لجريدة عمان:
2024-09-16@09:22:45 GMT

في المسألة خلاف

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

يتكرر الحديث كثيرا عن المسائل الخلافية، وخاصة بين أهل العلم، وهذا أمر متوقع لاعتبارات كثيرة، يأتي منها تجربة الحياة، والحصيلة المعرفية، والتقدير الشخصي للمجتهد، والقدرة على المقارنات، والمقاربات بين المواقف والأحداث، وكذلك القدرة على إجراء عمليات القياس، والظروف الزمنية والبيئية المختلفة، وأمر الخلاف ليس مقتصرا على أهل العلم، فكل إنسان يستطيع أن يتقاطع مع آخر، ولنفس الأسباب الواردة أعلاه، فليس هناك إنسان لم يكوِّن مجموعة من الآراء والمواقف والقناعات، ويمر بتجربة حياة وفق عمره الذي كتب له، والأمر؛ في حقيقته؛ ليس يسيرا بالمطلق، ولا معقدا بالمطلق، لأن الإنسان جبل على أن يكون متحفزا؛ ويشجعه هذا على الخلاف، وأن يكون متمهلا وهذا يدعوه إلى عدم الاستسلام لأي رأي أو موقف، أو قناعة يبديها فلان من الناس، كما أن هناك تراجعا عن قناعات تأكدت في لحظة زمنية ما، واستجدت قناعة أخرى أكثر حيوية ومنطقية، وهناك تأمل؛ فلعل في المسألة زاوية أخرى غير واضحة في اللحظة الزمنية الفارقة التي يجب أن يتخذ فيها قرارا ما، فقضايا الحياة؛ بقدر كثرتها وتنوعها، وشموليتها، بقدر تعقيداتها وحساسياتها، وخطورتها أيضا، فمنها ما يذهب إلى القيم الحاكمة بين الناس والمنظمة لحياتهم اليومية، ومنها ما يتعلق بالدين، ومنها ما يتعلق بالعادات، ومنها ما يتداخل مع العلاقات القائمة بين الأطراف، وتعدد هذه العلاقات بين: نسب، أو جماعة، أو بيئة عمل، أو حالة مصلحية، مؤازرة في لحظة حرجة، أو صداقة، ومنها ما يذهب أكثر إلى العمق الإنساني «الحب» وحقيقته المشتتة للتركيز، فيما يعرف بالعلاقة الرأسية، وهي أخطرها، لأن في نقيضها تذهب إلى إحداث صدمات غير متوقعة في الطرف الآخر، وفي كل هذه «التوليفة» يبقى من الصعوبة بمكان الوصول إلى حقيقة مطلقة في حسم الخلافات، مع التأكيد أن لا وجود؛ حقيقة مطلقة، إلا حقيقة النشأة والفناء؛ فهما الوحيدان اللذان يمكن أن لا يختلف عليهما اثنان، وما عدا ذلك، يبقى الحكم فيها نسبيا، مهما بلغ اليقين مستوى عال من الاطمئنان، وحوى كمًا مقدرا من الحقائق، لأن كل منطق خاضع للزمن الذي يعيش فيه، ولا يمكن تسويقه لأزمان قادمة، وذلك لسبب بسيط، وهو تغير الأدوات والوسائل في كل زمن جديد، ولذلك يتعب الناس أنفسهم عندما يغالون في مسألة الخلاف على حقائق ماثلة في عصرهم، ويريدون تسويقها لعصر قادم، من خلال تفريغ محتوياتها على أبنائهم؛ مثلا؛ فهذا لا يمكن على الإطلاق، ولنا العبرة في مقولة: «ولدوا في زمن غير زمانكم».

