برنامج اقتصادي جديد في تركيا.. ما التحولات المنتظرة؟
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
إسطنبول- في خطوة تهدف إلى مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة، أعلنت الحكومة التركية عن برنامجها الاقتصادي الجديد للفترة 2025-2027، ويتضمن تعديلات جذرية في توقعات التضخم والنمو.
وتعكس هذه التعديلات مساعي الحكومة لإعادة توجيه مسار الاقتصاد في ظل ظروف محلية ودولية متغيرة، مع التركيز على تعزيز الاستقرار المالي ومواكبة التحولات العالمية ضمن التوجه المحافظ على نهج تشديد السياسة النقدية.
وأعلن جودت يلماز نائب الرئيس التركي أن البرنامج الاقتصادي الجديد يهدف إلى تحقيق تراجع تدريجي في معدلات التضخم، وصولا إلى مستويات أحادية الرقم، مع تعزيز فرص النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن البرنامج يركز على تعزيز الاستثمار القائم على الإنتاجية، وزيادة التوظيف والإنتاج، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحسين الأداء الاقتصادي.
وأوضح يلماز أن الهدف الأساسي من البرنامج هو تحقيق توزيع عادل للدخل بين جميع فئات المجتمع، مع رفع مستوى الرفاهية بشكل متوازن.
وقال إن التنسيق المتكامل بين السياسات النقدية والمالية وسياسات الدخل سيكون حجر الزاوية في هذا البرنامج.
من جانبه، أكد وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، أن الأولوية القصوى في الأمد القصير هي مكافحة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار، وقال إن خفض التضخم إلى مستويات أحادية سيعزز النمو المستدام ويرفع مستوى الرفاهية.
وفي السياق، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، عن دعمه برنامج بلاده الاقتصادي متوسط المدى وثقته به.
وقال أردوغان "بالتوازي مع مكافحتنا للتضخم بشكل حاسم، فإننا نثق وندعم برنامجنا الاقتصادي متوسط المدى الذي يعطي الأولوية للاستثمار والإنتاج والتوظيف والصادرات".
زيادة التضخم وتباطؤ النموويضع البرنامج الجديد هدفا لمعدل التضخم عند 41.5% بحلول نهاية عام 2025، مقارنة بـ33% في البرنامج السابق، مع توقع أن يصل التضخم إلى 17.5% في نهاية العام المقبل و9.7% في السنة التي بعدها.
وكشف البرنامج عن تخفيض توقعات النمو لعام 2025 من 4.5% إلى 4%، في حين ستتراجع توقعات النمو للعام الحالي من 4% إلى 3.5%، ولعام 2026 من 5% إلى 4.5%، فيما حُدد هدف النمو لعام 2027 بـ5%.
كما تحدد الدخل القومي في نهاية العام الحالي بتريليون و331 مليار دولار، ونصيب الفرد بـ15 ألفا و550 دولارا، بالزيادة من 12 ألفا و875 دولارا في البرنامج السابق.
وقال يلماز إنه من المستهدف أن يصل عجز الموازنة إلى 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الحالي، وكان التقدير السابق عند 6.4%، وحُددت نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي بـ3.1% لعام المقبل.
ويتوقع البرنامج الجديد أن ينخفض معدل البطالة إلى 9.3% عام 2024، وهو تراجع ملحوظ مقارنة بالتقديرات السابقة التي بلغت 10.3%، وأوضح يلماز أن هذا الانخفاض يعكس استمرار تعافي الاقتصاد وانتعاشا جزئيا في سوق العمل.
أما في عام 2025، فمن المتوقع أن ترتفع البطالة بشكل طفيف إلى 9.6% كجزء من عملية إعادة التوازن الاقتصادي، على أن تنخفض تدريجيا لتصل إلى 9.2% في عام 2026 و8.8% في 2027.
التحولات في الصادرات والوارداتويقدر البرنامج أن تصل الصادرات بحلول نهاية العام الحالي إلى 264 مليار دولار، بانخفاض طفيف عن التوقعات السابقة التي كانت عند 267 مليار دولار. في المقابل، شهدت تقديرات الواردات انخفاضا ملحوظا من 372.8 مليار دولار في البرنامج السابق إلى 345 مليار دولار.
وتوقع نائب الرئيس التركي أن تشهد الصادرات ارتفاعا تدريجيا لتصل إلى 319.6 مليار دولار بحلول عام 2027، في حين ستزيد الواردات إلى 417.5 مليار دولار، مما يعني تقلص العجز التجاري الخارجي بمرور الوقت، مع تعزيز إستراتيجية النمو القائم على التصدير.
وفيما يخص أسعار الصرف، أشار البرنامج إلى أن متوسط سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية سيكون بحدود 33.2 ليرة للدولار في عام 2024، ويستمر بالارتفاع ليصل إلى 42 ليرة في 2025، ثم 44.4 ليرة في 2026، و46.9 ليرة بحلول عام 2027.
إعادة التوازن عبر سياسات التقشفيةوأكد الباحث في الشأن الاقتصادي، محمد أبو عليان، أن البرنامج الاقتصادي الجديد للحكومة التركية للفترة 2025-2027 يأتي استكمالا للبرنامج السابق (2024-2026)، مشيرا إلى أن الحكومة رأت ضرورة إعادة تقييم التوقعات السابقة بسبب استحالة تحقيق الأهداف والتوقعات التي تم وضعها في البرنامج السابق.
