منذ وصوله إلى الكرملين، كانت مهمة سيرجي كيرينكو التأكد من أن الشعب الروسي يرى فقط ما يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يروه، واليوم يقول المدعون الأميركيون إنه يحاول فعل الشيء نفسه للأميركيين.

يشغل كيرينكو حاليا منصب نائب مدير الإدارة الرئاسية، وهو منصب رئيسي في الكرملين، وعمل سابقا رئيسا للوزراء في ظل رئاسة بوريس يلتسين حتى أدت أزمة مالية تاريخية عام 1998 إلى إسقاط حكومته.

عاد اسم كيرينكو للواجهة هذا الأسبوع بعدما كشف السلطات في الولايات المتحدة عن حملة تضليل روسية معروفة باسم "دوبلغانغر" ووصفتها بأنها إحدى أكبر الأنشطة التي تدعمها موسكو للتأثير على انتخابات 2024.

ووفقا لمسؤولي الاستخبارات الأميركية، يدير حملة دوبلغانغر، سيرغي كيرينكو، أحد الشخصيات الرئيسية في إدارة بوتين.

في يوم الأربعاء، أدرجت وزارة العدل الأميركية كيرينكو كمنسق لما يقرب من 30 نطاقا إلكترونيا كانت الحكومة الروسية تستخدمها لنشر معلومات مضللة.

كيرينكو يشغل حاليا منصب نائب مدير الإدارة الرئاسية وهو منصب رئيسي في الكرملين

كانت هذه النطاقات تبدو وكأنها مواقع إخبارية أميركية، لكنها في الواقع مليئة بالدعاية الروسية التي تهدف إلى تقويض الدعم الدولي لأوكرانيا والتلاعب بالناخبين الأميركيين قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، بحسب المسؤولين الأميركيين.

أشرف كيرينكو، النائب الأول للرئيس في إدارة بوتين، على عملية الكرملين التي استمرت لسنوات للتدخل في الانتخابات الأميركية واستخدام المعلومات المضللة للترويج للروايات المؤيدة لروسيا عبر الإنترنت، وفقًا لشهادة خطية من 277 صفحة كشف عنها المسؤولون الأمريكيون يوم الأربعاء.

مساعد بوتين المقرب

كيرينكو البالغ من العمر 62 عاما، التكنوقراطي المخضرم وأحد أكثر المساعدين الموثوقين لبوتين، شهد توسعا في صلاحياته في السنوات الأخيرة، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

أشرف كيرينكو، على عمليات الكرملين التي استمرت لسنوات للتدخل في الانتخابات الأميركية واستخدام المعلومات المضللة للترويج للروايات المؤيدة لروسيا عبر الإنترنت، وفقا لشهادة خطية من 277 صفحة كشف عنها المسؤولون الأميركيون، الأربعاء.

يصفه مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا في برلين ألكسندر غابويف بأنه التكنوقراطي المثالي بأسوأ معنى للكلمة"، مضيفا أن الاتهامات الأميركية تشير إلى أن نجمه آخذ في الصعود".

ويتابع غابويف: "إذا كانت هناك أوامر للتخلص من حرية التعبير، فسوف ينفذها بأكثر الطرق فعالية".

بعد بضعة أشهر من غزو روسيا لأوكرانيا، سعى كيرينكو إلى حشد مسؤولي العلاقات العامة من الهيئات الحكومية والوزارات لخوض معركة على الجبهة الداخلية، قائلا لهم إن "الحرب الرئيسية التي تجري الآن هي الحرب على عقول الناس".

كان كيرينكو يعتبر في السابق داعما للأفكار الموجهة نحو الغرب، ولكنه استخدم خطابا قوميا متزايدا في السنوات الأخيرة، فقد تحدث بشدة عن أهمية تلقين الأطفال في المدارس الروسية أفكارا ضد الغرب من خلال تعليم الشباب الروسي بطريقة وطنية وتعزيز الخدمة العسكرية بين الأطفال في المدارس.

