الجزائر "العُمانية": يعود الكاتب، بشير عمري، إلى قُرّائه بمجموعة قصصيّة بعنوان " لاكوريدا" (200 ص)، صدرت عن دار الأوطان للنشر بالجزائر.

تتناول هذه المجموعة القصصيّة العديد من الثيمات المتعلّقة بالسياسة، والهُويّة، والعروبة، والانسحاق الاجتماعي، كما تُصوّر غربة المثقف في عصر العولمة، إلى غير ذلك من الموضوعات.

ومن أبرز قصص هذه المجموعة: "العودة من سرير الشرق"، و"في زحمة النهايات"، و"لغز المنظار"، و"خارج الحساب"، و"العودة من الأشلاء"، و"مجرّد مخدرات"، و"هواجس العاهة السرية"، و"الرقص بالنار"، و"لاكوريدا" و"زهرة نيس"، و"شرف الحداء"، و"المهراس".

وتعني كلمة " لاكوريدا"، التي تحمل هذه المجموعة القصصيّة اسمها، "لعبة مصارعة الثيران"، وتضمُّ قصصًا طويلة أبدع فيها الكاتب، بشير عمري، بنبض روائيّ شاعريّ؛ فكانت كلُّ قصّة عبارة عن محطة انطلاق لرواية سردية جوارية ينتهي الزمان ولا تنتهي تفاصيلها. وقد مارس القاصُّ والإعلامي، بشير عمري، الكتابة الإبداعية ردحًا من الزمن، وتمرّس بغوايتها، وصال وجال في ساحاتها ودروبها فأصبح سندبادها والقابض على نواصيها.

ويرى بعض النقّاد أنّ تجربة، بشير عمري، القصصيّة، امتازت، منذ مجموعته الأولى "ريح آخر اللّيل"، التي تعد من عطر البواكير، وصولا إلى مجموعته الثّانية "سائل العمر"، التي نشرت في ترجمتها إلى اللُّغة الفرنسية، يلمح الدّارس لهذا القاصّ هويّته السّردية الممعنة في التّجريب وتحطيم أسوار السّرد التقليدي الذي يحايث الحكي على حساب الفكرة، حيث ينظر بشير عمري بعمق إلى حركة الواقع ملتقطا المفردات المهملة أو الهامشية في وقائع سيرورة المعيش لينجز منها بهاء سرديًّا ماتعًا، كما هو الحال في قصّة "عمّن كانت تغلق الأبواب"، التي يجعل فيها موضوعة الحب تتموضع بالتّوازي اختلافا مع أطرافه، أي الحبيبين البيولوجيين، فيقيم التّماثل بين الحبيبين وبَابيْ بيتيهما اللّذين يشكلان في تقابلهما موقفا غزليا، ينفتح على اللّقاء نهارا، وينغلق على الفراق ليلا، فتحيل العملية السّردية على نوع من الأنسنة لعناصر الواقع، بما فيها الجمادات، وبالتّالي يتفجّر المكان في القصّة من فكرة التشظي الوحداتي لمفاعيل الحركة في الواقع/ المكان، والتي مآلها إلى القلوب التي تآكلت نبضاتها فخمد بريق التلاقي في حامليها، وأُهمل المكان في خضم الواقع المتحوّل بسرعة رهيبة.

وفي قصّة "أنيس وزهرة نيس" يستمرُّ بشير عمري في إنجاز هيكل المتاهة السّردية التي تحاصر الممرّات كلّها لتضع العلامة المميّزة عند كل انعطافة سردية، ويشكّل النصُّ على المستوى الفنّي في إنتاجية المعنى على هامش موضوعة الزّهرة وعلاقة المجتمع بها كقيمة جمالية، ذلك الإحساس المغيّب والغائب في علاقة المتلقّي بالجمال، فهو ابتداء يقرن البحث عن زهرة نيس بالجدار.

يُشار إلى أنّ بشير عمري من مواليد 1970 بولاية بشار (جنوب الجزائر)، وسبق أن أصدر العديد من الأعمال، أبرزُها "حول السقوط وأزمة الخطاب السياسي" (منشورات الاختلاف، الجزائر 2002)، و"العودة من بعيد.. في التاريخ الرياضي" (دار هومة للطباعة والنشر، 2003)، و"ريح آخر اللّيل" (رابطة إبداع، الجزائر، 2005).

