عربي21:
2025-04-23@23:38:55 GMT

خفايا التقارب التركي السوري

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

تزاحمت خلال الأسابيع القليلة الماضية التصريحات السياسية من تركيا والنظام السوري وروسيا حيال التقارب التركي ـ السوري.

وإذ حملت هذه التصريحات في طياتها معان عامة وفضفاضة، كما في السابق، إلا أن تحليل مضامينها إضافة إلى التطورات التي حصلت على الأرض قد تساعدنا في فهم مسار التقارب التركي مع النظام السوري.



على صعيد التصريحات السياسية، كان لافتا الشروط التي وضعتها أنقرة لتنفيذ مطلب دمشق في انسحاب القوات العسكرية التركية من الأراضي السورية، وهذه الشروط هي:

ـ تطهير سوريا من العناصر الإرهابية؛ حفاظا على سلامة أراضيها ووحدتها.

ـ تحقيق مصالحة وطنية حقيقية وشاملة، وإنجاز العملية السياسية.

ـ دستور جديد في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 على أساس المطالب والتوقعات المشروعة للشعب السوري.

ـ تهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين، مع ضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون انقطاع.

إن الهدف البعيد هو التخلص من عبء اللجوء السوري، لكن يبقى هذا هدفا بعيدا لا يتحول من القوة إلى الفعل دون وجود حوامل موضوعية له: متغيرات في الجغرافية العسكرية داخل سورية، تجعل تحقيقه إمكانية واقعية.لا يحتاج المرء عناء التفكير للاستنتاج بأن هذه الشروط مستحيلة التحقق:

الشرط الأول يعني وفق القاموس السياسي التركي القضاء على تنظيم "قوات سوريا الديمقراطية" التي يشكل الأكراد عمادها، وهذا أمر خارج إمكانيات النظام وإيران وروسيا مجتمعين، إنه مرتبط بالولايات المتحدة الداعم الرئيس للوحدات الكردية.

إن وضع أنقرة هذا الشرط ليس من باب التعجيز السياسي فقط، بل هو يربط الوجود التركي في الشمال السوري بالمصالح القومية العليا لتركيا، وبهذا المعنى، فإن أية مصالحة تركية ـ سورية يجب أن تحصل وفق شروط الإمكان للطرفين، دون المطالبة بتنازلات مرتبطة بمعادلة جيوستراتيجية تتجاوز الحوامل المحلية للجغرافية السورية.

بعبارة أخرى، لا يمكن مطالبة تركيا بمطلب استراتيجي مثل هذا دون تحقيق النظام السوري لمعادله، أي إزالة الأسباب التي أدت إلى التدخل العسكري التركي في سوريا.

بخصوص الشرط الرابع (تهيئة الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للاجئين، مع ضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين دون انقطاع)، فهو مطلب تركي حقيقي لأنه يخفف الضغط الشعبي على السلطة، ويتيح لحزب "العدالة والتنمية" التحرر من عبء اجتماعي أثقل كاهله ولا يزال في الانتخابات.

أما الشرطان الثاني والثالث، فهما شرطان نظريان لا قيمة سياسية لهما بنظر تركيا، ذلك أن أنقرة قد تخلت مضمرا عن المطالب السياسية الكبرى للمعارضة السورية حيال شروط الحل السياسي.

لقد وضعت أنقرة هذين الشرطين كذر للرماد في العيون أولا، ولترك هذا الملف مفتوحا تبعا لتغير الظروف.

هل يوحي ما تقدم بأن التقارب التركي ـ السوري مستحيلا؟ الجواب بالتأكيد لا، ذلك أن ثمة أهداف كثيرة يمكن أن يحققها كل طرف، وإن كانت ذات قيمة محدودة في الأمد القصير.

غير أن التقارب بين الجانبين، أو بالأصح، الانعطافة السياسية التركية، ومقابلها قبول النظام السوري بالمصالحة، لم تحصل لأجل أهداف صغيرة متعلقة بمعبر هنا أو هناك، أو بمنع دخول السوريين المقيمين في الخارج ـ باستثناء تركيا ـ من دخول الأراضي السورية المحررة عبر تركيا.

يتعلق التقارب بأهداف استراتيجية بعيدة المدى: من وجهة نظر سورية، لا يمكن القبول بمصالحة مع تركيا دون الاتفاق على خطة عمل بعيدة المدى تُنهي الوجود العسكري التركي في الشمال، لا لذاته، بل لأجل القضاء على المعارضة المسلحة، والانتهاء جذريا من وجود معارضة داخل سوريا. ومن وجهة نظر تركية، لا بد من القضاء على القوة العسكرية الكردية وسحب سيطرتها على أراض سورية واسعة متاخمة لتركيا.

هذان هما الهدفان الكبيران، ومن خلالهما يمكن لأنقرة إيجاد مخرج لأزمة اللاجئين السوريين داخل حدودها.

