يومًا بعد يوم تتكشف فصول معركة المضائق البحرية التي يخوضها اليمنيون، وأهميتها في مساندة ونصرة غزة وحصار الكيان الصهيوني، ويتضح كذلك أكثر فأكثر حجم الفشل الأمريكي في حماية الكيان، وقد بدأ ذلك يظهر في شهادات جنرالات وقادة حاملات الطائرات الأمريكية التي هربت من البحر الأحمر، وعلى صفحات الصحف وآخرها ما كشفته صحيفة “ستارز آند سترايبس” التابعة للجيش الأمريكي، والتي تحدثت عن إقالة البحرية الأمريكية قائد المدمرة “جون ماكين” بسبب فقدان الثقة في قدرته على قيادة المدمرة، مشيرة إلى أن المدمرة تعمل ضمن مجموعة حاملة طائرات منتشرة في الشرق الأوسط لمواجهة الهجمات من اليمن على ممرات الشحن في الخليج.


في 22 يونيو أعلن المتحدث باسم “البنتاجون”، باتريك رايدر، أن حاملة الطائرات “دوايت آيزنهاور” ومجموعهتا الضاربة غادرت مياه البحر الأحمر، على أن يتم استبدالها بحاملة الطائرات “ثيودور روزفلت”، المتمركزة حينها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن “روزفلت” لم تصل حتى كتابة هذه السطور.
لم يكن انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” من منطقة عمليات هامدة، بل كانت في ذروة نشاطها، لجهة استمرار العمليات اليمنية في استهداف سفن شحن ثلاثي الشر الأمريكي والبريطاني و”الإسرائيلي”، فعلى سبيل المثال في الأسبوعين السابقين لانسحاب “آيزنهاور” في شهر يونيو: كانت هناك 21 عملية، تم تنفيذها بعدد 58 صاروخًا باليستياً ومجنحًا وطائرة مسيرة وزورق حربي، وارتفع عدد السفن المستهدفة خلال أسبوع واحد فقط إلى 153 سفينة بزيادة قدرها 8 سفن، وبمعدل سفينة كل يوم، أبرز تلك العمليات هو غرق السفينة البريطانية “توتور”، واستهداف “آيزنهاور” بذاتها، وكشف السيد القائد عبد الملك الحوثي أن ذلك الاستهداف كان “للمرة الثالثة في شمال البحر الأحمر”، وأنها كانت “تهرب بعد الاستهداف لها، واستمرت المطاردة والقصف، وهذا عمل مهم، وعمل مؤثر، وعمل جريء”.
يشار هنا إلى أن أولى عمليات القوات اليمنية المسلحة لضرب “آيزنهاور” كانت في الـ31 من مايو 2024م، بعملية عسكرية مشتركة بعدد من الصواريخ المجنحة والباليستية، تبعها استهداف ثانٍ خلال أقل من أربع وعشرين ساعة.
ارتفاع ذروة الحاجة إلى بقاء تلك المجموعة، للتصدي للعمليات اليمنية، كما يقول الأمريكيون، يجعل من انسحابها، يشكل علامة استفهام كبيرة، نعم قد يكون الأمر مبررًا، إذا وصلت “روزفلت” ثم يتلو ذلك انسحاب “آيزنهاور”، أما ترك منطقة العمليات مكشوفة، فهذا له تفسير واحد فقط، هو الفشل وعدم قدرة “آيزنهاور” على البقاء تحت ضغط الضربات اليمنية، وهذا الأمر ليس تحليلاً بل هو ما صرح به قادة وضباط في حاملة الطائرات، نقلت في عدة تقارير غربية، أبرزها تقرير “آسوشيتد برس” قبيل مغادرة “آيزنهاور”، من على ظهر الحاملة، وكشف حينها عن حالة الإحباط واليأس والفشل لدى قادة الدفاع الأمريكيين، وحالة الإرهاق لدى بحارة مجموعة “آيزنهاور” الذين قالوا إنهم يخدمون في أجواء متوترة، وأن أعصابهم مشدودة بشكل دائم، ووصفوا المعركة في البحر الاحمر بأنها الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية.
هذا هو الدافع الأبرز وراء هروب واحدة من أكثر السفن الحربية تقدمًا في البحرية الأمريكية، وهو مدعوم بتصريحات متعددة نقلتها التقارير الغربية، عن جنرالات أمريكيين، بينهم قائد القيادة المركزية الأمريكية الذي أرسل رسالة سرية إلى وزير الدفاع لويد أوستن، يعبّر فيها عن فشل العمليات العسكرية ضد اليمن، والمطالبة بنهج آخر، وكذلك مارك ميجيز، القائد السابق لمجموعة “آيزنهاور” بدوره قال في الأسبوع الماضي إنه “اضطر لتحريك حاملة الطائرات عدة مرات لحمايتها” من الهجوم اليمني، مؤكدًا أن تلك الكثافة في عمليات الطائرات المسيرة كانت شيئًا لم تتدرب عليه القوات الأمريكية من قبل.
