تقرير: يحيى جارالله

تنديداً بالانهيار المستمر للأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وغياب الخدمات تشهد المحافظات الجنوبية المحتلة غليانا شعبيا واحتجاجات غاضبة بين الحين والآخر، كان آخرها تظاهرة شعبية في حضرموت الأحد الماضي رفضاً لتفاقم الوضع المعيشي.

المشاركون في المظاهرة من أبناء منطقة شحير في حضرموت قاموا بقطع الشوارع والخط الدولي الرابط بين المكلا والمناطق الشرقية، وأوقفوا حركة السير حتى يتم الاستجابة لمطالبهم التي كان من ضمنها إلغاء قرار منع الصيادين من الاصطياد في سواحل المحافظة، والذي حرمهم من مصدر دخلهم الوحيد لتوفير لقمة العيش لأسرهم.

وفي مديرية غيل باوزير خرجت تظاهرات طلابية غاضبة تنديداً بانهيار الأوضاع المعيشية وتدهور سعر صرف العملة، وغلاء الأسعار والوقود وانعدام الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء.

وبدلا من النظر في المطالب المشروعة للمتظاهرين قامت القوات الأمنية بحملة اعتقالات وإطلاق الرصاص الحي على المحتجين ما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوفهم، وهو نفس النهج العنيف الذي قوبل به المتظاهرون في عدن خلال الأسابيع والأشهر الماضية.

وندد الصيادون بتجاهل السلطة المحلية لمطالبهم المحقة بالسماح لهم بممارسة الصيد دون أي عوائق، مؤكدين الاستمرار في الاحتجاج حتى يتم إلغاء قرارات القوات الإماراتية في مطار الريان بمنع عملية الصيد في سواحل المنطقة.

وتأتي احتجاجات الصيادين بعد تنظيمهم وقفة أمام مطار الريان في منتصف أغسطس الماضي، للمطالبة بالسماح لهم بمزاولة الصيد، وتعويض ما لحق بهم من خسائر نتيجة حرمانهم من الاصطياد من قبل قوات الاحتلال الإماراتية.

وتتزامن هذه الاحتجاجات مع بروز أزمة الغلاء المفاجئ لأسعار السمك في المحافظات المحتلة والتي زادت من وطأة المعاناة لدى المواطنين المثقلين بتداعيات الصراع المتواصل بين شركاء الفساد، لتهدد ما تبقى لهم من مصادر غذائية.

وتشير التقارير إلى أن سعر الكيلو الواحد من سمك الثمد الذي يمثل وجبة رئيسة لملايين المواطنين من ذوي الدخل المحدود تجاوز 18 ألف ريال، والذي قوبل بسخط شعبي واسع، دفع المواطنين للتزاحم على محلات بيع الأسماك المثلجة، والانواع الرخيصة.

وبحسب مختصين فإن ارتفاع أسعار الأسماك في تلك المحافظات ناتج عن تصدير الجزء الأكبر من كميات الإنتاج السمكي إلى كل من السعودية والامارات، إلى جانب سيطرة شركات سعودية واماراتية على 80 بالمائة من نشاط الاصطياد في المياه اليمنية.

ويأتي ارتفاع أسعار الأسماك في ظل تفاقم معاناة المواطنين جراء استمرار تدهور الخدمات وفي مقدمها الكهرباء والمياه، وانهيار قيمة الريال أمام العملات الأخرى وصولا إلى 1900 ريال للدولار الواحد والذي تسبب بارتفاع كبير لأسعار السلع والخدمات بنسبة 300 بالمائة ما جعل أكثر من نصف سكان تلك المحافظات عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الضرورية من الغذاء.

وتشهد حضرموت وعدن كغيرهما من المحافظات المحتلة احتقانا شعبيا واسعا نتيجة استمرار انهيار العملة وانعكاساته المباشرة على غلاء الأسعار وانعدام الخدمات، والذي أدى إلى تفاقم معاناة السكان.

في المقابل تكتفي دول تحالف العدوان بالتعبير عن القلق ومطالبة الحكومة العاجزة في عدن باتخاذ خطوات حقيقية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، لكن الأخيرة وعلى ما يبدو باتت تتخذ من الوضع الاقتصادي المتدهور وسيلة للحصول على الدعم والمنح المالية الكبيرة التي تقدمها لها بشكل سنوي دول العدوان وغيرها من الدول.

