نجاح لمناصري فلسطين بأيرلندا.. هكذا سحبت كلية ترينيتي استثماراتها من الاحتلال
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
كشف تقرير لمجلة "ذا نيشن" الأمريكية كواليس اتخاذ كلية ترينيتي في العاصمة الأيرلندية دبلن قرار الانسحاب من الاستثمارات المرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن ذلك يعد "نجاح" يحتسب لصالح الحركة الطلابية الداعمة مع فلسطين بعد تنظيم مخيم تضامني مع غزة.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن كل زاوية تقريبا من مكاتب اتحاد الطلاب مليئة بالإمدادات وتنتشر اللافتات والخيام والوسائد والبطانيات المطوية في الممرات.
وقنلت عن لازلو مولنارفي، رئيس اتحاد طلاب كلية ترينيتي في دبلن، قوله إن الإمدادات ستوزع لاحقا على طالبي اللجوء الذين ينامون في خيام خارج مكتب الحماية الدولية وعلى طول القناة الكبرى.
كُتب بخط اليد بالحبر الأسود على حائط مكتب مولنارفي، فوق صف من مكبرات الصوت الموجودة أمام مكتبه: "النصر للطلاب". أسفل ذلك، حُفِر بعلامة حمراء عريضة ومختومة بختم زمني يعود إلى يومين فقط قبل 8 أيار/مايو: "توافق كلية ترينيتي دبلن على سحب الاستثمارات".
مع بدء الفصل الدراسي الجديد، تقول جيني ماغواير، الرئيسة الجديدة لاتحاد طلاب كلية ترينيتي في دبلن، إن الاتحاد قد تغير بشكل جذري عبر مخيم التضامن مع غزة، ولا يزال ثابتا في التزامه بفلسطين الحرة.
وقد عُلقت لافتة كبيرة على الحائط خلف مكتبها، وهي بمثابة رمز لجهود الحركة الطلابية المستمرة مكتوب عليها "أنتم الآن تدخلون إلى ترينيتي الحرة"، في إشارة إلى منطقة فري ديري الأيرلندية التي أعلنت استقلالها الذاتي في أيرلندا الشمالية خلال الاضطرابات التي شهدتها أيرلندا الشمالية في أوائل السبعينيات.
قالت ماغواير للمجلة، "لقد ذكّرنا الجامعة وجميع الجامعات داخل أيرلندا بقوة الطلاب والقبضة التي ما زلنا نمتلكها ولا نخشى استخدامها".
وأشارت المجلة، إلى أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تنشط في حرم كلية ترينيتي دبلن على مدى السنوات الثماني الماضية. في سنة 2022، أدى تنظيم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات إلى سحب كلية ترينيتي لاستثماراتها في أسهم الشركات المصنعة للأسلحة بقيمة تزيد عن 2.7 مليون دولار، بما في ذلك أكثر من 788 ألف دولار مستثمرة في شركة لوكهيد مارتن، وحوالي 958 ألف دولار في شركة رايثيون تكنولوجيز، وأكثر من 185 ألف دولار في شركة بي إيه إي سيستمز، وجميعها تبيع الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة لإسرائيل.
مع ذلك، قال مولنارفي إن الإدارة تجاهلت السنوات الثماني الماضية من حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات. وقد اكتسبت التعبئة من أجل فلسطين زخمًا بعد أن غرس مولنارفي وضباط الأجازة الصيفية 2023-24 نهجا شعبيا منذ بداية السنة الدراسية.
وحيال ذلك قال مولنارفي خلال حديثه للمجلة، "تأتي القوة من الناس. ومن خلال القدرة على تهديد سمعة الجامعة ومموّليها يمكننا في الواقع تحدّي السلطات للتخلي عن أشياء مثل زيادة الرسوم والإيجارات أو تأمين أشياء مثل سحب الاستثمارات من المشاريع غير الأخلاقية".
وحرص الاتحاد وحملة المقاطعة الخاصة به على تنظيم اعتصامات من أجل فلسطين على مدار السنة. ويقول مولنارفي: "بمجرد أن أقامت جامعة كولومبيا معسكرها، شعرنا بالإلهام لفعل نفس الشيء. لقد شعرنا حقًا بوجود حركة جماهيرية هنا".
وبعد قرابة عقد من حملات المقاطعة وسنة من التعبئة المتزايدة، أقام الطلاب معسكرا في ساحة فيلوز في الثالث من أيار/مايو، مطالبين كلية ترينيتي في دبلن بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل.
وفي الثامن من أيار/مايو، أصدرت الكلية اتفاقية سحب الاستثمارات، وأصبحت حركة طلاب ترينيتي واحدة من أوائل الحركات في جميع أنحاء العالم التي تمت تلبية مطالبها.