تكتسب تصريحات ميجيز أهميتها لأنها تتناول فترة قيادته لـ”أيزنهاور”، وقد كشف عن حقائق خطيرة واجهتها “آيك” كما يحلو لهم تسميتها، وهي نفاد الصواريخ من مدمرات مجموعة حاملة الطائرات، مما يعكس، حسب محلل الشؤون العسكرية في موقع «Aviationist « بارث ساتام، الميزة غير المتكافئة الهائلة التي تتمتع بها القوات المسلحة اليمنية بمخزون ضخم من الطائرات بدون طيار والصواريخ الرخيصة.
والدافع الثاني هو التكلفة العالية لبقائها على مسرح العمليات، وآخر التقارير لموقع “بزنس إنسايدر” ينقل عن متحدث باسم البحرية الأمريكية: إن تكلفة الصواريخ الاعتراضية والذخائر بقيمة 1.16 مليار دولار خلال عمليات قتالية نشطة، هذا دون احتساب أي تكاليف إضافية لانتشار حاملة الطائرات، وأجور ومرتبات وإضافات لما يقرب من 7000 بحار على متنها، وغيرها من التكاليف اللوجستية لمدة تسعة أشهر من الانتشار. وهو الأمر الذي تم مناقشته في عدة جلسات من قبل لجان القوات المسلحة الأمريكية.
كل ذلك يفسر عدم وصول “روزفلت” حتى هذه اللحظة إلى البحر الأحمر لتحل محل “آيزنهاور”، حيث لا تزال مع حاملة الطائرات “لينكولن” برفقة ثماني مدمرات في خليج عمان، حسب ما نقله موقع “أكسيوس” الأمريكي، في تقرير أكد فيه خلو البحر الأحمر من أي وجود للبحرية الأمريكية، وحسب الموقع تتموضع غواصة حربية وثلاث مدمرات وثلاث سفن برمائية شرق البحر الأبيض المتوسط.
وقد ذهبت “التلغراف” البريطانية إلى أبعد من ذلك، حيث أكدت أن البحر الأحمر خالٍ من أي سفن أمريكية أو أي سفن تتبع تحالف ما سمي “حارس الازدهار” ضمن مسافة 500 ميل في منطقة العمليات.
ما الذي يمكن استفادته من كل هذه المعطيات؟ الإجابة ببساطة، هي أن قدرات الجيش الأمريكي قد جرى تضخيمها دعائيًا، حيث خلقت “البروباغندا” الأمريكية مهابة كبيرة، حتى أصبح مجرد تحريك حاملة الطائرات والإعلان عن توجيهها إلى منطقة ما، يخلق نفوذًا أمريكيًا ويحافظ على المصالح الأمريكية، ويحسم أي جدل لصالح واشنطن، اليوم ينقلب الحال، وتصبح الأسئلة الأكثر إثارة هي متى ينتهي عصر حاملات الطائرات، وكيف يمكن أن تغرق واحدة منها، وهل تلهم العمليات اليمنية كلاً من الصين وروسيا، لأي مواجهة بحرية قادمة؟!.
إن الازمة التي واجهتها “آيزنهاور”، وتتحاشاها “روزفلت” حتمًا، ليست أزمة حاملة طائرات بحاجة للصيانة، ولا بحارة بحاجة للراحة، وليست أيضًا أزمة تذخير ولا تكاليف، إنها أكبر من ذلك بكثير، بحيث تصبح أزمة للبحرية الأمريكية بشكل عام.
البحرية الأمريكية التي تعتمد منذ العقد الماضي على الانتشار الواسع في بحار ومحيطات العالم، باتت تدرك اليوم، أن هذا الانتشار الواسع، هو في الحقيقة نقطة ضعف خطيرة جدًا، وإذا أخذنا مثال “آيزنهاور”، فمن البديهي أن نطرح السؤال الآتي: كيف للولايات المتحدة أن تقوم بتزويد كل حاملاتها بالذخيرة عندما تواجه قدرات عسكرية أكبر من القوات اليمنية؟ كم من الوقت تستطيع أن تبقى في البحار في حال كانت هناك حرب كبرى، فضلاً عن الحرب العالمية.
كل هذه الأسئلة والمعضلات دفعت الخبراء الأمريكيين إلى الحديث عن نهاية عصر حاملات الطائرات، وتوجيه النصائح ببناء قوات تتلاءم مع التطور الذي أصبح واضحًا، وكشفته العمليات اليمنية، بعضها نصح بالاعتماد على زوارق ذكية، وبعضها الآخر على الصواريخ “فرط صوتية”، والاستثمار في هذه الأنواع من الأسلحة التي ستكون عنوان المرحلة العسكرية العالمية القادمة.
أمريكا تستعد لتلقي الهزائم، وعلى الأنظمة العربية التي لا تزال تخشى من بطشها، وترتعد من سماع اسم واحدة من غواصاتها أو بوارجها، أن تأخذ الدرس من الموقف اليمني، فنقاط الضعف البحرية الأمريكية تجعلها مجرد نمر من ورق، وإن بقيت أي خشية فإنما هي خشية من سراب كشفته العمليات اليمنية، ولم يعد لتلك الأنظمة عذر بتحاشي إغضاب البيت الأبيض، نصرة لغزة، وإن استمروا في التبرير فهناك أسباب أخرى، أولها الخيانة وآخرها التصهين والتماهي التام مع أعداء الأمة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

