الجزائر تفتح صناديق الاقتراع للرئاسة غدًا وسط أجواء انتخابية باهتة وضعف في الحملات الدعائية
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
تستعد الجزائر لإجراء انتخابات الرئاسة يوم غد، السابع من سبتمبر، حيث تُفتح صناديق الاقتراع للناخبين في الداخل، فيما يتواصل تصويت الجزائريين في الخارج. تشهد الأجواء الانتخابية ضعفًا في الحماس، مع قلة اللوحات الإعلانية والملصقات، وتركز الأنشطة على جولات المرشحين المعروضة عبر التلفزيون الرسمي.
يشعر العديد من الجزائريين بالقلق تجاه الوضع الاقتصادي، خصوصاً تأثير التضخم على الأسعار المرتفعة للمواد الأساسية مثل المستلزمات المدرسية، البطاطس، والقهوة.
قال نور الدين بن شيخ، مدير مدرسة إعدادية، لوكالة "أسوشيتد برس": "كيف نتوقع من الجزائريين أن يهتموا بالانتخابات عندما تكون الحياة اليومية مليئة بالتحديات؟". هذا الشعور العام يعكس التحول الكبير في الجزائر، حيث كان الحراك الشعبي في عام 2019 يدعو إلى تغييرات واسعة في النظام السياسي الذي يهيمن عليه الجيش عقب استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع.
ومع تراجع زخم الحراك الشعبي وعودة الشعور باللامبالاة تجاه السياسة، يعزو بعض المحللين ذلك إلى استعادة النخبة الحاكمة سيطرتها الكاملة على السلطة. في الوقت نفسه، وافقت السلطات الانتخابية على ترشح اثنين فقط لمنافسة تبون، وهما الإسلامي عبد العالي حساني الشريف البالغ من العمر 57 عامًا، والصحفي السابق يوسف أوشيش البالغ 41 عامًا، والذي يمثل حزباً معارضاً من اليسار.
وتقول مصادر سياسية إن السلطات تركز بشكل أساسي على تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات لتبرير شرعية فوز تبون المتوقع، رغم أن معظم الناخبين يرون أن النتيجة محسومة مسبقاً.
وفي الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، سجل حوالي 23 مليون ناخب للتصويت، ولكن هناك شكوك حول إمكانية تحسين نسبة المشاركة التي بلغت 14% فقط في انتخابات 2019 والتي كانت محل مقاطعة واسعة من الحراك.
ورغم أن الرئيس تبون قد أشاد في بداية حكمه بالحراك الشعبي وأمر بالإفراج عن بعض الناشطين، إلا أن السلطات فرضت حظراً على الاحتجاجات خلال جائحة كورونا واستمرت في اعتقال المعارضين والصحفيين.
وفي الوقت الذي يركز فيه أحد المرشحين، يوسف أوشيش، على قضايا حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين، يعتقد الكثير من الجزائريين أن الانتخابات لم تشكل نقاشًا سياسياً حقيقياً، بل إنها تعكس مشهدًا من الاستمرارية للنظام الحالي.
وتشهد البلاد مزيداً من الاعتقالات والقيود، حيث تم توقيف عشرات الأشخاص الشهر الماضي بتهمة التزوير الانتخابي، ووُضع ثلاثة مرشحين محتملين تحت المراقبة القضائية.
وفي مقابل هذه المشهد المتوتر، يجري الرئيس تبون جولات مكثفة في مختلف مناطق البلاد، مروجاً لإنجازاته مثل رفع الأجور وزيادة معاشات التقاعد مع تقديم مبادرات اقتصادية للشباب خصوصاً القروض بدون فوائد لدعم المشاريع الناشئة. مع العلم أن أكثر من نصف سكان الجزائر هم من الشباب.
تبون قال في إحدى خطبه: "أنا رجل الأفعال، لقد أوفيت بوعودي، وأعدكم بمواصلة المسيرة على نفس النهج".
في أواخر عام 2019، تم انتخاب عبد المجيد تبون في انتخابات شهدت نسبة امتناع عن التصويت تجاوزت 60%. جاء هذا الاقتراع في ذروة الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل من نفس العام بعد احتجاجات سلمية واسعة.
