كيف قرأت الأوساط الإيرانية موقف موسكو حيال ممر زنغزور؟
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
طهران- على وقع الغزل المتبادل بين إيران وروسيا اللتين تستعدان لتوقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي الشامل خلال الأشهر القليلة المقبلة، يأتي موقف موسكو الداعم لأذربيجان بفتح ممر زنغزور البري لربط العاصمة باكو بإقليم نخجوان محرجا لطهران التي تعتبر أي تغيير في الحدود الإقليمية خطا أحمر لها.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تحدث أثناء زيارته إلى أذربيجان، الشهر الماضي، عن حق باكو في امتلاك ممر بري يربطها بالإقليم.
من جانبها، سارعت الخارجية الإيرانية إلى استدعاء السفير الروسي ليكسي ديدوف، وفي خطوة نادرة لم يعتدها الحليفان، حمله نائب وزير الخارجية الإيراني مجتبي دميرجي رسالة إلى موسكو مفادها أن طهران تعارض التغييرات الجيوسياسية في المنطقة وأنه يجب أخذ مصالح ومخاوف الدول في الاعتبار.
يفصل ممر زنغزور التابع لأرمينيا حاليا بين أراضي أذربيجان ومقاطعة نخجوان الأذرية المتمتعة بالحكم الذاتي (الجزيرة) خط أحمرفي السياق، اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أي تغيير في الحدود القائمة "أمرا غير مقبول على الإطلاق"، وفي تغريدة على منصة إكس، كتب أن "أي تهديد يوجه ضد سلامة أراضي دول الجوار أو تغيير جيوسياسي قرب حدودنا يشكل خطا أحمر بالنسبة لإيران".
والخط الأحمر الذي ترسمه طهران على حدودها جنوبي القوقاز يتحدث عنه الناشط السياسي علي مطهري، في تدوينة على منصة إكس بالقول إن "هذا الممر سيغلق الطريق الرابط بين إيران وأوروبا عبر أرمينيا".
ويرى مراقبون في إيران أن جزءا من مخاوف بلادهم بشأن أي تغيير جيوسياسي على حدودها نابع من توجسها إزاء المخططات الرامية إلى تشكيل عالم تركي عبر ممر زنغزور. ويُراد له أن يربط تركيا بريا بدول آسيا الوسطى ذات العرق التركي، ومنها أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وصولا إلى إقليم شينجيانغ الذي تقطنه أغلبية من الإيغور التركية شمال غربي الصين، وتركمانستان بصفة مراقب.
من ناحيته، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "الشهيد بهشتي" علي بيكدلي، أن المساعي الروسية لتحريك المياه الراكدة في ملف ممر زنغزور في التوقيت الراهن تأتي في سياق البحث عن مخرج يمكنها من الالتفاف على العقوبات الغربية التي تضيق الخناق على اقتصادها.
مصالحوفي حديث للجزيرة نت، يعتقد بيكدلي أن موسكو لطالما فرطت بالمصالح الإيرانية في سبيل مصالحها الوطنية، معتبرا إثارة مسألة الممر هدية من بوتين لحلفائه الأتراك في تركيا وأذربيجان على حساب المصالح الإيرانية والأرمينية، ظنا منه أن سياسته هذه ستفتح أسواقا جديدة لاقتصاده المحاصر.
ورأى أن قبول طهران بشق ممر زنغزور عبر مقاطعة سيونيك الأرمينية سوف يوازي القبول بمحاصرتها وقطع طريقها باتجاه أوروبا الشرقية، لأنها لن تستطيع بعد ذلك التحكم بأي طريق يستحدث على حدودها، ناهيك عن المخاطر الجيوإستراتيجية التي قد تهدد أمنها انطلاقا مما يسمي بتشكيل الهلال التركي على حدودها.
ولدى إشارته إلى سياسة التوجه شرقا التي تبنتها الحكومات الإيرانية المتعاقبة، طالب بيكدلي بعدم المراهنة على عدد محدد من الدول ووصف العلاقات معها بأنها إستراتيجية، مؤكدا ضرورة تطبيع العلاقات مع الدول الأوروبية.