جرى تعيين كيرينكو رئيسا للوزراء في عهد بوريس يلتسين عام 1998 عندما كان يبلغ من العمر 35 عاما، ليصبح بذلك أصغر شخص يشغل هذا المنصب في روسيا بعد الحقبة السوفيتية.

في ذلك العام، قدم كيرينكو، فلاديمير بوتين عندما جرى تعيينه رئيسا لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

كانت هذا المنصب بمثابة نقطة انطلاق بوتين إلى الرئاسة في عام 2000، ومنذ ذلك الحين تحول كيرينكو لحليفا وثيق للكرملن.

الدبلوماسية النووية

في عام 2005، جرى تكليف كيرينكو بإدارة شركة روساتوم الحكومية التي تعد واحدة من أكبر الشركات في صناعة الطاقة النووية على مستوى العالم.

تقول وكالة "بلومبرغ" إن "روساتوم" تحولت في عهد كيرينكو لأداة للسياسة الخارجية، حيث وقعت صفقات بمليارات الدولارات لبناء محطات طاقة من فنلندا والمجر إلى الصين والهند، وكذلك برزت كمورد نووي رئيسي لدول في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، مما ساعد في بناء العلاقات الدبلوماسية والتجارية في الجنوب العالمي.

في عام 2016 جرى تعيين كيرينكو في الكرملين للإشراف على حملة بوتين لولاية رابعة بعد أن شابت احتجاجات حاشدة فوزه الانتخابي السابق.

بعد الغزو الشامل لأوكرانيا، قاد الجهود لتعبئة المجتمع الروسي لدعم الحرب وأصبح مسؤولا عن الأراضي التي احتلتها روسيا في أوكرانيا.

عندما تولى كيرينكو منصب نائب مدير الإدارة الرئاسية في الكرملين، سعى إلى فرض سيطرة على المحتوى عبر الإنترنت بنفس الطريقة التي سيطرت بها روسيا على وسائل الإعلام التقليدية.

جرى إقرار سلسلة من القوانين التي شملت كل شيء، بدءا من زيادة الغرامات على المنشورات المناهضة للحكومة وصولا إلى توجيه حركة الإنترنت التي تدخل البلاد عبر محطات تصفية تسيطر عليها الدولة.

كان مكتب كيرينكو مسؤولا عن مراقبة شركات التكنولوجيا الروسية مثل "VK"، النسخة الروسية من فيسبوك، بالإضافة إلى متابعة مدى استعداد هذه الشركات للامتثال لمطالب المسؤولين.

ومع تشديد روسيا قبضتها، ازداد عدد الطلبات للحصول على بيانات من شركات التكنولوجيا الروسية بشكل كبير، وفقا لشخص عمل في إحدى تلك الشركات تحدث لوول ستريت جورنال.

وقال الشخص إن وكالات الأمن الروسية كانت تتواصل غالبا بشكل غير رسمي، وأحيانا كان كيرينكو يتواصل مع الشركات مباشرة.

"كان يتحدث بهدوء وباحترام، لكنك كنت تعرف ما نوع القوة التي يمتلكها"، قال الشخص الذي اجتمع مع كيرينكو في عدة مناسبات.

عقوبات أميركية

فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2021 عقوبات على كيرينكو في أعقاب تسميم زعيم المعارضة الراحل أليكسي نافالني، مع إشارة الولايات المتحدة إلى دور كيرينكو باعتباره "أمين السياسة الداخلية" لبوتين.

كذلك فرضت واشنطن عقوبات على كيرينكو في عام 2022 لدوره في تأسيس الحكم الروسي في الأراضي الأوكرانية التي احتلتها موسكو بشكل غير قانوني.

استمر نجم كيرينكو السياسي في الصعود، وأشار بعض المراقبين في الكرملين إلى أنه قد يكون خليفة محتملا لبوتين.

يقول ميخائيل خودوركوفسكي، المنشق الروسي والقطب النفطي السابق في مقطع فيديو نُشر على يوتيوب في يوليو 2022 إن كيرينكو بدأ يظهر كثيرا في الصحافة وعلى التلفزيون.

