الدكتور محمد كمال يكتب: الاستثمار في رأس المال البشري
تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT
على مدار العقود الماضية حدث تراجع حاد فى جميع المجالات، من البنية التحتية، إلى الاقتصاد الفعلى، وبدايةً وانتهاءً تراجع الاهتمام بالمواطن المصرى فى ظل تراجع الدولة عن القيام بمعظم أدوارها، فتركت المجال لجمعيات وأشخاص لملء الفراغ الذى تركته الدولة. لهذا كان اهتمام الدولة فى العقد الأخير بإصلاح ما أفسده الدهر والحكومات المتعاقبة، فكان العبء ثقيلاً فى جميع المجالات، وخطت الدولة خطوات واسعة فى مجال إقامة البنية التحتية، والمشروعات الاقتصادية المختلفة.
ويأتى المشروع القومى للتنمية البشرية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، الذى طرحه فخامة رئيس الجمهورية، ليؤكد اهتمام الدولة برأس المال البشرى؛ الثروة الحقيقية لمصر، والاهتمام بعنصرى الإنسان المادى والمعنوى، بالاهتمام بصحة الإنسان المصرى، وكذلك الاهتمام بالعناصر المعنوية فى المكون المصرى، وهى مهمة تمثل مشروعاً متكاملاً تشارك فيه جميع الوزارات كلٌ فيما يخصه، لذلك كلف بها فخامة رئيس الجمهورية معالى رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، ما يحتم مشاركة الوزارات التى يتعلق عملها بشكل مباشر مثل وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، والأوقاف، بجانب مشاركة بقية الوزارات.
وفى هذا الإطار كانت التغييرات الأخيرة فى النظام التعليمى فى التربية والتعليم، والحد من الأعداد المقبولة بالكليات النظرية، وافتتاح عشر جامعات تكنولوجية لتأهيل الطلاب لسوق العمل المحلى والإقليمى. كما تقتضى المبادرة إعادة بناء الهوية الوطنية المصرية، وذلك من خلال ترسيخ القيم والأخلاق والأعراف التى قامت عليها الحضارة المصرية فى عصور مجدها، وفى هذا الإطار سبق وقدمنا عدة مرات مقترحاً لتدريس مادة القيم والأخلاق المهنية فى الجامعات تطبيقاً لنص المادة 24 من الدستور التى تنص على أن «تعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة». وللأسف قامت بعض الجامعات بتدريس حقوق الإنسان فقط، وقام بعضها بتدريس التفكير الناقد، وغير ذلك من مواد، ولم تتم الاستجابة لمطالبتنا بالمخالفة للدستور، ودون اهتمام بعنصر القيم والأخلاق، حيث يتم تعريف الطالب الجامعى بالقيم وأهميتها وأنواعها مثل المواطنة والهوية الوطنية، وحوار الحضارات والتنوع الثقافى، والحرية التى لا توجد إلا إذا كانت مرتبطة بالمسئولية وإلا تحولت إلى فوضى تدمر المواطن والوطن، والقيم المشتركة بين الأديان. وكذلك تعليم القيم الاجتماعية، والشخصية، وأخلاقيات العمل، والأخلاقيات الخاصة بكل مهنة، ومكافحة الفساد بشتى صوره وأهمية ذلك للمجتمع والجهات القائمة على ذلك، وغيرها من القيم الضرورية للحفاظ على المواطن والوطن فى ظل حروب الجيل الخامس، وحتى تخرج الجامعات مواطناً ومهنياً صالحاً يخدم وطنه ومهنته على النحو الأمثل، وهو ما نأمل أن تتم الاستجابة له تطبيقاً لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: بناء الإنسان المبادرات الرئاسية العدالة الاجتماعية القیم والأخلاق
إقرأ أيضاً:
اتهام «ترامب» بانتهاك الدستور.. وقاضٍ فيدرالى يوقف «تجميد المساعدات»
بدأت موجة الغضب تتزايد ضد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على إثر قراراته التى وصفها معارضوه بالعشوائية، وكان آخرها تجميد الإنفاق الفيدرالى والتى أغرقت البرامج التعليمية من برامج الطفولة المبكرة إلى جهود البحث الجامعى فى جميع أنحاء البلاد فى حالة من عدم اليقين والفوضى، وتصل المنح والقروض الفيدرالية إلى كل ركن من أركان حياة الأمريكيين تقريبا، مع تدفق مئات المليارات من الدولارات إلى برامج التعليم والرعاية الصحية ومكافحة الفقر ومساعدات الإسكان والإغاثة من الكوارث والبنية الأساسية ومجموعة من المبادرات الأخرى.
فيما رفضت محكمة أمريكية بشكل مؤقت أمس الأول محاولة ترامب تجميد مئات المليارات من الدولارات من المساعدات الاتحادية، حتى فى الوقت الذى أثارت فيه الفوضى فى أنحاء الحكومة وأثارت مخاوف من أنها قد تعطل البرامج التى تخدم عشرات الملايين من الأمريكيين. حيث شدد قاضى المحكمة الجزئية الأمريكية لورين على خان إيقاف قرار بوقف مؤقت للتمويل بعد أن زعمت عدة جماعات حقوقية أن التجميد من شأنه أن يدمر برامج تتراوح من الرعاية الصحية إلى بناء الطرق. وستنظر المحكمة فى القضية مرة أخرى يوم الاثنين القادم.
