أثارت زيارة غير اعتيادية لرئيس أركان الجيش المصري إلى الحدود المصرية مع قطاع غزة، الجدل والتساؤلات حول دلالات توقيتها المتزامن مع توتر دبلوماسي مصري مع الاحتلال، بشأن محور "فيلادلفيا".

وقام الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الخميس، بزيارة مفاجئة لتفقد الأوضاع الأمنية وإجراءات تأمين الحدود، على معبر رفح البري والمرور على القوات المكلفة بتأمينه، والحديث مع الجنود وتناول الطعام بينهم، وذلك قبل استعراض مصور لعدد وحجم ونوعية القوات والمدرعات المصرية بالمنطقة الحدودية.




الزيارة التي وصفها محللون إسرائيليون، بـ"المفاجئة"، و"غير العادية لحدود غزة والقاهرة الغاضبة"، جرت بحضور قائد قوات حرس الحدود، ونائب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، وقائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب، والقائم بأعمال رئيس هيئة الإستخبارات العسكرية، وقائد الجيش الثاني الميداني، وقادة القوات الخاصة، وعدد من قادة القوات المسلحة.

رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الذي يزور المحور الحدودي الاستراتيجي لأول مرة منذ توليه المنصب في 3 تموز/ يوليو الماضي، خلفا للفريق أسامة عسكر، أكد لجنوده أن "المهمة الرئيسية للقوات هي الحفاظ على حدود الدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية".

خليفة، خلال تفقده منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية الموازي لمحور "فيلادليفيا" الذي توغل فيه الاحتلال، في قطاع غزة منذ أيار/ مايو الماضي، أضاف أن "رجال القوات المسلحة المصرية قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلا بعد جيل".



"الرسالة غير العادية"

ردود فعل الإعلام العبري على زيارة خليفة وتصريحاته من أمام معبر رفح البري، وظهور عدد كبير من المدرعات والقوات من أسلحة الصاعقة والمظلات وحرس الحدود والحرب الإلكترونية وغيرها، جاءت سريعة وتحمل في طياتها بعض المخاوف.

"معاريف" العبرية، خرجت بعنوان يعود بالإسرائيليين إلى أجواء الحرب المصرية الإسرائيلية أعوام (1948، و1956، و1967 و1973)، حيث كتبت قائلة: "الدبابات على الأسوار مرة أخرى: الرسالة غير العادية لرئيس الأركان المصري على حدود غزة".

واعتبرت الصحيفة زيارة خليفة "بمثابة استعراض للقوة ومحاولة للتأكيد على سيطرة مصر على المنطقة، في الوقت نفسه"، مشيرة لتزامن استعراض القوة المصرية في المنطقة، مع ما وصفته بـ"التصريحات القاسية ضد إسرائيل ونتنياهو في الأيام الأخيرة".



ولفتت "معاريف" لاحتجاج مصر الرسمي على استخدام نتنياهو لخريطة تظهر محور فيلادلفيا كمنطقة عسكرية، في مؤتمر صحفي عقده، الأسبوع الماضي، مؤكدة أن "هذه القضية محل توتر دبلوماسي بين البلدين".

وبنفس الطريقة، وصف موقع " ynet" العبري، زيارة خليفة لمعبر رفح، بأنها "نوع من استعراض آخر لسيطرة مصر على الأرض، إلى جانب التصريحات القاسية ضد إسرائيل ونتنياهو في الأيام الأخيرة".

وأشار إلى حجم غضب القاهرة من تصريحات نتنياهو، مشيرا إلى قول صحيفة "الأخبار" اللبنانية التابعة لحزب الله، الخميس، إن "التصريحات المصرية ضد نتنياهو التي نشرت الأربعاء، هي الأخطر حتى الآن، وتأتي مع تصعيد دبلوماسي تدريجي، بتنسيق من المخابرات المصرية والقوات المسلحة، ووزارة الخارجية المصرية".

وقال الموقع الإسرائيلي إن "مصر تعارض بشدة التواجد الإسرائيلي على محور فيلادلفيا أو معبر رفح، بدعوى أن ذلك يشكل انتهاكا لاتفاق السلام 1979".

وأكدت "هيئة البث" الإسرائيلية أن زيارة رئيس الأركان المصري لحدود قطاع غزة، تمثل استمرارا للرسائل القاسية القادمة من القاهرة.

"أجواء الزيارة"

وخلال الأيام الماضية، تفجر خلاف علني بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، وبين حكومة القاهرة، على خلفية إصرار نتنياهو على عدم مغادرة جيش الاحتلال لمحور "فيلالفيا" (صلاح الدين)، والادعاء بأنه يتم تهريب الأسلحة من مصر إلى المقاومة الفلسطينية عبر الممر الذي يبلغ طوله 9 أميال (14 كيلومترا) وبعرض 100 متر.

والثلاثاء الماضي، قال نتنياهو: "سندفع ثمنا باهظا إذا خرجنا من محور فيلادلفيا، والمجتمع الدولي لن يسمح لنا بالعودة لمحور فيلادلفيا إذا خرجنا منه"، زاعما وجود عشرات الأنفاق تحت المحور، ومدعيا أن الخط الحدودي بين مصر وفلسطين يستخدم لتهريب الأسلحة إلى حماس، رغم نفي القاهرة لذلك.

وأغضبت التصريحات القاهرة، التي اعتبرت تلك التصريحات محاولة لـ"الإضرار بسمعة مصر"، التي طالما صرحت بأنها "عملت جاهدة على تدمير الأنفاق على الحدود مع قطاع غزة".

وجاء الرد المصري عبر مصدر رفيع المستوى، مساء الأربعاء، قائلا لفضائية "القاهرة الإخبارية"، إن نتنياهو يروج الأكاذيب للتغطية على فشله في غزة، مؤكدا أن الحكومة الإسرائيلية فقدت مصداقيتها داخليا وخارجيا، ولا تزال مستمرة في ترويج أكاذيبها للتغطية على فشلها.

وأوضح المصدر أن نتنياهو يمهد من خلال ادعاءاته بتهريب السلاح من مصر لإعلان فشله الأمني والسياسي خلال السنوات الأخيرة، وعدم العثور على الرهائن وعدم تحقيق أي انتصار عسكري بغزة أو بالضفة.



تصريحات نتنياهو، بشأن تمسكه بمحور فيلادلفيا واتهاماته لمصر التي زادت من حدة التوتر بين نظامين عرف عنهما التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي والتجاري طوال فترة حكم رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، (2014- 2030)، دفعت دولا مثل تركيا وقطر والسعودية والإمارات لإعلان تضامنها مع القاهرة ورفضها ادعاءات نتنياهو.

وبرغم نفي مصر وجود أي نقل غير مشروع للأسلحة عبر حدودها مع غزة، يواصل مسؤولوها الترويج لهذا السيناريو، إذ اتهم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، في حوار مع "بلومبيرغ"، القاهرة بالفشل في منع تهريب الأسلحة عبر الحدود إلى مقاتلي حماس في غزة بعد خروج الاحتلال من الأراضي الفلسطينية في عام 2005.

وقبل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة في 12 أيلول/ سبتمبر 2005، وقعت تل أبيب مع القاهرة في 28 آب/ أغسطس 2005، اتفاقية تقضي بنشر 750 جنديا مصريا من حرس الحدود مزودين بأسلحة ثقيلة ومعدات عسكرية بالجانب المصري من الحدود مع غزة، لتحتل إسرائيل بعد 19 عاما الجانب الشرقي من الحدود بالمخالفة للاتفاقية.

ورغم الاعتراض المصري والتضامن العربي مع القاهرة، إلا أن الاحتلال يواصل تدعيم وجوده في المحور الاستراتيجي الممتد على طول الحدود بين مصر وغزة، حيث أقر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، بقاء جيش الاحتلال في المحور.

بل إن الجيش الإسرائيلي قام برصف طريق جديد بالأسفلت على طول محور فيلادلفيا خلال الأسبوعين الماضيين، وفق تحليل لصور الأقمار الصناعية قام به فريق "بي بي سي" لتقصي الحقائق.

وبالتوازي، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي وضع العراقيل أمام صفقة وقف إطلاق النار في غزة التي ترعاها مصر وقطر، ووقف حرب الإبادة الدموية التي يرتكبها منذ 11 شهرا بحق 2.3 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر.

"إسرائيل والسيسي وتركيا"

ويأتي التوتر السياسي المصري الإسرائيلي، في الوقت الذي زار فيه السيسي، لأول مرة العاصمة التركية أنقرة والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان، الأربعاء الماضي، منهيا سنوات من الخلاف مع أنقرة، وفي زيارة أقلقت كثيرا الجانب الإسرائيلي.

وهو ما عبر عنه المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون المصرية، تسفي بارئيل، بقوله إن "خوف مصر من احتلال غزة يقربها من تركيا"، مؤكدا أن هذا لا يصب في صالح إسرائيل، مشيرا إلى أن "القاهرة سئمت من اتهامات إسرائيل لها بأنها لم تمنع دخول الأسلحة والذخائر والمتفجرات عبر معبر رفح ومحور فيلادلفيا".

وخلال مقال له في صحيفة "هآرتس"، كتب برائيل، أن "القاهرة لا تتقبل الاتهامات التي توجهها لها إسرائيل، وتعمل على تطوير قنوات سياسية جديدة لتمركزها في المنطقة، على رأسها التقارب مع تركيا لمواجهة السياسات الإسرائيلية الأخيرة".

"تحرك غير كاف"

وفي تقديره لأهمية ودلالات الزيارة في هذا التوقيت للمحور محل السجال المصري الإسرائيلي مؤخرا، قال الباحث المصري في الشؤون العسكرية محمود جمال، إن "زيارة الفريق أحمد فتحي خليفة خلال الظرف الراهن لتفقد الإجراءات الأمنية وتأمين الحدود في سيناء لمعبر رفح ربما تأتي كرد مصري على تعنت الاحتلال".

جمال، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، "وتحديدا على رئيس وزراء الاحتلال وتمسكه بالبقاء في محور صلاح الدين (فيلادليفيا) وكذلك السيطرة على معبر رفح".

وأكد أن "الجانب المصري يبدو أنه يرفض استمرار قوات الاحتلال بالبقاء في محور صلاح الدين، ويرفض سيطرة الاحتلال على معبر رفح في الوقت الحالي، ولكن هذا الرفض الذي يعلنه (المصدر الرسمي الرفيع المستوى) لن يوقف خطط الاحتلال فقط زيارة لرئيس الأركان لسيناء ومعبر رفح؛ ولكن يجب أن يكون هناك خطوات جادة لكي يتوقف الاحتلال عن مخططاته في المنطقة".

وأشار إلى أن "محور صلاح الدين (فيلادلفيا) يمتد على الحدود بين مصر وغزة بطول (14 كم)، من البحر المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، وبموجب معاهدة (كامب ديفيد) 1978، وتأكد في (اتفاقية المعابر) 2005 واتفاق فيلادلفيا، يعتبر منطقة عازلة، ويقع بالكامل ضمن المنطقة (د)، وهي مناطق يُحظر على العدو أي تحرك عسكري فيها إلا بموافقة الجانب المصري".

وفي تعليقه على رد فعل الإعلام العبري وخاصة وصف "معاريف" التحرك المصري بأنه "رسالة غير عادية"، وقولها: "الدبابات على الأسوار مرة أخرى"، تساءل جمال: "أجواء الحرب من أعادها للمنطقة؟"، مجيبا بقوله: "هم الصهاينة".

وأشار إلى "حربهم على قطاع غزة، والتجاوز وعدم الالتزام بما نصت عليه إتفاقية (كامب ديفيد) 1978، والبروتوكولات الأمنية التي انبثقت عنها".

وأضاف: "منذ بدء الإحتلال من أشهر بتنفيذ عملياته في رفح، وسيطرته على المعبر، وسيطرته على محور صلاح الدين (فيلادليفيا)، أنهى (كامب ديفيد) وما ترتب عليها".

ويرى الباحث العسكري، أنه "كان على الجانب المصري الرد الحاسم من وقتها"، مؤكدا أن "تأخر الرد المصري الرادع والحاسم لكي يتوقف الصهاينة عن تجاوزهم غير مبرر، ولذلك فهم البعض أن عدم الرد المصري جاء نتيجة تفاهمات تمت بين مصر والاحتلال".

"جدية ضبط الحدود"

وفي قراءته لدلالات زيارة رئيس أركان الجيش المصري لمعبر رفح في توقيت يتصاعد فيه التوتر في علاقات القاهرة وتل أبيب، يرى الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، أن "الزيارة تسعى لإثبات جدية النظام المصري في ضبط الحدود مع غزة ومنع تهريب أي عتاد".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن ذلك السعي، يأتي "في ظل اتهامات نتنياهو لمصر بالتغاضي عن تهريب أسلحة لحماس".

وفي تقديره لمدى تأثير زيارة رئيس أركان الجيش المصري لمعبر رفح على ملف الحرب في غزة، يعتقد مولانا، أن "الزيارة لا تعكس أي ضغوط مصرية على إسرائيل".

وعلى الجانب الآخر، قال المجلس الثوري المصري: "ظن الأبرياء من شعب مصر أن زيارة رئيس الأركان لمعبر رفح كانت لإثبات قدرة جيش مصر على الدفاع عن الحدود واستعراض للقوة، بينما هو استعراض لدقة وكثافة وتوسع إجراءات تأمين وحماية إسرائيل من أي تهديد، يثبتون أنهم يقومون بدورهم الوظيفي على أكمل وجه حتى لا تقطع ماما أمريكا عنهم المعونة".

ظن الأبرياء من شعب مصر أن زيارة رئيس الأركان لمعبر #رفح كانت لإثبات قدرة جيش مصر على الدفاع عن الحدود واستعراض للقوة، بينما هو استعراض لدقة وكثافة وتوسع إجراءات تأمين وحماية إسرائيل من اي تهديد، يثبتون أنهم يقومون بدورهم الوظيفي على أكمل وجه حتى لا تقطع ماما أمريكا عنهم المعونة!! http://pic.twitter.com/kwsXMikEh5 — المجلس الثوري المصري (@erc_egy) September 6, 2024
وبدا الكاتب الصحفي ياسر أبوالمكارم، ساخرا من موقف السيسي، إزاء تصريحات نتنياهو، بالبقاء في محور فيلادلفيا باعتباره ممرا استراتيجيا، ووصف موقف رئيس النظام بـ"المتأزم الذي وضعه فيه الحليف الإسرائيلي"، معربا عن مخاوفه من ضياع محور فيلادلفيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية المصري الاحتلال محور فيلادلفيا الجيش المصري مصر الجيش المصري الاحتلال محور فيلادلفيا المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محور صلاح الدین القوات المسلحة محور فیلادلفیا الجانب المصری رئیس الأرکان زیارة رئیس رئیس أرکان لمعبر رفح معبر رفح قطاع غزة بین مصر مصر على فی غزة

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا مثالا.. الطائرات المسيرة تطغى على قوة الدبابات

تستخدم القوات الأوكرانية دبابات غربية لصد التوغل الروسي على أراضيها وحتى التدخل في أراضي الدولة المعتدية "لكن بحذر"، وفقا لما ذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

سبب الحذر، وفق التقرير ذاته، هو التخوف من قدرة الطائرات من دون طيار على استكشاف مواقع الدبابات وقصفها، مما يؤدي إلى نسف الجهود الدفاعية لأوكرانيا بكبسة زر.

وكشف سير المعارك في أوكرانيا كيف أن الطائرات المسيّرة ذات التكلفة الأدنى بكثير من الدبابات يمكنها أن تصنع الفرق، وهو ما جعل الجيوش تعيد النظر في كيفية تصنيع ونشر هذه المركبات القوية.

تقوم الجيوش، وفق الصحيفة، بإضافة تقنيات إلى الدبابات لاكتشاف الطائرات بدون طيار والحماية من تهديداتها، كما تستكشف تغييرات في التصميم لجعل المركبات الثقيلة المدرعة أكثر مناورة.

في هذا السياق، قال الجنرال جيمس رايني، الذي يرأس قيادة مستقبل الجيش الأميركي، في حديث للصحيفة: "على المدى القريب، نحتاج بشدة إلى إجراء بعض التعديلات للحفاظ على بقاء تشكيلاتنا المدرعة".

خسائر كبيرة

تعتبر إعادة التفكير هذه علامة على دور الطائرات بدون طيار في إعادة تشكيل الحروب. 

وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، ساعدت الدبابات القوات الأوكرانية في اجتياز منطقة كورسك الروسية، وهي منطقة شهدت معركة محورية في الحرب العالمية الثانية عام 1943.

"كما لو كانت صاعقة من السماء".. هجوم كورسك يخلط أوراق بوتين سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك الروسية، موضحة أنه يشكل نقطة تحول في الحرب، لاسيما أن التأثير الأكبر يتمثل في تدمير رواية الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن النصر المؤكد.

ومن بين 31 دبابة أبرامز أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، دُمرت ست منها، وفقا لمنظمة "أوريكس" (Oryx)، وهي عبارة عن فريق مستقل من المحللين يتتبع خسائر الحرب. تُستخدم الدبابات المتبقية الآن بحذر، حيث أن تكلفتها التي بلغت 10 ملايين دولار لكل منها تجعل من الصعب استبدالها.

يذكر أنه لم تُستخدم دبابات الأبرامز بعد في منطقة كورسك.

ومن بين الدبابات الغربية الأخرى التي أُرسلت إلى أوكرانيا، دُمرت أو تضررت 12 من أصل 18 دبابة ألمانية من الطراز الأحدث، وفقا لـ"أوريكس". كما تكبدت روسيا أيضا خسائر كبيرة في الدبابات، وفقًا لمحللين.

???????? tank destroyed by ???????? 32rd Brigade FPV drone pic.twitter.com/eK7SfFlNrN

— C4H10FO2P ☠️ (@markito0171) October 23, 2023

 ونقلت الصحيفة عن سائق أوكراني لإحدى دبابات أبرامز، الذي يحمل لقب "سميليك"، قوله: "بمجرد أن تبدأ في السير على الطريق، ترى الطائرة بدون طيار ثم تُضرَب من كل جهة: بالمدفعية، الألغام، الصواريخ المضادة للدبابات، الطائرات بدون طيار، والقنابل الجوية الموجَّهة".

إعادة تشكيل الحروب

في بداية الحرب، كان القادة الأوكرانيون يخفون دباباتهم والمركبات المدرعة الأخرى عن طريق حفر الخنادق وتظليلها. ثم يخرج الجنود لإطلاق النار على العدو عندما يأتي في نطاق الرماية.

في الصدد، قال لوبيومير ستاخيف، وهو رقيب صغير في لواء أوكراني: "الآن تتم مراقبة كل شيء، لذا لا يمكنك حتى الحفر للاختباء".

وكانت مهارة قائد الدبابة تُحدد سابقا بقدرته على القتال ضد الدبابات وحماية المشاة، لكن الآن الأمر يتعلق بالقدرة على إطلاق النار بشكل سري والانسحاب بسرعة، حسبما قال أنطون هافريش، من إحدى شركات صناعة الدبابات، للصحيفة.

يشار إلى أن  أوكرانيا تقوم بتعديل دباباتها للحماية من الطائرات بدون طيار، إذ غالبا ما يبني الطاقم أقفاصا معدنية حول برج الدبابة، وبعضها يرتفع كالحصون الصغيرة.

وتعتبر الدبابات أكثر عرضة للطائرات بدون طيار من المركبات المدرعة الأخرى بسبب حجمها الكبير وارتفاعها، كما يكون سطحها مدرعا بشكل رقيق. كما أن مدفع الدبابة ليس مناسبا لإسقاط الطائرات بدون طيار، وعادةً ما تحمل المركبات فقط من 30 إلى 40 قذيفة.

في المقابل، تمثل الطائرات بدون طيار تهديدا جديدا وأرخص من "أعداء الدبابات" التقليديين مثل الطائرات أو الصواريخ المضادة للدبابات.

قال أحد الخبراء: "هذا يعني أنها تمثل تهديدا كبيرا للدبابة".

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

الطائرت المسيرة.. والحاجة إلى تخفيف وزن الدبابات

زاد ظهور الطائرات بدون طيار من التركيز على الحاجة إلى الحركة المستمرة، وفقا لقائد اللواء المدرع في فنلندا، العقيد جوهانا سكايتا، الذي قال: "لا يمكنك حتى أن تترك الدبابات في المنطقة المفتوحة لحظة واحدة. كلما توقفت الحركة، يجب أن تكون تحت الأشجار، ويجب أن تجد غطاءً".

لذلك، تحاول الولايات المتحدة إيجاد معادن أخف لدباباتها بينما تسعى إلى رفع قدراتها في مناورة.

وتحتوي دبابة الأبرامز على خزان وقود سعة 500 غالون وتحتاج إلى عدة غالونات فقط لتبدأ، مما يجعلها وحشا في ترسانة الولايات المتحدة.

وتجري أيضا جهود لجعل الدبابات أصعب في الكشف عنها، من خلال تغيير طريقة طلائها لتقليل توقيعها الإلكتروني (درجة اكتشافها)، وفقا لدوغلاس بوش، مساعد وزير الجيش الأميركي للمشتريات واللوجستيات والتكنولوجيا.

إلى ذلك، تقول شركة ساب السويدية إنها تشهد الكثير من الاهتمام بشبكة التمويه التي تنتجها والتي تَُلَفُّ حول جميع أجزاء الدبابة، ما يجعلها أصعب في الرؤية ويخفي جزئيا الحرارة المنبعثة من المركبات.

تدابير مضادة

تضيف الولايات المتحدة وحلفاؤها أيضا تدابير مضادة جديدة للعديد من دباباتهم.

في هذا السياق، وبعد فترة وجيزة من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وافقت بولندا على شراء مئات الدبابات من طراز "K2" من كوريا الجنوبية.

وخلال مفاوضاتها مع الشركة المصنعة "هيونداي روتم" للحصول على دفعة أخرى بعد بضعة أشهر، أضافت متطلبات جديدة، بما في ذلك تجهيز الدبابات بأجهزة تشويش ضد الطائرات بدون طيار.

وأصبحت هذه الأنظمة الإلكترونية، التي تعطل إشارات الطائرات بدون طيار وتحد من فعاليتها، جزءا أساسيا من تجهيزات الدبابات الحديثة.

A small Ukrainian FPV drone did a lot of damage after flying into a Russian tank.
Mariinsky direction. pic.twitter.com/1tTFgWSWcj

— TOGA △ (@TOGAjano21) June 8, 2024

وقال أحد الجنود الأوكرانيين، وهو يعمل في دبابة أبرامز مزودة بتقنية التشويش: "بدونها، لا يمكننا النجاح".

يذكر أن تدمير أعداد كبيرة من الدبابات في الحروب ليس بالأمر الجديد؛ فخلال الحرب العالمية الثانية، تم تدمير كميات هائلة منها، وكذلك في حرب أكتوبر بين دول عربية وإسرائيل، في عام 1973.

وبعض كبار ضباط الجيش الأميركي يرون أن الجيش قد استثمر بشكل كبير في الدبابات، لذلك، قبل أربع سنوات، تخلت قوات مشاة البحرية الأميركية عن دباباتها كجزء من عملية إعادة هيكلة تهدف لجعلها أكثر مرونة. كما خفضت دول أخرى مثل النرويج أعداد دباباتها، مفضلةً الاستثمار في أنظمة الدفاع الصاروخي.

وعلى الرغم من نقاط الضعف التي تواجهها الدبابات، لا تزال الجيوش تعتبرها جزءا حيويا من العمليات القتالية في النزاعات الحالية.

مقالات مشابهة

  • مدبولي يصل الرياض لبدء زيارة تبحث ملفات تعزيز التعاون المشترك والقضايا الإقليمية
  • رئيس الوزراء يصل الرياض لبدء زيارة لبحث ملفات تعزيز التعاون المشترك والقضايا الإقليمية
  • رسالة صادمة من رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي لأهالي المحتجزين في غزة
  • إعلام إسرائيلي: رئيس أركان الجيش قال لعائلات جنود محتجزين إن إعادتهم ستكون صعبة
  • خلال زيارة مفاجئة لمحطة غرب القاهرة.. وزير الكهرباء: خطة عاجلة لتحسين جودة التغذية
  • "القاهرة الإخبارية" تعرض لقطات حية من الحدود اللبنانية الإسرائيلية (شاهد)
  • «القاهرة الإخبارية»: تصعيد إسرائيلي كبير على طول الحدود الجنوبية اللبنانية
  • الاحتلال يشتري مقطورات دبابات ومعدات ثقيلة أمريكية بـ164 مليون دولار
  • أوكرانيا مثالا.. الطائرات المسيرة تطغى على قوة الدبابات
  • القاهرة الإخبارية: صفارات الإنذار تدوى فى معظم مستوطنات الاحتلال الشمالية