مكافحة التزوير واغلاق المراكز الاحتيالية
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
لا نكاد ننسى قصة مركز وهمي نشأ من العدم واستمر لفترات طويلة في إغواء الحالمين بالحصول على مؤهلات دراسية رفيعة المستوى، أو منح ألقاب رنانة لبعض الناس، بالمقابل حصلت تلك المراكز على كسب مادي وفير نظير الخدمات "الغير قانونية" التي اعتمدت على منح الطامحين والمهتمين بمثل هذه الشهادات المزيفة.
وأصبحت تجارة بيع الشهادات الوهمية والنياشين المزيفة" طريقا للتفاخر والمباهاة عند بعض الناس إلى درجة أن ما حصلوا عليه أصبح معلقا في جدران عقولهم، وأصبحت ألسنتهم تلهث بالحديث عن إنجازاتهم، لم يلبث ذلك طويلا فقد ضاع كل شيء في غمضة عين، سقط هذا المركز في هوة المساءلة القانونية بعد اكتشاف أمره، ولم يُعترف بشهاداته الوهمية، وضاعت أموال الحالمين بهذه المسميات والدرجات العلمية الرفيعة التي حصلوا عليها دون عناء أو مشقة !.
وسط الحملات المكثفة والرقابة الشديدة، تتلاشى مراكز وهمية كثيرة، وقبض على بعض أصحابها وتم إحالتهم إلى المحاكم بتهم عدة، وبعد أن استقرت الأمور لبرهة من الزمن، عادة الظاهرة مرة أخرى، فنبتت مراكز أخرى جديدة في تربة أخرى، لتصدق مقولة "لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم"، فالنصب والاحتيال في مجال الشهادات المزورة لن تنقطع حباله طالما وجد عدد من الطامحين والحالمين بهذه الشهادات والألقاب لا يهم أن كان كل شيء مزيف، فالناس ليس لديهم الوقت لطرح الأسئلة أو التأكد من المعلومات التي تصل إليهم، بل يسيرون في طريقهم دون توقف أو تريث.
وهذا الأمر يفسر لنا هذا التوارد والتوالد في مثل هذه المراكز والأكاديميات والمعاهد التي لا أساس لها في أرض الواقع، ولذا حتى هذا اليوم لا زلنا نصدم بأسماء براقة لمراكز وأكاديميات تظهر للعلن كمولود جديد يبحث عن فرصة الثراء ولا يهمه إن تم إغلاقه لاحقا "فهو يمنح ما لا يملك لمن لا يستحق " ويتخذ من المنصات التفاعلية طريقا للوصول إلى الزبائن.
هذا التكاثر غير المشروع أصبح عبارة عن نسخ متوالية من قصص لن تنتهي في المدى القريب، بل هو عبارة عن فصول متعددة في رواية عربية بنكهة أوروبية، هو تكرار لمسلسل قديم جديد، لن تنتهي حلقاته إلا بعد فترة طويلة، طالما أن هناك سوقا رائجة لشراء مثل هذه الشهادات والحصول على هذه المسميات، تبعث الفرح في نفوس من يحب أن يذكر اسمه بـ"الألقاب والمسميات"، وأصبحت الدرجات العلمية متوفرة طالما أن الدفع يكون إلكترونيا وفي غضون دقائق معدودة، وبعدها لا يهتم من مُنح هذه الشهادة "المزيفة" فهو لا يريد أن يعادلها أو إخضاعها للتقييم من قبل الجهات المختصة والرقابية، بل يكتفي أن يشيع بين الناس في وسائل التواصل الاجتماعي بأنه قد حصل على شهادة مرموقة من إحدى المؤسسات التي لم يسمع عنها الناس من قبل !.
