11 شهرا من الحرب على غزة تلحق أضرارا جسيمة باقتصاد إسرائيل
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
بعد مرور 11 شهرا على الحرب، تواجه إسرائيل أكبر تحد اقتصادي لها منذ سنوات. وتشير البيانات إلى أن اقتصاد إسرائيل يشهد أشد تباطؤ بين أغنى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وفق تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن".
وبحسب الموقع، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% في الأسابيع التي أعقبت الهجوم الواسع الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في حين استمر الانحدار حتى عام 2024، إذ انخفض بنسبة 1.
ووفق الموقع، لم يكن الوضع أفضل مع إضراب عام في الأول من سبتمبر/أيلول الحالي أدى -ولو لفترة وجيزة- إلى توقف اقتصاد البلاد في ظل غضب شعبي واسع النطاق إزاء تعامل الحكومة مع الحرب.
ولا شك في أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها إسرائيل لا تذكر مقارنة بالتدمير الكامل للاقتصاد في غزة، لكن الحرب المطولة لا تزال تلحق الضرر بالتمويل الإسرائيلي، والاستثمارات التجارية، وثقة المستهلكين، وفق "ذا كونفرسيشن"
وكان اقتصاد إسرائيل ينمو بسرعة قبل بدء الحرب مدفوعا بقطاع التكنولوجيا إلى حد كبير، في حين ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد بنسبة 6.8% في عام 2021 و4.8% في عام 2022، وهو ما يزيد كثيرا عن معظم الدول الغربية.
لكن الأمور -بحسب المصدر ذاته- تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين. ففي توقعاته لشهر يوليو/تموز 2024، عدّل بنك إسرائيل توقعاته للنمو إلى 1.5% لعام 2024، انخفاضا من 2.8% التي توقعها في وقت سابق من العام.
ومع عدم ظهور أي علامة على توقف الحرب في غزة، وتكثيف المواجهة مع حزب الله على الحدود اللبنانية، قدر بنك إسرائيل أن تكلفة الحرب ستصل إلى 67 مليار دولار بحلول عام 2025.
وحتى مع حزمة المساعدات العسكرية البالغة 14.5 مليار دولار من الولايات المتحدة، فإن مالية إسرائيل قد لا تكون كافية لتغطية هذه النفقات، وفق ما قالته "ذا كونفرسيشن".
خيارات صعبةويشير الموقع إلى أن هذا يعني أن إسرائيل ستواجه خيارات صعبة فيما يتعلق بكيفية تخصيص مواردها. فقد تضطر على سبيل المثال إلى خفض الإنفاق في بعض مجالات الاقتصاد أو تحمل المزيد من الديون. وسوف يؤدي المزيد من الاقتراض إلى زيادة أقساط القروض وزيادة تكلفة خدمتها في المستقبل.
ودفع تدهور الوضع المالي في إسرائيل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف تل أبيب. وخفضت وكالة فيتش تصنيف إسرائيل الائتماني من "إيه +" (A+) إلى "إيه" (A) في أغسطس/آب الماضي على أساس أن الزيادة في إنفاقها العسكري ساهمت في توسيع العجز المالي إلى 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ارتفاعا من 4.1% في العام السابق.
كل هذا من شأنه أيضا -وفقا لموقع "ذا كونفرسيشن"- أن يعرض قدرة إسرائيل على الحفاظ على إستراتيجيتها العسكرية الحالية للخطر. وهذه الإستراتيجية، التي تتضمن عمليات مستمرة في غزة بهدف تدمير حماس، تتطلب قوات برية وأسلحة متطورة ودعما لوجيستيا مستمرا، وكل هذا يأتي بتكلفة مالية باهظة.
وبعيدا عن المؤشرات الاقتصادية الكلية، تقول "ذا كونفرسيشن" إن الحرب خلفت تأثيرا عميقا على قطاعات محددة من الاقتصاد الإسرائيلي. فقد تباطأ قطاع البناء، على سبيل المثال، بنحو الثلث في الشهرين الأولين من الحرب. كما تضرر قطاع الزراعة أيضا، حيث انخفض الإنتاج بنحو الربع في بعض المناطق.