قوة من النخبة الأمريكية تعثر على طائرة روسية في صحراء العراق.. القصة الكاملة - عاجل

بغداد اليوم - بغداد 

كشف مصدر أمني مطلع، اليوم السبت (14 أيلول 2024)، عن حقيقة عثور قوة من النخبة في الجيش الأمريكي على طائرة روسية المنشأ في صحراء العراق.

وقال المصدر في حديث لـ"بغداد اليوم"، إنه" إلى الآن لم يتم تأكيد الأنباء التي تداولتها بعض منصات التواصل مؤخرًا بشأن العثور على طائرة "ميج – 25" من طراز "ميكويان – جوريفيتش" في صحراء العراق من قبل قوة نخبة أمريكية، مبينا أنه" لم يتم ابلاغ الجانب العسكري الرسمي باي معلومات".

واضاف، انه" قبل أحداث حزيران 2003 لجئت القوة الجوية العراقية وكإجراء وقائي الى إخفاء العشرات من الطائرات المقاتلة في مناطق صحراوية وزراعية وتم العثور على اغلبها لكن للاسف تم تدميرها والبعض الآخر تمت سرقة محتوياتها على نحو كان يشكل بداية لنهاية أسطول كامل من المقاتلات الروسية التي كانت تشكل العامود الفقري للقوة الجوية العراقية طيلة عقود".

واشار المصدر الى، إن" العثور على أي طائرة في صحراء او منطقة زراعية ليس له أي تاثير خاصة وانها ستتحول الى "خردة" بسبب بقائها أكثر من 20 سنة متوقفة ناهيك عن تاثيرات وتقلبات المناخ لسنوات طويلة". 

وكشف عضو لجنة الامن والدفاع النيابية النائب علي البنداوي، يوم الثلاثاء (27 شباط 2024)، عن حراك غير معلن لإنهاء ازمة الطائرات الروسية في العراق.

