خطيب المسجد الحرام: إذا أخطأت فاعتذر وإن أذنبت فأقلع
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
ألقى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة اليوم، موضحًا أن للحق نوراً، وللفضيلة جمالاً، والحكمةُ البالغةُ، والموعظةُ الحسنةُ حين تكون في كلماتٍ رصينة، وخطابٍ رفيق تُقْبِل عليها النفوس، وتأنس بها العقول.
وأضاف فضيلته أن الخطاب يكون به حجة ظاهرة ، وبرهان جلي ، في رفق وأدب : دالةٍ على أن لكل مقام مقالاً ، ولكل طبقة خطاباً، وكلمات جامعات فيها تذكير بما يلين القلوب ، ويهذب النفوس ، ويرد الشارد ، مواعظ تدل على الهدى ، وتحفظ من الردى ، وتزيد المؤمن إيماناً ، والعمل الصالح إحساناً ، توجيهات من أجل صلاح المعاش والمعاد ، والفوز بالدارين ، وتحصيل السعادتين ، توقظ غافلاً ، وتعلم جاهلاً ، وتبصر بطريق الحق ، وتأخذ بالفضيلة ، وترد عن الرذيلة.
وأشار الشيخ ابن حميد إلى أن هذا التوجه والتوجيه يقول أهل العلم: الاستقامة على الحق تكون في سلوكِ سبيلِ الهدى ، وطيبِ الغذاء ، والجدِّ في تحصيل التقوى ، وملازمةِ الذكر ، ولزومِ الشرع ، وتعظيمِ حرمات المسلمين ، ومن استقام باطنه استقامت أموره والخيرُ في خمس خصال : لباسِ التقوى ، والثقةِ بالله ، وكسبِ الحلال ، وغنى النفس ، وكفِّ الأذى ، وأدوأُ الداء خلقٌ دنيء ، ولسانٌ بذيء .
وأوضح فضيلته أن إمهال الله ليس إهمالاً ، فالعبد مُساءل ومجازى ، ولا يتعظ إلا أهل الخوف والخشية وكفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، وكفى به جهلاً أن يعجب بعمله، مبيناً أنه يجب أن يحذر العبد الناصح لنفسه من خشوع الظاهر وفجور القلب ، وليستحِ العبد أن يُصلح ما ظهر للخلق ، ولا يُصْلحْ ما يعلمه الخالق جل وعلا (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن ستر عورة أخيه ستر الله عورته ، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ثم يفْضَحْه ولو في جوف بيته، منوهاً بأن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، والكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار. وصحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار، والحسد يُولِّد قلة الشفقة بالمسلمين ، وبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد .
وذكر إمام وخطيب المسجد الحرام أنه مِنْ ظُلْمِ العبد لنفسه أن يجد لنفسه عذراً في كل شيء ولا يعذر إخوانه في أي شيء، ولا يعتذر إلا القوي ، ولا يسامح إلا الأشجع ، ولا ينسى إلا الأسعد، وأن الخلق لا يذمون العبد إلا بمقدار ما جعل الله في قلوبهم ، ومن خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد ، وعلى قدر حب العبد لربه يحبب إليه خلقه ، وكلما زاد خوفه من ربه ألقى الله مهابته في عباده .
ودعا إلى قول الصدق ، ولزوم الحق ، وعمل الصواب ، وسوف يرضى الناس ولو بعد حين، وهمُّ الدنيا ظلمة في القلب ، وهمُّ الآخرة نور في القلب، والغضبُ عقابٌ يعاقب به المرء نفسَه والمخطئُ غيرُه، والصداقة خسارة إلا ما صافيت، والمال حسرة إلا ما واسيت، والمخالطة تخليط إلا ما داريت، وليعلم العبد الصالح الناصح لنفسه أن اختيار الله خير له من اختياره لنفسه ، فالعبد مدبَّر لا مدبِّر، وسخطه لا يغير القضاء ، فليلزم طريق الرضا بالقضاء، والثبات يكون عند الابتلاء ، أما في زمن العافية فالثابتون كثير ، والرضا حين البلاء ، أما في حال طيب العيش فالراضون كثير، ومن أطاع مطامعه استعبدته، ومن زادت مطامعه هان عليه دينه، والأطماع تقطع أعناق الرجال، وأن سبب الخلاف بين الناس إما مقصود لم يفهم أو مفهوم لم يقصد .
