في زيارتي الأخيرة إلى مدينة الإسكندرية، لاحظت أمرًا مثيرًا للاهتمام. بينما كنت أستمتع بجمال المدينة وتاريخها العريق، وجدت أن أولادي قد كوّنوا معرفة عميقة حول تفاصيل المدينة، ليس من الكتب أو المناهج الدراسية، بل من خلال متابعة سيدة تُدعى “أم خالد” عبر منصة تيك توك. أصبحت هذه المؤثرة، دون أن أدري، مصدرًا أساسيًا لمعلوماتهم عن الإسكندرية، بل وقدمت لهم تفاصيل لم أكن أتصور أنهم سيهتمون بها.

 

هذا الموقف أثار في ذهني تساؤلات حول الدور الذي يلعبه مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعي الأجيال الجديدة. ومع تزايد تأثير هؤلاء المؤثرين، أصبح من الضروري التفكير في كيفية ضمان جودة ودقة المعلومات التي يطرحونها. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هؤلاء المؤثرين، لا يمكننا إنكار أنهم أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي والثقافي الذي نعيشه.

 

دور المؤثرين في تشكيل وعي الشباب

 

اليوم، يُعتبر المؤثرون على منصات مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب مصادر رئيسية للمعلومات والترفيه للعديد من الشباب. هؤلاء المؤثرون لديهم ملايين المتابعين، ويؤثرون بشكل مباشر في اختياراتهم، أفكارهم، وحتى أسلوب حياتهم. ومع هذا التأثير الكبير، يبرز تساؤل حول مدى استعداد هؤلاء المؤثرين لتحمل مسؤولية الدور الذي يلعبونه.

 

أهمية دقة المعلومات وجودتها

 

من خلال تجربة أولادي مع “أم خالد”، أدركت مدى خطورة الاعتماد الكلي على المحتوى الذي يُقدمه المؤثرون. فبينما قد يكون هناك محتوى ذا قيمة ومفيد، فإن هناك أيضًا محتوى قد يكون غير دقيق أو غير مسؤول. لذلك، يجب أن نضع ضوابط ومعايير تضمن أن يكون المحتوى المقدم على هذه المنصات يتمتع بالجودة والمصداقية، خصوصًا أن تأثيره قد يصل إلى شريحة واسعة من الشباب.

 

مقترح إنشاء الأكاديمية الوطنية للمؤثرين

 

من هنا، أرى ضرورة ملحة لإنشاء أكاديمية وطنية تُعنى بتأهيل وتطوير مؤثري تيك توك وبقية منصات التواصل الاجتماعي. هذه الأكاديمية ستكون بمثابة مركز لتدريب المؤثرين على مجموعة من المهارات والمعايير التي تضمن تقديم محتوى مسؤول وهادف. يمكن أن تشمل برامج الأكاديمية:

  • التدريب على الإعلام الرقمي: حيث يتعلم المؤثرون أساسيات التحرير الإعلامي، والتأكد من دقة المعلومات التي يقدمونها.

  • المسؤولية الاجتماعية: تعلم المؤثرين كيفية تقديم محتوى يعكس القيم الاجتماعية الإيجابية ويدعم المبادرات المجتمعية.

   •  دراسات الجمهور: فهم طبيعة الجمهور المستهدف واحتياجاته لضمان تقديم محتوى يلبي هذه الاحتياجات بشكل دقيق وفعّال.

 

التأثير الإيجابي المتوقع

 

من خلال هذه الأكاديمية، يمكن للمحتوى الذي يقدمه المؤثرون أن يتحول إلى أداة قوية لبناء وعي ثقافي وتعليمي واجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم الأكاديمية في تطوير معايير مهنية تضع المؤثرين في موقف يكونون فيه قادرين على تقديم محتوى لا يعزز فقط معرفتهم الشخصية، بل يسهم أيضًا في تثقيف وتوجيه متابعيهم بشكل صحيح.

 

في الختام، فإن تأثير المؤثرين على تيك توك وغيرها من المنصات الرقمية لا يمكن إنكاره. ومع هذا التأثير، تأتي مسؤولية كبيرة. إنشاء أكاديمية وطنية لتأهيل هؤلاء المؤثرين هو خطوة ضرورية لضمان أن يكون المحتوى الذي يقدمونه مسؤولًا، دقيقًا، ويعكس القيم المجتمعية والثقافية التي نرغب في ترسيخها لدى أجيالنا القادمة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: تيك توك الدكتور مصطفى ثابت تقدیم محتوى تیک توک

إقرأ أيضاً:

علاء ثابت: كليات الإعلام تمتلك فرصة ذهبية لمواكبة سوق العمل المستقبلي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الكاتب الصحفي علاء ثابت، رئيس تحرير جريدة "الأخبار" الأسبق، أن كليات الإعلام في مصر لديها فرصة ذهبية لتطوير مناهجها ومواكبة سوق العمل المستقبلي الذي يشهد تغيرات كبيرة.

جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة بعنوان "مناهج كليات الإعلام وتطورات سوق العمل الصحفي"، التي عقدت اليوم بمقر نقابة الصحفيين، حيث أشار إلى أن مصر تمتلك أعظم الجامعات، لكن معظم كليات الإعلام غير قادرة حتى الآن على تخريج طالب يلبي احتياجات سوق العمل، خاصة في الجانب التطبيقي.

وأوضح ثابت أن الإعلام لم يعد مقتصرًا على دراسة مناهج محددة، بل أصبح مرتبطًا بتخصصات أخرى مثل الهندسة، ما يتطلب إدخال الجانب التطبيقي بشكل أكبر في العملية التعليمية.

وأضاف: "حدث تطور كبير جدًا في سوق العمل، وهذا يستوجب أن تكون كليات الإعلام دائمًا في حالة تفاعل ومشاركة مع هذا السوق لتخريج كفاءات قادرة على التكيف مع المستجدات".

وأشار إلى أهمية إدخال التكنولوجيا الحديثة في المناهج الدراسية، وتنمية مهارات الطلاب لمواجهة تحديات الإعلام الرقمي، مؤكدًا أن التعليم الإعلامي بحاجة إلى نهج جديد يتماشى مع تطلعات العصر.
وانطلقت السبت الماضي فعاليات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين بحضور ومشاركة واسعة من المتخصصين والجمعية العمومية.

وعقدت على مدار اليومين العديد من جلسات وورش العمل للحديث حول مستقبل الصخافة الورقية والرقمية، وآليات تطوير وإدارة المؤسسات واقتصاديات الصحف.

وفي وقت سابق أعلنت نقابة الصحفيين المصريين بالتنسيق مع الأمانة العامة للمؤتمر السادس للصحافة المصرية برنامج المؤتمر، الذي ينعقد خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر الحالي، ويشارك فيه نخبة واسعة من المتحدثين المصريين والعرب، وممثلو الاتحاد الدولي للصحفيين.

ويتضمن برنامج المؤتمر جلسات لأبرز القضايا والموضوعات الملحة، التي تهم الصحفيين المصريين، وأوضاع الصحافة المصرية، بالإضافة لإعلان نتائج الاستبيان الخاص بالمؤتمر، الذي شارك فيه أكثر من 1500 صحفي.
ودعت الأمانة العامة للمؤتمر جموع الصحفيين المصريين للمشاركة في المؤتمر، ومناقشة كل القضايا المتعلقة بمهنة الصحافة، وأوضاعها وتحدياتها للوصول لتوصيات معبرة عن الصحافة المصرية وأوضاع الصحفيين.

مقالات مشابهة

  • المؤثرون الإقليميون والدوليون يتوافدون إلى المملكة
  • حكاية خباز كعك القدس على مشارف الأقصى
  • علاء ثابت: كليات الإعلام تمتلك فرصة ذهبية لمواكبة سوق العمل المستقبلي
  • حركة العدل والمساواة السودانية تنعي اللواء دكتور/ خاطر اركو مناوي
  • مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح"
  • كريم خالد عبد العزيز يكتب: فن إدارة ردود الأفعال.. بين الحق والسمو الإنساني
  • باسل العكور يكتب عن خشية الاسرائيليين من استنساخ الثورة السورية في الاردن
  • مصطفي محمد على "الدكة" ..في مباراة نانت وبريست في الدوري الفرنسي
  • لازم الناس تنتبه لي حكاية شراء العقارات بأبخس الأثمان المدورة في الخرطوم
  • «فنان دكتور».. القصة الحقيقية لجريمة مسلسل «ساعته وتاريخه» الحلقة 4