دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى نشر قوة دولية "مستقلة ومحايدة" في السودان بشكل عاجل، بهدف حماية المدنيين من الانتهاكات المتزايدة التي يرتكبها طرفا النزاع. جاء هذا النداء ضمن تقرير أصدرته بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، الذي أكد ارتكاب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

حيث يرى الخبراء أن استمرار تعنت الأطراف السودانية في الحل العسكري يزيد من تفاقم الأزمة، ما يجعل التدخل الدولي عبر قوات أممية أمرًا ضروريًا لحماية المدنيين وفرض الاستقرار، ورغم التحديات المحتملة، قد يكون هذا التدخل السبيل الوحيد لإنقاذ السودان ووقف نزيف الدم.

تقرير البعثة

التقرير، الذي أعدته البعثة التي تأسست في أكتوبر 2023، وثّق عمليات قتل وتعذيب واعتقال تعسفي بحق المدنيين. واعتمد التقرير على 182 مقابلة مع ناجين وشهود عيان، مؤكدًا تورط الطرفين المتنازعين في هذه الجرائم. كما أوصى التقرير بفرض حظر دولي على توريد الأسلحة إلى السودان وإرسال قوة لحفظ السلام بشكل فوري. النزاع المستمر منذ أبريل 2023 أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف وتهجير الملايين.

تعنت الأطراف السودانية والمخاوف من التدخل الدولي

قال الكاتب الصحفي السوداني، كمال إدريس، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إن استمرار العمليات العسكرية حوّل حياة المدنيين إلى "جحيم غير مسبوق"، مع تحول مدن السودان إلى خراب بسبب تعنت الطرفين في إصرارهما على الحل العسكري.


وأضاف إدريس أن المحاولات التي تبذلها دول الجوار، مثل مصر والسعودية، لوقف الحرب عبر المبادرات المتعددة باءت بالفشل، مما يفتح الباب أمام اللجوء إلى الفصل السابع للأمم المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى تدخل عسكري دولي.

أشار المحلل السياسي السوداني إلى أن دخول قوات أممية قد يكون الحل الوحيد لإنقاذ المدنيين ووقف نزيف الدم، لافتًا إلى أن النزاع أدى إلى نزوح 10 ملايين شخص نحو دول الجوار، ما أضاف أعباء اقتصادية كبيرة على تلك الدول. كما أكد أن التدخل الأممي قد يوجه رسائل تحذيرية لبؤر توتر أخرى في المنطقة، ويساعد في تعزيز جهود المنظمات الإقليمية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وإفريقيا.

التحديات أمام التدخل الأممي

وأوضح محمد ضياء الدين، المحلل السياسي السوداني، أن تنفيذ القرار قد يكون ممكنًا بدعم دولي ومشاركة فعالة من الدول المحايدة، لكنه نبه إلى احتمال وجود صعوبات داخلية، مثل مقاومة الأطراف المتنازعة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، إلى جانب تردد بعض الدول في التدخل العسكري.
وأضاف ضياء الدين في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن حماية المدنيين دون تأجيج الصراع قد تكون معضلة كبرى، محذرًا من أن الفشل في تنفيذ التدخل الأممي قد يؤدي إلى تكرار سيناريو مشابه للأزمة السورية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الأمم المتحدة السودان الجيش السوداني الدعم السريع حميدتي البرهان الصراع في السودان

إقرأ أيضاً:

خبراء لـ "الفجر": اندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان يعني تغيير واقع

 

تصاعدت التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مع تهديدات إسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان، حيث أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن الوقت قد حان لتغيير الواقع الذي استمر 30 عامًا، مؤكدًا أن هذه الحرب يجب أن تنتهي بالقضاء على حركتي "حماس" و"حزب الله".

وقال سموتريتش في تصريح إذاعي يوم الخميس: "ندفع الآن ثمن 30 عامًا من التصور الخاطئ بعدم الاستعداد لدفع أثمان الحرب، وهذا ما سمح لحماس وحزب الله بتعزيز قوتهما، وهو ما سننهيه خلال ولايتنا".

سموتريتش

في المقابل، شددت الحكومة اللبنانية على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لتحقيق الاستقرار في جنوب لبنان. 

نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني 

وأكد وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، خلال لقاء مع سفيري تشيلي والنرويج، على ضرورة الالتزام الكامل بالقرار لتحقيق الأمن المستدام في الجنوب.

 

عبد الله بوحبيب وزير الخارجية اللبناني 

وفي ظل تصاعد الاشتباكات، شهد شهر أغسطس الماضي أعلى معدل من القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء المواجهات في أكتوبر 2023. فقد وثّق جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" أكثر من 1300 عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على مواقع إسرائيلية خلال أغسطس، وهو عدد قياسي مقارنة بالأشهر السابقة.

 وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن عمليات الإطلاق تضاعفت أربع مرات مقارنة بشهر يناير الماضي.

ردًا على هذه الهجمات، نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على مواقع حزب الله في جنوب لبنان، أسفرت عن مقتل عنصر من الحزب يوم الخميس، إضافة إلى مقتل امرأة مدنية في غارات سابقة على بلدتي صديقين وكفرا، ما تسبب أيضًا في أضرار كبيرة بالممتلكات.

 

وأيضا تحضر إسرائيل لإطلاق حملة عسكرية واسعة في شمال البلاد، تستمر الاشتباكات في جنوب لبنان بوتيرة متصاعدة. فقد نفذ الجيش الإسرائيلي، يوم السبت، سلسلة غارات جوية استهدفت مستودعات أسلحة تابعة لحزب الله في منطقتي البقاع وبعلبك، إلى جانب ضرب مواقع للحزب في سبع مناطق جنوبية، شملت الصرفند، شيحين، كفركلا، الطيبة، ميس الجبل، عيترون، والجبين.

وأكدت وزارة الصحة اللبنانية إصابة أربعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية استهدفت محيط بلدة الكواخ شمال الهرمل.

وزارة الصحة اللبنانية 


من جهته، أطلق حزب الله يوم السبت أربع رشقات صاروخية نحو الجليل الأعلى شمال إسرائيل، محاولًا استهداف مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي في صفد، ما دفع الجيش الإسرائيلي للرد بضرب مواقع تابعة لحزب الله.

وفي تصعيد آخر، أفادت وسائل الإعلام بأن حزب الله نجح يوم الجمعة في استهداف ثكنة عسكرية إسرائيلية في صفد، ما أدى إلى إصابة أربعة جنود إسرائيليين، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل إصابات مباشرة من هذا النوع.

كما شهدت مناطق في عسقلان ومحيطها صفارات إنذار جراء إطلاق صواريخ من لبنان، حيث سقط نحو 20 صاروخًا على صفد ومحيطها وجنوب بحيرة طبريا، مما تسبب في اندلاع حرائق.

ووفقًا للجيش الإسرائيلي، تم رصد إطلاق 55 صاروخًا من جنوب لبنان خلال اليوم ذاته. ومنذ بداية الصراع في أكتوبر الماضي، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية مواجهات يومية أدت إلى نزوح أكثر من 113 ألف لبناني، وأسفرت عن مقتل 610 أشخاص في لبنان، بينهم 394 من حزب الله و135 مدنيًا. في المقابل، أعلنت إسرائيل عن مقتل 24 عسكريًا و26 مدنيًا، بينهم 12 قتلوا في الجولان السوري المحتل.

وقف الحرب

من جانبه قال المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب إن الولايات المتحدة تبذل جهودًا مكثفة لمنع فتح جبهة ثانية في شمال إسرائيل وتوسيع الحرب باتجاه جنوب لبنان. موضحًا  أن زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى المنطقة تهدف إلى منع تصعيد الصراع بين إسرائيل من جهة، وإيران وأذرعها العسكرية من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن المواجهة تشمل جوانب عسكرية وأمنية.

وأضاف أبو زينب في تصريحات خاصة لـ «الفجر» أن إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تسعى لاستخدام كل الوسائل الممكنة لضمان أمنها وإبعاد التهديدات الإيرانية، حتى وإن كانت تلك الوسائل غير تقليدية؛ وتطرق إلى أن تحييد سوريا عن المواجهة المباشرة منذ أحداث السابع من أكتوبر لم يمنع تعرض أراضيها لضربات إسرائيلية مكثفة، حيث استهدفت مواقع للحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له.

 

المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب

وتابع أبو زينب قائلًا:" إن هناك معطيات عسكرية جديدة لدى محور الممانعة الإيراني تشير إلى احتمال استخدام إسرائيل للأراضي السورية في حال نشوب حرب ضد لبنان، لضرب مواقع إيرانية وحزب الله في الفترة المقبلة".

وأشار المحلل السياسي اللبناني إلى أن استراتيجية نتنياهو تقوم على تحقيق تسوية تُبعد الخطر عن شمال إسرائيل، لافتًا إلى أن وصول هوكشتاين إلى المنطقة قد يكون جزءًا من محاولة أمريكية لإقناع إسرائيل بالامتناع عن عمل عسكري واسع في لبنان.

وأكد أن الإدارة الأمريكية تدرك أن أي حرب مع حزب الله قد تتسبب في تصعيد واسع يشمل عدة ساحات. ومع ذلك، أضاف أبو زينب أن أي تسوية في الشمال ستظل مرتبطة بالتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة.