وعلى الرغم من كل الدعم الذي حصلت عليه الحكومة الموالية للعدوان طيلة السنوات الماضية، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها تزداد سوءا يوما بعد آخر، وتتصاعد معدلات الفقر بين أوساط المواطنين لتنذر بمجاعة وشيكة.

وإزاء ذلك يحذر الكثير من المراقبين من استمرار تفاقم تلك الأوضاع في ظل الغضب المتنامي لدى الشارع الذي لم يلمس أي تحسن في معيشته، بقدر ما يرى الأوضاع تزداد سوءا مع مرور الوقت، على كافة المستويات الأمنية والمعيشية والخدمية بشكل عام.

وفي ظل غياب أي أفق لحلحلة تلك الأزمات الاقتصادية والخدمية المستفحلة يتوقع المراقبون أن تؤول الأوضاع نحو الأسوأ وإلى ما لا يحمد عقباه، محذرين في ذات الوقت من استمرار الأطراف المنضوية في ما تسمى بالحكومة في توظيف تلك الأزمات لتحقيق المكاسب دون تقديم أي شيء للمواطن المغلوب على أمره، بل كان لها دور هي وشركاؤها في دول تحالف العدوان في إيصال الأوضاع إلى ما هي عليه من تدهور، وخروج عن السيطرة.

ويعتبر أكاديميون وخبراء اقتصاديون استمرار الانهيار الاقتصادي في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية، نتيجة طبيعية للفساد الطاغي على المؤسسات، وسيطرة كل فصيل على جزء من المؤسسات الإيرادية.

ويرى مراقبون أن التدهور المخيف للأوضاع المعيشية والخدمية يعود بدرجة أساسية إلى الفساد الذي يمارسه شركاء السلطة هناك ابتداء من تحالف العدوان وما يسمى المجلس الرئاسي، والحكومة والانتقالي والذين يتشاركون جميعا في حرب الخدمات التي يدفع ثمنها ويكتوي بنارها المواطن.

كما أنه ناتج أيضا عن اختلالات واسعة النطاق في المالية العامة في عدن، وما تقوم به من صرف لرواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة، والذي أجج الصراع وتبادل اتهامات ما بينها وبين الانتقالي وغيره من شركاء الفساد.

حيث يتهم “الانتقالي” هذه الحكومة بنهب المساعدات والمنح المالية وإنشاء شركات استثمارية خاصة خارج اليمن، إلى جانب المضاربة بالعملة، بينما تتهمه هي بإعاقة عملها باستحواذه على قدر كبير من الايرادات وعدم توريدها إلى البنك المركزي، وكذا باستمرار نفوذ مليشياته منذ انقلابه عليها في أغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الإمارات.

وخلال اليومين الماضيين كشف تقرير أممي عن اتساع دائرة المجاعة وارتفاع معدلات “سوء التغذية” في نحو 117 مديرية تحت سيطرة ما تسمى حكومة عدن الموالية لتحالف العدوان.

التقرير الذي سلط الضوء على حجم المجاعة في مناطق سيطرة حكومة عدن، تحدث عن 600 ألف طفل أصبحوا يعانون سوء التغذية في تلك المناطق بينهم 120 ألف في حالة حرجة.

وعلى الرغم من المعاناة الإنسانية والمعيشية التي سببها العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي منذ العام 2015م للشعب اليمني عامة، إلا أن المناطق الخاضعة للحكومة الموالية للعدوان شهدت انهيارا كبيرا في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار والمشتقات النفطية وغياب الخدمات نتيجة الفساد والنهب والعبث بمقدرات وعملة البلد الذي ظلت تمارسه حكومات الأتباع في عدن طيلة الثمان السنوات الماضية.

سبأ

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی عدن

إقرأ أيضاً:

اجتماع رفيع لقيادات حوثية عليا يبحث التحركات العسكرية والإستعداد لمعارك مقبلة

أكد قائد المنطقة العسكرية الرابعة التابعة للحوثيين عبد اللطيف المهدي أن جماعته في أتم جهوزيتها لمواجهة أي هجمات على الجماعة التي قال إنها استغلت الهدنة لـ "الإعداد والتدريب وبناء القدرات لدى الأفراد"، في ظل توتر الأوضاع في مناطق سيطرة الجماعة، بفعل التداعيات التي تتخوف منها الجماعة، جراء ما شهدته سوريا عقب سقوط نظام الأسد.