وأوضح أبو عليان في حديث للجزيرة نت أن الحكومة تسعى الآن للتركيز على سياسة الانضباط المالي جنبا إلى جنب مع السياسة النقدية المتشددة، بهدف تحقيق توازن بينهما لضمان الوصول إلى توقعات البرنامج الجديد، وهي سياسة لم تكن مستهدفة في البرنامج السابق ولا سيما بعد إعلان الحكومة عن خفض الإنفاق العام للفترة 2024-2027.
وأضاف أن إعادة تقييم هذه التوقعات تأتي بعد اتساع الفجوة بين الأرقام المحققة فعليا وبين الأهداف التي تم وضعها، وهنا تسعى الحكومة إلى إعادة تجسير الفجوة بين التوقعات والأرقام المحققة فعلا في محاولة لزيادة الشفافية واستعادة الثقة بالتوقعات المستقبلية للمؤشرات الاقتصادية الكلية لما لذلك من أهمية إيجابية على الاقتصاد ككل.
وفيما يتعلق بسعر صرف الليرة التركية، أضاف أبو عليان أن التدهور المستمر في سعر الليرة يظل تحديا، لكن الحكومة تسعى لإدارته وعدم تركه لقوى العرض والطلب بشكل مطلق، وذلك بهدف الوصول إلى الأهداف المحددة في البرنامج الجديد وإبقاء سعر الصرف ضمن المستويات المتوقعة.
وأكد أن معالجة التضخم تتطلب الاستمرار في التشديد النقدي والتقشف المالي، فضلا عن التدخل في الأسواق ومراقبتها بشكل أكبر، وهو ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة. ومع ذلك، فإن البرنامج يتوقع انخفاضا في معدل البطالة، وهو هدف طموح قد يصعب تحقيقه في المدى القصير.
واختتم أبو عليان تصريحاته بالتأكيد على أن البرنامج، رغم احتوائه على أهداف طموحة وتعارضات بين الأهداف الكمية، فإنه يمكن أن يسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا على المدى المتوسط والطويل، مشيرا إلى أن تحقيق الأهداف قد يكون ممكنا إذا استمرت السياسات النقدية والتقشفية بالوتيرة نفسها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البرنامج الجدید أن البرنامج نهایة العام ملیار دولار أبو علیان إلى أن
إقرأ أيضاً:
47 مليار دولار.. برلماني: تسجيل أكبر احتياطى يؤكد صمود الاقتصاد المصري
أكد النائب حسن عمار، أمين سر لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أن حجم التحديات التي عصفت بالاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة من صراعات جيوسياسية متعددة أثرت على أدائه وعرقلت خطة التنمية التي كانت تسير عليها الدولة بخطى جادة وسريعة.
وأوضح أن تحديات الحرب الأهلية في السودان التي أدت إلى تدفق قرابة 1.2 مليون لاجئ إلى مصر، فضلا عن اندلاع العدوان على غزة، ساهم في فرض ضغوط إضافية على الخدمات العامة والبنية التحتية، وتهديد مباشر للأمن القومي المصري.
وأضاف "عمار"، أن التوترات في البحر الأحمر أثرت على إيرادات قناة السويس، حيث شهدت القناة انخفاضًا في الإيرادات بنحو 7 مليارات دولار في عام 2024 بسبب الهجمات على السفن، مما دفع شركات الشحن إلى تغيير مساراتها بعيدًا عن القناة، لكن برغم ذلك صمد الاقتصاد المصري بل وحقق تحسنا ملحوظا على صعيد كافة المؤشرات وأبرزها تسجيل أكبر احتياطى من النقد الأجنبي فى تاريخ البلاد ليتجاوز 47 مليار دولار، مع تحسن مؤشر مديرى المشتريات ليحقق 50.7 نقطة خلال يناير.
وأشار أمين سر لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إلى أن الإحصائيات تشير إلى تحقيق نجاح كبير في احتواء معدلات التضخم التي كانت وصلت لارتفاعات غير مسبوقة وأدت إلى تراجع في القوى الشرائية مع موجة غلاء زادت من الضغوط المالية على كاهل الأسرة المصرية، منوها بأن تراجع معدل التضخم لأدنى مستوى منذ مارس 2022، مؤشر إيجابي نحو نجاح سياسات الحكومة والبنك المركزى من اصلاحات اقتصادية وقرارات استثنائية ساهمت في تحقيق استقرار اقتصادي كبير .
وأوضح النائب حسن عمار، أن القرارات المهمة التي اتخذت لضبط منظومة الصرف لتكون أكثر مرونة، بخفض سعر صرف الجنيه بنسبة تجاوزت 25% ليبلغ سعر الدولار الأمريكى بذلك أكثر من 50 جنيهًا خلال مارس 2024 مقابل حوالى 31 جنيه سابقًا، أدت إلى تلاشى التباين بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار الصرف بالسوق الموازى، وبالتالى ربط أسعار الصرف وفق آليات العرض والطلب بالسوق.
وأكد أن هذا القرار ساهم أيضا
في جعل بيئة الاستثمار أكثر شفافية، مما يشجع المستثمرين الأجانب على ضخ رؤوس أموال في السوق ،كما أنه يسهل على الشركات متعددة الجنسيات التخطيط المالي دون القلق من تغيرات غير متوقعة في أسعار الصرف، فضلا عن تحفيز الصادرات والحد من الواردات، فمع انخفاض قيمة الجنيه، تصبح السلع المصرية أرخص في الأسواق العالمية.