السودان.. أزيز الرصاص لا يتوقف والمدنيون بين شقي الرحى
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
من سيئ إلى أسوأ تمضي وتيرة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، والنتيجة النهائية مضاعفة الأوضاع الإنسانية وتعقيدها.
وأبلغ شهود عيان أن اشتباكات جديدة اندلعت الخميس جنوبي العاصمة الخرطوم، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة بين الجانبين، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية على الأرض.
السودان.. أزمة مشتعلة وأوضاع إنسانية معقدة
وبحسب شهود العيان فإن أحياء “جبرة” و” الشجرة” و” مايو” و”الأزهري” و”السلمة” جنوبي الخرطوم، تشهد انقطاعا شبه دائم في خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت.
وقال الجيش السوداني، في بيان مقتضب، إن “قوات العمل الخاص بسلاح المدرعات (جنوبي الخرطوم) تقوم بعمليات تمشيط واسعة لمنطقة جبرة والعشرة”.
ولم يصدر تعليق فوري من قوات الدعم السريع حول الاشتباكات الجديدة في العاصمة الخرطوم.
وبحسب شهود العيان، فإن مدينة بحري شمالي الخرطوم، ما زالت تشهد اشتباكات مسلحة، مع تحليق مكثف للطيران الحربي.
الأوضاع الإنسانية
وقال المواطن السوداني وليد الحسين إن الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عقّدت الوضع الإنساني.
وأضاف الحسين، أن “الحياة في مدينة بحري أصبحت صعبة في ظل انعدام الغذاء والدواء”، مشيرا إلى أن المنطقة شهدت موجة نزوح جديدة إلى المناطق الأكثر أمنا، هربا من الموت والجوع.
وطبقا للشهود فإن مدينة أم درمان، غربي العاصمة، تشهد أيضا اشتباكات عنيفة ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان بها.
وقال شهود العيان إن قوات الجيش السوداني ما زالت تمشط أحياء أم درمان القديمة، وتلاحق قوات الدعم السريع.
من جانبها، قالت هاجر عيسى إن مدينة أم درمان ظلت تشهد اشتباكات عنيفة ومطاردات في الشوارع، الأمر الذي ضاعف من معاناة المدنيين.
وأوضحت هاجر، أن المدينة أصبحت طاردة ولجأ أغلبية المواطنين إلى أطراف المدينة، وقام البعض بالسكن في مقار المدارس.
وتسببت الاشتباكات المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في أحياء أم درمان القديمة، بموجة نزوح للمواطنين إلى أماكن أخرى.
أحوال دارفور
وما زالت مدن نيالا وزالنجي والجنينة في دارفور غربي البلاد تشهد أوضاعا أمنية وإنسانية كارثية منذ اندلاع الاشتباكات في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وأعلن الجيش السوداني، مساء الأربعاء، تأمين قواته محيط مدينة زالنجي حاضرة ولاية وسط دارفور غربي البلاد عقب عمليات تمشيط واسعة، بعد أيام من إعلان قوات “الدعم السريع” سيطرتها على الولاية.
وقال المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبدالله، في بيان، إن “الفرقة “21 زالنجي” التابعة للجيش السوداني قامت بعمليات تمشيط ناجحة خلال اليومين الماضيين”.
وأضاف “أمنت قواتنا معظم محيط مدينة زالنجي التي تنعم حاليا بكثير من الأمن والاستقرار”.
ويوم الجمعة الماضي، نفى الجيش السوداني سيطرة قوات “الدعم السريع” على ولاية وسط دارفور بعد ساعات من إعلانها سيطرتها على الولاية.
نزوح مستمر
ومع استمرار الصراع، أعلنت الأمم المتحدة، الأربعاء، نزوح 4 ملايين شخص في السودان بسبب الاشتباكات منذ أبريل/نيسان الماضي، 71% منهم في ولاية الخرطوم.
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية كليمنتين نكويتا سلامي، في بيان، “بعد 16 أسبوعا من النزاع في السودان، نزح نحو 4 ملايين شخص داخل البلاد”.
وأضافت أنه فر من ولاية الخرطوم أكثر من 71% من بين نحو 4 ملايين نازح في السودان، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة”.
وفي 26 يونيو/تموز الماضي، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة فرار أكثر من 3.5 مليون شخص من السودان منذ اندلاع الاشتباكات.
ووفق سلامي فإنه توجد تقارير عن بعض المدنيين الذين حاولوا الفرار من الاشتباكات العنيفة بولاية غرب دارفور (غربي السودان)، بعبور الحدود إلى تشاد في 26 يوليو/تموز الماضي.