وتضمنت الاتفاقية سحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية التي لها أنشطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمدرجة على القائمة السوداء للأمم المتحدة، وقطع العلاقات مع موردها الإسرائيلي الوحيد، إنسباير ساينس، وتوسيع الدعم للطلاب الفلسطينيين، وإنشاء فريق عمل سينظر في سحب الاستثمارات من الاستثمارات المتبقية في الشركات الإسرائيلية ومراجعة جميع الروابط الأكاديمية وبرامج تبادل الطلاب والتعاون البحثي، ويبلغ حجم هذا الأخير أكثر من 2.7 مليون دولار لتمويل مشاريع بحثية جارية تشمل الجامعات والمعاهد الإسرائيلية، بما في ذلك جامعة تل أبيب، ومعهد تكنيون-إسرائيل للتكنولوجيا، ومعهد وايزمان للعلوم، ومعهد كي للأبحاث، وجامعة بن جوريون، وفقا للتقرير.
وأوضحت المجلة، أن هذا النصر لم يكن مضمونان فقبل أقل من أسبوعين من الاتفاق، أخضعت الجامعة ممثلي الطلاب، بمن فيهم مولنارفي وماغواير، لجلسات استماع تأديبية وأصدرت غرامة تزيد عن 214 ألف يورو على اتحاد الطلاب بسبب الخسائر المالية المزعومة الناجمة عن الاضطرابات الناتجة عن الاحتجاجات على مدار السنة. لكن الغرامة لم تردع الطلاب عن التحركات المباشرة القادمة، فقد وجدوا أن الاحتجاجات المهذبة وغير التخريبية غالبًا ما يتم تجاهلها.
ووفقا للتقرير، فقد أدت الغرامة التي تم سحبها لاحقا إلى غضب عام ضد الكلية، وبالتزامن مع العنف الذي مارسته الجامعات الأمريكية ضد الطلاب، أدى ذلك إلى تمهيد مسار إيجابي للاتحاد في 3 أيار/مايو.
قالت ماغواير: "مع بدء المخيم، أدركت الكلية أننا يجب أن ننتصر لأنهم بدورهم سيفوزون. لقد كان تعامل كليات الولايات المتحدة مع المخيمات مروعًا للغاية ومحل إدانة دولية. ومن خلال منحنا ما أردناه بهذه السرعة، منحناهم أيضًا فرصة للخروج من كابوس العلاقات العامة هذا".
بدأ كوين كاتز-زغبي، الذي ينحدر من بالتيمور بولاية ماريلاند، العمل في كلية ترينيتي في سنة 2023 وانضم على الفور إلى حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات، وقال إن دعوته للتنظيم مستمدة من تقليد طويل من المناصرة داخل عائلته - والده يهودي أمريكي، ووالدته لبنانية أمريكية، وجده يدير المعهد العربي الأمريكي.
وقال كاتز-زغبي، الذي يشغل الآن منصب رئيس حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات في كلية ترينيتي في بالتيمور: "لم أختر حقًا الانخراط في هذا النوع من الدعوة، لقد نشأت معها".
كان كاتز-زغبي في منزله في بالتيمور أثناء المخيم، والذي تزامن تقريبا مع المظاهرات في جامعة جونز هوبكنز والجامعة الأمريكية وجامعات أخرى في منطقة العاصمة، والتي قوبل العديد منها بوحشية من الشرطة.
وقال في حديثه للمجلة، "نظرًا لكوني قادمًا من سياق أمريكي، فقد كان عليّ أن أعيد تنظيم عقلي لأفهم أنه من الناحية الواقعية، لن تأتي الشرطة وتبدأ في تحطيم الرؤوس. نحن حركة عالمية، لكن ظروفنا المادية مختلفة تماما عن أمريكا".
وقالت ماغواير، إن المشكلة مع الشرطة في أيرلندا هي عدم الاتساق، لا سيما في السماح لليمين المتطرف، على سبيل المثال، بمهاجمة اللاجئين والمتحولين جنسيا. وقال ماغواير: "إنه إهمال وعدم فهم للتهديد الحقيقي الذي يحدث".
وأفادت المجلة بأن الظروف التي وافقت فيها جامعة ترينيتي على سحب الاستثمارات تختلف عن ظروف الجامعات الأمريكية، لا سيما فيما يتعلق بالعنف الذي تمارسه الدولة على الطلاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. مع ذلك، تشير إنجازات جامعة ترينيتي إلى تحول أوسع في الوعي العام.
قال مولنارفي: "هذه حركة عالمية، وترينيتي ليست سوى جزء صغير منها. وبجهودنا المشتركة، يمكن أن تكون أخيرًا بداية لفقدان إسرائيل الشرعية الاجتماعية بسبب ما تفعله بالفلسطينيين منذ أكثر من 76 سنة".
وقالت ماغواير إن العلاقة بين الاتحاد والجامعة حاليا علاقة بناءة، لكن ذلك مؤقت. وأكدت أن الجامعة تخلصت بالكامل من الاستثمارات في الأراضي المحتلة في حزيران/ يونيو، وفقا للتقرير.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فريق العمل الذي ستشارك ماغواير في عضويته من المقرر أن يتم إنشاؤه خلال الاجتماع الأول لمجلس إدارة ترينيتي في 9 تشرين الأول/أكتوبر. على الرغم من أن مولنارفي قال إن فريق العمل يحمل نتائج غير مؤكدة، إلا أنه يتبع مشروع الإرث الاستعماري لترينيتي الذي بدأ في سنة 2021 وأدى إلى مبادرات مثل تغيير تسمية مكتبة بيركلي السابقة إلى مكتبة كلية ترينيتي (كان جورج بيركلي عنصريًا أبيض).
