صباح يشرق كالأمس.. قصص بنكهة الواقعية السحرية
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
القاهرة "العُمانية": يتناول الكاتب المصري ناصر كمال بخيت في مجموعته القصصية "صباح يشرق كالأمس" قضايا الزمن وتداخلاته البنيوية، والوجود ومعانيه الفلسفية، والواقع وهمومه الإنسانية، بأسلوب يتجاوز السرد التقليدي؛ مما يجعل القصص تندرج ضمن تيار الواقعية السحرية.
الكتاب الصادر مؤخرًا عن دار البديع العربي يصطحب القارئَ في رحلة بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويطرح تساؤلات ملحّة حول الصراع بين تدفق الزمن الحتمي والأحلام المؤجلة، مستخدمًا توليفة فريدة تجمع بين الفانتازيا والواقع اليومي، حين يصبح الصباح رمزًا للتأمل في الحاضر وتداخل الأزمنة.
وتقدم المجموعة صورة معقّدة للإنسان المعاصر الذي يجد نفسه ممزقًا بين رغبته في العودة إلى الماضي الجميل الذي لا يبقى منه سوى الصور المثالية في عقله، وحلمه بتحقيق المستقبل الذي يمتلئ بالتحديات، وكل هذا في إطار من السرد الأدبي الذي يمزج بين البساطة والتعقيد.
ووفقًا للمؤلف، فإن القصص في هذه المجموعة ليست مجرد سرد لأحداث واقعية أو خيالية، بل هي انعكاس عميق للتجربة الإنسانية الحديثة. إذ يجد القارئ نفسه في أجواء تتداخل فيها الحدود بين الواقع والحلم، بين الممكن والمستحيل؛ مما يعزز شعوره بأن الحياة نفسها قد تكون مجرد وهم أو حلم مستمر.
في هذا السياق، تبدو فكرة "الصباح" في المجموعة أبعد من المفهوم المتداول بأنه بدايةٌ جديدة ليوم آخر، فهي تمثل لحظةً من التفكير في الحياة والقرارات والوجود ذاته. إنه صباح مملوء بالتأملات والأسئلة التي تلاحق الشخصيات عبر النصوص، وهو تذكير مستمر للإنسان بأنه يعيش في دائرة من الزمن لا نهاية لها، حيث تتداخل الأحلام مع الواقع، وتتشابك الأيام لتترك في النهاية أسئلة لا تجد إجاباتها إلا في تلك اللحظات الغامضة بين النوم واليقظة، كما في قصة "أسئلة الصباح" التي تُفتتح بتساؤلات وجودية تعكس حالة الضياع التي يعيشها الفرد في العالم الحديث: "مَن أنا؟ وأين أنا؟ وماذا أفعل؟".
تتسم المجموعة بالمزج بين الواقع والأسطورة، إذ تتجاوز الشخصيات حدودَ المنطق لتغوص في عوالم موازية. في قصة "تمثال الحرية" على سبيل المثال، ينتقل البطل من قريته الصغيرة إلى مدينة نيويورك بعد أن يتم اختياره في قريته كقربان من أجل ضمان استمرار الحياة بها، فإذا به يجد نفسه أمام تمثال الحرية الشهير، محاطًا بحضارة أخرى متقدمة بالنسبة لتجربته القروية وكأنه انتقل للمستقبل، لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة، إذ يعكس سيرُ الأحداث التساؤلَ الدائم الذي يسيطر على المجموعة: أهذا حاضر أم مستقبل أم ماضٍ سحيق؟ تشتمل المجموعة أيضًا على تجارب قصصية تُظهر معضلة الإنسان المعاصر الذي يجد نفسه محاصرًا بين رغبته في العودة إلى الماضي ومواجهة تحديات المستقبل. يتجلى ذلك في النصوص التي تعرض شخصيات تبحث عن ذاتها في إطار من النوستالجيا والذكريات، كما نجد في العديد من القصص إشارة إلى "الدفاتر القديمة" و"الذكريات الضائعة"، حيث يحاول الأبطال استعادة ما فات من حياتهم أو استكشاف ما فاتهم فهمه أو تحقيقه في الماضي.
وخلال ذلك، يُظهر الكاتب قدرتَه على التعامل مع التناقض بين الماضي والمستقبل، كما يظهر في مجموعة القصص التي تتناول الصباح كحالة شعورية ترتبط بأسئلة لا تجد إجابات مباشرة لها.
ويظهر واضحًا الصراعُ الداخلي لدى شخوص القصص، ليدفع القارئ إلى إعادة التفكير في مفاهيم الوجود والهُويّة. نرى هذا في قصة "أرواح سجينة"، حيث ينقل الكاتب معاناة بطلها، وهو شاعر ومثقف يعيش في صراع بين الالتزام الأدبي والمادي وبين أحلامه السامية ورغباته المكبوتة، ثم يبدأ تمردًا داخليًا ضد ما تفرضه عليه الحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث يجد نفسه غارقًا في الحرمان بينما يلاحق عالمًا آخر ساحرًا من الأدب والشعر. هذه التناقضات تجعل الشخصية مثارًا للتأمل والتعاطف من القارئ، لكنها في الوقت نفسه تمثّل انعكاسًا لأزمة الإنسان في العصر الحديث، إذ يتجلى الفارق الرهيب بين احتياجات الروح والجسد، وبين ما يقدمه الواقع وما يرغب فيه المرء من حياته.