المشكلة ليست في مسألة الخلاف، فهذا أمر قطعي مرتبط بالإنسان أينما كان؛ ومن كان، وإنما المشكلة في مسألة الخروج من الخلاف، وهذه قضية متجذرة، ليست فقط في الحقل المعرفي؛ وخاصة في القضايا الخلافية، وإنما في حقول الحياة كافة، وقس ذلك على كل الأنشطة التي يمارسها الإنسان في حياته اليومية، سواء على المستوى الفردي، عندما يتقاسم عدم الخروج من الخلاف مع غيره، فيصل بهما الأمر إلى التنازع والشقاق، أو على مستوى المجموع، جماعة ضد جماعة، أو مؤسسة ضد مؤسسة، أو دولة ضد دولة، أو مكون سياسي/ اقتصادي/ ثقافي؛ ضد آخر يماثله في الوظيفة، ولعل أسهل الحلول عند الفقهاء؛ حيث يقال لك: «وللخروج من الخلاف عليك أن لا تأخذ بما يثير الخلاف» أي نقيض ما هو مختلف عليه، والذي يؤجج مواقف الخلاف أكثر، وعدم الركون إلى «الخروج من الخلاف» هو التعنت، والنرجسية، والاستصواب المطلق للرأي الخاص، وعلى الرغم من التجربة الإنسان الطويلة في مسألة الخلاف والخروج من الخلاف، إلا أن هذه المسالة لا تزال في مربعها الأول، وهذا ما يؤسف له حقا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من الخلاف ومنها ما فی مسألة

إقرأ أيضاً:

تأجيل مُحاكمة 9 مُتهمين في “أحداث المنصة”

أجلت الدائرة الأولي بمحكمة الجنايات أول درجة المنعقدة بمجمع محاكم بدر، إعادة محاكمة 9 متهمين في القضية  المعروفة إعلامياً بـ"أحداث المنصة"، وذلك تأجيل إداري بمناسبة المولد النبوي الشريف لجلسة 2 ديسمبر المقبل . 

اقرأ أيضًا:  القصاص من سائق الرذيلة بعد جريمة يندى لها الجبين

المُشدد 10 سنوات لمُدانٍ في قضية “خلية اللجان النوعية” القصاص لضحية جريمة محل الأثاث.. تفاصيل مُروعة

صدر القرار برئاسة المستشار محمـد السعيد الشربيني وعضوية المستشارين غريب محمـد متولي ومحمـود زيدان ومحمد نـبيل وسكرتارية ممدوح عبد الرشيد.

جاء قرار النيابة العامة بإحالة المتهمين لارتكابهم جرائم عدة تتمثل فى أن المتهمين من الأول وحتى الـ14 انضموا إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، والمتهمون شاركوا فى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، وشارك المتهمون من الـ 15 وحتى الأخير فى التجمهر.

 أن المتهمين من الأول وحتى السادس تولوا جماعة أسست على خلاف أحكام القانون ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والإضرار بالوحدة الوطنية بأن تولى المتهم الأول قيادة جماعة الإخوان تلك الجماعة التى تهدف إلى تغيير نظام الحكم بالقوة.

المتهمون من الأول وحتى الثامن أمدوا الجماعة بأموال وأسلحة وذخائر، واستعملوا العنف مع موظفين عموميين والتخريب العمدى لمبانٍ وأملاك عامة والتلويح بالعنف والتأثير على السلطات، وحرضوا المتهمين من التاسع وحتى الأخير على أعمال العنف وأمدوهم بالأسلحة.

 يواجه المتهمون تولى قيادة فى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات من ممارسة عملها.

كما وجه للمتهمين تهم إمداد جماعة أسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية، ودبروا وآخرون مجهولون تجمهرًا الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمدى تنفيذًا لغرض إرهابى.

مقالات مشابهة

  • حازم فتوح: زيزو كان قريب من نيوم بعرض هو الأضخم وبعض البنود البسيطة عطلت الصفقة
  • صفقة المدافع تثير خلاف في الزمالك
  • «المستقلين الجدد»: الحوار الوطني يرفع شعار «الخلاف لا يفسد للوطن قضية»
  • إعلام إسرائيلي: خلاف بين نتنياهو وجالانت بشأن توسيع العمليات العسكرية في لبنان
  • خلاف جديد بين حسام حسن واتحاد الكرة لهذا السبب
  • فضيحة.. معركة في حفل فرقة أمريكية
  • شقيقان يقتلان نجل عمهما بسبب الخلاف على قطعة أرض بالقليوبية
  • تأجيل مُحاكمة 9 مُتهمين في “أحداث المنصة”
  • أكثر من تمديد !!
  • القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الخلاف بين سموتريتش وبن جفير.. وسببه