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن من يتعامل مع أدوات التواصلَ فْليُذَكِّر بفريضة ، ولْيدُلَّ على سنة ، ولينبِّه على خطأ ، ولينصحْ باحتساب، وليحتسبْ الأجر والثواب ، وليحرصْ على جمع الكلمة ، وإحسان الظن ، وليحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه ، وليظنَّ بأخيه الخير ، وليتق شر ظنون نفسه، وليحذر أن يكون الناصح لنفسه في هذه الأدوات ممن يتجوّل بدلاء فارغة ، ويجعل عقله مستباحاً لمتطفلي هذه الأدوات الثرثارين بما لا ينفع، في السعادة عبد رزقه الله توبة تحفظه من الإصرار ، وخوفاً يقيه من التسويف ، ورجاءً يقصر عنده الأمل.
وعَمَر وقته بذكر ربه في توحيد خالص وإخلاص صادق ، وكلُّ ساقٍ سيُسقى بما سقى ، ومن ذُكِّر فلم ينزجر فهو محروم ، ومن دخل في ما لا يعنيه فهو الملوم، والحرص على أن تكون ممن إذا علم رفق ، وإذا سُئل بذل ، وكن عوناً للمسترشد ، وحليف الصدق للمستنصح ، ومستودع البر للمسترفد ، قريبَ الرضا ، بعيدَ الهمة ، الحقُّ مبتغاك ، والحياءُ سترُك ، والورعُ سربالُك ، في بصائرَ من النور تبصرها، وحقائقَ من العلم تأخذ بها ، وإذا زللت فارجع، وإذا أخطأت فاعتذر، وإذا أذنبت فأقلع، وإذا جهلت فاسأل ، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن لك الفضل ما لم ترَ فضلك ، فإذا رأيت فضلك فلا فضل لك .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إمام وخطيب المسجد الحرام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة جمعة النبوي سوء الظن لمسلم المسجد الحرام یهدی إلى
إقرأ أيضاً:
رئاسة الشؤون الدينية تعزّز جهودها الإثرائية لقاصدي المسجد الحرام
أكّدت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي جاهزيتها التامة لتقديم خدماتها الإثرائية لقاصدي وزائري الحرمين الشريفين، تعزيزًا لرسالتهما الوسطية.
وأوضحت الرئاسة أنها وضعت مسارًا إثرائيًا نوعيًا يهدف إلى تعميق أثر آداب وسنن وفضائل يوم الجمعة في نفوس الزائرين، من خلال تفعيل برامج الحلقات القرآنية، وتكثيف الدروس الدعوية والإرشادية، وإقامة أنشطة علمية متخصصة.
وتُعد خدمة “إجابة السائلين” من أبرز الخدمات المقدمة، ويشرف عليها (71) من أصحاب الفضيلة العلماء وطلبة العلم عبر (7) مواقع رئيسة داخل المسجد الحرام، مع توفير مترجمين شرعيين لترجمة الإجابات بلغات مختلفة، وخُصصت مواقع للنساء بمصلى الدور الأرضي (74) والدور الأول (84).
وتُتيح الرئاسة أيضًا خدمة الرد على الاستفسارات عبر الهاتف المجاني من خلال الرقمين (8001222400 و 8001222100)
وفي إطار مواكبة التطورات التقنية، فعّلت الرئاسة شاشات تفاعلية ذكية في أرجاء المسجد الحرام، تتيح تحميل الكتب الشرعية وقراءتها بسهولة، إلى جانب رموز (QR) تُوّفر محتوى علميًا رقميًا موثوقًا بعدة لغات.
وتسعى الرئاسة من خلال هذه المبادرات إلى تعزيز التوعية الدينية الميدانية، وتهيئة بيئة روحانية تُثري تجربة القاصدين إيمانيًا، وتُمكّنهم من أداء مناسكهم في أجواء من الخشوع والطمأنينة.