كان التوجيه الشامل الذى أصدره ترامب هو الخطوة الأخيرة فى جهوده لإصلاح الحكومة الفيدرالية، والتى شهدت بالفعل قيام الرئيس الجديد بوقف المساعدات الخارجية وتجميد التوظيف وإغلاق برامج التنوع عبر عشرات الوكالات. كما عرضت إدارته عمليات شراء للموظفين الفيدراليين لتقليص حجم الوظائف.
وفى السياق ذاته، شن الديمقراطيون هجوماً ضده لتجميد التمويل باعتباره اعتداءً غير قانونى على سلطة الكونجرس بشأن الإنفاق الفيدرالى، وقالوا إنه يعطل بالفعل المدفوعات للأطباء ومعلمى ما قبل المدرسة. ودافع الجمهوريون إلى حد كبير عن الأمر باعتباره تحقيقًا لوعد حملة ترامب بكبح جماح الميزانية البالغة 6.75 تريليون دولار.
قالت إدارة ترامب إن البرامج التى تقدم فوائد مباشرة للأمريكيين لن تتأثر. لكن أكد السيناتور الديمقراطى رون وايدن أن الأطباء فى جميع الولايات الخمسين لم يتمكنوا من تأمين المدفوعات من برنامج Medicaid، الذى يوفر تغطية صحية لـ70 مليون أمريكى من ذوى الدخل المنخفض.
ودافع البيت الأبيض عن التجميد بأنه كان ضرورياً لضمان توافق برامج المساعدات الفيدرالية مع أولويات الرئيس الجمهورى، بما فى ذلك الأوامر التنفيذية التى وقعها والتى تنهى جهود التنوع والمساواة والإدماج.
ويواجه أمر ترامب تحديًا قانونيًا آخر من جانب المدعين العامين الديمقراطيين فى الولايات، الذين زعموا فى دعوى قضائية أن التجميد ينتهك الدستور الأمريكى وسيكون له تأثير مدمر على الولايات التى تعتمد على المساعدات الفيدرالية لجزء كبير من ميزانياتها.
وذكرت المذكرة أن تجميد الأموال يشمل أى أموال مخصصة للمساعدات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية، وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ تشاك شومر «هذا القرار غير قانونى ومدمر وقاسٍ. والأسر الأمريكية هى التى ستعانى أكثر من غيرها».
وقال عضو مجلس النواب الأمريكى الجمهورى دون بيكون «نحن لا نعيش فى ظل نظام استبدادى، بل فى ظل حكومة منقسمة، ولدينا فصل بين السلطات».
وهاجم أحد قادة الجامعات القرار لتأثيره على مشاريع البحث، فضلاً عن إيقاف التدفق النقدى لبرنامج Head Start، وهو برنامج تعليم الطفولة المبكرة الذى يخدم 800 ألف طفل، فى بعض الأماكن قبل أن توضح الحكومة الفيدرالية أن البرنامج لم يكن مدرجًا فى التوجيه.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، قالت إحدى الجامعات: «هذا ليس طلبًا أتقدم به باستخفاف. إن المشروع البحثى هو جوهر مهمة جامعتنا وله أهمية كبيرة بالنسبة للعمل اليومى لأعضاء هيئة التدريس والباحثين والموظفين والطلاب».
وقال دانييل دبليو جونز المستشار السابق لجامعة ميسيسيبى إن الجامعات ستضطر إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستستخدم أموالها الخاصة.
وأصدرت رابطة الجامعات العامة وجامعات المنح العقارية بيانًا وصفت فيه التوقف بأنه «واسع النطاق للغاية» و«غير ضرورى ومدمر». وأضاف مارك بيكر رئيس الرابطة: «فى حين أننا نتفهم أن إدارة ترامب تريد مراجعة البرامج لضمان الاتساق مع أولوياتها، فمن الضرورى ألا تتداخل المراجعات مع الابتكار والقدرة التنافسية الأمريكية». ودعا إدارة ترامب إلى إلغاء التوجيه.
وفى بيان لها، قالت باربرا سنايدر، رئيسة رابطة الجامعات الأمريكية: «حتى التوقف المؤقت عن البحث العلمى الحاسم يشكل خطأً غير مبرر. لقد قال مرات عديدة إنه يريد أن يجعل أمريكا عظيمة. وتعطيل التقدم العلمى من شأنه أن يقوض هدفه».
وكان الذعر قد خيم بالفعل على جماعات المساعدة الدولية التى تعتمد على التمويل الأمريكى. وقالت مصادر داخل المجتمع الدولى إن تجميد المساعدات كان واسع النطاق إلى الحد الذى جعلهم يكادون لا يصدقون أنه حقيقى.
من جانبها أكدت منظمة «إنترأكشن»، أكبر تحالف للمنظمات الإنسانية الدولية، فى بيان: «إن البرقية الأخيرة الصادرة عن وزارة الخارجية تعلق البرامج التى تدعم القيادة العالمية لأمريكا وتخلق فراغات خطيرة سوف تملؤها الصين وخصومنا بسرعة».
وقالت آبى ماكسمان، رئيسة منظمة أوكسفام ومديرتها التنفيذية، فى بيان: «إن مجتمع المساعدات يتصارع مع مدى خطورة تعليق المساعدات - ونحن نعلم أن هذا سيكون له عواقب تتعلق بحياة أو موت ملايين الأشخاص فى جميع أنحاء العالم، حيث تتوقف البرامج التى تعتمد على هذا التمويل دون خطة أو شبكة أمان».