وقال البنداوي في حديث لـ "بغداد اليوم"، ان "اغلب الطائرات العسكرية العاطلة حاليا في العراق هي من منشأ روسي"، لافتا الى ان "بغداد تضررت من العقوبات المفروضة على موسكو من ناحية تحديد إمكانية الحصول على قطع الغيار والمواد الأخرى وإعادة تصليحها من قبل الشركات المخولة".

وأضاف البنداوي، ان "هناك حراك غير معلن من وزارة الدفاع والقوة الجوية من اجل إيجاد وسائل تسهم في اصلاح تلك الطائرات واعادتها للخدمة، خاصة وانها تمثل جزء مهمة في العمل القتالي"، مؤكدا ان "بغداد تسعى الى بلورة خيارات امامها لمعالجة هذه الإشكالية بأقرب فرصة ممكنة".

وأشار الى ان "الطائرات الروسية الحربية بكل أنواعها كانت عامل مهم في دعم القوات الأمنية في معارك التحرير وما بعدها واعادتها للعمل ضمن استراتيجية وزارة الدفاع والقوة الجوية بشكل عام".

ويبدو أن العقوبات المفروضة على روسيا منذ عامين تقريبا ستبدأ تأثيراتها السلبية في طيران الجيش العراقي الذي يضم أكثر من 200 مروحية أمريكية وفرنسية وروسية، تمثل الأخيرة منها جزءاً كبيراً.

ويمتلك العراق نحو 60 مروحية روسية هجومية مثل (Mi-  Mi-35 Hind  و24Mi-28NE Havoc) وتعد العمود الفقري للطيران العراقي حالياً في عملياته العسكرية ضد تنظيم "داعش" والجماعات المسلحة في أنحاء البلاد.

وبحسب تقرير المفتش العام في وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والمتعلق بعملية "العزم الصلب" الذي صدر في شباط 2023 ، فإن "حرب أوكرانيا أدت إلى الحد من قدرة وحدات سلاح الجوي العراقي على الوصول إلى قطع غيار لمروحيات إم آي-17 الروسية الصنع لأن معظمها موجهة لدعم الجهود العسكرية الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن قيود على شراء قطع غيار روسية الصنع".

كما تطرق وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تصريحات سابقة له إلى رغبة بغداد في الحصول على استثناءات من العقوبات المفروضة على روسيا لتسديد مستحقات الشركات الروسية العاملة بمجال النفط وشراء معدات عسكرية وأدوات احتياطية للأسلحة العراقية بينها المروحيات الروسية، مما يدل على استمرار أزمة توقف الطائرات المروحية العراقية ذات الصنع الروسي ما لم يتم إيجاد حلول، لا سيما في ظل الأزمة الروسية- الأوكرانية.

 

مقالات مشابهة

  • اليمن تحرق هيبة الصناعات الأمريكية
  • وسائل إعلام أمريكية تكشف عن دور قوات الإصلاح في دعم العمليات العسكرية الأمريكية
  • مركز دراسات أمريكي: مخاوف دول الخليج من هجمات الحوثيين تدفعها للابتعاد عن العمليات العسكرية الأمريكية والبريطانية
  • أوستن يقلل من أثر سحب حاملة الطائرات روزفلت على أمن إسرائيل
  • وزير الدفاع الأمريكي: مغادرة حاملة الطائرات ومجموعتها القتالية الشرق الأوسط لا تعني زوال تهديد إيران
  • وزير الدفاع الأمريكي: مغادرة حاملة الطائرات روزفلت لا تعني زوال تهديد إيران
  • قوة من النخبة الأمريكية تعثر على طائرة روسية في صحراء العراق.. القصة الكاملة
  • قوة من النخبة الأمريكية تعثر على طائرة روسية في صحراء العراق.. القصة الكاملة - عاجل
  • حريق بمليون برميل من النفط العراقي يهدد بكارثة بيئية في البحر الأحمر
  • انسحاب حاملة طائرات أمريكية ثانية قبل دخول البحر الأحمر.. لهذا السبب