هيئة الرقابة في ميتا توصي بعدم حظر عبارة "من النهر إلى البحر"
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
أصدرت هيئة الرقابة في شركة ميتا حكمًا جديدًا بشأن استخدام عبارة "من النهر إلى البحر" ووجدت أنها لا تنتهك سياسات المنصات بشأن خطاب الكراهية والعنف والتحريض أو المنظمات والأفراد الخطرين.
كما قالت الهيئة في حكمها إن الحالات الثلاث التي تم الإبلاغ عنها والتي استخدمت العبارة تسلط الضوء على الحاجة إلى زيادة الوصول إلى مكتبة محتوى فيسبوك للباحثين المؤهلين ومجموعات المجتمع المدني والصحفيين الذين كان لديهم سابقًا إمكانية الوصول إلى CrowdTangle.
نظر الحكم في ثلاث قطع من محتوى فيسبوك تحتوي على عبارة "من النهر إلى البحر"، وهي عبارة يعتبرها الكثيرون مؤيدة للفلسطينيين وتشير إلى امتداد الأرض بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
إن صرخة التجمع مشحونة سياسياً بتفسيرات ومعاني مختلفة. يصفها منتقدو العبارة مثل رابطة مكافحة التشهير بأنها "شعار معادٍ للسامية يظهر عادةً في الحملات المناهضة لإسرائيل".
كما وصف آخرون مثل النائبة الأمريكية رشيدة طليب، التي انتقدها مجلس النواب العام الماضي لاستخدامها العبارة في تصريحات حول حرب إسرائيل وغزة، بأنها "دعوة طموحة للحرية وحقوق الإنسان والتعايش السلمي، وليس الموت أو الدمار أو الكراهية"، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
حكمت هيئة الرقابة بأن العبارة نفسها ليست "عبارة مستقلة" تدعو إلى العنف ضد مجموعة من الناس، أو استبعاد مجموعة معينة من الناس أو موقف شامل لدعم حماس.
كما قالت الهيئة إنه "من الضروري" أن تقوم منصات ميتا بتقييم السياق المحيط باستخدام العبارة أثناء تقييم المحتوى من مستخدميها.
"نظرًا لأن العبارة ليس لها معنى واحد، فإن الحظر الشامل على المحتوى الذي يتضمن العبارة، أو القاعدة الافتراضية لإزالة مثل هذا المحتوى، أو حتى استخدامه كإشارة لتحفيز التنفيذ أو المراجعة، من شأنه أن يعيق الخطاب السياسي المحمي بطرق غير مقبولة"، كما جاء في الحكم.
كما أعرب المجلس عن مخاوفه بشأن قرار Meta بإغلاق أداة تحليل البيانات CrowdTangle في أغسطس في بحثه عن المحتوى ودعا إلى مزيد من الشفافية فيما يتعلق بالنظام الجديد. كانت CrowdTangle أداة بحث مجانية تستخدمها منافذ الأخبار والباحثون والمجموعات الأخرى للتعرف على نشر المعلومات على منصات مثل Facebook و Instagram.
استبدلت Meta الأداة بمكتبة محتوى Meta، وهو نظام فحص بيانات أكثر صرامة مع قواعد وصول أكثر صرامة. تقيد مكتبة المحتوى الوصول إلى أولئك الذين يعملون مع "مؤسسة أكاديمية مؤهلة أو مؤسسة بحثية مؤهلة" ملتزمة "بمشروع غير ربحي"، وفقًا لإرشادات Facebook.
أوصت هيئة الرقابة بأن تقوم Meta بتعيين باحثين ومجموعات وصحفيين مؤهلين في غضون ثلاثة أسابيع من تقديم الطلب. كما أوصى المجلس بأن "تضمن Meta أن تكون مكتبة المحتوى الخاصة بها بديلاً مناسبًا لـ CrowdTangle"، وفقًا للحكم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هیئة الرقابة
إقرأ أيضاً:
استسلام «ميتا» والسوق الحر للأكاذيب
في الشهر الماضي، وتحديدا في اليوم السابع منه، استبقت شركة «ميتا» تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لولاية ثانية، وأعلنت إنهاء نظام التحقق من الأخبار والمعلومات الخاص بها الذي كانت تستخدمه على منصاتها الاجتماعية الثلاثة، «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريد»، وتبني سياسة جديدة في الولايات المتحدة تقوم على الاعتماد على ملاحظات المستخدمين أو ما أطلقت عليه «ملاحظات المجتمع» لتصحيح ما يعتقدون أنها معلومات كاذبة أو مضللة والإبلاغ عنها.
برر مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي للشركة، في الفيديو الذي نشره، التحول الجذري في سياسة التحقق من المعلومات بأنها «انتصار على الرقابة ذات الميول اليسارية» يضمن حسب وصفه «المزيد من الكلام والقليل من الأخطاء»، بعد أن أصبح مدققو الحقائق الذين يستعين بهم «متحيزين سياسيا للغاية»، واعترف «زوكربيرج» بأن السياسة السابقة للشركة كانت تفرض رقابة مفرطة على المحتوى»، ووعد بالعودة بالمنصات إلى سابق عهدها، واستعادة حرية التعبير عليها.
تمثل هذه الخطوة- من وجهة نظري- تحولا كبيرا، وتراجعا إلى الوراء، ليس بالنسبة لشركة «ميتا» ومنصاتها الاجتماعية فقط، ولكن أيضا لصناعة وسائل التواصل الاجتماعي بأكملها، والتوجه نحو انتهاج سياسات أكثر مرونة فيما يتعلق بما يمكن للمستخدمين نشره.
ورغم إشادة البعض بقرار زوكربيرج، باعتبار أنه يسمح بحرية أكبر في التعبير على منصات التواصل الاجتماعي، فإنني أعتقد أنه يمثل الخطوة الأولى في استسلام شركات التقنية العملاقة لرغبات وأحلام وربما كوابيس الرئيس ترامب الذي عاد شاهرا سيفه على الجميع في الداخل والخارج، والذي كان يهاجم التحقق من المعلومات على منصات الإعلام الاجتماعي باعتباره عائقًا لحرية التعبير، والرضوخ للتيارات المحافظة من حلفاء ترامب التي شنت حملة استمرت سنوات ضد التحقق من المعلومات وضمان اعتدال المحتوى على منصات النشر.
الواقع أن استسلام زوكربيرج لترامب بدأ قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة بشهور، فقد دفعه الخوف من وصول ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمالات انتقامه منه بعد أن تم حظره على المنصة في 2021 حتى عام 2023، وتحسبا لفوزه في الانتخابات تناول زوكربيرج العشاء مع ترامب، وفي الشهر الماضي، تبرعت شركة «ميتا» بمليون دولار للجنة تنصيب ترامب في إطار محاولاتها لإصلاح العلاقات معه، ومع عودته للرئاسة تتسابق شبكات التواصل الاجتماعي للتراجع عن بعض سياساتها التي سبق أن انتقدها ترامب وهو خارج السلطة، اتقاء لشره وإرضاء له وللإدارة والكونغرس ذي الأغلبية الجمهورية. وفي الأسبوع الماضي، عينت الشركة جويل كابلان، وهو جمهوري يتمتع بخبرة كبيرة في واشنطن، رئيسا للشؤون العالمية، كما عينت دانا وايت، صديق ترامب المقرب منذ فترة طويلة في مجلس إدارتها.
إن تغيير سياسة التحقق من الأخبار والمعلومات المضللة تمثل تنازلا من المنصات الاجتماعية عن مسؤولياتها الأخلاقية عن المحتوى المضلل الكاذب. وتشمل السياسة الجديدة السماح للمستخدمين بتحدي المحتوى المنشور بإضافة سياق أو دحض ادعاءات في ملاحظات تظهر بجوار منشورات محددة، وهي سياسة مشابهة للسياسة التي اتبعها «ايلون ماسك» في منصة «اكس» في أكتوبر الماضي، وأضاف لها ميزة على التطبيق هي «اكس آي» تحت مسمي «ملاحظات المجتمع» أو «التعهد الجماعي» التي تسند إلى المستخدمين مهام التحقق من صحة ما ينشره بعضهم البعض. وتسمح هذه الميزة بإضافة التصحيحات بشكل تعاوني إلى المنشورات التي قد تكون مضللة أو مثيرة للجدل. وتهدف هذه الملاحظات إلى توفير معلومات إضافية ووجهات نظر مختلفة، قد تساعد المستخدمين الآخرين على فهم المحتوى وتقييم آثاره بشكل أفضل.