وقالت إنه: “كما سجلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عددا من الحالات التي واجه فيها اللاجئون الذين حاولوا الفرار صعوبات على طول الطريق”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدن متتالية في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم من المدنيين، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
العين الاخبارية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الجیش السودانی وقوات الأمم المتحدة الدعم السریع أم درمان
إقرأ أيضاً:
كيف صمدت مقار الجيش السوداني أمام حصار 21 شهرا؟
الخرطوم- في الحرب المستمرة في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023، فرضت قوات الدعم السريع طوقا حربيا على عدد من مقرات الجيش بالعاصمة الخرطوم، لا سيما المواقع الإستراتيجية التي تمثل رمزية خاصة للجيش وجنوده.
ومن بين تلك المقار التي حوصرت على مدى 21 شهرا، يبرز مقر قيادة الجيش وسط العاصمة، ومقر سلاح الإشارة بمدينة الخرطوم بحري، ومقر سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، قبل أن يتمكن الجيش من كسر هذا الحصار قبل أسابيع قليلة.
وتضم القيادة العامة للجيش السوداني أركان القيادة البرية والبحرية والجوية، ومقرا للقائد العام للجيش، وآخر لهيئة الأركان يحيط بها -جنوبا- المطار الدولي، وجنوب شرق المطار الحربي، وشمالا مقر الفرقة السابعة، وغربا السوق العربي وجامعة الخرطوم.
وشهدت القيادة العامة شرارة الحرب الأولى حيث هاجمتها قوات الدعم السريع من كل الاتجاهات، لدرجة جعلت قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي" يصرح لوسائل الإعلام بأن جنوده داخلها "يحاصرون قائد الجيش عبد الفتاح البرهان المختبئ تحت الأرض".
ويقول مصدر عسكري للجزيرة نت إن الدعم السريع نجح -خلال الأيام الثلاثة الأولى للحرب- في التوغل داخل القيادة العامة والسيطرة الجزئية على مقرها البري ونشر قناصين بداخله، قبل أن يتمكن الجيش -وبضربات خاطفة- من إخراج هذه القوات وتكبيدها خسائر فادحة.
وكاد حصار الدعم السريع للقيادة العامة للجيش يكون من المسافة صفر، وكان ثمة انتشار للقناصة في أماكن لا تبعد أكثر من 500 متر عن محيطها خاصة من الناحية الجنوبية والشرقية. وظل هذا الوضع قائما على مدى 21 شهرا وأدى إلى قطع الإمداد بالسلاح والعتاد والعنصر البشري والمواد الغذائية بالطرق البرية، مما اضطر قيادة الجيش إلى استخدام الطيران لإسقاط المؤن والمواد الطبية للجنود والقادة المحاصرين.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول ضابط برتبة رفيعة في الجيش كان من المحاصرين داخل القيادة العامة إن "مليشيا الدعم السريع نفذت أكثر من 20 هجمة على القيادة العامة استخدمت فيها المدرعات والدبابات، وجميعها باءت بالفشل". وأضاف أن معظمها كانت من الاتجاه الشمالي الشرقي والجنوبي لعدم وجود موانع تحد من اقتحام قواتها للقيادة العامة.
إعلانووفق الضابط الذي كان يشرف على إحدى المواجهات بمقر القيادة العامة، فإن قوات الدعم السريع لم تهاجم عبر الاتجاه الغربي نظرا لوجود السور الخرساني الذي يحد من عمليات الاقتحام، ويُرجع "فشلها" في إسقاط القيادة إلى عدة أسباب من بينها:
تدخل المدفعية والطيران بفعالية كبيرة منذ لحظة تجمع قوات الدعم السريع ومباغتتها قبل الهجوم. الخطة الدفاعية الجيدة التي انتهجها الجيش في الدفاع عن قيادته العامة. تماسك القوات المدافعة وإصرارها على القتال لرمزية هذه القيادة.واستمر وضع الجيش مدافعا عن القيادة العامة 21 شهرا قبل أن يتمكن من كسر الحصار عبر عمليات برية مكثفة من محور مدينة الخرطوم بحري، وصولا للقيادة من الناحية الشمالية، ومن ثم إنهاء الحصار كليا.
سلاح المدرعاتيُعتبر سلاح المدرعات من أبرز أسلحة الجيش السوداني ويعتمد عليه بشكل كبير في جميع مواجهاته، ويوجد جنوبي الخرطوم وسط عدة أحياء من بينها أحياء الشجرة واللاماب وجبرة.
وتمكنت قوات الدعم السريع من حصار هذا السلاح وعزله عن حاميات الجيش في الخرطوم وقطع خطط إمداده ثم مهاجمته. وحسب مصادر متعددة تحدثت للجزيرة نت تمكنت القوات، في أغسطس/آب 2023، من التوغل إلى عمق سلاح المدرعات وكادت أن تسيطر عليه كليا قبل أن يتمكن الجيش -وبإسناد من الطيران الحربي- من إخراجها من أسواره.
