بالتزامن مع العيد القومي للشرقية.. تعرف على مسجد «سادت قريش» أول جامع في أفريقيا
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
بالتزامن مع احتفالات محافظة الشرقية بعيدها القومي، والذي يوافق يوم التاسع من شهر سبتمبر من كل عام، تُلقي مؤسسة «الوفد الإعلامية» الضوء على أهم المعالم الأثرية والإسلامية الموجودة في المحافظة ومنها مسجد «سادات قريش» الكائن في وسط مدينة بلبيس، والذي يمثل نموذجًا أثريا وإسلاميا مهمًا ليس في محافظة الشرقية وحدها وإنما في العالم الإسلامي كافة، خاصة وأن مدينة بلبيس تحتل المكانة الخامسة بالنسبة للمدن في العالم، من حيث القدم والبناء والناحية الأثرية.
وتضم مدينة بلبيس العديد من الآثار الإسلامية المتجسدة في مساجدها الأثرية، ومنها مسجد: «أمير الجيوش أو أمير الجيش، وعثمان بن الحارث الأنصاري، والأمير مدين، والمقرقع» وجميعهم يقعون في زمام المدينة الخالدة.
ومسجد سادت قريش له مكانة تاريخية وآثرية ممتدة لأكثر من 1400 عام، فالمسجد أقدم المساجد في مصر بل هو أول مسجد في افريقيا، حيث تم بناؤه عام 18 هجرية/ 641 ميلادية، وسُمي بهذا الإسم «سادات قريش»؛ تكريمًا لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله في معركتهم ضد الرومان في أولى الفتوحات الإسلامية في مصر، والتي دارت في أرض بلبيس بقيادة عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واستشهد فيها قرابة الـ 250 شهيد، 40 منهم من الصحابة و210 من التابعين رضي الله عنهم من قبيلة قريش والتي تنتسب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى مقتل 1000جندي روماني وأسر 3000.
ومدينة بلبيس من مدن محافظة الشرقية، وتعد واحدة من أقدم مدن مصر وأحد أهم المدن التاريخية بها، ولها أهمية إستراتيجية كبرى لكونها البوابة الشرقية لمصر ومعبر للوافدين عليها في العصور الأولى، وكانت إحدى مقرات الهكسوس، ومقرا لحكم الكثير من حكام مصر القديمة لمدة 145سنة منهم رمسيس الأول والثانى، وكان يطلق عليها العاصمة السابعة؛
ويعود موقع المسجد تاريخيًا؛ لفترة وصول الجيش الإسلامي إلى مصر آنذاك، من أجل: رفع الظلم عن أهل مصر من الحكم الروماني الطاغي، ونشر العدل والمسامحة بين أهلها الطيبين، خاصة وأن أرض بلبيس بوركت بمرور الصحابة والتابعين أفراد الجيش الإسلامي، ودفن فيها شهداه الأطهار بأرضها؛ لذلك توارث أهلها الأخلاق الحسنة والطيبة والكرم وهو ما عُرف عن أهلها عبر تلك العقود الماضية.
وتاريخيًا، ذُكر أن السيدة زينب بنت الإمام علي رضي الله عنهما، مكثت في بلبيس وبالتحديد في موقع «مسجد سادت قريش» لمدة قرابت الشهر، وظلت تتعبد فيه ربها، ويرجع ذلك لرؤية رأتها في منامها؛ حيث رأت فيها جدها النبي محمد صلى الله عليه وسلم يأخد بيدها حتى جاءت إلى أرض بلبيس، واستقبلها أهلها بكرم ومودة وترحاب.
ومساحة المسجد تبلغ تقريبًا 3000 متر، منها 1500 متر
مخصصة للصلاة، والمساحة المتبقية ملحقات بالمسجد للمأذنة وساحة فضاء خلف المُصلى، وتم تجديد المسجد في العهد العثماني على يد الأمير مصطفى الكاشف والذي أنشىء المأذنة عام 1003 هحرية، وتعاهد عليه الخلفاء الراشدين منهم الخليفة المأمون في العصر العثماني، وأقام فيه 40 يوما اعتنى خلاله بالمسجد وقام على أعماره والاهتمام به.
وتم شيد المسجد على الطراز الإسلامي القديم، وسقفه مصنوع من الخشب، ومساحته مستطيلة الشكل، تضم 3 صفوف من الأعمدة الرخامية، مقسم إلى 4 أروقة موازية لحائط القبلة، وتيجان الأعمدة مختلفة الأشكال، وتم تغير بابه الرئيسي منذ ثلاثة أعوام بما يتناسب مع مكانته التاريخية، وتم ترميم المأذنة بعد سقوط جزء منها، والحجارة المتآكلة في الجزء العلوي من المأذنة التي تضم نقوشا من الرسوم الهندسية الأثرية، وتحكيل العراميص وتنظيفها، وذلك للحفاظ على المادة التاريخية للمباني الأثرية، وإبراز قيمتها وأصالتها، بإعتبارها تعكس حقبة زمنية وفترة في تاريخ مصر.
ومسجد سادات قريش، له أهمية عظيمة لدى مسلمين الداخل والخارج، ويزوره وفوود من مسلمي القارة الآسيوية وبالتحديد بنجلاديش والهند وباكستان، ويتطلعون لزيارة قبور الصحابة المدفونين في أرجاء المسجد كافة، حبًا للمكانة الطاهرة التي يتمتع بها المسجد ومن في أرضيته؛ إلا أن الحراسة المفروضة من قبل الآثار تمنعهم من ذلك إلا بتصاريح خاصة مُسبقة.
ويطالب أهالي بلبيس المقيمين بمنطقة المسجد، بإلقاء نظرة اهتمام للمسجد المُبارك الذي بناه عمرو بن العاص، والذي يحتل المركز الثالث عشر في تاريخ المساجد الإسلامية على مستوى العالم من حيث القدم، وطالبوا المعاملة بالمثل مع مسجد الإمام الحسين الذي بُني بعده ويشهد من وقت لآخر أعمال تطوير، راجين أن يتم صيانة المسجد في القريب العاجل ويعاد تأهيله بما يتناسب مع مكانته التاريخية والدينية التي يستحقها.
IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٥٤٧ IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٥١٧ IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٥٠٤ IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٤٤٧ IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٣٥١ IMG_٢٠٢٤٠٩٠٦_١٤٣٣٣٧المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظة الشرقية بلبيس المعالم الأثرية IMG ٢٠٢٤٠٩٠٦
إقرأ أيضاً:
مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية
ليس الإسلام غريبا على كوريا الجنوبية لكن انتشاره محدود جدا، إذ تغلب البوذية والمسيحية على هذا البلد الآسيوي الذي يتميز سكانه بالرهبة من تجربة أي شيء غريب أو جديد عليهم.
ويقدّر عدد المسلمين الكوريين بنحو 5 آلاف، لكن هذا العدد يرتفع إلى نحو 300 ألف إذا جمعنا معهم المسلمين المقيمين في كوريا من الجنسيات الأخرى، ويقيم نحو نصف هؤلاء جميعا في العاصمة سول.
ورغم أن عددهم هذا لا يكاد يكون ملموسا قياسا إلى عدد سكان البلاد الذي يزيد على 51 مليون نسمة فإن تأثيرهم يتزايد يوما بعد يوم.
مسجد سول المركزيدخل الإسلام إلى كوريا سنة 1955 مع الجنود الأتراك الذين شاركوا في الحرب الكورية دعما لكوريا الجنوبية، وفي سنة 1976 تأسس أول مسجد في البلاد -وهو مسجد سول المركزي- على أرض تبرعت بها الحكومة الكورية وتبلغ مساحتها 1500 متر مربع، وساهمت دول إسلامية في تمويل بنائه.
يتميز المسجد بتصميمه الإسلامي التقليدي، مع مئذنتين وقبة كبيرة، ولا يعتبر مكانا للصلاة فقط، لكنه أيضا مركز ثقافي واجتماعي يجمع المسلمين من مختلف الجنسيات، وتقام فيه صلاة الجمعة التي يحضرها المئات من المسلمين، كما يتم تنظيم فعاليات ودروس دينية بشكل منتظم.
ويقع المسجد في حي إتابغو بمنطقة إيتايوون التي تعد واحدة من أبرز المناطق التي يتجمع فيها المسلمون، إذ تضم العديد من المطاعم الحلال والمتاجر التي تلبي احتياجات المسلمين، إلى جانب مطاعم الحلال الأخرى العديدة المنتشرة في أنحاء سول، خاصة في المناطق القريبة من الجامعات والمؤسسات التعليمية حيث يدرس العديد من الطلاب المسلمين.
إعلانوبهذا الصدد، يقول عبد الرحمن لي رئيس اتحاد المسلمين الكوريين إمام المسجد للجزيرة نت إن المسجد المركزي في سول هو أكثر من مجرد مكان للعبادة، فهو مركز ديني وثقافي يخدم الجالية المسلمة في كوريا الجنوبية ويُعرّف غير المسلمين بالإسلام، وتقام فيه الصلوات اليومية وخطب الجمعة بـ3 لغات، إضافة إلى صلاة التراويح والإفطارات الجماعية في رمضان، مما يجعله نقطة تجمّع مهمة للمسلمين.
ويضيف لي أن المسجد يقدم أيضا برامج تعليمية تشمل دروس الفقه والعقيدة والتفسير، وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم، ومحاضرات تعريفية بالإسلام للكوريين، مما يعزز دوره في نشر المعرفة الدينية.
وإلى جانب دوره الديني ينظم المسجد فعاليات اجتماعية وثقافية تهدف إلى تعزيز التفاهم بين المسلمين والمجتمع الكوري، ويقدم خدمات مثل دعم المسلمين الجدد، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتنظيم حملات التبرع بالدم.
كما يشارك المسجد -بحسب ما أخبرنا الإمام- في الحوار بين الأديان عبر استقبال الزوار والسياح لتعريفهم بالإسلام، مما يجعله رمزا للتعايش والتواصل الثقافي في كوريا الجنوبية.
طموحات رغم الصعوباتويقول عبد الرحمن لي إن المسجد يعتمد بالأساس على إمكانيات المسلمين الكوريين رغم تواضعها، لكن بفضل مساعدة بعض الدول الإسلامية تمكنوا من إنشاء مقبرة للمسلمين في عام 2005، كما أنشئ معهد تطوير الحلال العام الماضي، والذي يتولى منح تراخيص "الحلال" للشركات والمطاعم.
ويضيف لي أنهم هذا العام يعملون على ترميم المسجد لأول مرة منذ عام 1981، كما سيحتاجون إلى ترميم المساجد الواقعة تحت رعايتهم وعددها 21 مسجدا في مختلف أنحاء كوريا الجنوبية.
ويطمح رئيس اتحاد المسلمين الكوريين إلى بناء مدرسة لتعليم أطفال المسلمين، إضافة إلى وضع برنامج لابتعاث الشباب الكوريين المسلمين لدراسة الإسلام في الدول العربية، لتشكيل نخبة من الأئمة والدعاة الذين يجمعون بين فهم الثقافة الكورية والقدرة على التواصل الفعال مع الإنسان الكوري، إلى جانب الفهم الجيد لتعاليم الإسلام السمحة، على حد تعبيره.
إعلان قلة العلماء والدعاةكما تحدثت الجزيرة نت مع الداعية المسلم كرم كيم الذي فضل التواصل معنا عبر الهاتف، فأوضح أن عدد المسلمين الكوريين المواظبين على ممارسة الشعائر يقدّر بـ5 آلاف "لكنهم في ازدياد".
وأكد كيم أنهم يحاولون زيادة عدد المسلمين بوسائل متعددة رغم ضعف الناتج حتى الآن، مشيرا إلى أن الزواج أصبح مؤخرا هو أهم سبب لإسلام الكوريين.
وأشار الداعية الكوري إلى أن في كوريا حرية تامة لنشر الإسلام ودعوة الكوريين إليه، لكن المشكلة تكمن في قلة العلماء والدعاة وطلاب العلم.
وأضاف كيم أن عدد الكوريين الذين تخرجوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها بلغ 5 كوريين فقط، حسب قوله، وكان هو "خامس خريجي هذه الجامعة المباركة"، لكنه قال إن 3 من هؤلاء الخمسة يشتغلون في ما لا يتعلق بالدعوة نهائيا، في حين أن الاثنين الآخرين هما هو وعبد الرحمن لي "لذلك يعد الدعاة على أصابع اليد حرفيا".
وأشار إلى أن سبب قلة الدعاة في كوريا هو ضغط الحياة، إذ يعجز الشاب المسلم الكوري عن التفرغ لطلب العلم والنشاط في الدعوة، لأنه مضطر للعمل ساعات طويلة، فيسلم الكثير من الشباب لكنهم يغرقون في غمار الحياة ولا يشاهَدون في المسجد إلا نادرا، بحسب كلامه.
وعن قصة إسلامه، يقول كيم إنه تعلم اللغة العربية في كوريا، مما جعله يفكر في زيارة بلدان مسلمة، فسافر إلى تركيا، وهناك تأثر بحسن أخلاق المسلمين الأتراك رغم أنه كان يعتبر نفسه "طيب الأخلاق"، لكنه يقول إنه أدرك عندما قابل المسلمين في تركيا أن معياره للأخلاق ليس الأعلى كما كان يظن.
وبعد ذلك يقول كيم إنه قرر دراسة الإسلام، فرجع إلى كوريا وزار المسجد المركزي في سول ليتعلم المزيد، وهنا يقول "قرأت كتبا عن الإسلام لمدة 3 أشهر حتى جاءني اليقين بأن هذا الدين هو الدين الحق، فأسلمت لله رب العالمين سنة 2004، والحمد لله الذي هداني".
إعلانتزوج كيم لاحقا معلمة لغة عربية مغربية، وبدأ دراسة الشريعة في المدينة المنورة في 2007 وحصل منها على البكالوريوس ثم الماجستير، وهو الآن يحضّر لشهادة الدكتوراه في الدراسات القرآنية.
وعن عائلته، يقول الداعية إن والديه وأقاربه جميعا حاربوه، ونهره أبوه قائلا "اترك هذا الدين الغريب وإلا فلست ابني"، فخرج كيم من البيت، ومنذ ذلك اليوم إلى الآن يمتنع والده عن التواصل معه، لكنه يتواصل مع والدته سرا، بحسب قوله.
ويدعو كيم لوالديه "اللهم اهدهما، اللهم أرهما الحق حقا وارزقهما اتباعه يا رب العالمين".
كما كان للجزيرة نت لقاء صغير مع مديرة معهد تطوير الحلال في كوريا صفية كانغ التي أوضحت لنا أن مسجد سول المركزي تولى منذ عام 1994 إصدار تراخيص الحلال من خلال لجنة شرعية أشرف عليها الدكتور عبد الرحمن لي، لكن مع تنامي صادرات المنتجات الغذائية الكورية إلى الدول المسلمة زاد طلب الشركات الكورية على تراخيص الحلال، مما قاد إلى إنشاء هذا المعهد.
وعن طبيعة عملهم، تقول كانغ -التي بدأت العمل في لجنة الحلال منذ عام 2015- إن المعهد يتولى وضع آليات دقيقة لترخيص المنتجات الحلال، ويقوم بعمل لقاءات ومحاضرات مع الشركات الكورية لشرح مفهوم الحلال، ويساعد تلك الشركات في وضع المعايير اللازمة لتصنيع المنتجات الحلال، كما يتولى المعهد مراقبة احترام الشركات الشروط والمعايير.
وأضافت أنهم أصدروا حتى الآن نحو 400 ترخيص للحلال، معظمها لشركات الصناعات الغذائية والمطاعم، وتقول إن أهم منتج هو "شعيرية الرامين الكورية التي تجد إقبالا كبيرا في البلدان الإسلامية، خاصة إندونيسيا".
ويدير المعهد إلى جانب صفية كانغ شابان كوريان آخران متخصصان في الصناعات الغذائية، وهما مصطفى سو وشريف لي.
ولحسن حظنا صادفنا في المسجد أميركيا كان قادما لرؤية الإمام ليستفسر منه عن أمر، وعندما سألناه قال إنه يدعى جوناثان، وهو جندي أميركي مقيم في كوريا.
إعلانوبشكل موجز أخبرنا جوناثان أنه أسلم بفضل زوجته الفلبينية المسلمة، ويزور مسجد سول دوريا للصلاة ولقاء المسلمين.
وعن إسلامه، يقول جوناثان "أشعر هنا بالانتماء والدفء الاجتماعي، فالجميع يسلّم على الجميع كأننا عائلة كبيرة".
وختاما، فإنه على الرغم من صغر حجم الجالية المسلمة في كوريا مقارنة بأتباع الديانات الأخرى فإنها تزداد قوة وتنظيما مع مرور الوقت، ومع تزايد عدد المسلمين في البلاد -سواء من الوافدين أو الكوريين المعتنقين للإسلام- فإن الإسلام بدأ يترك بصمته على المجتمع الكوري.