الغريب في الأمر أن بعض المراكز تنظم في الخفاء أحيانا بعض المنتديات والقاءات والحفلات وخلالها يتم توزيع وتكريم بعض الشخصيات التي تدعى لمثل هذا الحدث العظيم، وللأسف ما يتم رصده ومحاربته وملاحقته قانونيا هو عدد قليل، وسط كم هائل من المراكز التي تعتمد على الجانب الإلكتروني في مخاطباتها "لزبائنها "، ولا نصفهم بأنهم "ضحاياها" لأنهم جزء من الجريمة التي يتم ارتكابها في حق التعليم، حرفيا كانوا سببا في ازدهار مثل هذه التجارة المستترة والغير قانونية أو أخلاقية -إن صح التعبير.
في الوقت الراهن تشتغل مثل هذه المراكز الوهمية على مشروع ضخم يدر عليها الملايين وهو منح " شهادة الدكتوراه الفخرية والألقاب العالمية" التي أصبحت تباع وتشترى دون أن يوجد لها حل أو رادع رغم الجهود التي تبذل لمحاربة مثل هذه المواضيع.
في السوق الموازية والغير رسمية، هناك أسعار متفاوتة للشهادات التي تمنح لبعض الناس وعادة ما يكون الدفع بـ"الدولار"، وما بين البائع والمشتري يتم الاتفاق سرًّا، ثم يتم الاحتفال بالشخص ومنحه هذه الشهادة دون الخوض في التفاصيل الدقيقة التي يجب أن تعرض على الجهات الرقابية، ويكتفى فقط بأن يعرفها الناس دون الخوض في التفاصيل مثل: من أين جاءت هذه الشهادة ؟، عن أي تخصص منحت ؟، وما هو الإنجاز الذي حققه الباحث حتى يستحق ما حصل عليه من مؤهل دراسي أو غيره ؟!
دول عربية عدة اكتشفت هذا الأمر وكان مذهلا بالنسبة لها، وتم تحويل الأشخاص المتلاعبين بهذه الشهادات إلى جهات التحقيق، ولا غرابة أن تسمع بأن وزارات التعليم العالي والبحث العلمي تسحب من فترة إلى أخرى الاعتراف من بعض الجامعات والتخصصات، وأيضا أصبح التشديد على معرفة كل تفاصيل الشهادات التي يحصل عليها الباحثين والتحقق من مصدرها وصدق المعلومات التي بها.
لكن مع كل تلك الإجراءات الاحترازية والرقابية، هل نتوقع أن تكف هذه المراكز عن نشاطها الإجرامي ؟
في حقيقة الأمر -شخصيا- لا أعتقد ذلك، ومبعث ذلك الاعتقاد هو أن من امتهن مثل هذه الأعمال المخالفة للقانون، لديه من الوسائل والطرق ما يكفيه للترويج عن هذه "الأوهام " بطرق عدة، لذا أرى أن المخالفات ستبقى قائمة رغم أن يد القانون والجهات الرقابية ستظل تلاحق مثل هؤلاء المحتالين والنصابين لفترات طويلة، والقضاء على هذه المراكز أو بقائها يظل مرهونا بنظرية السوق" العرض والطلب " لأنها تجارة رائجة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه الشهادات هذه المراکز مثل هذه
إقرأ أيضاً:
نائب محافظ الفيوم يشهد احتفالية تكريم ذوي الهمم أصحاب المراكز الأولى بالمحافظات بالمسابقات الرياضية والفنية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهد الدكتور محمد التوني نائب محافظ الفيوم، تحت رعاية الدكتور أحمد الأنصارى المحافظ، الاحتفالية التي نظمتها مديرية الشباب والرياضة بالتعاون مع مكتب "قادرون باختلاف"، وذلك بنادي قارون الرياضي بمدينة الفيوم، لتكريم ذوي الهمم أصحاب المراكز الأولى على مستوى الجمهورية بالمسابقات الرياضية والفنية، تحت شعار "نجوم من ذهب".
وجاء ذلك بحضور عادل فهمي وكيل وزارة الشباب والرياضة، وأسامة عيد وكيل المديرية، والمستشار محمود عبد التواب نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، رئيس مجلس إدارة نادي قارون الرياضي، ورشا عبدالله مدير مكتب "قادرون باختلاف" بالمديرية، ومديري الإدارات الشبابية بمختلف مراكز المحافظة، وأسر المكرمين وذويهم.