ويقول مالك يحي البروف أحد المقاتلين في سلاح المدرعات -للجزيرة نت- إن "مليشيا الدعم السريع عملت على حصار هذا السلاح منذ الوهلة الأولى للحرب، وإنهم مع بداية الحصار طوروا أسلوب استنزافها من خلال قنص أفرادها وآلياتها عبر بنادق القنص الكبيرة مع إصابة الأهداف بدقة عالية، مما أفقدها المناورة في الطرق الرئيسية والتفوق بالكثافة النيرانية من المدافع المحمولة في العربات القتالية".
ووفقا له، وطيلة 21 شهرا، شن الدعم السريع 180 هجوما على سلاح المدرعات بغرض السيطرة عليه، إلا أن كل محاولاته انتهت بالفشل وتكبيدها خسائر كبيرة، وأضاف "قتلنا عددا من قيادتهم الميدانية وكسرنا قوتهم الصلبة، تعرضنا في المدرعات للقصف بالمدافع والراجمات والهاون، وكانت المليشيا تطلق في اليوم الواحد أكثر من 500 قذيفة داخل صندوقنا القتالي".
ومؤخرا، نجح سلاح المدرعات في كسر الحصار والتقدم إلى وسط الخرطوم والسيطرة على كل مواقع الدعم السريع التي كانت تحاصرهم فيها، لا سيما من شماله وشرقه، حيث واصلت قوات المدرعات تقدمها إلى محيط السوق العربي وسط الخرطوم وباتت على مقربة من الالتحام مع قوات الجيش بالقيادة العامة وسط الخرطوم.
يُعتبر سلاح الإشارة من أسلحة الجيش الفنية ومقره مدينة الخرطوم بحري، ويربط بينه وقيادة الجيش جسر حديدي بمسافة كيلومترين اثنين. وقد تعرض لحصار دام 21 شهرا وكان متنفسه الوحيد الناحية الجنوبية حيث قيادة الجيش التي كانت تعاني الحصار نفسه.
إعلانوكان قناصة الدعم السريع ينتشرون على بعد أمتار من معسكر سلاح الإشارة خاصة المجمع السكني لضباط الشرطة الذي كان يبعد 500 متر عن السلاح، واستخدمت القوات مكانا فيه للقنص.
ويقول عباس مصطفى وهو ضابط بسلاح الإشارة -للجزيرة نت- إن هذا السلاح تمكن من حماية دفاعاته طوال 21 شهرا رغم أن ما وصفهم بمليشيا الدعم السريع تمكنوا من الانتشار في 3 اتجاهات منه شرقا وغربا وجنوبا.
وأضاف أن السلاح صمد في وجه الحصار "بل تمكنا من هزيمة المليشيا المتمردة وكبدناها خسائر في الأرواح فضلا عن سيطرتنا على أسلحة منهم بينها سيارات قتالية وأخرى ثقيلة مثل المدافع والرشاشات التي ساهمت في تقوية دفاعات سلاح الإشارة".
وحسب مصطفى، فإن الدعم السريع وبعد هزيمته في المواجهات المباشرة، لجأ إلى خيار القصف المكثف على سلاح الإشارة حيث كان يطلق في اليوم الواحد بين 800 و900 قذيفة على مقره بكثافة غير معهودة، وأوضح أن معظم القصف كان من الناحية الشرقية والشمالية الشرقية لاسيما بمدافع الهاون.
وقال إن القصف ألحق خسائر بسلاح الإشارة عكس المواجهات المباشرة وإن هذا السلاح تعرض لـ37 هجمة منظمة بغرض إسقاطه والسيطرة عليه "ولكن جميعها باءت بالفشل كما أن وتيرة الهجمات تراجعت مؤخرا بفضل صمودهم".
ووفقا له، فإن الطيران المسيّر التابع للجيش لعب عاملا حاسما في "دك هجمات الدعم السريع وتشتيتها ". وأشار إلى أن قوات الأمن والمخابرات الوطنية لعبت دورا مهما في إسناد سلاح الإشارة لوجود مكاتب لها تتبع دفاعه، فضلا عن امتلاكها أسلحة في مخازن -خاصة بداية الحرب- ساهمت في إجهاض محاولات إسقاط سلاح الإشارة.
ومؤخرا نجح الجيش في فك الحصار عن سلاح الإشارة بالتزامن مع فك الحصار عن مقر قيادته بعد عملية برية انطلقت من أقصى مدينة الخرطوم بحري.