وذكرت ماغواير، أن "كل شيء يسير وفقا للخطة، لكن الاتحاد ليس ساذجا"، موضحة أنه في حال فشلت كلية ترينيتي في الوفاء بوعدها فيما يتعلق بسحب الاستثمارات بالكامل، أو إذا بدا أن فريق العمل غير فعال، فإن الاتحاد سيتخذ إجراء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية دبلن الاحتلال فلسطين فلسطين الاحتلال ايرلندا دبلن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سحب الاستثمارات کلیة ترینیتی فی أیار مایو
إقرأ أيضاً:
من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
في المحاضرة الرمضانية الـ 12 للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أشار إلى حقيقة صارخة لا يمكن إنكارها: الفرق الشاسع بين الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وبين تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية، هذه المقارنة تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول طبيعة المواقف السياسية، ومعايير “الإنسانية” التي تُستخدم بمكيالين في القضايا الدولية.
أوروبا وأوكرانيا.. دعم غير محدود
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الدول الأوروبية، مدعومةً من الولايات المتحدة، إلى تقديم كل أشكال الدعم لكييف، سواء عبر المساعدات العسكرية، الاقتصادية، أو حتى التغطية السياسية والإعلامية الواسعة، ولا تكاد تخلو أي قمة أوروبية من قرارات بزيادة الدعم لأوكرانيا، سواء عبر شحنات الأسلحة المتطورة أو المساعدات المالية الضخمة التي تُقدَّم بلا شروط.
كل ذلك يتم تحت شعار “الدفاع عن السيادة والحق في مواجهة الاحتلال”، وهو الشعار الذي يُنتهك يوميًا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين دون أن يواجه أي ضغط حقيقي من الغرب، بل على العكس، يحظى بدعم سياسي وعسكري غير محدود.
العرب وفلسطين.. عجز وتخاذل
في المقابل، تعيش فلسطين مأساة ممتدة لأكثر من 75 عامًا، ومع ذلك، لم تحظَ بدعم عربي يقترب حتى من مستوى ما قُدِّم لأوكرانيا خلال عامين فقط، فالأنظمة العربية تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، فيما تواصل بعضها خطوات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض صارخ مع كل الشعارات القومية والإسلامية.
لم تُستخدم الثروات العربية كما استُخدمت الأموال الغربية لدعم أوكرانيا، ولم تُقدَّم الأسلحة للمقاومة الفلسطينية كما تُقدَّم لكييف، ولم تُفرض عقوبات على إسرائيل كما فُرضت على روسيا، بل على العكس، أصبح التطبيع مع الكيان الصهيوني سياسة علنية لدى بعض العواصم، وتحول الصمت العربي إلى مشاركة غير مباشرة في استمرار الاحتلال الصهيوني وجرائمه.
المقاومة.. الخيار الوحيد أمام هذه المعادلة الظالمة
في ظل هذا الواقع، يتجلى الحل الوحيد أمام الفلسطينيين، كما أكّد السيد القائد عبدالملك الحوثي، في التمسك بخيار المقاومة، التي أثبتت وحدها أنها قادرة على فرض معادلات جديدة، فمن دون دعم رسمي، ومن دون مساعدات عسكرية أو اقتصادية، استطاعت المقاومة أن تُحرج الاحتلال وتُغيّر قواعد الاشتباك، وتجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء.
وإن كانت أوكرانيا قد حصلت على دعم الغرب بلا حدود، فإن الفلسطينيين لا خيار لهم سوى الاعتماد على إرادتهم الذاتية، واحتضان محور المقاومة كبديل عن الدعم العربي المفقود، ولقد أثبتت الأحداث أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحداث تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بينما لم يحقق التفاوض والتطبيع سوى المزيد من التراجع والخسائر.
خاتمة
عندما تُقاس المواقف بالأفعال لا بالشعارات، تنكشف الحقائق الصادمة: فلسطين تُترك وحيدة، بينما تُغدق أوروبا الدعم على أوكرانيا بلا حساب، وهذه هي المعادلة الظالمة التي كشفها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حيث يتجلى التخاذل العربي بأبشع صوره، ما بين متواطئ بصمته، ومتآمر بتطبيعه، وعاجز عن اتخاذ موقف يليق بحجم القضية.
إن ازدواجية المعايير لم تعد مجرد سياسة خفية، بل باتت نهجًا مُعلنًا، تُباع فيه المبادئ على طاولات المصالح، بينما يُترك الفلسطيني تحت القصف والحصار. وكما أكد السيد القائد عبدالملك الحوثي، فإن المقاومة وحدها هي القادرة على إعادة التوازن لهذه المعادلة المختلة، مهما تعاظم التواطؤ، ومهما خفتت الأصوات الصادقة.