وتابع أنه رغم الضغوط الغربية على طهران بشأن تعاونها العسكري مع روسيا في حربها على أوكرانيا، لكن موسكو تغض البصر عن حساسية إيران حيال التغييرات الجيوسياسية قرب حدودها، وتوقع أن تمضي روسيا في دعمها باكو لفتح الممر، مما يحتم إعادة إيران النظر في علاقاتها مع حلفائها السابقين.
وحظيت تغريدة الصحفي والناشط السياسي محمد بارسي -حول وقوف الروس إلى جانب أعداء إيران على مر التاريخ- بتفاعل واسع على منصات التواصل، إذ طالب المغردون الإيرانيون سلطات بلادهم بالاعتبار من تجاربهم المريرة مع موسكو.
وكان بارسي قد كتب على منصة إكس، أن "الروس قد وقفوا إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال الحرب العراقية الإيرانية، وفي القرارات الأممية مع أميركا، وفي العقوبات مع أوروبا، وفي قضية الجزر الثلاث مع العرب، وفي حرب غزة مع إسرائيل، وفي ممر زنغزور مع أذربيجان". وتساءل "لماذا لا تزال الجمهورية الإسلامية تعتبر موسكو دولة صديقة وشريكا إستراتيجيا لها؟".
التوجه الإيرانيأما عن تساؤلات الأوساط السياسية في إيران عن سبب إثارة ملف الممر في التوقيت الراهن، فيبحث أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي يد الله كريمي بور، عن إجابة في توجه الحكومة الإيرانية الجديدة وعزمها فتح قنوات مع العالم الغربي لحلحلة القضايا الشائكة.
وفي تعليق نشره على قناته بمنصة تليغرام، رأى أن الجانب الروسي يعتبر أدنى خطوة لتطبيع إيران علاقاتها مع الدول الغربية "أمرا قاتلا" ذلك لأن موسكو تواجه -حاليا- حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأميركا الشمالية على جبهتين، وقوى شرقية مثل اليابان المتحالفة مع واشنطن وبريطانيا وأستراليا ضمن اتفاقية أوكوس الأمنية، ناهيك عن ملفاتها العالقة مع الصين وجنوب القوقاز وغيرها.
وخلص كريمي بور إلى أن أي توجه إيراني نحو الغرب لاسيما بخصوص إحياء العلاقات الإستراتيجية سيكون غير مقبول بالنسبة للجانب الروسي، وقد تعتبره موسكو بمثابة "رصاصة الرحمة" على علاقاتها القائمة مع عدد محدود من الدول منها إيران.
في المقابل، يعتقد السفير الإيراني السابق في باكو، محسن باك آئين، أن المواقف الروسية الداعمة لأذربيجان تأتي للضغط على أرمينيا بالدرجة الأولى لقربها من الناتو وانتزاع الامتيازات من باكو ثانيا. وأوضح أن تصريحات بوتين ولافروف كانت غامضة ولم يشيرا إلى ممر زنغزور بشكل واضح بل جاءت للضغط على يريفان لعدم التزامها بمعاهدة السلام 2020.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى باك آئين، أن فتح الممر سيضر بالمصالح الروسية قبل المصالح الإيرانية لأنه سيمكّن الناتو من الوصول إلى بحر قزوين وهذا ما لا ترغب به موسكو في الوقت الراهن، حيث تمضي آلة الحرب مع أوكرانيا بقضم المزيد من أراضي الجانبين.
وخلص إلى أن التحركات الروسية في جنوب القوقاز تأتي لمواجهة الناتو بالمنطقة، مما يؤكد ضرورة تفعيل الدبلوماسية بين طهران وموسكو وباكو ويريفان لاحتواء السياسات الغربية التوسعية جنوبي القوقاز.
وسواء كان الموقف الروسي للضغط على يريفان أو يرمي لفتح ممر زنغزور، فإن تصريحات القادة الروس الأخيرة أثارت حفيظة الجانب الإيراني الذي طالما تحسس نتائج كارثية لإقامة الممر على حدوده وسارع أكثر من مرة لحشد قواته المسلحة قرب الحدود المشتركة مع أذربيجان وأرمينيا لإفشال أي عمل عسكري محتمل يرمي لشق الطريق البري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ممر زنغزور على حدودها
إقرأ أيضاً:
ورقة رابحة بين محورين.. هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
تحمل الزيارتان الأخيرتان لمسؤولين إيرانيين اثنين إلى العاصمة السورية دمشق والثالثة التي يجريها وزير خارجية النظام السوري، بسام صباغ إلى طهران في طياتها عملية "تسليم واستلام رسائل"، استنادا لما كشفت عنه وسائل إعلام، وبناء على التوقيت أيضا.
وفي وقت تغيب التفاصيل الدقيقة لفحوى تلك "الرسائل" يرى خبراء ومراقبون تحدثوا لموقع "الحرة" أن التحركات الإيرانية الأخيرة فيما يتعلق بسوريا لافتة، ومن الواضح أنها ترتبط بـ"خشية ما باتجاهين"، لاسيما أن النظام السوري ورئيسه بشار الأسد "بات تحت الضوء كورقة رابحة بين محورين".
وترتبط طهران بدمشق منذ سنوات بـ"علاقة استراتيجية"، أكد عليها وزير خارجية النظام السوري، بسام صباغ، من العاصمة طهران، يوم الثلاثاء، قائلا في مؤتمر صحفي إنه "أجرى مباحثات إيجابية وتبادلا مثمرا للآراء، بسبب تعزيز التعاون في كافة المجالات".
ثاني لقاء مع مسؤول رفيع من طهران خلال أيام.. الأسد يستقبل وزير الدفاع الإيراني اجتمع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأحد، بوزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، وذلك عقب أيام قليلة من لقائه علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي.وجاءت زيارة صباغ إلى طهران بعد يومين فقط من وصول وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، إلى دمشق، وفي أعقاب "رسالة" أوصلها مستشار المرشد الإيراني، علي لاريجاني، إلى النظام السوري قبل يوم واحد، وفقا لحديث له نقلته وسائل إعلام إيرانية.
وتعتبر الزيارات بين الجانبين اعتيادية، لكن لم يسبق وأن حصلت بالشكل الذي كانت عليه الأسبوع الماضي وفي غضون 48 ساعة، حيث وصل لاريجاني أولا والتقى الأسد وبعدما عاد إلى طهران حط وزير الدفاع الإيراني مجددا في العاصمة السورية، والتقى بمسؤولين سوريين.
ولا تزال الرواية الرسمية في إيران تؤكد على أن سوريا "حلقة من سلسلة المقاومة"، في إشارة إلى المحور الذي تتزعمه ويخوض صراعا مع إسرائيل على أكثر من جبهة.
وفي حين أن دمشق تؤكد حتى الآن على "علاقتها الاستراتيجية" مع طهران، لم تتخذ بعد الحرب التي بدأتها إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر خطوات فعلية، كما الحال بالنسبة لحزب الله في لبنان وبقية أطراف المحور الإيراني.
ومنذ تاريخ الحرب الإسرائيلية المتركزة على نحو كبير الآن في لبنان، التزم النظام في دمشق بسياسة عدم التعليق وكأنه بعيدا عن الجغرافيا المشتعلة، وبينما حاول البقاء في المنطقة الرمادية على مدى أكثر من عام لم يكن هذا الأمر كفيلا بإبعاده عن دائرة الضربات الإسرائيلية.
وعندما كان لاريجاني في دمشق قصفت إسرائيل مبنيين في العاصمة السورية، وقتلت فيهما قادة في حركة "الجهاد الإسلامي" المصنفة إرهابية. وجاء ذلك بالتزامن مع تهديدات عدة أطلقها الجيش الإسرائيلي، وركز بها على النظام، من منطلق طرق إمداد الأسلحة المارة من مناطق نفوذه باتجاه حزب الله في لبنان.
"رسائل على خط طهران-دمشق"ولا يعرف حتى الآن حدود الحملة الإسرائيلية القائمة في لبنان وما إذا كانت ستتخذ منحى أكثر شراسة في سوريا، على صعيد الضربات التي باتت تستهدف أبرز المناطق الحيوية وسط دمشق، كحي المزة.
وكذلك الأمر بالنسبة للموقف الذي سيتخذه النظام السوري بناء على التهديدات التي تستهدفه، وما إذا كان سيظل متمسكا بعلاقته "الاستراتيجية" مع طهران، خاصة على الشق الأمني والعسكري أو قد يتخذ مسارات أخرى.
وطالما سلطت تقارير غربية وعربية الضوء على هذه المسارات محللة ومشيرة إلى احتمالات إمكانية ابتعاد الأسد المحور الإيراني.
وتعد زيارة صباغ إلى طهران الأولى له منذ استلام منصب وزير الخارجية السوري، وتندرج باعتقاد الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أيمن الدسوقي، "في سياق تجاوب الأسد مع رسالة علي خامنئي". وكان حملها لاريجاني.
كما تذهب الزيارة باتجاه تأطير (طهران ودمشق) للرسائل "بصيغ رسمية على شكل اتفاقيات أو معاهدات تتيح لكليهما إدارة المخاوف والمصالح في لحظة حرجة إقليميا ودوليا".
ويقول خالد خليل، وهو باحث وأكاديمي سوري مختص بالشأن الإسرائيلي، إن الزيارات المتبادلة بين دمشق وطهران في غضون أسبوع واحد تصب في إطار "محاولة إيرانية لإعادة الأسد إلى المحور الذي حمى نظامه".
ويعتقد خليل، في حديثه لموقع "الحرة"، أيضا أن إيران تريد أن تستوفي الخدمات التي قدمتها للنظام السوري "بعدما شق عصا الطاعة باقترابه من المحور العربي، وفي ظل محاولات أميركية لخلق معادلات جديدة في المنطقة".
مؤشرات جديدة.. الأسد ينأى بنظامه عن إيران وأذرعها برزت خلال الفترة الأخيرة، مؤشرات متتالية على تقارب النظام السوري مع دول عربية وخليجية، مقابل تراجع علاقاته مع إيران وحلفائها في المنطقة، ولا سيما حزب الله وحماس.ويضاف إلى ما سبق، بحسب الأكاديمي السوري، أن "الرسائل" الإيرانية التي نشرت عنها وسائل إعلام "تحمل تحذيرات مبطنة بتهديدات".
ومع ذلك، يشرح أن التحذيرات "لا تصل إلى حد تهديد النظام بنفسه وإزالته، بل يشوبها نوع من المساومات تحاول فرضها إيران على الأسد، كونها تحكمه بالكثير من الديون".
"ورقة رابحة بين محورين"لا ترتبط العلاقة بين إيران والنظام السوري بالشق العسكري والسياسي فحسب، وعلى مدى السنوات الماضية وصلت حدودها إلى حد التوغل في قطاعات اقتصادية أيضا.
ومن الجانب العسكري على الخصوص ما تزال الكثير من ميليشيات "الحرس الثوري" تنتشر في عموم المناطق السورية.
في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة كان الأسد محور اهتمام، وفرض ذلك من زاوية موقف "الحياد" الذي اتخذه.
وبينما لم يخرج عن تلك الحالة تكاد تختلف الآن بصورتها العامة، ليصل الاهتمام إلى حد التركيز على احتمالية ابتعاده عن إيران ومحورها، لقاء درء خطر التصعيد الأكبر، وبهدف الحصول على مكاسب قد تصل إلى حد فك العزلة الدولية.
ويوضح الأكاديمي السوري، خليل أن تركيز "الاهتمام" على الأسد في المنطقة الآن لا يرتبط بقدراته العسكرية كونه عاجز بالمطلق، بل يتعلق الأمر بـ"البعد الجيوسياسي".
وتتعلق الحالة أيضا بهجوم حماس، المصنفة إرهابية، على إسرائيل في أكتوبر 2023، والخط الفاصل الذي رسمته لمشهد لن يكون كما في السابق، على صعيد وجه المنطقة ككل.
ويقول خليل: "الأسد الآن في مرحلة التفاوض في ظل المساومات الإقليمية التي تحاول تشكيل المشهد الأمني في المنطقة".
ويضيف أن "موقعه الجيوسياسي أعاده كورقة رابحة لمحورين دخلا في مرحلة كسر ظهر لا كسر عظم. الأول يتلقى الضربات بينما يتشكل المحور الثاني حديثا، للقضاء على المعادلة الأمنية السابقة القائمة على التنافس الإيراني-الإسرائيلي في المنطقة".
ورسم المؤتمر الصحفي لوزيري خارجية إيران وسوريا، الثلاثاء، نقاط التوافق وملامح عمل المرحلة المقبلة.
ومن الواضح، وفقا لقول الدسوقي أن إيران تركز على الجانب الأمني وما يمكن إدراجه ضمن ذلك من شرعنة تواجدها وتنظيم انتشارها في الجغرافية السورية مجددا، وما يستلزمه من تعاون مع الهياكل الأمنية والعسكرية للنظام، وما يمكن استخدامه كغطاء لتمرير الدعم الإيراني لإعادة بناء قدرات حزب الله مجددا على الأراضي السورية.
في المقابل، يركز النظام على الجانب الاقتصادي نظرا للحاجة الماسة لديه، من حيث أولوية معالجة قضية الديون الإيرانية التي كانت عبئا عليه، ومنحه خطوط ائتمانية مجددا تمكنه من معالجة تحدياته الاقتصادية والخدمية.
هل تخشى منه أم عليه؟ويجادل باحثون أن قرار الحياد والنأي بالنفس الذي اتبعه النظام السوري ورئيسه إزاء ما جرى في المنطقة خلال العام الماضي، كان مدفوعا باعتبارات تتعلق به وبحلفائه.
ويشير آخرون إلى "عقبات" وخشية ارتبطت على نحو كبير بالعواقب التي قد تسفر عنها أي عملية انخراط، ولو على مستوى اتخاذ مواقف متشددة.
وكانت إيران نجحت في دمج مستشاريها الاستخباراتيين والعسكريين بشكل واسع في الأجهزة الأمنية السورية على مدى عقود، ومن المرجح أن يستمر هذا الحضور طالما ظل النظام الحالي يحكم في طهران، كما يوضح كبير الخبراء الأميركيين في "المجلس الأطلسي"، ريتش أوتزن.
ويقول أوتزن، لموقع "الحرة"، إن "الأسد يعتمد على الإيرانيين وحزب الله للبقاء في السلطة، بينما تحتاج إيران إلى سوريا كوكيل وقاعدة لإسقاط قوتها. كما يقول مثل أمريكي قديم: (إما أن يتكاتفوا معا أو سيُعلقون (يشنقون) منفصلين)".
ولا تملك دمشق خيارات جيدة حقا بينما تنفذ إسرائيل ضربات ضد الأهداف المرتبطة بإيران على أراضيها.
و"سيكون من الحكمة تجنب استخدام أي أصول عسكرية سورية لشن هجمات انتقامية ضد إسرائيل في جميع الأحوال"، بحسب كبير الخبراء الأميركيين في "المجلس الأطلسي".
وبناء على ما شهده العام الأخير لم يكن الأسد ونظامه في سوريا محور اهتمام لدى إسرائيل وإيران فحسب، بل انسحب ذلك أيضا إلى حليفتها الأساسية روسيا وإلى الجانب التركي.
لأكثر من مرة وجهت تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان دعوات للأسد من أجل اللقاء، ولم يتفاعل الأخير بإيجابية حتى الآن.
وفيما يتعلق بإيران، يشير الأكاديمي السوري، خالد خليل، إلى أنها كانت تتعامل معه في السابق "كتابع" ولم تكن بحاجة لإجراء زيارات رسمية رفيعة المستوى.
لكن الواقع تغيّر الآن، مما يدل على أن المنطقة أصبحت أمام معادلات ومشهد جديد يختلف كثيرا عن السابق، بحسب خليل، مشيرا إلى أن الزيارتين الأخيرتين كانتا من جانب تياري الحكم في طهران (الجناح الإصلاحي بقيادة الحكومة والحرس الثوري ونظام المرشد الذي أوفد لاريجاني للأسد)".