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قداس في بكفيا إحياء للذكرى الـ42 لاستشهاد بشير الجميّل

أحيت عائلة الجميّل و"مؤسسة بشير الجميّل" الذكرى الثانية والأربعين لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل ورفاقه في قداس إلهي احتفل به الأب جورج حبيقة في كنيسة مار ميخائيل الرعائية في بكفيا، عاونه لفيف من الكهنة. وحضر القداس الرئيس أمين الجميّل وعقيلته السيّدة جويس، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل وعائلته، السيّدة صولانج الجميّل، النائب نديم الجميّل وعائلته، السيّدة يمنى الجميّل وعائلتها، النواب: الياس حنكش، غسان حاصباني، جورج عقيص، ميشال معوض، ملحم خلف، نائب رئيس الكتائب الدكتور برنارد جرباقة، أمين عام الكتائب سيرج داغر، وأعضاء المكتب السياسي الكتائبي وشخصيات سياسية وفاعليات وحشد من الكتائبيين والأنصار والأصدقاء. الأب جورج حبيقة لفت في عظته إلى أن بموته على الصليب حوّل يسوع المسيح خشبة العار والذلّ والمهانة والهوان إلى شجرة الحياة، الى صليب الظفر على الموت وإلى جسر العبور من عالمنا المتفكك والمتضعضع والتاعس والمتخبّط في العبثيّات واللامعنى الى مساحات الخلود والسعادة المطلقة وملء المعنى، لافتا الى ان الصليب يرمز إلى الجهات الأربع للكرة الأرضية، بالخشبة الأفقية يحضن البشرية جمعاء في تنوّعها وتناقضاتها وانحرافاتها وحسناتها ومساوئها، وبالخشبة العمودية يرتفع بالبشرية إلى فوق ويحرّرها من اغلال الزمن المحطّم للوجود، أمام هذا الصليب جثا الرئيس الشهيد بشير الجميّل وعلى صدره رسمه وتحت قدمي المصلوب وضع مآسي لبنان وكوارثه وتطلعاته وأحلامه وانتظاراته، وكما فرحت هيلانة أم الأمبراطور قسطنطين باكتشاف خشبة الصليب وإخراجه من باطن الأرض على تلة الجلجلة حيث ظن الجيش الروماني مدفوعًا من رؤساء الكهنة والحاخامت والفريسيين أنه بطمره إياها يُنهي آخر محطات القضاء على يسوع الناصري، هكذا اغتبط الرئيس الشهيد بشير الجميّل بعيد ارتفاع الصليب منذ 42 سنة وطمأن المسيحيين القلقين والخائفين على مصيرهم في بلاد الأرز والشرق ان الأجراس ستبقى تقرع وصليب المحبة والغفران والفداء سيبقى منتصبًا على قبب الكنائس والأديار وعلى التلال والروابي وفي الوهاد والأودية. وقال الأب حبيقة: "من رحم الأوجاع والقلق الوجودي، من رحم الانتفاضة على ويلات الزمن ومصائبه، ولد الرئيس الشهيد بشير الجميّل، مشددًا على أن المسألة اللبنانية استوطنت عقله باكرًا وأصبحت هاجسه الأساسي، وكانت تعبر ذاكرته باستمرار مشاهد متتالية من تاريخ لبنان المأساوي".