ويضيف خودوركوفسكي أنه كان يلقي خطبا حول المواضيع العسكرية ويزور جبهات القتال ويفتتح نصب تذكارية.. وهذا يوضح كيف أنه نال مكانة خليفة بوتين".
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی الکرملین فی عام

إقرأ أيضاً:

كاد «ترامب» أن يكون..!

لا أظنّ أن راصداً لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، منذ استقلالها في العام 1776م، سيجد في أضابير سجلاتها رئيساً جلس على الكرسي الكبير في البيت الأبيض، وحرّر في أسبوعه الأول فقط (350) أمراً تنفيذياً «مثيراً ومستفزاً» لكافة دول العالم بلا استثناء، غير دونالد ترامب، الذي حرّر كل هذه الأوامر في زمن قياسيّ غير مستثنٍ فيها الإنسان، والحيوان، والطبيعة، والجغرافيا، ومتعقباً بها سلفه بايدن، بالمسح والمحو، فما أبقى له من قرار سابق إلا وطمس عليه، ولا مخطط مرسوم إلا ونسفه نسفاً، في مشهد يعد «سابقة» في السياسة الأمريكية، التي ظل الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، يتناوبان في إنزالها على أرض الواقع بهامش اختلافات لا يفارق الثوابت، أو يخرج على الإطار المرسوم، حتى جاء الرئيس ترامب، في عودته الثانية، ليجعل من كل ذلك هباءً منثوراً، مواصلاً سيرته «المثيرة» إبان رئاسته الأولى.
وبالنظر إلى الأوامر التنفيذية التي أصدرها، والرسائل «الحامضة» التي تضمنتها، ووصلت بريد من تخصه، جاءت ردود الأفعال سريعة، متراوحة بين «صمتِ مترقبٍ»، و«همسِ متوجّسٍ» و«مؤاخذة ناقدة»، و«خروج عن العرف الدبلوماسي» المتوارث، كما في حال العضو الدنماركي بالبرلمان الأوروبي، أندرس فيستيسن، الذي تفوّه بعبارة «صاعقة»، ردّاً على ترويج ترامب لفكرة شراء غرينلاند، بينما كان الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو أكثر اتزاناً في رده على تغيير ترامب لجغرافيا المنطقة بتسمية «خليج بنما» بالخليج الأمريكي. 
أما الرئيس الكولومبي فقد جاء بـ«خريدة» أدبية في رسالة متداولة في الأسافير، إن صحة نسبتها إليه، فيما يتصل بالأمور الاقتصادية وترحيل المهاجرين غير الشرعيين..
ولو نظرنا لردة الفعل تجاه «الأوامر الترامبية» المثيرة، فالدهشة تعقد اللسان من انتياش ترامب لحلفائه في الاتحاد الأوروبي، وتكرار أسطوانته «الزانة» منذ ولايته الأولى، والآمرة بدفع «الإتاوات» وفرض الضرائب، لكل من تشملهم «الرعاية والحماية العسكرية والأمنية الأمريكية»، بزعمه، في صورة أقرب ما تكون درامياً إلى مشهد «الفتوة» في رواية «الحرافيش» للروائي العالمي نجيب محفوظ،
والمدهش أن المبرر لهذه الأوامر على لسان ترامب «لمنع استغلالنا ولن أسمح لأي دولة أن تستغل أمريكا»، فما كان أسرع الرد من المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، بالتأكيد على أن «الاتحاد الأوروبي مستعد للدفاع عن مصالحه إذا اقتضت الضرورة»، مبقياً على «شعرة معاوية»، بالقول «الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حليفان استراتيجيان، ونحتاج إلى العمل معاً، خصوصاً في هذا السياق الجيوسياسي المضطرب»، محذّراً من أن أي نزاع تجاري ستكون «كلفته الاقتصادية كبيرة على الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة، غير أن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، لم يتحرّز في إبداء مخاوفه من سياسة ترامب الاقتصادية تجاه حلفائه الأوروبيين بالقول «فرنسا والاتحاد الأوروبي قد تُسحقان بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترامب، إذا لم يتحركا لمواجهتها». ومضى أبعد من ذلك بقوله إن «الولايات المتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات وإذا لم نفعل شيئاً فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش، والأمر مناط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور».