المصادر الإضافية • أب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد فوزها بالذهب الأولمبي.. إيمان خليف تلهم الفتيات الجزائريات لدخول عالم الملاكمة جوهر الجزائر العاصمة: رحلة عبر حي القصبة، والعجائب الحديثة، وأشهى المأكولات نظرة خاطفة على أكبر ميناء في الجزائر: كيف تسهم الصادرات في دعم النمو الاقتصادي للبلاد عبد العزيز بوتفليقة عبد المجيد تبون الجزائر أزمة اقتصادية مظاهرات انتخابات رئاسيةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: فرنسا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني البيئة قتل قطاع غزة فولوديمير زيلينسكي فرنسا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني البيئة قتل قطاع غزة فولوديمير زيلينسكي عبد المجيد تبون الجزائر أزمة اقتصادية مظاهرات انتخابات رئاسية فرنسا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني البيئة قتل قطاع غزة فولوديمير زيلينسكي جريمة حكومة دونالد ترامب إسرائيل غزة حريق السياسة الأوروبية عبد المجید تبون الحراک الشعبی یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
الانتخابات البلدية في جنوب لبنان.. صناديق اقتراع فوق الركام
جنوب لبنان- بعد تأجيل متكرر فرضته الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية المتلاحقة، تعود الانتخابات البلدية والاختيارية هذا العام إلى الواجهة في لبنان، لكنها لم تعد مجرد محطة لتنمية محلية، بل تحولت إلى ساحة اختبار سياسي في ظل واقع يثقل كاهل البلاد بين عدوان إسرائيلي وأزمات معيشية وإنمائية متفاقمة.
ويتجلى التحدي الأكبر في الجنوب اللبناني، حيث خلفت الحرب دمارا واسعا في القرى الحدودية الأمامية، كما طالت الأضرار البنى التحتية في بلدات الخط الثاني، مما يجعل من تنظيم الانتخابات هناك مهمة شاقة وسط مشهد إنساني مأزوم.
إداريا، يتوزع لبنان على 8 محافظات تضم 25 قضاء وهي بيروت، وجبل لبنان، والشمال، وعكار، والبقاع، وبعلبك-الهرمل، والجنوب، والنبطية. ويضم 1080 بلدية تتولى إدارة الشؤون المحلية وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، وتشكل ركيزة رئيسية في العمل الإداري والإنمائي.
ومن المقرر أن تنطلق الانتخابات البلدية في 4 مايو/أيار المقبل، وفق جدول زمني يمتد لـ4 أسابيع موزعة على المحافظات كما يلي:
4 مايو/أيار: محافظة جبل لبنان. 11 مايو/أيار: محافظتا الشمال وعكار. 18 مايو/أيار: بيروت، والبقاع، وبعلبك-الهرمل. 24 مايو/أيار: الجنوب والنبطية.في بلدة ميس الجبل الحدودية التي نكبت جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، تتقاطع مشاعر القهر والإصرار بين سكانها العائدين إلى ركام المنازل وغياب مقومات الحياة.
إعلانعاد حسين حمادة، أحد أبنائها، ليجدها على حد وصفه "منكوبة لا أثر للحياة فيها، المحل الذي كنت أملكه بات ركاما، ولا طرقات مفتوحة، والمنازل مدمرة، تكاد لا تطيق النظر إلى بلدتك بهذا الشكل وتشعر بالقهر والعجز".
ورغم هذا الواقع المؤلم، فلا يخفي حمادة عزمه على المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، مؤكدا أنه لطالما مارس هذا الحق، ويدعو الآخرين إلى الاقتداء به والوقوف صفا واحدا خلف البلدية المقبلة من أجل النهوض بميس الجبل، ويقول للجزيرة نت "هذه المرة نحن مع الجميع، سواء حزب الله أو حركة أمل، لا يهم من يفوز، المهم أن يعمل من أجل ميس الجبل، نريد أن نعيش كما كنا قبل الحرب".
أما خليل، الذي فقد منزله ومصدر رزقه، فاختار العودة إلى ميس الجبل حاملا معه رسالة صمود وإصرار على البقاء، ويعتبر مشاركته في الانتخابات تعبيرا عن تمسكه بالأرض وبحقوقه كمواطن، وخطوة نحو استعادة الحياة تدريجيا في بلدة دمرتها الحرب.