ضمن هذه المقاربة يمكن النظر إلى التحول السياسي التركي في الملف السوري، فبلغة الاستراتيجيا، ما هو الثمن الذي ستحصل عليه تركيا من انفتاحها على النظام السوري؟

صحيح إن الهدف البعيد هو التخلص من عبء اللجوء السوري، لكن يبقى هذا هدفا بعيدا لا يتحول من القوة إلى الفعل دون وجود حوامل موضوعية له: متغيرات في الجغرافية العسكرية داخل سورية، تجعل تحقيقه إمكانية واقعية.

يتعلق التقارب بأهداف استراتيجية بعيدة المدى: من وجهة نظر سورية، لا يمكن القبول بمصالحة مع تركيا دون الاتفاق على خطة عمل بعيدة المدى تُنهي الوجود العسكري التركي في الشمال، لا لذاته، بل لأجل القضاء على المعارضة المسلحة، والانتهاء جذريا من وجود معارضة داخل سوريا. ومن وجهة نظر تركية، لا بد من القضاء على القوة العسكرية الكردية وسحب سيطرتها على أراض سورية واسعة متاخمة لتركيا.غير أن كل هذا البنيان الاستراتيجي الذي يبنى، لن يكتب له النجاح في ظل بقاء الأكراد قوة عسكرية فاعلة ومهيمنة في الشمال السوري.

لهذا السبب، يمكن القول إن الخلاف التركي ـ السوري، أو الأسباب التي تؤخر المصالحة، لا تتعلق بقضايا فرعية (إنسانية، مساعدات، معابر، حلول سياسية)، بل تتعلق بكيفية القضاء على الوجود العسكري الكردي في سوريا كخطوة أولى تؤدي إلى سحب تركيا لقواتها العسكرية، والتخلي عن المعارضة العسكرية.

قد لا نندهش إذا ما رأينا في الفترة المقبلة تحالفا عسكريا يضم تركيا إلى جانب النظام السوري وروسيا وإيران، إنه استانة عسكرية، بعدما فشلت استانة السياسية.

هذا هو المخطط الكبير الذي يسعى الجانبان إلى تحقيقه بدعم روسية وإيراني، وإذا ما استشعرت أنقرة بحواسها السياسية العالية استحالة تحقيقه، ستتحول المصالحة والتقارب إلى مجرد ديكور سياسي يستخدمه كل طرف نحو قواعده الاجتماعية ليس إلا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا التقارب سوريا سوريا تركيا علاقات رأي تقارب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التقارب الترکی النظام السوری بعیدة المدى من وجهة نظر القضاء على الترکی فی فی الشمال

إقرأ أيضاً:

المبعوث الخاص لترامب: أوكرانيا لا يمكن أن تكون جزءاً من الناتو

أوكرانيا – أكد المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون أوكرانيا وروسيا كيث كيلوغ، إن أوكرانيا “لا يمكن أن تكون جزءاً” من حلف شمال الأطلسي (الناتو).

جاء ذلك في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، امس الاثنين، تحدث فيها عن السلام المحتمل في أوكرانيا واحتمالات انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي.

وأكد كيلوغ أن مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو “أمر غير وارد”، قائلا: “الناتو خارج نطاق النقاش. لن تكونوا جزءاً منه”.

وأوضح كيلوغ أن الإدارة الأمريكية تُجري مفاوضات متعددة تتعلق بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار إلى أن هناك العديد من القضايا التي ينبغي على الولايات المتحدة الانخراط فيها على الصعيد العالمي، مضيفاً أن الحرب الطويلة بين روسيا وأوكرانيا “قد تُتيح فرصة ما”، دون تفاصيل عن ذلك.

وفي 18 مارس/ آذار، بحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التفاصيل المتعلقة بوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا في اتصال استغرق نحو ساعتين ونصف.

وعقب الاتصال، أعلن ترامب على منصة “تروث سوشيال” أنه اتفق مع بوتين، على وقف فوري لاستهداف منشآت الطاقة والبنية التحتية في كل من أوكرانيا وروسيا.

من جانبه أفاد الكرملين في بيان، أن بوتين رحب بمقترح ترامب بشأن امتناع كييف وموسكو عن استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة لمدة 30 يوما.

كما شهدت مدينة جدة السعودية، في مارس الماضي محادثات أمريكية أوكرانية لبحث التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين كييف وموسكو، وذلك برئاسة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها.

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف “تدخلا” في شؤونها.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري
  • الموت يغيّب الإعلامي السوري صبحي عطري
  • هل يمكن أن يطوّر الذكاءُ الاصطناعي خوارزمياته بمعزل عن البشر؟
  • الرئيس السيسي: لا يمكن لأحد المساس بالثوابت لأنها عقيدتنا
  • المبعوث الخاص لترامب: أوكرانيا لا يمكن أن تكون جزءاً من الناتو
  • صيدم: لدينا فرصة مهمة للاستفادة من التقارب الفلسطيني السوري
  • كيف يمكن أن يؤثر تغير المناخ على نسبة مادة الزرنيخ السامة في الأرز؟
  • سيف بن زايد ناعياً البابا فرنسيس: سيظل مصدر إلهامٍ في بناء جسور التقارب والسلام
  • الرئيس تبون يستقبل وزير الخارجية التركي
  • الأونروا: لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني