كلمة و(غتايتا)

والحرب في السودان تحبو إلى إكمال النصف الأول من العام الثاني، دون حلول تلوح في الأفق، تظل قضية مرتبات العاملين بالدولة، هي الأبرز، والدليل الواضح على فشل السياسات الاقتصادية للدولة (إن افترضنا جدلا أن هنالك سياسات أصلا).

فبمجرد النظر إلى جدول صرف المرتبات، نجد أن الدولة (إن كانت لا تزال موجودة) قد تخلت عن مسؤولياتها، تجاه قضية المرتبات، فقد حصرت اهتمامها في هذا الجانب على صرف المرتبات بصورة جزئية للوحدات الاتحادية، وبعض الولايات التي يعتقد من بيده السلطة أنها تمثل عنصرا مهما يمكنه من استخدامها، كحواضن لفكرة استمرار الحرب، وإظهار بعض من الاستقرار المتوهم.

لقد توصل السيد وزير المالية عن مسؤوليات وزارته، بصورة فجة، عندما وزع مسؤولية صرف المرتبات بين المستويين الاتحادي والولائي، في محاولة لتفريق دم الأجور بين القبائل، وهو يعلم قبل غيره أن هذه الولايات لن تستطيع صرف هذه المرتبات، ولو استمر هذا الوضع لمئة عام، فهذه الولايات لا تملك الموارد الكافية للقيام بهذا الواجب، في ظل هيمنة مركزية قابضة على الموارد التي أدخلت ضمن الموارد القومية، مما جعل هذه الولايات (عمدة بلا أطيان).

أما ولاة الولايات (ولاة الغفلة) فيتحملون الوزر الأكبر، بقبولهم بأداء هذا الدور الخبيث، والانصياع للعب دور المحلل للسياسات الفاشلة التي يمررها وزير المالية، ومن خلفه العسكر ومن بيده السلطة، فسكوتهم وقبولهم بهذا الوضع يضعهم في مرتبة واحدة مع وزير المالية، بل ربما يجعلهم أسوأ منه درجة.

هل سأل السادة الولاة والسيد وزير المالية أنفسهم، كيف يعيش أكثر من (٩٠٠ ألف) عامل/ة بالدولة، دون مرتبات لمدة ١٧ شهرا؟!، ما هو مصير هذه الأسر في ظل الحرب وما يترتب عليها من نزوح ولجوء وعدم صرف المرتبات؟؟؟! ما هي الآثار الاجتماعية التي ترتبت على قرار حجب المرتبات؟! ألا يمثل قرار حجب المرتبات جريمة في حق العاملين وأسرهم؟؟!

الناظر لموقف صرف المرتبات في الولايات لن يحتاج إلى كثير عناء، ليدرك الكيفية التي تفكر بها حكومة الأمر الواقع، فما زال الوضع كما هو وفقا لآخر رصد قامت به لجنة المعلمين السودانيين، في ما يلي مرتبات المعلمين، فما زالت ولايتا نهر النيل والبحر الأحمر هما الوحيدتان اللتان حدث فيهما استقرار نسبي في موقف صرف المرتبات، أما بقية الولايات فالأمر أصبح في طي النسيان، ولو كانت هنالك نقاط يمكن الإشارة إليها فهي

1. تجاهل حكومة الأمر الواقع لأي ولاية سيطر عليها الدعم السريع.

2. المكسب الوحيد الذي حظيت به ولاية النيل الأزرق هو تنصيب عقار نائب لرئيس مجلس السيادة، فقد تم صرف مرتبين فقط من جملة (١٧ مرتباً).

3. ولايات دار فور حصدت الهشيم، من الكفاح المسلح، إلا إذا كان وجود السيد جبريل إبراهيم في أعلى هرم وزارة المالية، ووجود السيد مني أركو مناوي كحاكم لإقليم دارفور (من على البعد) يعد مكسبا للعاملين بالدولة، ولا يهم العاملون موضوع صرف المرتبات، فولايات دار فور الخمس تنافست في عدم صرف المرتبات.