 


توسيع الحرب

أوضح المحلل السياسي اللبناني محمد الرز، أن استراتيجية رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترتكز على مشروعين رئيسيين: الأول هو احتلال كامل فلسطين، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والأغوار، بعد إما إبادة أو تهجير أهالي هذه المناطق، وذلك بهدف القضاء على القضية الفلسطينية وإخراجها من معادلة التسويات والمشاريع الإقليمية، وعلى رأسها مشروع "طريق الحرير الهندي" وما يستلزمه من تغييرات ديموغرافية؛ المشروع الثاني يتمثل في فتح المجال لإسرائيل (القوية) لقيادة تحالف إقليمي أطلق عليه نتنياهو اسم "التحالف الإبراهيمي"، وهو ما تحدث عنه في خطاب ألقاه أمام الكونغرس الأمريكي.

وأضاف الرز في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن نتنياهو يراهن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث يتوافق الأخير معه في مشروعه، والذي يشكل امتدادًا لما يُعرف بـ "صفقة القرن"؛ وبناءً على هذه الاستراتيجية، يعتبر احتلال الضفة الغربية هدف نتنياهو الأول بعد غزة، إلا أن معارك حزب الله في جنوب لبنان تحت شعار مساندة غزة شكلت عقبة تهدد تحقيق هذا المشروع.

المحلل السياسي اللبناني محمد الرز 

وأشار الرز إلى أن نتنياهو يرى في مقاومة حزب الله، المدعوم من إيران، مشكلة إقليمية كبيرة تعوق مشروعه، ما دفعه إلى تحويل أولوياته من الضفة الغربية إلى جنوب لبنان. وعلى الرغم من هذه الاستراتيجية، فإن الوقائع على الأرض، خاصة مع دخول الحرب على غزة شهرها الثاني، تشير إلى عجز الحكومة الإسرائيلية عن تحقيق أهدافها؛ فلم تتمكن من إبادة حركة حماس، ولا من تهجير سكان القطاع، كما فشلت في استعادة الأسرى.

وأكد الرز أن توسيع الحرب باتجاه جنوب لبنان يعتبر مغامرة بكل المقاييس، بسبب الجغرافيا الصعبة، وتفوق نوعية وكمية الأسلحة التي يمتلكها حزب الله، مما قد يؤدي إلى تدمير متبادل بين الطرفين. كما أن دخول دول من "محور المقاومة"، مثل اليمن وفصائل العراق، في المعارك قد يعقّد الأمور أكثر.

وأوضح الرز أن أحزابًا إسرائيلية تعارض هذا التوسع العسكري، كما أن هناك تخوفًا لدى مسؤولين في إدارة البيت الأبيض من عجز الجيش الإسرائيلي عن تغيير الواقع في الشمال بعد فشله في تحقيق الأهداف في الجنوب.

وأشار إلى أن إسرائيل وضعت خطة للدخول البري إلى جنوب لبنان من خلال اختراق من منطقة الجولان المحتلة إلى وسط سهل البقاع، يتكامل معه إنزال عسكري شمال نهر الليطاني لخلق شريط حدودي معزول من السلاح. ولكن هذه الخطة تحمل فجوات عديدة، وربما للمرة الأولى قد تتساوى أو تفوق خسائر الجيش الإسرائيلي أي إنجاز محتمل، خصوصًا أن حزب الله ومعه محور المقاومة أعدوا خطة لمواجهة حرب طويلة قد تستمر لسنتين أو أكثر، مما قد يعرقل تنفيذ مشروع "طريق الحرير الهندي" الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه في مواجهة "مبادرة الحزام والطريق" الصينية.

مقالات مشابهة

  • اﻟﺴﻮدان.. وﻟﻴﻤﺔ ﻷﻓﺮاس اﻟﻨﻬﺮ
  • خبراء لـ "الفجر": اندلاع حرب بين إسرائيل ولبنان يعني تغيير واقع
  • مغاربة يناشدون المنظمات الدولية التدخل لتحرير شباب مغاربة من قبضة القضاء العسكري الجزائري
  • عادل الباز: توصيات البعثة ووراق!
  • مسؤولة أممية تشدّد على أن النازحات في السودان بحاجة ماسة "للحماية الفورية"  
  • مسؤولة أممية: النساء والفتيات في السودان جردن من ضرورياتهن الأساسية
  • مسؤولة أممية تكشف عن قسوة معاناة السودانيات
  • يتعرضن للاغتصاب.. مسؤولة أممية تدعو لحماية النازحات في السودان
  • مسؤولة أممية تدعو إلى "حماية فورية" لنساء السودان
  • سويسرا: الحل السياسي للصراع في اليمن هو السبيل الوحيد لتلبية احتياجات الشعب اليمن