وتم استدعاء حوالي 360 ألف جندي احتياطي في بداية الحرب، على الرغم من أن العديد منهم عادوا إلى ديارهم منذ ذلك الحين. كما أجبر أكثر من 120 ألف إسرائيلي على ترك منازلهم في المناطق الحدودية. ولم يُسمح لـ140 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية بدخول إسرائيل منذ هجمات اندلاع الحرب.
وسعت الحكومة الإسرائيلية إلى سد هذه الفجوة من خلال جلب العمال من الهند وسريلانكا. ولكن من المؤكد أن العديد من الوظائف الرئيسية ستظل شاغرة.
وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 ألف شركة إسرائيلية قد تضطر إلى الإغلاق في عام 2024 بسبب نقص الموظفين وانقطاعات سلسلة التوريد وتراجع ثقة الأعمال، في حين تؤجل العديد من الشركات مشاريع جديدة.
وتأثرت السياحة بشدة، رغم أنها لا تشكل جزءا أساسيا من اقتصاد إسرائيل. فقد انخفضت أعداد السياح بشكل كبير منذ بداية الحرب، حيث يواجه واحد من كل 10 فنادق في مختلف أنحاء البلاد احتمال إغلاق أبوابه.
تأثيرات الحرب الأوسعربما كانت الحرب قد ألحقت ضررا بالغا بالاقتصاد الإسرائيلي، ولكن تأثيرها على الاقتصاد الفلسطيني كان أسوأ كثيرا، وسوف يستغرق إصلاحه سنوات عديدة وفقا لـ"ذا كونفرسيشن".
وفقد العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وظائفهم في إسرائيل. كما أدى قرار إسرائيل بحجز أغلب عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين إلى ترك السلطة الفلسطينية تعاني من نقص السيولة.
وتوقفت التجارة في غزة، مما يعني أن العديد من الفلسطينيين يعتمدون الآن على المساعدات. وفي الوقت نفسه، تم قطع قنوات الاتصال الحيوية وتدمير البنية الأساسية الحيوية.
وامتدت آثار الحرب إلى ما هو أبعد من إسرائيل وفلسطين. ففي أبريل/نيسان الماضي، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن يكون النمو في الشرق الأوسط "باهتا" في عام 2024، عند 2.6% فقط، وأشار إلى حالة عدم اليقين التي أثارتها الحرب في غزة وتهديد اندلاع صراع إقليمي شامل كسبب، كما ينقل موقع "ذا كونفرسيشن".
ويختم الموقع بالتأكيد على أن الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، والتي تقترب بسرعة من ذكراها السنوية الأولى، تتسبب في خسائر اقتصادية فادحة. ولن يتسنى لنا سوى وقف إطلاق النار الدائم لإصلاح الأضرار وتمهيد الطريق للتعافي في إسرائيل وفلسطين والمنطقة على نطاق أوسع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اقتصاد إسرائیل العدید من عام 2024 فی غزة فی عام
إقرأ أيضاً:
مؤتمر سلام وتحركات دولية.. 15 شهرا من الجهود الرئاسية لوقف حرب غزة وإنهاء معاناة أهلها
لعبت مصر منذ اشتعال فتيل الحرب في غزة في أكتوبر 2023 دورا فاعلا ضمن محاولات دولية لوقف الحرب في غزة والتخفيف من وطأة الحرب، بالدفع نحو إيصال المساعدات الإنسانية رغم تعنت الجانب الإسرائيلي أمام جميع المحاولات الدولية.
الرئيس عبدالفتاح السيسي لعب دورا مهما مع الأجهزة المعنية لمتابعة المفاوضات التي تمت، والتحرك على المستويات الخارجية، للتوصل إلى وقف إطلاق النار الحالي، بداية من الدعوة لمؤتمر القاهرة الدولي للسلام الذي تحت رئاسته والذي حضره ممثلو 34 دولة في 21 أكتوبر 2023 أي بعد أسبوعين فقط من اندلاع الحرب.