وبدأت الاحتفالية، بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية، وتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وكلمات الترحيب، مترجمة إلى لغة الإشارة، وتضمنت الاحتفالية، عدداً من العروض لذوي الهمم شملت فقرات "استعراضية وغنائية لفرق الكورال، وفنوناً تعبيرية، وعرضاً لمسرحية كواليس، وإنشاد ديني"، بجانب عرض "الداتا شو" لأعمال وإنجازات ذوي الهمم، لتُجسد رسالة أن الأشخاص ذوي الاحتياجات أصحاب همم وقدرات ومواهب متميزة.
خلال كلمته، نقل نائب محافظ الفيوم، تحيات الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، لذوي الهمم، ولجميع الحضور وكافة المشاركين بالاحتفالية، مقدماً لهم التهنئة بقرب حلول شهر رمضان المبارك، معرباً عن سعادته البالغة بالمشاركة في احتفالية تكريم ذوي الهمم من أبناء المحافظة المتميزين رياضياً وفنياً، تحت شعار "نجوم من ذهب"، واصفًا إياهم بأنهم هم الذهب نفسه، مؤكداً أن المحافظة تحرص على تقديم كافة سبل الدعم اللازم لإظهار إمكانياتهم الهائلة ومساعدتهم على تخطي الصعاب وتعظيم التحدي والإرادة لديهم، حتى يصبحوا قوة فاعلة في خدمة المجتمع في المجالات والقطاعات المختلفة،
وأكد نائب المحافظ، أن ذوي الهمم نستمد منهم القوة والعزيمة والقدرة على تحدي وتجاوز الصعاب، فهم نماذج تحتذى، لما لهم من قدرات خاصة كامنة داخلهم، مشيراً إلى أن القيادة السياسية للدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة، أولت اهتماماً كبيراً بذوي الهمم، بما أسهم في إظهار قدراتهم وتبني مواهبهم، مؤكداً على أهمية إشراك ذوي القدرات الخاصة في جميع الفعاليات، ودمجهم بفئات المجتمع المختلفة وتوظيف طاقاتهم لخدمة أنفسهم وأسرهم والمجتمع، مطالباً ذويهم بعرض مقترحاتهم لتنمية قدرات أبنائهم بشكل مستمر، متمنياً للمكرمين مزيداً من النجاحات والتقدم والرقي.
وعلى هامش الاحتفالية، افتتح نائب محافظ الفيوم، معرض الفنون التشكيلية لذوي الهمم، وتفقد أقسامه التي شملت مشغولات يدوية من "الخرز، والكروشيه، وأعمال التطريز"، وتحف ولوحات فنية، وغيرها من إبداعات ذوي القدرات الخاصة، مشيداً بمستوى الأعمال الفنية التى تم عرضها بالمعرض، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أهمية تسويق تلك المنتجات على مواقع التواصل الاجتماعي، لإتاحة منافذ تسويقية جديدة أمام هؤلاء المبدعين، مثمناً قرار رئيس مجلس إدارة نادي قارون بتخصيص يوم شهرياً لعرض منتجات وإبداعات ذوي الهمم بشكل مجاني داخل النادي.
وفي ختام الاحتفالية، تم تسليم شهادات التقدير، تكريماً لذوي الهمم الحاصلين على المراكز الأولى على مستوى الجمهورية، في المسابقة القومية "الحلم المصري"ـ بمجال الغناء، والمسرح، والفن التشكيلي، والفنون التعبيرية، والإنشاد الديني، وكذا تكريم المشاركين من أبناء المحافظة، مع منتخب كرة القدم المصري لذوي الهمم بدولة الإمارات، فضلاً عن تكريم أبطال المشروع القومي للموهبة والبطل الأوليمبي في ألعاب "رفع الأثقال، والملاكمة، والتايكوندو، وألعاب القوى"، بمنحهم شهادات التقدير.