سودانايل:
2024-12-24@12:55:26 GMT

صناعة المعجزات لا انتظارها

تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT

بقلم عمر العمر

لابد من الحلم بسلام دائم .فالأحلام الجميلة بذور الانجازات الكبيرة. لكنّ تحقيقَ حلمنا الوطني يتطلب مثل الحرب صبر اً. فلدى أطراف هذه الحرب الحمقى قناعةٌ بأ ن لا أحد منهما سيربح الحرب مثلما هي قناعته بأنه لن يخسرها مالم تطرأ معجزةٌ تبدل موازين القوى .فأياً كانت خسائرُ كلٍ منهما المتراكمة تحت الحرب فهي أقلُ كلفةً بكثيرٍ مما سيدفع أيٌ منهما مقابلَ فاتورة السلام .

هكذا يطول صبرُنا على الحرب انتظارا للمعجزة. الطرفان أدركا عملياً أن إشعال الحرب لم يكلّف جهدا بينما اطفاؤها يتطلب جهوداً باهظة .هما لايعلمان أن مرحلة الانتقال من الحرب إلى السلم فصلٌ لايقل قسوةً وشراسةً من معارك الاقتتال .فالعديد من قضايا التسوية تتحول إلى محاور نزا عٍ شاقٍ وربما صراعٍ مسلْح. نحن كغيرنا لم نتعلم من التاريخ كما يود الفيلسوف الألماني هيغل (الدرس الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ أن لا أحد يتعلم من التاريخ).فليس ثمة درس أشدُّ تبيانا وألما ومعاناة أكثر من الحرب.لكنّا لا نحاول استيعاب الدرس.
*****

ربما حربنا الراهنة كارثية مدمرة لكنّا لسنا استثناءاً.فالتاريخُ الانسانيُ يبدو كأنه سردٌ لحكايا الحروب .أو ربما قصصُ الاحتراب هي كتاب التاريخ. تلك قضيةٌ شغلت عقول الفلاسفة ،المفكرين والأدباء أكثر مما هيمنت على روؤس الساسة والجنرالات. إلا أن هناك رأي يغلّب نشوب الحرب تحت ضغط انسداد سياسي يستعصي اختراقه عقليا. بفعل ذلك الانسداد يتوالد التعصّب فتتناسل الكراهية والضغائن فتشتعل الحروب. ربما انسداد حربنا شخصيٌّ أكثر مما هو وطني . مع ذلك فهي ككل الحروب في اتونها عذابات نساء وأطفال، مؤسسات ،حقول وبيوت مدمَّرة، كوارث ، فوضى ، جرائم متباينة و وحشية تشارف أو تماثل الجنون. فالحرب عنف يطارد (المجالات الاقتصادية والثقافية كما الاجتماعية) كما أوضح عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوردو .
*****
نحن لسنا استثناءاً إذ يظل السلام حلمنا لأن لسلام خيار الانسان الأبدي بغض النظر عن جنسه، دينه أو مكانه على الأرض. لكن علينا استيعاب دروس التاريخ . فإذا كان السلام خياراً إنسانياً قبل كونه سياسياً فإنه مطلب وطني عاجل .نحن نتلقى دروسا يومية بأن الحرب فعل مدمر لمرتكزات الوطن مثلما هي مسرفة في القتل والابادة والتجويع. ألم نتسوعب بعد أن الحرب تزيد أعداد المهمشين (الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق)وتضاعف عذاباتهم ؟ ألم يدرك هؤلاء الجهلة المتكبرون قول ابن خلدون (الحرب جورٌعلى الأرض وخيراتها وغايتها فرض السيطرة وتوسيع النفوذ.)ألم تترجم حربنا القذرة بعد مقولة الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (عنف الحرب مصادره التنافس والكبرياء).كل بنات وأبناء الشعب باتوا على قناعة بأ بواعث حربنا الكارثية شهوة السلطة والثروة.
*****
لابد لنا من الحلم بالسلام ليس لأنه فقط الخيار الإنساني بل لأنه كذلك مناخ التعايش، التسامح، المساواة والعدالة.هو فوق ذلك وقبله ضرورة حتمية للبناء، التنمية والتقدم.التاريخ يحدثنا عن استحالة إنجاز السلام إلا بهزيمة أسباب الصراع. كما يخبرنا التاريخ أن ( السلام المفروض بالقوة والقهر أشبه بالهدوء الذي يخيّم على القبور ) وفق رؤية الفيلسوف الألماني عمانويل كانط.ذلك انجاز يتحقق عندما نعترف بأن الحرب تبدأ في العقول .من ثم يجب حسمها هناك أولا.أزمتنا تكمن في عدم وجود عقول لدى مشعلي الحرب وأنصارها!هم أسرى غرائزهم البدائية المتوحشة.
*****
الداخل إلى مقر المنظمة الأممية في نيو يورك يلحظ في الردهة الأرضية جدارية زرقاء تنطوي على نساء يحتضن اطفالا قتلى يتوسلن لانهاء العذاب.تلك تحفة فنية ابدعها كانديو بورتيناري أحد أبرز الفنانين البرازيليين بتكليف من دولته بناء على طلب من الامين العام الاول للمنظمة الدولية النرويجي تريغفه لي.تلك الجدارية شاهدٌ على ويلات الحروب .لكنها شاهد كذلك على عجز المنظمة الأممية أزاء إطفاء الحروب دع عنك فرض السلام. فكما قال الفيلسوف الالماني (مجلس الأمن وحوش من ورق).لذلك فالرهان على الخارج لإنهاء حربنا النتنة رهان خاسر مثلما هو الزعم بتحميل قوىً خارجية أوزار حربنا الحمقى زعم أحمق.
*****
عندما تنهض الروح الوطنية الجماعية بغية تغليب المصالح العليا للشعب والوطن على التنافس ضيّق المنبت والأفق لا يمكن فقط إطفاء نار الحرب بل الإنتصار على الحَمَق ،العنف، الأذى والمعاناة .لكن يبدو نهوضنا نحن معجزة عصية التحقق . لكنها ليست مستحيلة إذ لم يعد إنسان العصر ينتظر معجزات لاصلاح أحواله .بل يناضل لتحويل الأحلام بما في ذلك مايبدو معجزة إلى واقع.ففي هذا العصر أمسى في خُسرمن يترقب المعجزات. فالانسان المناضل ليس من يكتب التاريخ .بل هو من يصنع التاريخ.هو من يصنع المعجزات.