وفي قصة "تصويب"، يعيش بطل القصة تجربة يتنقل فيها بين الماضي والمستقبل، حيث يتلاعب الزمن به لينقله من نقطة إلى أخرى بلا أيّ سيطرة منه. كل يوم جديد بالنسبة له يشكل تحديًا لفهم ما إذا كان في حلم أم في واقع جديد. الزمن في هذه القصة ليس خطّيًا كما نعرفه، بل هو سلسلة من الأحداث التي تتشابك وتتداخل لتَظهر كأنها نسيجٌ معقّدٌ من المشاعر والتجارب الإنسانية. هذه التقنية الأدبية تمنح القصة طابعًا سرياليًّا، لكنها في الوقت نفسه تجعل القارئ يعيد التفكير في طبيعة الزمن وتأثيره على الحياة.
ونجد في هذه المجموعة تركيزًا على قضايا الحرية والاختيار، ليس فقط من خلال التفاعل مع الزمن، بل أيضًا من خلال القضايا الأخلاقية والفلسفية التي تطرحها القصص. وقصة "المنحة" تعكس هذا الصراع بشكل خاص، حيث يعيش البطل حالة من القلق والترقب بشأن مستقبله المهني والشخصي؛ فبينما يستعد للسفر للحصول على منحة تعليمية، يواجه أزمات نفسية ووجودية تتعلق بحياته المهنية والضغوط الاجتماعية. تعكس القصة معاناة الفرد المعاصر الذي يكتشف أنه في مواجهة دائمة مع التحديات الاجتماعية والمهنية، ومحاولة الهروب من الواقع إلى أحلام أخرى ربما تكون مستحيلة. وتتكرر هذه الفكرة في قصص أخرى؛ حيث يظهر الأبطال محاصَرين بين قرارات مصيرية وضغوط نفسية تدفعهم لإعادة التفكير في مصيرهم ومستقبلهم.
وتمثل قصص "صباح يشرق كالأمس" دعوة للتأمل في ماهية الواقع والزمن والوجود، وقد أظهر فيها الكاتب قدرةً على التلاعب بالزمن ليقدم لنا مسارات عدة ربما لقصة واحدة يجاهد فيها البطل من أجل الحصول ولو على لحظة بسيطة من السعادة افتقدها في ماضيه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التفکیر فی یجد نفسه فی قصة
إقرأ أيضاً:
القومية تشدو بمنوعات الزمن الجميل في الجمهورية.. غدًا
كتب- محمد شاكر:
تتوالى فعاليات الثقافة المصرية بمناسبة العام الجديد، حيث تقيم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد حفلاً بعنوان "منوعات من الزمن الجميل" للفرقة القومية العربية للموسيقى، بقيادة المايسترو الدكتور مصطفى حلمي، في الثامنة مساء غدٍ الخميس 26 ديسمبر، على مسرح الجمهورية.
يتضمن الحفل نخبة من مؤلفات الطرب الجماهيرية، منها: بلاش عتاب، ياللى سامعني، إن كنت ناسي، الحب كله، بتلوموني ليه، جانا الهوى، قلبي بيقولي، مضناك، أمتى حتعرف، وأمل حياتي.
ويؤدي هذه الأعمال عدد من نجوم دار الأوبرا المصرية، وهم: ريم كمال، إيناس عز الدين، يحيى عبد الحليم، أحمد عصام، وأشرف وليد.
يُذكر أن الفرقة القومية العربية للموسيقى تأسست عام 1989 بهدف جمع التراث الموسيقي والغنائي العربي، وإعادة تقديمه بأسلوب أكاديمي وعلمي متطور، لتتمكن الأجيال الجديدة من التعرف على تراثنا الموسيقي العربي والحفاظ عليه من الاندثار.
مسرح الجمهورية الفرقة القومية العربية للموسيقى دار الأوبرا المصرية منوعات من الزمن الجميلتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: اتحاد منتجي الدواجن يكشف أسباب وقف استيراد البيض التركي الأخبار المتعلقة الأوبرا تحتفل بالكريسماس والعام الجديد.. ننشر البرنامج الكامل أخبار مؤلفات عربية وعالمية بأسلوب كايرو كافيه بالأوبرا.. الجمعة أخبار اليوم.. افتتاح معرض "أكوان" للفنانة رشا سالم بقاعة الباب أخبار مكتبة مصر العامة المتنقلة تجوب ميادين القاهرة.. إليك برنامج الأنشطة أخبار أخبار مصر اليوم.. احتفالات الثقافة بأعياد الكريسماس تتواصل بأوبرا الإسكندرية منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر الدفع بالدولار.. الإسكان تكشف تفاصيل مبادرة "بيتك في مصر" منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر نشرة التوك شو| أسباب وقف استيراد البيض التركي.. والإفراج عن 54 من منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر أمين عام نقابة أصحاب المعاشات يكشف حقيقة "زيادات يناير" منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر الفنان صبحي خليل يكشف لمصراوي تفاصيل إنهاء أزمة قطع مرافق عن عمارته منذ 3 ساعات قراءة المزيد أخبار مصر هل وصل متحور كورونا لمصر؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح منذ 4 ساعات قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارالقومية تشدو بمنوعات الزمن الجميل في الجمهورية.. غدًا
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك للإعلان كامل للإعلان كامل 19القاهرة - مصر
19 12 الرطوبة: 39% الرياح: جنوب غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك