عماني يحوّل البيوت القديمة إلى نزل تراثية ببهلا
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
أخذ الشاب العماني عبدالله بن ناصر العثماني من أبناء ولاية بهلا على عاتقه استثمار بيوت الطين المهجورة والقديمة في الحارات الأثرية المجاورة لقلعة بهلا وهي حارات الغزيلي والعقر والحوية وتحويلها إلى نزل تراثية، في مشروع أطلق عليه مسمى (كمكان) مستثمرًا أفكاره وخبرته في هذا المجال ومستعينا بخبرات من سبقه في أعمال الترميم وإقامة النزل التراثية في ولايات نزوى والحمراء، ليقدم نزلا وفق أعلى المواصفات وبصبغة تراثية نظرا لما يحمله الموقع من مكانة عالمية فهو يقع ضمن حدود واحة بهلا وقلعتها الشامخة والمدرجة ضمن قائمة التراث العالمي.
"عمان" زارت هذا النزل التراثي والتقت مع صاحب الفكرة والمنفذ للمشروع الشاب عبدالله بن ناصر العثماني والذي قال: إن فكرة المشروع تولدت لديه بعد قيامه بزيارة عدد من النزل التراثية بمنطقة مسفاة العبريين بولاية الحمراء وكان يتابع بصورة متواصلة أعمال الترميم في تلك النزل كما تابع أعمال الترميم في مواقع مشابهة بولاية نزوى وما لاحظه أن مثل هذه الأعمال في الترميم وإقامة النزل السياحية تنشط الحركة السياحية في المواقع والولايات التي يتم التنفيذ فيها وتعد محطة مهمة للسياح من داخل وخارج سلطنة عمان. وأضاف العثماني: لقد عدت وكلي شغف محملا بالأفكار والطموح لنقل هذه التجربة إلى ولاية بهلا الغنية عن التعريف بتراثها وحضارتها القديمة الموغلة في القدم وقلعتها الشهيرة المدرجة ضمن قائمة التراث العماني، وتبادر لي أول ما تبادر المنطقة التراثية القديمة المجاورة لقلعة بهلا والتي تقع ضمن واحة بهلا في حاراتها العقر والحوية والغزيلي، وشجعني كذلك ما نالته حارة العقر بولاية نزوى من اهتمام سياحي وحارة العقر ببهلا لا تقل أهمية عن جارتها في نزوى فقمت بالبحث في هذا الموقع بولاية بهلا عن بيوت أثرية قديمة بالإمكان استغلالها واستثمارها لمثل هذه المشروعات.
وأشار العثماني بقوله إن الخطوات الأولى في المشروع بدأت قبل 3 سنوات، حيث بدأنا بتنظيف الموقع وإزالة المتهدم والمندثر من المبنى، ووضع الحلول لمعالجة الجدران والأسقف المتأثرة والمندثرة، وبدأت خطوات عمل التصاريح اللازمة ولم تكن فيها صعوبات أو عقبات وإنما نعتبرها تحديات باعتباره المشروع الأول في الولاية من هذا النوع وكانت الأمور غير واضحة لدى بعض الجهات المعنية والحمدلله اجتزنا مرحلة إعطاء التصاريح للترميم، ومن ثم بدأت مرحلة الترميم الفعلية، وفي كل خطوة نحن نتعلم ونستفيد والأفكار تأتي، ونحن نعمل في الترميم نستفيد من تجارب الآخرين محليا ودوليا حيث كانت لنا زيارات لداخل وخارج سلطنة عمان، وبدأ عمق الترميم وصيانة الجدران والأسقف وتقويتها وخاصة التي تعرضت للأمطار وعوامل الطقس والإهمال على فترات زمنية طويلة، وليكون المشروع مكتملا ووفق المواصفات التي نسعى لتحقيقها ولتكون للمشروع ديمومة وضعنا كافة الأمور مستفيدين من التجارب السابقة ومعالجة ما واجهه غيرنا من تحديات وتخطي المشكلات التي عانى منها من سبقنا بسبب تطوير المنطقة وقلة الخدمات، وأضاف: إن أهم ما واجهنا من تحديات في الترميم تمثل في قلة الموارد المالية، وكذلك ندرة المواد المطلوبة في الترميم مثل الأخشاب وأنواع الطين وأنواع الحجر، وقد تقدمنا بطلب الدعم الحكومي ولم نوفق فيه ولم يحالفنا الحظ إلا أننا لم نتوقف وزاد حماسنا لتحقيق الطموح ولكونه المشروع الأول في الولاية أردناه أن يكون مميزا ومكتملا من خدمات عامة وخاصة.
كما أشار عبدالله العثماني إلى أن مسمى المشروع (كمكان) جاء من خلال البحث والتحري حيث وجد في أحد المؤرخات القديمة بالولاية هذا الاسم على أحد المساجد بالولاية وأردنا أن نطلقه على مشروعنا بأن نعيد ونحيي هذا المكان كما كان في السابق بعد أن اندثر، وبعودة الناس إليه وتنشيط الحركة فيه بعد ترميمه وإضفاء اللمسات عليه والتسويق له سيعود المكان (كما كان) لذا جاء اختيارنا لهذا الاسم (كمكان) أي مثل ما كان.
وأكد عبدالله العثماني أن مشروع (كمكان) يتضمن جانبين أحدهم يحوي مقهى مختصا بالقهوة ومطعما عمانيا وإيطاليا وفيه جلسات داخلية وخارجية وبإطلالات على قلعة بهلا، كذلك النزل والذي يتكون من 9 غرف نوم مع استقبال ومدخل خاص للنزل التراثي بكامل خصوصيته لكل غرفة دورة مياه خاصة بها تشطيبات فندقية بأجمل وأدق التفاصيل التي ركزنا فيها، وكان الترميم فريدا من نوعه حيث إننا استخدمنا الطين بالطريقة القديمة، فقط تمت إضافة بعض المواد للتقوية ليستديم في المكان دون أن يتأثر بالأمطار والعوامل المناخية، والحمدلله نجحنا في الخلطة بعد تجارب عديدة وهي ما ميز المشروع حيث ظهر الترميم بشكل رائع ومميز من بين الترميمات للغرف، ويضم الموقع كذلك مقهى ومطعما متخصصا في الأكلات الشعبية العمانية والخليجية والأوروبية حيث المطبخ الإيطالي.
ويضيف: أردنا أن يكون مشروع (كمكان) ليس مشروعا عاديا بل رغبتنا أن نتميز عن غيرنا وبأن نضيف عليه التراث القديم الممزوج بالحداثة كيف لا وموقع المشروع ليس كغيره فهو يقع في منطقة أثرية قديمة بواحة بهلا وتم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي ويمتلك المكان الكثير من المقومات التراثية والسياحية التي تميزها عن الولايات الأخرى، ومن الإضافات الجميلة في المشروع أنه يتميز بقطع نادرة في كل المداخل زينت بخشب الساج والذي تم جلبه من سفينة هندية عمرها ما يقارب 200 سنة كانت تبحر في التجارة من الهند إلىى عمان وفي أحد الأعاصير التي مرت بها سلطنة عمان غرقت هذه السفينة وتم انتشالها واستخراجها من البحر كاملة واستفدنا من أخشابها الفريدة من نوعها وجعلناها في المداخل وعدد من الأماكن بالمشروع، كما أن في الموقع قطعا خشبية أثرية داخل المبنى عمرها أكثر من 200 سنة تم استخراجها من نفس المبنى وتم إضافة بعض اللمسات التجميلية عليها وعمل الإنارة، والحمدلله جميع اللمسات والفنيات بالموقع هي بأيد عمانية وما تم بالموقع جاء بجهود ذاتية ولمسات فنية من أبناء هذه الولاية بأجمل وأدق التفاصيل الفنية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الترمیم
إقرأ أيضاً:
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
بعد آلاف السنين من انهيارها، عادت مدينة إسبرطة اليونانية القديمة إلى عناوين الأخبار، كنموذج صالح للمقارنة مع إسرائيل 2024، من حيث هي مثال يحتذى أو يُخشى، بما تجسده من عسكرة وتمجيد للدم والتراب مهما كلف الثمن، وكذلك بتعريفها للتماسك الوطني والسلطة بأنها معاداة للإنسانية لا تتحقق إلا بحرب لا نهاية لها.
بهذه المقدمة انطلق رئيس قسم الأدب المقارن في الجامعة العبرية في القدس البروفيسور يوآف رينون في مقارنة بين إسرائيل واليونان القديمة، معتبرا أن مثال إسبرطة بما تجسده من نزعة عسكرية جامحة لا ينطبق تماما على إسرائيل، بل إن المثال الأقرب إليها هو أثينا بنزعتها الإمبراطورية التي أعلنت عنها صراحة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المفوض العام للأونروا: وقف عمل الوكالة في فلسطين يعني الكارثةlist 2 of 2صحف عالمية: مرضى غزة يواجهون خطر الموت ونتنياهو لا يريد إنهاء الحربend of listومن السمات البارزة لأثينا في أثناء فترة الحرب أزمة الزعامة، حيث كان الزعيم الأثيني بريكليس يعمل على أساس رؤية سياسية محددة، ويميز بين مصلحته الشخصية ومصلحة الدولة، إلى أن اغتصب مكانته الديماغوجيون الذين حولوا رؤيتهم الخاصة لنجاحهم الشخصي إلى سياسة عامة، وإن لم يعلنوا "أنا الدولة"، لأن دولتهم كانت تقوم على الديمقراطية، ولكنهم تصرفوا على ضوء هذا المبدأ التوجيهي، وفقا للكاتب.
كاريزما نرجسية جوفاء
وكان ألكيبياديس من أبرز الديماغوجيين وهو، حسب مقال البروفسور بهآرتس، يشترك في عديد من السمات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإن كان ثمة فارق كبير بين الرجلين، إذ كان ألكيبياديس واحدا من أكثر القادة والعسكريين موهبة في عصره، وهو ما لا يمكن أن يقال عن نتنياهو الذي عمل سنوات على رعاية حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما أدى إلى رعب السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
إعلانورغم أن نتنياهو يتمتع بالكاريزما مثل ألكيبياديس، فإن جاذبيته لا تستند إلى أي محتوى جوهري خلافا للأثيني، بل هي كاريزما نرجسية جوفاء، لا يوجد خلفها سوى فراغ -كما يقول الكاتب- فلا إيمان بالسلام ولا أمن ولا اقتصاد ولا شيء، بل كل ما هو موجود هو نتنياهو نفسه، وقد وُصِف بأنه "ساحر"، وهو كذلك بالفعل، ولكنه يذكرنا بـ"ساحر أوز" الزائف الذي نجح في تسويق نفسه على أنه ساحر، ولكن هذا الرجل يشبه عناوين الصحف الشعبية التي لا شيء وراءها.
وكان ألكيبياديس هو الذي دفع أثينا، في خضم الحرب مع إسبرطة، إلى فتح جبهة إضافية خارج اليونان في صقلية، وكانت النتيجة تشكيل اتحاد غير عادي بين دول المدن في صقلية وإسبرطة، وانتهت الحملة بهزيمة أثينا في الحرب وخسارة الإمبراطورية التي كانت تمتلكها ذات يوم.
وبعد أن كانت أثينا تعتبر المحرر لكل اليونان من التهديد الفارسي، أصبح ينظر إليها بسبب بحروبها الداخلية باعتبارها وكيلا للطغيان يهدف إلى إخضاع اليونان كلها، وبدأت إسبرطة تدريجيا في تولي دور ممثل الحرية، كمحرر مستقبلي لليونان من نير أثينا.
وعلى الرغم من بعض أوجه التشابه بين هذا الوضع وإسرائيل اليوم -كما يقول الكاتب- فهناك أيضا فرق رئيسي، وهو أن القرن الخامس قبل الميلاد كان قرن السفسطائيين، وهم خبراء فن الإقناع، ومن مبادئهم الأساسية "المعقولية"، وكان على المرء، لإقناع الجمعية العامة المسؤولة عن اتخاذ القرارات السياسية، عرض قضيته بحجج عقلانية تستند إلى تقييم واقعي للموقف.
منظر لمعبد البارثينون بأثينا (رويترز) منطق مجنونوعندما أقنع ألكيبياديس الأثينيين بالذهاب إلى الحرب مع صقلية تقدم بحجج عقلانية واستند إلى الحقائق ومسار الأحداث الفعلي، أما إسرائيل اليوم، تحت قيادة نتنياهو، فلا تقودها الحقائق بل الأكاذيب، والمبدأ التوجيهي المركزي الأساسي هو الاعتبارات المسيحانية، وبالتالي غير العقلانية، فالمسيحانية لها عقلانية ومنطق غير عقلاني على الإطلاق، إنه منطق مجنون، حسب الكاتب.
مصير أثينا ومصير اليونان ينبئان بما سيحل بإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقد أدت نهاية الحرب التي مرت منذ قرون إلى نهاية الديمقراطية في أثينا وإلى بداية حكم الطغيان الذي استلزم ذبح عديد من مواطني أثينا الديمقراطيين
لذا، فالتاريخ الأثيني لن ينفعنا هنا -كما يقول الكاتب- بل علينا الرجوع إلى تاريخ القومية اليهودية، إلى فترة الهيكل الثاني والثورة الكبرى ضد الرومان التي أدت إلى تدمير القدس والهيكل وعديد من الوفيات، ثم إلى ثورة بار كوخبا التي أدت بدورها إلى مزيد من الدمار ومزيد من الموت.
إعلانوكما شهد المؤرخ الذي وثق تلك الثورة، فإن عديدا من سكان القدس وصفوها بأنها جنون مطلق، وكانت النهاية مروعة، لأن ذلك هو ما يقود إليه المنطق غير العقلاني الذي من سماته المميزة "الكل أو لا شيء"، وهو أسلوب تفكير قائم على أن نكون أو لا نكون، عندما يكون مبرر الوجود ومبرر عدم الوجود متطابقين، أي إذا لم يكن بوسعي أن أظل موجودا في ظل ظروف مسيحانية، فإن الاحتمال الوحيد والخيار الأخلاقي الوحيد الذي يبقى لي، هو أن أتوقف عن الوجود.
وإذا تكرر التاريخ، كما تنبأ ثوسيديدس، فإن مصير أثينا ومصير اليونان ينبئان بما سيحل بإسرائيل والمنطقة بأسرها، وقد أدت نهاية الحرب التي مرت منذ قرون إلى نهاية الديمقراطية في أثينا، وإلى بداية حكم الطغيان الذي استلزم ذبح عديد من مواطني أثينا الديمقراطيين، ودفع أكبر عدد منهم إلى ارتكاب أعمال إجرامية.