7 أكتوبر 2023منذ تنفيذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، كانت قضية غزة الشغل الشاغل للرئيس السيسي، حيث وجّه الرئيس بتكثيف الاتصالات المصرية لاحتواء الموقف ومنع المزيد من التصعيد بين الطرفين.
كما تلقى الرئيس السيسي، اتصالًا هاتفيًا من قادة العالم وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والملك عبدالله الثاني بن الحسين، ملك الأردن، وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والمستشار الألماني أولاف شولتز، لبحث الجهود الرامية لوقف التصعيد الراهن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
9 أكتوبر 2023بعد 48 ساعة من عملية طوفان الأقصى توالت الاتصالات الدولية والإقليمية بين الرئيس السيسي وعدد من قادة العالم شملت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وكيم جين بيو رئيس الجمعية الوطنية بكوريا الجنوبية، وكارل نيهامر مستشار النمسا، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، وأنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، والأمير محمد بن سلمان، ولي عهد السعودية رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، اتصالًا هاتفيًا من الشيخ تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، والسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، وأورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، ومارك روته، رئيس وزراء هولندا، وأنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، والرئيس الروسي، حيث تناولت الاتصالات تبادل الرؤى لكيفية وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى وإيصال المساعدات.
وطيلة 15 شهرا هي عمر الحرب على غزة، لم تتوقف الاتصالات بين الرئيس السيسي وقادة العالم والتي كان آخرها تلقيه اتصالا من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن الذي أشاد بدور مصر التاريخي في حل النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، وذلك عقب التوصل لقرار وقف إطلاق النار.
لقاءات الرئيس السيسيشهدت القاهرة منذ الأسبوع الأول للحرب حراكا متصلا في ضوء المحاولات الرامية لوقف الحرب، حيث استقبل الرئيس السيسي قادة العالم، ووصل القاهرة عقب اشتعال الحرب بساعات أنطونيو تاياني، نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، ثم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي والأمين العام أنطونيو جوتيرش، وقادة دول الاتحاد الأوروبي والقادة العرب، وشهدت المباحثات توحيدا للموقف الدولي الرامي لضرورة وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات وتبادل المحتجزين والأسرى، والسعي لإحلال السلام في المنطقة.
موقف مصري حاسمفي 15 أكتوبر 2023 ترأس الرئيس السيسي اجتماعا لمجلس الأمن القومي، والذي أصدر عددا من القرارات، أهمها مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين، وتكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية من أجل إيصال المساعدات المطلوبة، والتشديد على أنّه لا حل للقضية الفلسطينية سوى حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وإبراز استعداد مصر لبذل أي جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام، مع تأكيد أنّ أمن مصر القومي خطًا أحمر ولا تهاون في حمايته، وتوجيه مصر دعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية.
قمة القاهرة للسلامفي 21 أكتوبر 2023، استضافت مصر قمة القاهرة للسلام، والتي أكد الرئيس السيسي في كلمته بها إدانة مصر بوضوح كامل، استهداف أو قتل أو ترويع المدنيين المسالمين ورفض التصعيد العسكري بما يؤجج الصراع في المنطقة، مع التشديد على وقوف مصر تهجير الفلسطينين من الضفة الغربية وقطاع غزة، ورفض سياسة العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة.
قمة الرياض نوفمبر 2023شارك الرئيس السيسي في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة في الرياض، والتي أوضح فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي الدور المصري وأدانت الحرب على غزة واستهداف وقتل وترويع جميع المدنيين من الجانبين، وجميع الأعمال المنافية للقانون الدولي والإنساني.
وخلال نحو عام و3 أشهر استمر الرئيس السيسي في الدفع نحو إنجاح المفاوضات في مراحلها كافة، كما بذل الرئيس السيسي والقيادة السياسية جهودا كبيرة نحو الحيلولة دون اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وتهجير الفلسطينيين والتمسك بحل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.