نقطة في غاية الأهمية يجب أن نشير إليها، وهي التآكل الذي حدث لقيمة الجنيه، مع ثبات المرتبات، جعل من صرفها أمرا ليس بذي جدوى كبيرة، فالمرتبات تتفاوت ما بين ٤٠ ألف جنيه (ما يعادل ١٥ دولاراً تقريبا للدرجة العمالية) إلى ١٦٠ ألف جنيه (٦٠ دولارا تقريبا للدرجة الأولى) تقريبا، وقد تضاعفت الأسعار بصورة جنونية منذ اندلاع الحرب وحتى الآن (٨ أضعاف تقريبا).

هذا الواقع يحتم على العاملين ضرورة اتخاذ موقف شجاع، وعدم الركون لهذه المهزلة التي يتم تمريرها عبر العزف على وتر الوطنية تارة، والكرامة تارة أخرى، في الوقت الذي يستمتع فيه من يدعو العاملين للتضحية َ، بموارد البلد دون حسيب أو رقيب، ومنهم من يتمسك باتفاقية أوهن من بيت العنكبوت، ولم يتبق منها سوى بضع وظائف، وشيء من قميص تلوح به السلطة متى ما لزم الأمر، وتقضي عبره وطرها حينا آخر.

الوسومسامي الباقر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: سامي الباقر صرف المرتبات وزیر المالیة

إقرأ أيضاً:

كتلة التوافق بمجلس الدولة: الاقتراض لتسديد المرتبات كارثة وطنية.. وسياسات حكومة الدبيبة المالية تهدد مستقبل ليبيا

ليبيا – كتلة التوافق الوطني بمجلس الدولة تطالب بإنهاء العبث والتلاعب بثروات البلاد

انتقاد سياسات الحكومة المالية

علّقت كتلة التوافق الوطني بمجلس الدولة على تصريحات صادرة عن وزير المالية بحكومة الدبيبة خلال لقاء هيئة الرقابة الإدارية مع عدد من وزراء الحكومة، مؤكدةً أن هذه التصريحات تكشف فشل الحكومة في إدارة الموارد المالية للدولة.

وأوضحت الكتلة في بيان لها، اطلعت عليه صحيفة “المرصد”، أن وزير المالية فند مزاعم حكومته بشأن الوضع المالي، كاشفًا عن استنزاف ثروات البلاد ومواردها في برامج شعبوية غير مدروسة.

ملفات الفساد واستنزاف الموارد

وأشارت الكتلة إلى أن الاقتراض لتسديد المرتبات يعد نتيجة كارثية للسياسات غير المسؤولة التي أطلقتها الحكومة، واصفة ذلك بأنه أحد أكبر ملفات الفساد التي ستلاحق المسؤولين عنها.

تحذير من العجز المالي

وحذرت الكتلة من أن تراجع أسعار النفط وعائداته سيؤدي إلى تفاقم المديونية، ما سيؤثر بشكل مباشر على قدرة الدولة على صرف المرتبات، ويفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

دعوة للتحرك الوطني

ودعت الكتلة جميع الأطراف الوطنية، بما في ذلك الهيئات الرقابية والمجالس النيابية، إلى التصدي لهذا التوجه الخطير، والعمل على إنهاء حالة العبث والتلاعب بثروات ليبيا ومصير شعبها.

 

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن موعد صرف مرتبات شهر فبراير 2025.. «قبل رمضان»
  • تفاصيل زيادة مرتبات العاملين بالقطاعي الحكومي والخاص | موعد التطبيق
  • مدير المالية كسلا يبحث سبل معالجة اشكالية متأخرات قطاع التعليم
  • كتلة التوافق بمجلس الدولة: الاقتراض لتسديد المرتبات كارثة وطنية.. وسياسات حكومة الدبيبة المالية تهدد مستقبل ليبيا
  • الطور: انخفاض أسعار النفط قد يعرض الدولة لأزمة مالية خانقة
  • للقطاعين الحكومي والخاص.. موعد صرف مرتبات شهر فبراير 2025
  • زيادة مرتبات العاملين في القطاع الحكومي والخاص في 2025
  • حكومة التغيير والبناء تحلحل مشكلة انقطاع مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها
  • بصورة استثنائية.. مداولات بصنعاء لصرف مرتبات الموظفين في تعز
  • الطاقة النيابية:وزير الكهرباء فاشل وفاسد وإقالته أصبحت ضرورية