وقد كشفت دراسات علمية فشل هذه السياسة على منصة «اكس»، إذ تبين أن غالبية عمليات التحقق التي يقترحها المستخدمون على المنشورات السياسية لا يتم عرضها على الجمهور أبدًا. ووفقًا لبحث أجراه مركز مكافحة الكراهية الرقمية، وهو مركز غير ربحي، وتحليل بيانات منفصل أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، فإن سياسة «أكس» الجديدة، فشلت في توفير فحص ذي مغزى للمعلومات المضللة. ومؤخرا ألقى مسؤولون فيدراليون باللوم على المنشورات الكاذبة على المنصة، مؤكدين أنها كانت سببا مباشرا في عرقلة جهود الإغاثة أثناء إعصار هيلين الذي ضرب ولاية نورث كارولينا في أكتوبر الماضي.
الأكثر خطورة في سياسة منصات «ميتا» الجديدة لا تتمثل فقط في إيقاف برامج التحقق من المحتوى، ولكن لكونها تتضمن أيضا رفع القيود التي كانت مفروضة على مناقشة الموضوعات الساخنة والحساسة، مثل قضايا الهجرة والكراهية العرقية والدينية والمذهبية، والهوية الجنسية، وهو ما سوف يسمح بمزيد من الانتقادات للأشخاص والمجموعات المهمشة في المجتمع. وتسمح القواعد الجديدة بنشر ملصقات تدعو إلى فرض قيود على أساس الجنس والعرق.
إن التقييم الموضوعي لسياسة «اكس» و«ميتا» الجديدة في التحقق من المعلومات يؤكد إن المعلومات المضللة والكاذبة سوف تستعيد زخمها الكبير على المنصات وتحولها من منصات للحقائق إلى منصات للأكاذيب. قد يقول البعض أن السياسة الجديدة سوف تعيد الاعتبار لحرية التعبير وتعيد المنصات الاجتماعية إلى أصولها باعتبارها «سوق حر للأفكار»، وهو المبدأ الذي تستند إليه حرية الإعلام في الديمقراطيات الغربية، ويعني أنه عندما تتصارع أفكار الناس بحرية تظهر الحقيقة. هذا المبدأ كان صحيحا في عصور إعلامية سابقة كانت تقتصر فيها منافذ التعبير على الصحف والمجلات، أما في عصر الإعلام الاجتماعي الذي نعيشه واستطاعة كل شخص أن يشارك في الجدل حول الحقائق والمعلومات والأخبار فقد أصبحنا أمام «سوق حر للأكاذيب» وليس للأفكار.
من المؤكد أن تعبير «السوق الحر للأفكار» أصبح من قبيل الخيال، ولم يعد صالحا في هذا العصر لأنه ببساطة يفترض أن كل المشاركين في الحوار على المنصات الاجتماعية أشخاص جيدون لا يكذبون ولا يضللون وأن دوافعهم جميعا نقية وتستهدف الصالح العام، وهذا ليس صحيحا، لأنه سيكون لدينا باستمرار من يكذبون ليس فقط من الأشخاص، ولكن أيضا من الدول والمنظمات.
أيًا كانت السياسة الخاصة بالتحقق من المعلومات على المنصات الاجتماعية فإن أفضل طريقة لنا للتعامل معها هو أن نضع أنفسنا خاصة في الدول العربية على نظام غذائي إعلامي يعتمد على الذهاب مباشرة إلى مصادر الأخبار الموثوقة، وعدم إضاعة الوقت في اللهاث وراء الإثارة التي يقدمها أشخاص أو جماعات أو أنظمة لكسب المتابعين والتلاعب بالعقول وتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية ضيقة.
يمكننا أيضا المقاومة من خلال المشاركة في ملاحظات المجتمع وتحدي المنشورات التي تعتقد أنها خاطئة، وكشف التضليل الذي يصبغ غالبية المعلومات المنشورة على المنصات العالمية، كما يمكننا المقاومة برفض المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق، حتى نكفي أنفسنا ومجتمعاتنا وقيمنا وثقافتنا، القتال.