 

جاء ذلك خلال إجتماع عسكري وأمني موسع لقيادات الحوثيين في ما يسمى بـ "المنطقة العسكرية الرابعة"، برئاسة محمد المداني وعبد اللطيف المهدي وبحضور محافظي ذمار، وإب وتعز والضالع وقيادات أمنية وعسكرية تابعة للحوثيين.

 

وذكرت وكالة سبأ التابعة للحوثيين، أن الاجتماع ناقش "الأوضاع الخدمية والتنموية في محافظات "تعز، الضالع، إب، وذمار" وجوانب التنسيق والترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي تحركات عدوانية لقوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني".

 

وأكد المداني، أهمية الاجتماع لتدارس الأوضاع في هذه المحافظات والاستعداد لإفشال أي تحركات عدوانية، لافتا إلى أن الجانب العسكري تطور بشكل لافت، وأصبحت الجماعة تمتلك صواريخ وطائرات تستهدف العدو الصهيوني في عمقه، وفي البحار والمحيط الهندي.

 

وأعتبر المهدي، انعقاد الاجتماع والنزول الميداني، فرصة للاطلاع على "الأوضاع في محافظات تعز، والضالع، وإب، وذمار، سيما ما يخص الجانب الرسمي والتعبئة العامة والوضع الأمني والعسكري، وكل ما يخص المحافظات".

 

وشدد المهدي، على "أهمية أن يتحمل الجميع المسؤولية، ابتداء من محافظ المحافظة الذي يُعد المسؤول الأول، ومدير أمن المحافظة، والتعبئة العامة والأمن والمخابرات والشرطة العسكرية والاستخبارات وغيرها من الجهات المعنية وذات العلاقة، للعمل على تعزيز مستوى الأداء ومضاعفة الجهود".

 

ونوه، لضرورة تحسين الأوضاع في المحافظات الأربع، والعمل على توفير الخدمات والمشاريع التنموية، مؤكدا أن ما سماها بـ "التحركات الحاصلة" إنما تخدم الأجندة الصهيونية والأمريكية والبريطانية، مضيفا: "نرصد تحركات العدو ولدينا معرفة كاملة بما يُخطط له ومستعدون للدفاع عن بلادنا مهما كلفنا من تضحيات".

 

وأشار محافظة الحوثيين في إب عبد الواحد صلاح، إلى أن إب "من أكثر المحافظات التي يركز العدو عليها ويستهدفها بصورة مستمرة"، مؤكدًا العمل على كل ما من شأنه استقرار الوضع في المحافظة وتعزيز السكينة العامة والمساهمة في تعزيز جهود التنمية المحلية وتفعيل المبادرات المجتمعية.

 

وشدد القيادي "علي حسين الحوثي" المعين من قبل الجماعة وكيلا لوزارة الداخلية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا، شدد "على أهمية الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية انطلاقًا من المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع".

 

ولفت الحوثي، إلى "أهمية اضطلاع وسائل الإعلام بدورها التوعوي بما يُحاك ضد الوطن من مؤامرات، تستهدف الجبهة الداخلية والنسيج المجتمعي"، مؤكدا على ضرورة أن تضاعف وسائل الإعلام من جهودها لكشف مخططات العدوان وما يشنه من حملات تضليل لمحاولة خلخلة الجبهة الداخلية.


مقالات مشابهة

  • تحذيرات من «انهيار بيئي» بسبب شح المياه وتسرب الصرف الصحي
  • عطوان: لماذا سيدخل الصاروخ الفرط صوتي اليمني الذي قصف قلب يافا اليوم التاريخ من أوسع أبوابه؟
  • بلدية غزة : انهيار بيئي وشيك في المدينة نتيجة شح المياه
  • بلدية غزة تحذر من كارثة بيئية نتيجة العدوان الإسرائيلي
  • اجتماع رفيع لقيادات حوثية عليا يبحث التحركات العسكرية والإستعداد لمعارك مقبلة
  • اجتماع موسع في المنطقة العسكرية الرابعة يناقش الترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي عدوان
  • المنطقة العسكرية الرابعة تؤكد جاهزيتها لافشال أي تحركات عدوانية
  • نتيجة الأوضاع الأمنية.. أسعار المحروقات في سوريا تسجّل ارتفاعات قياسية
  • أرقام صادمة.. كم بلغت حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي؟
  • اعتماد أكبر حركة تغييرات فى تاريخ المحليات.. تتضمن 184 قيادة بالمحافظات