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

قيادي في أنصار الله: حربنا مع كيان الاحتلال وأمريكا مستمرة وتصعيدنا يتجاوز الضربة بالضربة

يمانيون../
أكد عضو المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، اليوم السبت، أن المواجهة التي يخوضها اليمن ضد كيان الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية ستتصاعد، مشيراً إلى أن صنعاء مستمرة في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

وقال الأسد في تصريح خاص لـ”الميادين”: “نحن في حرب مفتوحة مع كيان الاحتلال والإدارة الأميركية، ونتبع مساراً تصعيدياً شاملاً لا يقتصر على سياسة الضربة بالضربة”.

وأوضح أن “بنك الأهداف لدينا واسع، ويشمل مواقع حيوية وعسكرية وبنية تحتية تابعة لكيان الاحتلال”، مضيفاً أن “جميع الأهداف في كيان الاحتلال أصبحت ضمن نطاق الاستهداف بفضل التطور النوعي في القوة الصاروخية اليمنية”.

وكشف الأسد أن “اليمن وصل إلى تقنيات حديثة في تصنيع الأسلحة، وسنكشف عنها في الوقت المناسب”، مؤكداً أن “من حق اليمن امتلاك الاكتفاء الذاتي في التصنيع العسكري والتعاون مع أي دولة لتحقيق ذلك”.

وأشار إلى أن “استهداف كيان الاحتلال لليمن يتركز على مواقع مدنية وخدمية، ما يعكس ضعف معلوماته الاستخباراتية”، مؤكداً أن “أي طرح لوقف التصعيد في البحر الأحمر يجب أن يكون مشروطاً بوقف الإبادة الجماعية والحصار على غزة”.

وأكد أن “موقف اليمن ثابت في دعم المقاومة الفلسطينية”، مشيراً إلى أن “استمرار هذه الجبهة يرتبط بتنسيق مشترك مع حركات المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس”.

يأتي هذا التصريح بالتزامن مع تصعيد لافت بين صنعاء وكيان الاحتلال، حيث أقرّ جيش الاحتلال بفشل دفاعاته الجوية في اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن وسقط في “تل أبيب”، ما أدى إلى إصابة 30 شخصاً، وفق وسائل إعلام صهيونية.

مقالات مشابهة

  • شواطئ.. لماذا تتحارب الأمم؟ (1)
  • خيارات نتنياهو لمواصلة الحروب العدوانية
  • قطاع المرأة بـ «تقدم» يختتم ورشة عمل حول تعزيز دور النساء في إنهاء الحرب وبناء السلام
  • الحروب وتغير المناخ خلال 2024| الأوزون تتضرر من حرب الإبادة في غزة.. الولايات المتحدة الأمريكية الملوث الأكبر على مدى التاريخ.. أمريكا الشمالية سبب الإشعاع الحرارى المؤخر على الكوكب
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (71)
  • قيادي في أنصار الله: حربنا مع كيان الاحتلال وأمريكا مستمرة وتصعيدنا يتجاوز الضربة بالضربة
  • البابا يدعو لوقف الحرب في أوكرانيا
  • اللواء سمير فرج يكشف كيف تمت صناعة الجولاني على مدار سنوات (فيديو)
  • كيف تمت صناعة الجولانى على مدار سنوات؟. سمير فرج يكشف مفاجأة
  • ليس ترفاً بل ضرورة طال انتظارها