارها على ترك منزلها بعد وفاة زوجها.