أضاف: "انضم بحماس واندفاع خارقين إلى حاملي لواء القضية اللبنانية التي بزغت مع اللبنانيين الأوائل قبل المسيح وراحت تتشكل رويدًا رويدًا حتى يومنا، على يد جماعات متنوعة ومن ثقافات مختلفة، ومن خلفيات دينية متمايزة، هاربة من شرق ظالم وقاهر يجمعها الألم والوجع والاضطهاد والسعي الى الإقامة في ربوع الحرية". وتابع: "قد يكون الرئيس الشهيد بشير الجميّل تساءل في داخله بحرقة المفجوعين ودمعة المنتحبين وغضب المنتفضين: هل اللبنانيون يسعون أبدا إلى إصعاد لبنانهم من القعر إلى واحات الحياة المستقرة والسلمية والمزدهرة وما إن يقتربوا من الهدف حتى يفلت بلدهم من أيديهم ويتدرحرج متصدّعًا ومحطّمًا الى الهوة؟ هل هذا قدرهم ان يحاولوا أبدًا بناء وطن ممنوع أو متعذر تحقيقه او بتعبير آخر محرك او محال؟". ولفت الأب حبيقة إلى أنه عندما انتخب الرئيس بشير الجميّل رئيسًا جميعنا تيقنا آنذاك بفرح واندهاش وذهول أن الحلقة اللبنانية المفرغة قد انكسرت ووصلت أخيرا صخرة لبنان الى قمة الجبل وترسخت هناك شامخة وابتدأ عهد جديد وزمن جديد ولهذا الزمن الجديد مقومات حدّدها في خطاب القسم الذي لم يقيد له ان يتلوه، إن أولى ركائز الزمن الجديد بناء دولة الأمة وليس دولة الإدارة لأن دولة الأمة هي مؤسسة الطموحات والأحلام التاريخية بينما دولة الإدارة هي مؤسسة التوظيف، مضيفًا: "لبناء دولة الأمة خارطة طريق وحيدة ألا وهي بناؤها من فوق الى تحت من رأس الهرم الى أسفله". وأكد أن بشير كان يعلن بدون كلل لا نريد رئيسًا لا لون له ولا طعم ولا رائحة لقد سبق بهذه المواصفات بثلاثة عقود ونيف صدور كتاب الفيلسوف الكندي الشهير آلان دونو "حكم التافيهن". وذكر ان في خطاب القسم قال الرئيس بشير الجميّل: ان هذه هي المرة الأولى التي تتسلّم الامة الدولة وحينها يتوطد مبدأ التعايش بين كل اللبنانيين وتحيي الثقة بالميثاق، فتشعر كل المجموعات انها مشاركة في الحكم ومسؤولة عن مصير الوطن". وأكد الأب حبيقة أن بلدًا كان في تدوين حقبات تاريخه وتحديد اهداف وجوده بطريرك علّامة طوباوي وقدّيس عنيت به البطريرك الدويهي، وكان في إعادة الحياة إليه وإطلاق نظامه السياسي الإشراكي التعدّدي بطريرك مكرّم وقدّيس عنيت به البطريرك الحويك، وكان وراء رفعه على منصة المرجعية العالمية للدول المتعددة ثقافيًا وحضاريًا بابا استثنائي وقدّيس عنيت به البابا يوحنا بولس الثاني، وقامت ببنائه مدماكًا مدماكًا جميع المكونات اللبنانية الدينية والثقافية، إن بلدًا استشهد من أجله رجل دولة خارق وطني وكاريزماتي ورؤيوي متجرّد ومُتفانٍ وشجاع ومقدام عنيت به الرئيس الشهيد بشير الجميّل، إن بلدًا كهذا لن يكون قدره إلا ديمومة الحياة في فيء صليب المسيح الجامع هول العذابات وفرح القيامة. وبعد القداس تقبّلت العائلة التعازي في باحة الكنيسة، ثم انتقلت برفقة الحضور الى ضريح الرئيس الشهيد، حيث وضعت اكاليل الزهر وأقيمت صلاة رفع البخور.      

مقالات مشابهة

  • العراق يستورد معدات كهربائية من الجزائر لحل “أزمة الطاقة التي لا تنتهي”
  • بشير التابعي : الأهلي وجه رسالة قوية لمنافسيه بعد مباراة جور ماهيا
  • غدًا.. عرض مشروع ترويجي لمسار العائلة المقدسة بتقنية الواقع الافتراضي "VR" بنقابة الصحفيين
  • الحواط: ماذا يبقى من لبنان عندما تهدّد قوة الأمر الواقع بالقتل والتصفية؟
  • ذكرى بشير تشعل مواقع التواصل الاجتماعي
  • قداس في بكفيا إحياء للذكرى الـ42 لاستشهاد بشير الجميّل
  • غسان حاصباني في ذكرى اغتيال بشير الجميل: اختصرتَ معنى الجمهورية
  • سامي الجميّل: يفقدون صوابهم بمجرّد سماع اسم بشير الجميّل
  • الرياضة العراقية .. هيمنة التقوقع واشكالية الواقع !
  • وزير الري يلتقى بمزارعو القليوبية لتقييم الموسم الصيفى على أرض الواقع