ويعرب للجزيرة نت عن أمله في أن يتمكن المجلس البلدي الجديد من إعادة تأهيل البنية التحتية، وإحياء المرافق الحيوية، مؤكدا أن المهمة لن تكون سهلة في ظل الخراب الواسع الذي خلفه العدوان الإسرائيلي، و"أعاد البلدة سنوات إلى الوراء".
مهمة صعبةمن جهته، ينتظر المهندس حسن طه الانتخابات بفارغ الصبر، آملا في ولادة مجلس بلدي فاعل يضم كفاءات قادرة على تنفيذ مشاريع تنموية تتناسب مع حجم الكارثة، ويؤكد للجزيرة نت أن البلدة بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل المستشفيات والمدارس، وشبكتي الكهرباء والمياه، فالمقومات الأساسية للحياة باتت شبه معدومة، ومن الضروري الإسراع بإطلاق ورش العمل لإعادة الحد الأدنى من الخدمات.
وفي بلدة حولا الجنوبية التي أنهكها الدمار وأثقلها الخراب، عاد علي حمدان ليقف على أطلال بيته الذي كان يوما يعج بالحياة، ويقول بمرارة للجزيرة نت "كل زاوية في هذا البيت تحمل ذكرى والآن لم يبقَ منها إلا الجدران المحروقة، رغم الخراب عدتُ إلى حولا لأن الانتماء للأرض أقوى من الحرب".
إعلانويؤكد حمدان أنه سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة "لأنها بداية الطريق نحو استعادة بلدتنا، وعلى المجلس الجديد أن يكون بمستوى آلام الناس وتطلعاتهم، ما نحتاجه ليس فقط إعادة إعمار الحجر بل إعادة بناء الثقة والأمل، فحولا ليست مجرد بلدة، إنها بيت كبير علينا جميعا أن نعيد إليه نبض الحياة".
بدوره، يتهيأ أحمد عواضة، أحد أبناء البلدة العائدين حديثا، للمشاركة في السباق الانتخابي القادم حاملا معه قائمة طويلة من المطالب والآمال، ويوضح للجزيرة نت "الانتخابات هذه المرة ليست مجرد استحقاق بلدية بل معركة من أجل البقاء، نريد مجلسا بلديا يعكس وجع الناس ويبدأ فورا بورش العمل لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب".
ويشدد عواضة على ضرورة أن يضم المجلس الجديد شخصيات كفؤة ونزيهة قادرة على التعامل مع حجم الكارثة التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، ويتابع "نحتاج إلى خطط سريعة لإصلاح شبكات الكهرباء والمياه، وإعادة فتح الطرق والمدارس، وتأمين الدعم للعائلات المتضررة".
ويؤكد أن أبناء حولا اليوم لا يطلبون ترفا بل الحد الأدنى من مقومات الحياة. وبالنسبة له، الاقتراع هذا العام هو فعل صمود، وممارسة ديمقراطية تحمل في طياتها نداء لإنقاذ بلدة أرهقتها الحروب وأحيتها الإرادة.
رسالة صمودمن جانبه، قال رئيس بلدية حولا شكيب قطيش للجزيرة نت إن الوضع في البلدة بالغ الصعوبة وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة ومع ذلك ستُجرى الانتخابات البلدية، وهذه المرة تأتي محملة بأبعاد تنموية وإنمائية ووطنية، وتحمل في الجنوب اللبناني رسالة صمود وإرادة حياة فوق الركام والدمار.
وأضاف أن البلدية تواجه اليوم تحديات جسيمة في وقت تعد فيه ميزانيتها ضئيلة حتى في الظروف العادية. متسائلا "فكيف الحال في ظل ما نمر به من أوضاع استثنائية؟ نحن بحاجة إلى كل شيء، من إعادة إعمار إلى ترميم المدارس والمستشفيات والمساجد".
إعلانوحسب قطيش، فإن معظم مباني البلديات إما مدمرة أو متضررة، لكن هذه الانتخابات تحمل بعدا وطنيا يؤكد أن أهل الجنوب رغم الدمار والعدوانية الإسرائيلية التي طالت بلداتهم، لا يزالون متمسكين بأرضهم وحقهم في الحياة.
وختم بدعوة الأهالي إلى المشاركة في الانتخابات، قائلا "صوتكم اليوم ليس مجرد خيار إداري، بل فعل صمود ومقاومة، عبر الاقتراع نثبت أننا شعب لا تكسره الحروب ولا تهزم إرادته".