على أن الأخطر من ذلك حملته مسؤولة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل بعدم استبعادها نشوب حرب تجارية مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنه أمر محتمل جداً في ظل رئاسة دونالد ترامب، محذّرة من أن هذا الأمر ستكون له عواقب سلبية على الحركة التجارية والأسعار.
على أن أوامر ترامب التنفيذية تجاوزت أهل السياسة والاقتصاد حتى بلغت أهل الدين، حيث تفاعل البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، مع خطط دونالد لطرد أكثر من (88) ألف مهاجر غير شرعي من الولايات المتحدة، واصفاً ذلك بأنه «عار» إذا تحقق، وعلل ذلك بالقول إن ترامب سيجعل الفقراء الذين لا يملكون أي شيء يدفعون الفاتورة.
إن كل هذه القرارات المثيرة والمستفزّة حجبت عن الناس في الغالب النظر إلى قرار مهم وتاريخي لترامب، بإلغاء الأوامر التي أتاحت حقوقاً مستفزة للمثليين والمتحولين جنسياً، وتعهد حكومته بالاعتراف فقط بجنسين هما الذكر والأنثى، وعزمه على إيقاف «جنون التحول الجنسي»، وإخراج المتحوّلين جنسياً من الجيش ودور التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وأردف ذلك بأمر طريف قضى بأن تقضي «المتحوّلات جنسياً» عقوبتهن في سجون الرجال، ليدفعن بذلك ضريبة الخروج الطوعي من «نون النسوة»، إلى «واو الجماعة».
ولا شك عندي أنهن سيجدن من عنت هذه «الواو» ما يحرقهن ندماً على مفارقة «النون» ولات حين مندم أو سبيل للرجوع.
على العالم أجمع أن يوطّن نفسه لسنوات أربع لن يخلو يوم منها عن إثارة وقرار يرجّ أركان البسيطة رجّاً،
وهو ما سيفتح باب الاحتمالات واسعاً لبروز أقطاب جديدة، وتحالفات بديلة، ربما تعيد شيئاً من التوازن المطلوب والتدافع الحميد بوصفه واحداً من سنن الله الأصيلة في خلقه، والمستفيد الأكبر في هذه الحالة الدول المتوثبة بقدراتها لبلوغ ما تستحقه من مكانة، كفاء ما لها من قدرات وإمكانيات، بشرية ومادية قادرة بها على إحداث الفارق، والخروج من دوامة التبعية والارتهان لسطوة القطب الواحد في العصر الحالي،
ولست أومئ إيماءً بل أشير يقيناً إلى أن المملكة العربية السعودية برؤيتها المستشرفة (رؤية 2030) ستمثل رقماً مهماً في معادلة العالم المتغيّر، والمتحرّك بشكل فوّار ومائج، تبعاً لعهد «ترامب» الجديد، الذي سيدفع بالأمور إلى حواف المواجهة بصورة من الصور، بما يقتضي وعياً جديداً، وفهماً مغايراً واستعداداً بصيراً.

مقالات مشابهة

  • كاد «ترامب» أن يكون..!
  • صورتان مذهلتان لبرج خليفة ودبي من محطة الفضاء الدولية
  • بوتين: أوروبا سترضخ لأوامر ترامب
  • خليفة التربوية تعزز دور الأسرة في التعليم وتنمية القيم
  • تهديد ترامب الأجوف لبوتين يكشف نقطة ضعفه
  • خليفة التربوية تعزز دور المجتمع في التعليم وتنمية القيم الإماراتية
  • مانشستر سيتي يراهن على عمر مرموش ليكون خليفة محمد صلاح
  • الكرملين تعليقا على تصريحات ترامب: "بريكس" لا تناقش إنشاء عملة مشتركة
  • الكرملين يكشف عن تطور بشأن القتلى الروس بحادث اصطدام مروحية بطائرة في أمريكا
  • الكرملين : مجموعة بريكس لم تناقش إطلاق عملة مشتركة